• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تفسير لقب المتنبي من خلال شعره دراسة تاريخية، لغوية، باراسايكولوجية .
                          • الكاتب : د . محمد تقي جون .

تفسير لقب المتنبي من خلال شعره دراسة تاريخية، لغوية، باراسايكولوجية

مقدمة

يعد لقب المتنبي الذي الصق بأبي الطيب من القضايا التي لم تحسم إلى الآن فيما يخص هذا الشاعر العظيم، وهو ليس مجرد لقب أطلق على شخص ما، بل إن فيه سراً يكشف جوانب خافية من الشاعر فيما يخص سيرته وشخصيته وشعره.

وقد فسر هذا اللقب تفسيراً منحرفاً فجعل لصيق نبوة مدعاة، وسيقت الأحاديث والقصص التي تؤكد ذلك وهي موضوعة جاءت لتفسر معنى (المتنبي). كما زاد من التضليل أن تاريخ المتنبي كتب في المرحلة البغدادية وهي الفترة التي عاشها الشاعر في بغداد بعد رجوعه الخائب من مصر وكتبته أيدٍ حاقدة وأجيرة للمهلبي وزير العباسيين الذين رغب المتنبي عن مدحهم برغم معاصرته لستة من خلفائهم(1).

وقد حصل المتنبي بجدارة على لقبه هذا في فترة مبكرة حين تنبه الناس الذين نشأ بينهم على صبي خارق الذكاء، محير الفطنة، نادر الفصاحة. وكان يتنبأ بأمور فتحدث حتى وقر في أذهانهم انه بمثابة من نبئ بها؛ وهذا هو المعنى العربي لكلمة (متنبئ). ولاشك أن تلك البيئة فصحية ومن فصاحتها انطلقت في تلقيب الشاعر بهذا اللقب. وقد غلبت قوة اللقب على اسم وكنية الشاعر، وجاء في كتب سيرته انه كان ينادى به في حضرة سيف الدولة ولم يكن يعرف إلا به في حياته وبعد وفاته. 

          وكانت كلمة (المتنبي) التي تعني (دعي النبوة) قد استحدثت في اللغة منذ العصر العباسي إذ لا وجود لهذه الكلمة بهذا المعنى قبل ذلك؛ فإنهم حين بحثوا عن كلمة تعني (دعي النبوة)  اشتقوها من (النبي) فقالوا المتنبي كما موجود في اللغة مريض ومتمارض، وقائل ومتقول. ولم تستعمل الكلمة بهذا المعنى في القرآن الكريم بل وردت بدلاً منها كلمة الكذاب والكذابين، كما أن النبي (ص) أطلق لقب الكذاب على مسيلمة حين ادعى النبوة في زمانه(2) ولم يطلق عليه لقب (المتنبي) بينما نجد دعي النبوة في العصر العباسي يسمى (متنبياً)؛ قال سيبويه: " ليس أحد من العرب الأول يقول تنبأ مسيلمة"(3). ولم تكن كلمة المتنبي المشتقة صحيحة وذلك لأنها اشتقت من كلمة (نبي) وهي غير عربية أصلاً بل مصرية قديمة مركبة من لفظتين (نب) و(وي) ومعناهما معاً رئيس البيت، أو شيخ العائلة، أو إن (نب) بمعنى سيد والياء للمتكلم في المصرية القديمة فتكون بمعنى (سيدي) وقد أخذها اليهود من المصريين أثناء سكناهم مصر وأطلقوها على أنبيائهم فيما بعد(4)، ثم استعملها القرآن الكريم(5). ولهذا السبب وجدنا اللغويين العرب يتخبطون في أصلها فمرة يقولون أصل كلمة النبي من (النبأ) أي: الخبر، والفعل (نبأ ونبّأ وأنبأ) بالهمز (6) ؛ ومرة يقولون أصلها من (النبْوة) أي المكان المرتفع، والفعل (نبا) بلا همز (7).  وكلاهما لا يصلح أصلا وجذراً لها لان النبأ عام ويجمع على (أنباء) وليس سحب النبوة إلى النبأ إلا تعسفاً واضحاً؛ ومثله المكان المرتفع فليس ثمة رابط بينه وبين النبوة. ويعترف القاموس العربي ضمناً بأعجمية الكلمة بهذا المعنى لأنه يعطي لكلمة (نبي) معاني كثيرة ليس من بينها (النبوَّة) أبداً وهي: الطريق، وموضع بعينه، أو مكان بالشام، واسم رمل بعينه، أو الرمل مطلقاً، وما ارتفع من الأرض، والعلم من أعلام الأرض، وما نبا من الحجارة إذا نجلتها الحوافر، وهي روابٍ حول جبل يسمى الكاثب(8)،  قال الشاعر:

لأصبح رتماً دقاق الحصى

كمتن النبيِّ من الكاثبِ(9)

 

 

والنبي: ماء بالجزيرة من ديار تغلب(10). وبهذا تكون (نبي) كلمتين إحداهما أعجمية والأخرى عربية.

و(المتنبي) مثل (النبي) كلمتان؛ الأولى مشتقة من (النبي) فلا نعدها عربية المعنى لأنها مشتقة من كلمة معربة وليست عربية، وكان اختيارها على القياس الذي عرف في العصر العباسي، وقد يكون بعض هذا القياس غير منطقي. ويعترف الراغب بان كلمة متنبي التي بمعنى دعي النبوة خروج عن أصل اللغة إذ هو مطاوع نبأ كزيـّنه فتزيـّن وحلاه فتحلى لكن لما تعورف فيمن يدّعي النبوة كذباً جنب استعماله في المحق ولم يستعمل إلا في المتقول في دعواه(11). فهي إذن من باب التعارف على الشيء والاتفاق عليه ليس إلا. 

