كتابات في الميزان / ملخص البحث الموسوم ( الدلالة السياقية عند الطبرسي في تفسير مجمع البيان )

الحمد لله الذي خلق فسوى ، وقدر وقضى ، وأمات وأحيا ، وأمرض وشفى ، وعافى وأبلى ، وعلى العرش استوى، وعلى الملك احتوى ، والصلاة والسلام على النبي المسدد ، المحمود الأحمد ، المصطفى الأمجد حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى اله الطيبين الأطهار ، وصحبه المنتجبين الأبرار ، وبعد : فهذه دراسة سياقية في تفسير من تفاسير الإمامية هو تفسير مجمع البيان للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت548هـ) الذي يوصف بأنه علّامة فاضل ، وفقيه عامل ، ومحدث بارع ، وأديب جامع ، ولغوي محقق فهو بحق موسوعة معرفية عامة إذ شملت آثاره : التفسير ، والسير والتراجم ، والعقائد ، والفقه ، والأصول ، والعبادات ، والأدعية ، واللغة والنحو ، ولعل تفسيره مجمع البيان الذي نحن بصدد دراسته خير شاهد على ثقافته الواسعة .

وفي مجمع البيان نلمس سعي الطبرسي إلى تكوين معنى دلالي متكامل بوساطة تآزر المعنى المقالي المتمثل بالمعنى الوظيفي والمعنى المعجمي ، مع المعنى المقامي المتمثل بالقرائن الحالية ومنها : القصص ، وأسباب النزول ، وعادات العرب وتقاليدها الاجتماعي ، والحوادث التاريخية فضلا عن تفسيره القران بالقران وإيمانه بان للقران ظاهراً وباطناً ،وإمكانية إجراء وتطبيق آيات نزلت زمن الرسول (ص) في أزمان أخرى وبذا يصدق استنتاج الباحث في أن الدلالة عامة والمعنى خاص ؛ لان الدلالة أوسع واشمل من المعنى ففي مجمع البيان تتظافر اللغة ، والقراءة وحجتها ، والإعراب مما سمي بالسياق اللغوي مع سياقات غير لغوية مثل سياق الحال أو سياق المقام والسياق الاجتماعي والسياق التاريخي لتكوين دلالة قرآنية متكاملة .

وقد توصل الباحث إلى نتائج أخرى في هذه الدراسة منها :

1– إنّ للسياق دوراً كبيراً في الوقوف على دلالات الألفاظ والتراكيب ولاسيما في الألفاظ الإسلامية مثل الصلاة، والصوم، والزكاة ... إلخ، التي أكسبها القرآن دلالات جديدة لم تكن قد عرفت بها؛ لأنها قد مرت بمراحل زمنية متباعدة فتبدلت دلالتها من العموم إلى الخصوص أو بالعكس، وقد سعى الباحث إلى تطبيق نظرية الحقول الدلالية على تلك الألفاظ في مجمع البيان، فضلاً عن دعوته إلى الإفادة من هذه النظرية في عمل معجم لغوي متكامل يضم الحقول الدلالية في تفاسير أُخر.

2 – إنّ في مجمع البيان كماً هائلاً من المعاني المعجمية إذ يوظف بعضها الطبرسي في السياق القرآني، ويلجأ إلى النظائر اللغوية أو الأضداد أو المشترك اللفظي ثم يختار المعنى الأنسب للسياق.

3– ارتباط السياق بالنظم على مدار الآيات والسور، وهو أمر حرص على إثباته الشيخ الطبرسي مما يدل على إدراكه الوحدة العضوية التي تقود إلى الوحدة الموضوعية، فالقرآن الكريم وإن كان موزعاً على سور والسور موزعة على آيات فهذا لا يعني تجزئته وتفكيكه بل أن هذه السور هي أطر تجمع الآيات والسور سياقاً جزئياً، فإن القرآن بسوره سياق كلي بل قد تكون السورة الواحدة تعبر عن سياق القرآن بأسره كما في سورة الفاتحة التي لخصت أحكام القرآن الكريم.

4 – اتكأ المفسر على سياق الحال الذي يشمل جميع الظروف والأحوال والمناسبات المحيطة بالنص، ومنها: أسباب النزول التي تكشف عن الظروف الحقيقية المحيطة بالآيات، وتنبئ بوضوح عن المعنى المقصود، وكذا العادات والتقاليد الاجتماعية تحدث عنها القرآن الكريم، ومثلها الحقائق التاريخية، والقصص التي تحيط بالنص الكريم، إذ إن الطبرسي قد ربط النص بسياقه الاجتماعي أو التاريخي محاولة منه في الوصول إلى الدلالة القرآنية.

5– كشف البحث عن تمهيد الطبرسي لما عرف عند الأصوليين بالجري والانطباق بوصف القرآن قواعد عامة، ومنهج حياة، وأسلوب سلوك قابل للانطباق على جميع المستويات والمحتويات بل على جميع الأجيال؛ لأنه خلاصة القوانين والمعارف التي تسري علة الناس أجمعين، وهذا يدل على ديمومة القرآن ومواكبته الحثيثة للزمن، وقد عبر الطبرسي عن هذا بتعميمه الدلالة على جميع الاحتمالات التي يذكرها في تفسير الآية، وقد أفاد منه المفسرون ولاسيما العلامة الطباطبائي في تبني مصطلح "الجري والانطباق".

6– أفاد المفسر من طريقة تفسير القرآن بالقرآن بوصفها إحدى القرائن الدالة على السياق بوساطة التناسب اللفظي بين الآية المفسَّرة والآية المفسِّرة بعملية ذهنية مقارنة يسعى فيها المفسر للوصول إلى الدلالة السياقية.

Dr_khalelalamery@yahoo.com

نقال 07807316621