• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الهاتف النقال والتعلم .
                          • الكاتب : ا . د . موفق عبدالعزيز الحسناوي .

الهاتف النقال والتعلم

 من التقنيات الحديثة التي انتشرت بصورة كبيرة ومتسارعة في جميع البلدان ومن ضمنها العراق هو جهاز الهاتف النقال ( الموبايل ) حيث اصبحت اعداده كبيرة جدا على الرغم من تأخر دخوله مقارنة بالدول الاخرى ومقارنة بأعداد السكان والنسبة المئويه لامتلاك افراد المجتمع بكل شرائحه ومستوياته لهذا الجهاز وبدرجة يكاد لايخلو منها اي بيت مهما كان مستواه الاقتصادي والثقافي والاجتماعي ومهما كانت افكاره وتوجهاته .
 وقد ظهرت انواع عديدة من اجهزة الهاتف النقال وتطورت تطبيفاتها بشكل كبير قد يفوق الوصف اذا ماقورن بالمدة الزمنية القصيرة نسبيا لابتكاز هذا الجهاز فقد طرحت انواع مختلفة ومتطورة منه في الاسواق بامكانها اجراء العديد من التطبيقات في شتى المجالات واصبح بامكانها ان تقدم خدمات متعددة قادرة على ارضاء اذواق وتلبية احتياجات المستخدمين .
  ومنذ أن حدثت الثورة اللاسلكية في العالم في اواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين انتشر جهاز الهاتف النقال بدرجة كبيرة في جميع بلدان العالم وتطور تطورا كبيرا حيث كانت الاضافات كبيرة عليه ليتحول وبصورة مستمرة وسريعة من مرحلة سابقة الى مرحلة لاحقة لاتلبث ان تتطور سريعا لتضاف اليها تطبيقات عديدة اخرى الى ان اصبح على شكله الحالي وهو لازال مستمر التطور والاضافات من اجل ان يصبح اكثر فاعلية وكفاءة في الاستخدام ولكي يشمل تطبيقات اضافية جديدة لم تكن معروفه سابقا على المدى القريب .
وفي ضوء ذلك لم يعد الهاتف النقال عبارة عن تقنية حديثة ووسيلة اتصال متعددة الاغراض والتطبيقات لايمكن الا ستغناء عنها الا بصعوبة كبيرة وانما اصبح جزءا اساسيا ومهما من اسلوب الحياة الحديثة واحدى سمات المدنية والتطور العلمي والتكنولوجي واستطاع خلال مدة قصيرة جدا اذا ماقورنت بالابتكارات والتقنيات المكتشفة الاخرى ان يفرض ثقافته على مجتمعاتنا ويدخل في شتى المجالات في الحياة الاجتماعية واصبح يتزاحم مع شبكة الانترنت من خلال دورهما في الحياة الاجتماعية واصبح الاقبال عليه منقطع النظير من قبل جميع ابناء المجتمع وخاصة من قبل فئة الطلبة والشباب من الجنسين .
   وهناك جانب آخر مهم جدا في تطبيقات الهاتف النقال وهو امكانية ربطه مع شبكة الانترنت بصورة لاسلكية وهذا يعتبر من اكبر وأهم التطورات التقنية في مجال الاتصالات والتواصل المعرفي والثقافي حيث قدمت فوائد كثيرة لتلبية احتياجات مختلف شرائح المجتمع فقد اصبح الامكان الاتصال بشبكة الانترنت والاستفادة من الخدمات التي توفرها بصورة سهلة وميسرة وفي اي مكان واي وقت وهذا وفر طفرة هائلة في استخدامات شبكة الانترنت للجميع لان تكلفة جهاز الهاتف النقال وطريقة استخدامه ابسط بكثير عما هي عليه شبكة الانترنت من خلال الحاسوب سواء كان من النوع المكتبي او المحمول .