والثانية عربية تعني المنبأ بالخبر أو صادق النبوة  وإذا لم يكن المتنبي دعي نبوة، يبقى تصريف آخر لغلبة هذا اللقب عليه وهو (التنبؤ)؛ إن التفسير الباراسايكولوجي للقب المتنبي من خلال شعره يكشف حقيقة أن أبا الطيب كان يتنبأ فيصدق. قال ابن جني :"ما عرفته إلا صادقا"(12). وفي سيرته انه كان يجترئ على قول النبوءات؛ جاء في الصبح المنبي عن رجل استخفى المتنبي عنده فخرجا في الليل ولقيهما كلب ألحَّ عليهما بالنباح، فقال المتنبي للرجل انك ستجد الكلب قد مات فلما عاد الرجل وجد الأمر على ما ذكر(13). وإذا وجد صاحب هذه القصة أن المتنبي ربما دسَّ السم للكلب فلا يخفى تأكيد القصة اجتراء المتنبي على التنبؤ وتعوده عليه مدفوعاً بملكة خاصة وحاسة سادسة، وان الناس العاديين لا يقبلون على ذلك لما فيه من اتهام بالسخف وتكلف للغيب نهى الإسلام عنه(14). وكان المعري يرى أن المتنبي قد تنبأ به بقوله" كأنما نظر المتنبي اليَّ بلحظ الغيب حيث يقول: 

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعت كلماتي من به صممُ(15)

 

وفي رواية أخرى يقول جازماً بتنبئه به " إيايَ عنى بقوله... (16). وقد أطلق العامة هذا اللقب على أبي الطيب لإرادة التشبيه بالأنبياء في معرفتهم الغيب ومحاولته. وكان اليهود يسمون النبي قبلا (الرائي) يريدون به الذي يرى الغيب(17).                                                                       إن قصور المصطلح العباسي وافتقاره إلى الدقة أحياناً أدى إلى ولادة مصطلح المتنبي وتحركه واختلاطه؛ فالاصطلاحيون لم يهتموا بالبحث عن مصطلح مستقل يدل على التنبؤ ولعل ما أقعد هممهم بالدرجة الأولى أسباب دينية. بل إن علم الباراسايكولوجي الذي يكون التنبؤ أحد فروعه لم يهتم به فلاسفة الدين وعلماء اللاهوت في زماننا هذا فكيف بذلك الزمان(18). ولابد أن الذين أطلقوا عليه اللقب أولا عنوا انه يقول الأشياء فتحدث كما يفعل الأنبياء في النطق بالغيبيات فادى ذلك إلى خلط لعدم وجود مصطلح التنبؤ فانسحب ذلك إلى ادعاء النبوة سيما وان مصطلح (المتنبي) بمعنى دعي النبوة كان مستعملا من الطبقة المثقفة التي أوجدته، وقد عمق في هذا الاتجاه النفس العدائي للمتنبي من قبل عملاء العباسيين. وقد أسندوه بخرافات وخزعبلات تؤكد ادعاءه النبوة عندما كتبوا تاريخه مشوها في المرحلة البغدادية. وكانت السياسة العباسية تصفّي خصومها جسدياً وفكريا ودينيا ؛ فقتل بشار وابن المقفع، وسخّف ابن الرومي بالطيرة، واتهم المتنبي بدينه بتلقيبه بالمتنبي.  يؤكد ذلك هذا الخبر:" وسئل (في تلك الأيام) عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبر بنبوتي حيث قال: أنا لا نبي من بعدي، وأنا اسمي في السماء لا"(19). فقوله (في تلك الأيام) يدل على أن زمن الكتابة متأخر جداً عن زمن الحدث المتكلم عنه، وهي المرحلة البغدادية بلا شك، أما الحديث هذا فهو كنظائره ظاهر التنميق والتلفيق. إلا أن كلمة تنبؤ التي تعني الإخبار بالأمر قبل وقته محدثة(20) وقد كانت معنى عائماً في ذلك العصر ليس له لفظ ولا مصطلح ولكنهم استعملوا قريباً منه كلمة متضادة هي (الظن) وتعني ،هنا، إدراك الذهن الشيء مع ترجيحه وقد يكون مع اليقين(21).. وقد كثر استعمال هذه اللفظة بهذا المعنى عندهم؛ قال الإمام علي (ع):" اتقوا ظنون المؤمنين فان الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم"(22). وقال اوس بن حجر: 

الألمعي الذي يظن لك الظنَّ كأن رأى وقد سمعا(23)

 

وقد وصف المتنبي نفسه تماماً بقوله:

ذكيٌّ تظنيه طليعة عينه

يرى قلبه في يومه ما ترى غدا(24)

 

 

أي إن توقعه يسبق الحدث فيرى (حدسه الواثق) في يومه ما ستراه عينه واقعاً في الغد. ولم يستعملوا (تكهن) وهي " تعاطي الكائنات في مستقبل الزمان"(25) لارتباط الكهنوتية بالجاهلية وانقطاعها في الإسلام(26). كما إن التكهن لا يرجع إلى العقل فالكاهن تلقي عليه الشياطين والجن المسترقون للسمع من السماء أشياء فيقولها؛ لذا اختاروا الظن الذي بمعنى إدراك الشيء مع ترجيحه. وفرقوا في اشتقاق الفاعل بين (ظن) التي لغير الحدس، و(ظن) التي للحدس؛ فلغير الحدس (ظنون وظنين)، وللحدس (ظنن) (27). 

وكان للعرب في الجاهلية معارف تتعلق بالغيب وهي الكهانة: والعرافة والقيافة والعيافة والزجر والرؤيا وهم يرون أنها تتاح فقط لمن يتمتع بصفاء نفس يمكنه من رؤية الملكوت، وتعد طبقة الكهان أعلى هذه الطبقات. واشتهر كهان وقصص عنهم ومنهم: شق وسطيح وسجاح وزوبعة وجهينة وطريفة، ومن العرافين الأبلق الازدي، والاجلح الدهري(28).

لقد انطلق البحث من الرؤية الباراسايكولوجية التي تجعل علم التنبؤ أحد فروعها ولما كان المتنبي - كما سنوضح ذلك من ميدان شعره – يتنبأ، فإننا جعلنا علم الباراسايكولوجي منطلقاً لتفسير هذا اللقب وإعادة الحق إلى نصابه وإزالة الإبهام والإيهام والحقد والتخبط الذي غام على لقب المتنبي طيلة ما سبق.

 رجعت إلى كتب متنوعة لاقتضاء البحث ذلك؛ فوقفت على كتب اللغة مثل، (لسان العرب) لابن منظور، و (تاج العروس) للزبيدي، و(المعجم الوسيط) لمجموعة من المؤلفين. وللمبحث الأول راجعت الكتب التي تناولت سيرته وعالجت سبب تلقيبة بـ(المتنبي) وهي نوعان كتب أدب وأهمها: (يتيمة الدهر) للثعالبي،(العمدة) لابن رشيق، (مع المتنبي) لطه حسين. وكتب تاريخ وأهمها:( بغية الطلب) لابن العديم،(المنتظم) لابن الجوزي، و(الوافي بالوفيات) للصفدي. كما رجعت إلى كتب الباراسايكولوجي فضلا عن ديوان المتنبي وشروحه، فرجعت إلى كتاب (الباراسايكولوجي والفلسفة الروحانية)، لديفد راي كريفن،          و(نبوءات نوستر دامس نظرة إسلامية) للدكتور شرف الدين الاعرجي، و(شرح الواحدي) للإمام الواحدي، و(التبيان) للعكبري، و(شرح المشكل) لابن سيدة، و(شرح البرقوقي) لعبد الرحمن البرقوقي الذي اعتمدته في تخريج أبيات المتنبي أيضاً.  

قسمت البحث على تمهيد ومبحثين وخاتمة؛ تناولت في التمهيد المعنى اللغوي لكلمة (متنبي) ،كما تقدم، ليكون منطلقاً لدراسة اللقب باراسابكولوجياً. وتناولت في المبحث الأول الروايات القديمة والآراء الحديثة في سبب تلقيبه بالمتنبي ثم ناقشتها ورجحت الرأي الصحيح الذي يؤكد تنبؤه. وعرَّفتُ في المبحث الثاني بالباراسايكولوجي وذكرتُ أنواع التنبؤ ثم استعرضت خمس نبوءات للمتنبي ودرستها دراسة تثبت منطقيتها. وفي الخاتمة تناولت النقاط الهامة التي جاء بها البحث.

 وبعد فإننا لا ندعي الكمال إلا أننا بذلنا جهدا حقيقياً لإبراز حقيقة عفا عليها الحقد والحسد والتخبط. ولعلنا بذلك نفتح باباً على دراسات مماثلة والله حسبنا وهو من وراء القصد.

 

المبحث الأول:الروايات والآراء في معنى لقب المتنبي

 

سمينا ما أورده القدماء (رواياتٍ) لأنها لا تمثل آراء أصحابها  فهي إيراد لما سمعوه ووصل إليهم وغالباً ما يكون للواحد منهم أكثر من رواية، وقد تكون الروايات متضادة، وتتكرر روايات بعينها عند آخرين؛ اللاحق ينقل عن السابق. والحكم عليهم إنهم يفتقرون إلى الترجيح واستقلالية الرأي. وهذه الروايات نجعلها أربعاً؛ الأولى: تربط بين اللقب وادعاء النبوة وهي الأشهر، والثانية: تربط بين اللقب والشعر؛  فيكون مرة تنبأ بالشعر ومرة تنبأ إعجاباً بعبقريته الشعرية، والثالثة: تشير إلى محاولته الثورة فيكون السجن القاسم المشترك بينها وبين ادعاء النبوة في الأولى، وكذلك يكون المتنبي قد اكتسب لقبه هذا بعد خروجه من السجن، أما الرابعة:  فترى أن لقب المتنبي جاءه لفطنته وهذه الأقل نسبة. أما ما قاله المحدثون فنسميه (آراء) لأنهم لم يكرروا ما قاله القدماء، بل أعطى كل واحد منهم رأيه الخاص أو ترجيحه فاتسمت آراؤهم بالاستقلالية والعلمية.  وسنعرض لأهم الروايات القديمة والآراء الحديثة في هذا المبحث ونناقشها:

 

أولاً-  الروايات القديمة:

أ- الروايات التي تربط بين اللقب وادعاه النبوة:

1- " واتهم بالفضول الذي نبز به" وهي رواية أبي القاسم الأصفهاني المعاصر للمتنبي. وأضاف ما يؤكد ذلك :" وهو في الجملة خبيث الاعتقاد"(29).

2- " ويحكى انه تنبأ في صباه وفتن شرذمة بقوة أدبه وحسن كلامه"(30) وهي رواية الثعالبي في (يتيمة الدهر).