   ومن هنا كان لابد للتربويين والعاملين في مجال التربية والتعليم كونهم يتعاملون مع فئة الطلبة والشباب من وقفة تأمل وترقب لغرض الالتفات الى التطبيقات المتعددة للهاتف النقال ودراسة امكانية الاستفادة منه للاغراض التعليمية وبأساليب مختلفة من اجل محاولة تذليل بعض الصعوبات والمشكلات التعليمية التي قد تواجه الطلبة اثناء عملية التعلم وليكون عونا للمدرسين في عملهم من خلال استغلال هذا الهاتف النقال في تقديم معلومات تعزيزية اضافية توضيحية عن المادة الدراسية التي يتم دراستها وتدريسها من قبل المدرس في المحاضرات الاعتيادية داخل المدرسة . وفي ضوء ذلك بدأت العديد من المحاولات في هذا المجال ولو انها لازالت في بداية الطريق لاتتعدى نطاق التجارب والمشاريع البحثية التطبيقية للتعرف على كفاءة وفاعلية جهاز الهاتف النقال كمساعد في عملية التدريس وتعلم الطلبة .
   وتأتي هذه التوجهات من ضمن الافكار التي تنادي بضرورة الاهتمام بالتعليم المدمج او المتكامل وهو النمط من التعليم الذي يقوم بمزج وخلط ادوار المدرس التقليدية في الفصول الدراسية الاعتيادية مع الفصول الافتراضية والمدر الالكتروني أي انه يحاول ان يخلق حالة من الدمج والتكامل بين التعليم الاعتيادي في المحاضرات الاعتيادية داخل المدرسة وبين التعليم الالكتروني بمختلف تطبيقاته سواء من حيث استخدام الحاسوب او الانترنت او الهاتف النقال او غيرها من التقنيات التربوية الحديثة والتي يهدف من استخدامها الى تقديم معلومات تعزيزية اضافية توضيحية تتكامل مع المعلومات التي يحصل عليها الطلبة من المدرس في المحاضرات الاعتيادية وتعززها وتزيدها كفاءة وفاعلية .
   ويعد التعليم من خلال استخدام جهاز الهاتف النقال احد انواع التعليم الالكتروني وهو احد اساليب التعليم في ايصال المعلومات للطلبة والذي يهدف الى اغناء وتعزيز تعلممهم بصورة الكترونية وجعل العالم امام الطالب عبارة عن شاشة الكترونية صغيرة تتيح له سرعة الوصول الى المعلومة من مصادرها متمثلة بمراكز العلم والمعرفة والمكتبات والاطلاع على المستجدات والتطورات في مجال تخصصهم بصورة سريعة ومستمرة .
   والتعليم من خلال الهاتف النقال هو امتداد للتعليم الالكتروني وهو أحد انواع التعلم عن بعد حيث يقوم بتقديم المادة العلمية للطلبة المتنقلين بعيدا عن الموقع الثابت باستخدام اجهزة الهواتف النقالة التي يمتلكونها . وبذلك فهو قد ساعد على جعل عملية التعليم ممكن ان تتم بعيدا عن اي نقطة ثابتة واي وقت محدد . ومن الممكن ان يكون مكملا ومعززا للتعليم الالكتروني والتعليم الاعتيادي من خلال توفير الفرصة للطالب لغرض التفاعل مع مصادر المعلومات بعيدا عن الاماكن الاعتيادية للتعليم مثل غرفة الصف او جهاز الحاسوب .
   ومايدعونا الى الاهتمام باستخدام الهاتف النقال في التعلم هو رخص ثمنه وقلة تكلفته مقارنة بالاجهزة الالكترونية والتقنيات التربوية الاخرى مثل الحاسوب وملحقاته وشبكة الانترنت . كما انه من اكثر الاجهزة الحديثة انتشارا في الاستخدام بين مختلف شرائح المجتمع وهو اداة اجتماعية تساهم بدرجة كبيرة في تشجيع وتنمية التعلم التعاوني بين الطلبة انفسهم من جانب وبين الطلبة والمدرس من جانب احر حيث يتم تبادل المعلومات والافكار فيما بينهم من خلاله بصورة سريعة ويمكن استخدامه متى ماشاء الطلبة والمدرس سواء كان ذلك من حيث الوقت او المكان .