3- روى علي بن منصور المعروف بدوخلة وذكر انه قرأه في تاريخ ابن أبي الأزهر والقطربلي المسمى (الهرج مرج): أن الوزير علي بن عيسى أحضره إلى مجلسه فقال له: "أنت أحمد المتنبي؟ فقال: أنا احمد النبي ولي علامة في بطني خاتم النبوة واراهم شبيهاً بالسلعة على بطنه فأمر الوزير بصفعه وتقييده وأمر بحبسه في المطبق"(31). رواها ابن العديم في (بغية الطلب) وجاءت نقيضها تماماً رواية البديعي في الصبح المنبي وهي" وقال له بعض الأكابر وهو في مدينة السلام: أخبرني من أثق به أنك قلت: أنا نبي. فقال: الذي قلته: أنا احمد النبي"(32) يريد (أمدح).

4- " وإنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم، فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه طويلاً ثم استتابه وأطلقه.." وأضاف " وقيل غير ذلك وهذا أصح"(33) هذه رواية ابن خلكان في (وفيات الأعيان).

5- " وكان المتنبي لما خرج إلى كلب فأقام فيهم ادعى انه علوي حسني ثم ادعى بعد ذلك النبوة ثم عاد يدَّعي انه علوي إلى أن اشهد عليه بالشام بالكذب في الدعوتين وحبس دهراً طويلاً واشرف على القتل ثم استتيب واشهد عليه بالتوبة وأطلق"(34) . هذه رواية ابن الجوزي في (المنتظم) وقد ترددت في كتب أخرى كـ(بغية الطلب) كما ذكرها الزبيدي في (تاج العروس) وزاد فيها "ووضع لهم أكاذيب"(35)، وذكرها مختصرة ابن تغري بردي في (النجوم الزاهرة) ولم يذكر عودته إلى العلوية ثانية(36)، ووردت باختصار أكثر في (الوافي بالوفيات) للصفدي(37)، ووردت في الوافي (الدعويين) بدل (الدعوتين) التي رددتها المصادر وهي من (الدعوى) وتلك من (الدعوة) والأولى هي الأنسب لمعنى النص.  

6- وجاء عن والد التنوخي انه سأل المتنبي عن معنى لقب المتنبي وهل تنبأ أم لا وذلك في الأهواز بفارس سنة 353هـ فذكر: إن المتنبي جاوبه جواباً مغالطاً بعد حديثٍ طويلٍ وهو انه قال: هذا شيء كان في الحداثة أوجبته الصورة. وهذه الرواية أوردها ابن العديم في (بغية الطلب) وتكررت في (المنتظم) وغيره وجاء في بعضها (الصبوة) بدل الصورة(38). 

7- وزعموا أن له قرآناً قرأه على البوادي، وان والد علي بن المحسن نسخ سورة منه وبقي أولها وهو " والنجم السيار والفلك الدوار والليل والنهار إن الكافر لفي أخطار امضِ على سبيلك واقفُ اثر من كان قبلك من المرسلين فان الله قامعٌ بك زيغ من ألحد في دينه وضلَّ عن سبيله"(39). وزعموا " أن المتنبي حين يذكر هذا القرآن ينكره ويجحده"(40). ولم يزد احد على هذا المقدار من الآيات المزعومة وجاء في (بغية الطلب) و(الصبح المنبي) أن المتنبي    سئل:" كم أوحي إليك من هذا؟ فقال مئة عبرة وأربع عشرة عبرة. والعبرة أكبر الآي من كتاب الله(41). 

8- وانفرد ابن العديم ؛ ونقل عنه يوسف البديعي، بتفاصيل عن ادعائه النبوة في اللاذقية(42)، بدأها بمقابلة المتنبي لمعاذ بن إسماعيل اللاذقي احد ممدوحيه سنة نيف وعشرين وثلاثمائة وبعد تمكن الأنس بينهما قال له اللاذقي: انك شاب خطير تصلح لمنادمة ملك كبير. فقال المتنبي: ويحك أتدري ما تقول أنا نبي مرسل، ثم ارتجل أبياتاً حماسية لا تدل على نبوة كما أريد لها، ثم جرى حديث عن قرآن المتنبي ونبوته ومعجزته. بعدها ضرب المتنبي لممدوحه هذا موعداً ليريه معجزته حيث كان ينتظره على تل والمطر كثيف وهو يتكلم بكلام لا يفهم ثم اخذ السوط وأداره في موضع حوله فلم  يصبه المطر فاعترف اللاذقي بنبوته وبايعه ثم ارتجل المتنبي أبياتاً في مناسبة النبوة وليس فيها كسابقتها أية دلالة على النبوة بل هي في الحماسة(43).

وذكرا أن دعوة المتنبي عمت كل مدينة في الشام. ثم انه لما اشتهر أمره وخرج بأرض سلمية قبض عليه علي الهاشمي وسجنه. وبعد ذلك ذكرا حكايات نقلاً عن المعري وغيره تؤكد ادعاءه النبوة. وكالعادة فإنهما ذكرا غير ادعاء النبوة تفسيراً للقب.

9- اختلفت المصادر في مكان ادعاء النبوة فمرة يكون (اللاذقية) وأخرى في (بني كلب) وثالثة في (بادية السماوة) ورابعة في (بني الفصيص) (44) ، وخامسة في بني عدي(45). وجاء في بعض المصادر انه ادعى النبوة مرتين؛ كما جاء ذلك في الوافي بالوفيات " وكان قد خرج إلى كلب فادعى فيهم انه علوي ثم ادعى النبوة إلى أن اشهد عليه بالكذب ..ثم تنبأ في بادية السماوة"(46).

10- كما اختلفوا في زمان الادعاء؛ قال ابن العديم:" وقيل انه ادعى النبوة في حداثته"(47)، وذكرت روايات انه ادعى النبوة عند وروده على أبي معاذ سنة نيف وعشرين وثلاثمائة كما مرّ؛ أي يكون المتنبي في حدود الخامسة والعشرين من العمر في اقل تقدير وهذا يعني انه ادعى النبوة في مرحلة الشباب. وانفرد البيروني برواية غريبة تجعل ادعاء النبوة في عهد سيف الدولة قال:" انه (أي المتنبي) تحين غيبة سيف الدولة في بعض غزواته وقصد أعراب الشام واستغوى مقدار ألف رجل واتصل خبره بسيف الدولة  فكر راجعاً واعجله"(48)، وكان المتنبي عند اتصاله بسيف الدولة في الأربعين من العمر وهي مرحلة (الكهولة). 

11- وذكر أبو العلاء المعري معجزات للمتنبي زعم أن (الثقة) حدثه بها دون ذكر اسمه؛ ومنها أنهم قالوا له "هاهنا ناقة صعبة فان قدرت على ركوبها أقررنا انك مرسل"(49)، ومنها أيضاً انه ابرأ شخصاً شق يده بسكين إذ تفل عليها من ريقه..ونتيجة ذلك فإنهم اعتقدوا فيه أعظم اعتقاد ويقولون هو كمحيي الأموات(50).

 

 

ب- الروايات التي تربط بين اللقب والثورة:

1- " وبلغ من كبر نفسه وبعد همِّه أن دعا إلى بيعته قوماً من رائشي نبله على الحداثة من سنه والغضاضة من عوده وحين كاد يتم له أمر دعوته تأدى خبره إلى والي البلدة ورفع ما همَّ به من الخروج فأمر بحبسه وتقييده"(51). هذه الرواية أوردها الثعالبي في (يتيمة الدهر) وجاءت رواية تشبهها إلا أنها أدق واصدق،لابن العديم في (بغية الطلب) وهي:" وكان قوم في صباه وشوا به إلى السلطان وتكذبوا عليه وقالوا له: انقاد له خلق من العرب وقد عزم على أخذ بلدك حتى أوحشوه منه فاعتقله وضيق عليه"(52).

2- وذكر المعري " انه إذا سئل عن حقيقة هذا اللقب قال: هو من النبوة، أي المرتفع من الأرض، وكان قد طمع في شيء قد طمع فيه من هو دونه"(53)، وهذا القول يحتمل انه طمع في الملك وسعى إليه ولابد أن الثورة من مستلزمات ذلك.

 

ج- الروايات التي تربط بين اللقب والشعر:

1- جاء في نفح الطيب إن الشاعر عبد الجليل بن وهبون الأندلسي حين سمع المعتضد بن عباد يردد بيتا للمتنبي بإعجاب، قال ارتجالاً: 

لئن جاد شعر بن الحسين فإنما

تجيد العطايا واللهى تفتح اللها

 

تنبأ عجباً بالقريض ولو درى

بأنك تروي شعره لتألها(54)

 

 

يريد: أن المتنبي ادعى النبوة إعجاباً بشاعريته، ولو عرف بإنشادك شعره لادعى الإلوهية(55) 

2- وإشارة إلى قول المتنبي:

ومن نكد الدنيا على الحرِّ أن يرى

عدوَّاً له من صداقته بدُّ(56)

 

 

جاء في بغية الطلب" قيل للمتنبي على من تنبأتَ؟ قال: على الشعراء. فقيل لكل نبي معجزة فما معجزتك قال هذا البيت"(57). ووردت الرواية نفسها في(الصبح المنبي) الذي - كما يظهر- نقل معلوماته عن المتنبي كلها  أو اغلبها من البغية(58). 

3- " وحكى أبو الفتح عثمان بن جني قال: سمعتُ أبا الطيب يقول: إنما لقبتُ بالمتنبي لقولي:

أنا ترب الندى ورب القوافي

وسمام العدى وغيظ الحسودَِ

 

أنا في امة تداركها الله غريبٌ كصالحٍ في ثمودِ(59)

 

 

هذه رواية (يتيمة الدهر)، وأوردها ابن العديم نقلا عنه بالكامل(60). وجاءت في (الصبح المنبي) مع زيادة بيت هو:

ما مقامي بأرض نخلة إلا

كمقام المسيح بين اليهودِ(61)

ج

 

4- وتكررت في المصادر عبارة "وقيل انه قال: أنا أول من تنبأ بالشعر"(62) أي أعلن نبوته من خلال الشعر. وبهذا تنقسم الآراء بين إعلانه النبوة إعجابا بشعره، وإعلانه النبوة من خلال الشعر، وتلقيبه بالمتنبي لتشبهه بالأنبياء في شعره.

 

د- الآراء التي تربط بين لقبه وفطنته:

1- " وقيل: إنما لقب به لقوة فصاحته وشدة بلاغته وكمال معرفته"(63). هذه رواية للزبيدي في (تاج العروس)وهي أساس النظرية التي قمنا بطرحها.

2- وروى ابن رشيق القيرواني في كتابه (العمدة):" وزعم أبو محمد عبد الكريم بن إبراهيم النهشلي أن أبا الطيب سمي متنبياً لفطنته"(64). وقد أكد فطنته وكمال معرفته كثير من النقاد العرب وان لم يربطوا بين ذلك ولقبه قال الثعالبي:"مخايله نواطق الحسنى عنه وضوامن النجح فيه"(65). وقال القاضي الفاضل:" إن أبا الطيب ينطق عن خواطر الناس"(66).