   وقد تم عقد عدد من المؤتمرات والندوات العلمية لغرض مناقشة الافكار الخاصة بكيفية استخدام الهاتف النقال في التعلم وتطوير استخداماته كما كتبت العديد من البحوث العلمية والمقالات الثقافية العامة حول هذه الاستخدامات وفاعليتها في العملية التعليمية وصدرت العديد من الاصوات في مختلف البلدان تدعو الى الالتفات الى هذه التقنية الحديثة والاستفادة من خدماتها وتطبيقاتها العديدة في العملية التعليمية .
   وهناك عدد من المميزات التي يتسم بها التعلم من خلال الموبايل من ابرزها انه عبارة عن وسيلة اتصال ذو اتجاهين من المرسل والمستقبل ومن المستقبل الى المرسل وهو وسيلة فاعلة في ايصال المعلومات وتبادلها واستقبال ردود الافعال بين فيما بينهما اضافة الى صغر حجم جهاز الهاتف النقال وسهولة حملة ادى به ان يكون واسع الانتشار وفي متناول يد الجميع وهذا يجعله قادرا على التعامل مع العديد من المواقف التربوية التي تحتاج الى المرونة في الاتصال قد تكون صعبة بدونه . علاوة على ذلك تعدد استخداماته من الاتصال وكاميرات التصوير الفوتوغرافي والفيديوي وامكانية التقاطه للقنوات الاذاعية والتلفزيونية وسهولة تبادل الرسائل والنصوص الكتابية وقابليته لخزن الرسائل والمكالمات الصوتية والصورية وامكانية استخدامه بصورة مشابهة للمفكرات التي يستطيع المتعلم من خلالها تسجيل وتدوين مختلف الملاحظات والمعلومات المتنوعة واظهارها والاستفادة منها حين الحاجة ورغبة المتعلم . كما انه يتيح للطالب والمدرس التقاط الصور الفوتوغرافية والفيديوية وخاصة في التخصصات العلمية وهي في اماكنها الطبيعية واستغلالها للاغراض التعليمية عند الحاجة مع امكانية تكبير هذه الصور لتوضيح دقائقها وتفاصيلها المهمة عندما يحتاجها الطالب .كما ان من اهم مميزاته هو عدم حاجته الى الاسلاك لغرض ربطه بالاجهزة الاخرى وهذا يتيح  له حرية التنقل لاستخامه في حل مختلف القضايا والمواقف التعليمية . كما ان هناك امكانية تبادل الملفات بماتحتويه من كتابات نصية وصور فوتوغرافية  ومقاطع فيديويه بين الطلبة فيما بينهم وبين الطلبة والمدرس من خلال استخدام تقنية البلوتوث . وبامكان الهاتف النقال ان يغطي مسافات بعيدة على مستوى العالم كله وبذلك من الممكن اعتباره فيما لو احسن استخدامه من ابرز تقنيات التعلم عن بعد وهذا يضيف له اهمية كبيرة فيما لو استخدم فعلا للاغراض التعليمية . ولعل التطور الكبير الذي حصل في جهاز الهاتف النقال هو امكانية ربطه مع شبكة الانترنت بصورة فاعلة وهذا منحه تطبيقا مهما ونقلة نوعية كبرى تتيح للمتعلمين استخدام شبكة الانترنت من خلاله وتجاوز الكلفة الاقتصادية المرتفعة لشبكة الانترنت متمثلة بالاجهزة ووسائل الاتصال السلكية واللاسلكية التي تعتمد عليها هذه الشبكة لكي تعمل وتجاوز مشكلة القاعات المخصصة لشبكة الانترنت والاوقات المحددة لاستخدامها . كما ان الهاتف النقال يسهل بدرجة كبيرة الاعمال الادارية والتنظيمية وسرعة الاتصال وتبادل الاخبار والمعلومات في المؤسسات التعليمية للاغراض الادارية المتعلقة بالعملية التعليمية .