 

ثانياً-  آراء المحدثين:

أ- رأي الدكتور طه حسين:

" وأنا لا أتردد في رفض ما يروى من انه ادعى النبوة واحدث المعجزات أو زعم إحداثها، وضلل فريقاً من خاصة الناس وعامتهم، فبايعوه واتبعوه، كما لا أتردد في رفض هذا السخف الذي ينبئنا بان المتنبي زعم أن قرآناً انزل عليه"(67).

 

ب-رأي الدكتور محمد يوسف نجم: 

" لقد اختاروا لأبي الطيب تهمتين: النبوة والعلوية. وأنا أصل إلى تبرئته منهما؛ فنبوته نبوة فطنة والمعية وكشف للمستقبل في ضوء الحاضر، وادعاؤه النسب العلوي ليس تهمة تؤدي به إلى السجن إلا إذا اقترنت بالثورة والتطلـــع إلى الاستيلاء على الحكم"(68).

 

ج- رأي الدكتور منجي ألكعبي: 

1- " أما ما ورد في أخبار المتنبي عن ادعائه النبوة وما شابه فنعتقد إنها أخبار مرقوعة حول لقبه، وكلها جاءت متأخرة لتفسر سبب تلقيبه بالمتنبي وهو لقب من الثابت انه حمله منذ صباه ولم يلقبه به كبير من كبراء قومه أو عظيم من عظماء عصره، ولا نعرف انه يتأفف منه طوال حياته"(69).

2- " وربما لقب بذلك تيمناً وتبركاً بالرسول.." (70).

 

د- رأي جاسم محسن عبود: وهو رأي استقرائي استخلصه مما قاله الذين التقاهم في النعمانية من مثقفين وبسطاء:

1- " يطلق الأهالي على الضريح الموجود قرب بلدة النعمانية في محافظة واسط (أبو سورة) ويعتقدون بان المدفون فيه هو سيد احمد المتنبي بن موسى الكاظم (ع)" (71). 

2- ترجم المؤلف قول احد البسطاء - عندما سأله عن سبب تلقيبه المتنبي - من العامية إلى الفصحى وهو:" لأنه شاعر جيد، ولأنه ذكي وفهيم جداً، ولأنه ابن أنبياء"(72). وكأن المؤلف يريد أن يقول انه سمي بالمتنبي لأنه من أصل مقدس.

 

هـ- رأي الدكتور عبد الله الطيب:

" ما أريد بقولهم المتنبي أول الأمر إلا  النبز والعيب، فصيره الاستعمال وما كان لشعره من سيرورة وشهرة، له كالحلية"(73).

و- رأي محمد محيي الدين عبد الحميد:

"أما ادعاء النبوة فنحن لا نذهب مذهب من يقوله ويراه، فإن عقل أبي الطيب وخبرته يمنعانه من ذلك، فهذا التسميع إما أن يكون اختلاقاً عليه وهو الغالب، وإما أن يكون مخرقة منه، وازدراء بالناس"(74).

 

 

مناقشة الآراء

إن القاسم المشترك بين الروايات القديمة والآراء الحديثة هو فطنة المتنبي وذكاؤه وقوة بيانه، وهو الرأي الذي علينا أن نتبناه لأنه متفق عليه من العلماء قديماً وحديثاً، والآراء 

الأخرى يسقطها البحث. فادعاء النبوة تهمة عباسية لخصم لدود(75) جاءت لتفسر لقباً اكتسبه بكل احترام منذ نبوغه في الكوفة، تفسيرا منحرفاً.ويؤكد ابن العديم اكتساب المتنبي لقبه في حداثته في الكوفة نقلا عن الربعي " قال لي المتنبي: كنت أحب البطالة وصحبة البادية، وكان يذم أهل الكوفة لأنهم يضيّقون على أنفسهم في كل شيء حتى في الأسماء فيتداعون بالألقاب، ولما لقبّتُ بالمتنبي ثقل ذلك عليَّ زماناً ثم الفته"(76). وقد جاءت الآراء التي تتهمه بادعاء النبوة مختلفة متضاربة فاختلفوا في أنه ادعى النبوة مرة واحدة أو أكثر ، كما اختلفوا في مكان وزمان ادعاء النبوة، وقد أرجعها الثعالبي إلى قوة أدبه وربطها آخرون بدعوى الحسنية.وخلاصة القول في ادعائه النبوة كما تتحصل من فحص النصوص انه موضوع سمح لخيال التلفيق ما شاء من الاستزادة برغم محاولة البعض التحقق مما وصل إليه كابن العديم الذي رد على كثير من التخرصات، كقول البيروني: حين قال المتنبي: 

أنا مبصر وأظن أني حالم

من كان يحلم بالإله فاحلما(77)

 

 

"ودار على الألسن، قالوا: قد تجلى لأبي الطيب ربه. وبهذا وقع في السجن"، فعلق ابن العديم عليه بقوله" لم يذكر سبب لقبه على صدقه، وإنما وجَّه له وجهاً ما"(78). وعلق على قول آخر لأبي الريحان البيروني " قلتُ: قول أبي الريحان انه تحين غيبة سيف الدولة.. إلى آخر ما ذكر ليس بصحيح"(79). ودقق في خبر دوخلة المار ذكره  فقال:" فبان لي أن أبا الحسن علي بن منصور الحلبي رأى في تاريخ ابن أبي الأزهر والقطربلي ذكر احمد المتنبي فظنه أبا الطيب احمد بن الحسين فوقع في الغلط الفاحش لجهله بالتاريخ فان هذه الواقعة مذكورة في سنة اثنتين وثلاثمائة"(80). أما القرآن المزعوم فهو واهي النسج ركيك ساذج في محاكاته للقرآن الكريم وهو لا يدل على قوة بيان كما وصفه أبو معاذ بقوله " ما مرَّ بسمعي أحسن منه"(81)، وهو لا يتكون من عِبَر كل عبرة أكبر الآي في القرآن الكريم كما زعم البديعي؛ فما رووه عبارات قصيرة وقليلة جداً، لأنهم لو أكثروا من هذا السخف لظهرت حقيقة الوضع. واكبر الأدلة على سقوط هذه الدعوى أن المتنبي في سجنياته لم يذكر شيئاً عن النبوة ولا دفع عن نفسه تهمتها بل أشار إلى ادعاء باطل قذف به وهو ذو طابع سياسي- عسكري لا ديني، في قوله:

فما لك تقبل زور الكلام

وقدر الشهادة قدر الشهودِ

ج

وكن فارقاً بين دعوى أردتُ

ودعوى فعلتُ بشأوٍ بعيدِ(82)

 

 

وهو يتفق مع قول ابن العديم " وكان قوم في صباه وشوا به إلى السلطان وتكذبوا عليه وقالوا له: انقاد له خلق من العرب وقد عزم على أخذ بلدك حتى أوحشوه منه فاعتقله وضيق عليه"(83).

وقد اختلفوا في الوالي ومكان الاعتقال فمرة يكون لؤلؤ أمير حمص ومرة يكون علي الهاشمي في سلمية، كما اختلفوا في سنة السجن قال طه حسين إنها سنة (323هـ/935م) أو (324هـ/936م) (84) ، وقال البديعي سنة نيف وعشرين وثلاثمائة(85)، وذكر العكبري إنها سنة (326هـ/938م) (86) وقيل غير ذلك ونرى أن هذا الاختلاف في المكان والزمان هو الذي يدل على الحقيقة ويؤشرها؛ وهي إن المتنبي كان يدعو إلى الثورة الشاملة في شعره فجعله هذا مخوفاً من الحكام الذين مثلوا الفساد الذي على الأمة معالجته، وهذا جعل المتنبي يسجن ليس في حلب أو سلمية فقط بل يكون معرضاً للسجن أينما حل وفي ديوانه سجّل المتنبي أكثر من سجنة؛ فقد سجن في كوتكين(87) وحبسه ابن كيغلغ عن السفر(88)، ووضعه كافور تحت الإقامــــة الجبرية في مصر(89) وكان يضطر إلى الهرب دائماً من ممدوحيه ولذلك نراه يجعل عدم تقييده شرطاً مهماً عندما قصد شيراز متصلا بعضد الدولة. وتسقط قضية الثورة المنظمة لافتقاره إلى المال والرجال، وفي شعره الذي ذكرناه تأكيد على عدم الفعل، ولكنه كان يسعى إلى الثورة الشاملة. أما ربط لقبه بأبيات قالها أو تنبأ إعجابا بشاعريته فهو سخف واضح. إذن يبقى ما اتفق عليه القدماء والمحدثون وهو إنما لقب بالمتنبي لفطنته وذكائه اللذين مكناه من قراءة المستقبل من خلال معطيات الحاضر.

 

المبحث الثاني: المتنبي باراسايكولوجياً

يؤكد علم الباراسايكولوجي الذي يكون التنبؤ أحد فروعه الثلاثة، يقينية التنبؤ، جاء على لسان (راين) أحد علمائه "انه اثبت تجريبياً"(90). وقد تنبه العرب أسوة بالأمم الأخرى إلى ذلك منذ القدم فطلبوا علم النجوم وحركاتها لمعرفة ما يأتي به المستقبل، واتخذ الملوك والخلفاء والأمراء المنجمين لمعرفة الطالع واختيار الأوقات للقيام بما ينتوونه، حتى الجهاد.

ومنطلق ذلك من حقيقة أن كلّ ما يجري من حولنا إنما يجري وفق نواميس وقوانين، ودائماً هناك علاقات قانونية أو علاقة السبب بالأثر والمقدمة بالنتيجة(91). ويؤكد علماء الباراسايكولوجي أن الرؤية المستقبلية موجودة في كل إنسان إلا أنها تنمو عند فئة قليلة من الناس وهذه الفئة بلا شك تمتاز بميزات نادرة. والتنبؤ إدراك فوق الحسي لحوادث المستقبل(92). ويكون أنواعاً، منها (الاستبصار) (Clairvoyance): وهو رؤية حوادث ستقع بعد زمن يطول أو يقصر. ومنها (الاتصال عن بعد) (Telepathy): وهو القدرة على تسلم ما يدور في ذهن الآخر(93). وهذان النوعان اقرب إلى ما عرف عند العرب بـ(العرافة) إذ يتنبأ الشخص بأمور خارجة عن المنطق وغير مستحصلة اولياتها من الواقع. وقد عرفت أوربا أخطر متنبئ هو نوستردامس (1503- 1566م)الذي تنبأ بما سيحدث لسبعة قرون تالية "وجاءت تنبؤاته صادقة في كثير من الأمور وأكدتها الأحداث التاريخية"(94).