   وكما هو معروف فأن لكل تقنية اضافة الى مميزاتها الايجابية مهما تعددت فبالمقابل فأن هنالك العديد من المحددات والمعوقات لاستخدامها قد تحول دون استخدامها بصورة فاعلة . ومن ابرز محددات استخدام جهاز الهاتف النقال في العملية التعليمية هو صغر حجم شاشته مقارنة بشاشة الحاسوب التي يتم من خلالها استخدام شبكة الانترنت وهذا يؤدي الى محدودية حجم المعلومات التي يتم تبادلها بين الطلبة ومدرسهم وهذا قد يؤدي الى اختصار المعلومات المتبادلة من خلاله بصورة قد يؤدي معها الى ضياع بعض المفردات والمعاني المهمة نتيجة هذه الاختصارات وهذا قد يؤدي الى عدم القدرة على استخدام البرامج الحاسوبية الجاهزة والمخصصة للاغراض التنعليمية بصورة فاعلة كما هو عليه الحال في جهاز الحاسوب وشبكة الانترنت . كما أن عدد القادرين على تبادل المعلومات يكون قليلا اذا ماقورن بعددهم من خلال استخدام شبكة الانترنت . وهناك عدد من المخاطر الصحية الناتجة من كثرة استخدام جهاز الهاتف النقال والادمان عليه . كما ان تداخل الاصوات والتشويش الحاصل في البيئة التعليمية من خلال الهاتف النقال وقلة توفر الهدوء كما هو الحال في شبكة الانترنت وقاعات الصفوف التقليدية قد يشوش افكار الطلبة ويؤدي الى تداخل المعلومات والتأثير على عملية التعلم .
   اننا ومن خلال ماتقدم ندعو الى الالتفات الى هذه التقنية الحديثة المتمثلة بالهاتف النقال ودراسة امكانية الاستفادة منه للاغراض التعليمية في مؤسساتنا التعليمية وخاصة مؤسسات التعليم العالي متمثلة بالجامعات والمعاهد التقنية لكون طلبتها هم الاقدر على التعامل والتفاعل مع هذة التقنية والاستفادة من تطبيقاتها بدرجة اكبر من باقي المستويات الدراسية . وعلينا ان نوجه طلبتنا وشبابنا للاستفادة منها للاغراض التعليمية وعدم اقتصار استخدامها على الامور الترفيهية والسطحية التي يكون تاثيرها قليلا في بناء الشخصية المعرفية للطالب .
   وبما ان استخدام الهاتف النقال في التعلم لازال في بدايات استخدامه ولم يخرج لحد الان من اطار المحاولات البحثية الاكاديمية والتجارب المحدودة على الرغم من انتشاره الواسع وعليه فاننا مدعون الى اجراء عدد من البحوث والدراسات العلمية والتطبيقية خاصة منها للتعرف على جوانب القوة والضعف في استخداماته وكذلك التعرف على اراء المستفيدين ومن الطلبة والشباب وتوجيه وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة لحث الطلبة على استخدامه للاغراض التعليمية بالتعاون مع مدرسيهم وكذلك بيان فوائده للمدرسين لتطوير اتجاهاتهم نحو استخدامه في العملية التعليمية وباستخدام تطبيقاته المختلفة وخاصة على الاقل في الوقت الحاضر استخدام الرسائل النصية والتقاط الصور الفوتوغرافية والافلام الفيديوية . ومحاولة دراسة اراء واتجاهات المستخدمين نحه وعدم التسرع في تطبيقه بدون هذه الدراسات لكي لاتحدث امور سلبية وجوانب عكسية نتيجة عدم التأني في البحث والدراسة قبل الاستخدام والتسرع في ذلك .
   اننا نأمل ومن خلال التطبيقات العديدة وامكانيات الهواتف النقالة والتي انتشر استخدامها للاغراض التعليمية بسرعة في الدول المتقدمة  الاستفادة منه في مؤسساتنا التعليمية لكي يمنحنا المرونة في التعلم على ان يتكامل ذلك مع دور المدرس الفاعل والكبير خلال المخاضرة الاعتيادية والتي لايمكن الاستغناء عنه مهما اكتشفت من تقنيات حديثة لان المدرس هو القائد والمشرف والموجه للعملية التعليمية داخل الصف وخارجه وهو الذي يصمم ويقود كافة النشاطات في العملية التعليمية . 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1860
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28