وهناك التنبؤ المنطقي العقلاني لما يمكن أن يأتي به المستقبل، وهذا يتطلب طاقة من الذكاء الخارق والموهبة الصادقة والقدرة على استقراء الحاضر بتفاصيله الدقيقة والتكهن من خلاله بما يحدث انطلاقاً من معطياته وليس هذا بالسهل ولا يتاح إلا للقلة. ويحمل التاريخ القديم نبوءات كبيرة لافتة فقد تنبأ عمرو بن عامر أو تنبأت الكاهنة طريفة له، بانهيار (سد مأرب) وهو في أوج قوته(95)، وضرب المثل بـ(قصير بن سعد اللخمي) الذي أخبر الملك الابرش بما سيحدث له في قصته مع الزباء(96). وفي العصر الحديث جاءت نبوءات ذكية من لدن البعض؛ إذ تنبأ الروائي (أج. جي ويلز) ببناء الغواصة والمركبة الفضائية ووصول الإنسان إلى القمر قبل تحقق ذلك بعقود، وكتب الروائي (جورجي أورول) روايته المعنونة (1984) تنبأ فيها بما سيقع في تلك السنة وذلك سنة (1943)، وتنبأ (جول فيرن) الروائي الفرنسي بأمور كثيرة وقعت بالفعل أهمها اكتشاف التصوير الفوتوغرافي. 

وتعد نبوءات المتنبي من هذا الباب؛ فانه كما وصفوه حاد الذكاء، قوي الفطنة، دقيق النظر. فانطلق يستقري الماضي ويحلل الحاضر ويتنبأ بالمستقبل. وقد بدا واضحاً من خلال البحث انه كان يتنبأ بالأحداث وعلى ضوء توقعه انبرى يشارك في معتركها وإذا لم يكتب له النجاح فيما سعى إليه فانه حقق نجاحاً منقطع النظير في شعره ونبوءاته التي تركت بصماتها واضحة فيه، ولابد أن نبوءاته في شعره اقل بكثير مما قاله وتوقعه في حياته المعاشة، إذ انه لم يرد لديوان شعره أن يكون كتاب نبوءات. في هذا المبحث وقفنا عند خمس نبوءات في شعره رأيناها مهمة وواضحة، وكافية للتدليل على ما ذهبنا إليه في تفسير لقبه.

 

نبوءات المتنبي من شعره

1- أولى نبوءات المتنبي تطالعنا في شعر صباه، وهي تلك التي تنبأ بها بصيرورته وهو صبي لا أثر له ولا خطر فكان تصويره بالحجم الذي أصبح عليه ولم يكذب، كما تحقق ما قاله من جيلانه في الأقطار وركوبه الأخطار. قال المتنبي: 

قِفا تَرَيا وَدقي فَهاتا المَخايِلُ

وَلا تَخشَيا خُلفاً لِما أَنا قائِلُ

 

تُحَقِّرُ عِندي هِمَّتي كُلَّ مَطلَبٍ

وَيَقصُرُ في عَيني المَدى المُتَطاوِلُ

 

كَأَنّي مِنَ الوَجناءِ في ظَهرِ مَوجَةٍ

رَمَت بي بِحاراً ما لَهُنَّ سَواحِلُ

يُخَيَّلُ لي أَنَّ البِلادَ مَسامِعي

وَأَنِّيَ فيها ما تَقولُ العَواذِلُ

 

وَمَن يَبغِ ما أَبغي مِنَ المَجدِ وَالعُلا

تَساوى المَحايِي عِندَهُ وَالمَقاتِلُ(97)

 

 

قال الواحدي في شرح هذه الأبيات:" يقول لصاحبيه: اصبرا تريا من أمري شأناً عظيماً فقد ظهرت مخايله وما يشهد لي بتحقيق ما كنتُ أعدكما من نفسي.. وذكر انه لا يخلف وعده"(98).

 

2- نبوءته الثانية كانت في احد ممدوحيه وهو أبو علي هارون بن عبد العزيز الاوراجي؛ فقد تنبأ بموته القريب وهو يجلس معافى على عرشه. قال المتنبي:

لا تَكثُرُ الأَمواتُ كَثرَةُ قِلَّةٍ

إلا إِذا شَقِيَت بِكَ الأَحياءُ(99)

 

 

أي لا يبين النقص في الناس جراء الموت إلا إذا متَّ أنت. وهو بيت لا يصلح للمدح ولكنه قفز على لسان المتنبي، فان الملوك يخاطبون بطول العمر ودوام الملك لترف حياتهم وحرصهم المتناهي عليها، قال العكبري:" وهذا فاسد.. لأنه لا يخاطب الممدوح بمثل هذا"(100). ولا يفسر هذا البيت بقلة ذوق أو عدم دراية بفن المدح فالمتنبي سيد القصيدة الرسمية في زمانه ولكنها نبوءة؛ قال ابن سيدة:" أخبرني بعض أهل بغداد:  إن الممدوح بهذه القصيدة أدركته الوفاة بعد إنشاد المتنبي إياه بأيام قليلة فكان يتقلب على فراشه ويردد هذا البيت"(101). وقال العكبري:" قيل إن الممدوح استعاد هذا البيت واخذ يبكي حتى مات"(102). وقال أبو علي السلمي:" عدتُ أبا علي الاوراجي في علته التي مات فيها فاستنشدني (لا تكثر الأموات..)، فلم أزل انشده ويستعيده حتى مات"(103).

 

3- النبوءة الثالثة من نبوءاته الخطيرة؛ تنبأ فيها بالاحتلالات المسيحية؛ الحروب الصليبية في التاريخ القديم وقد وقعت بعد موته بـ(135) سنة، والاحتلال البريطاني والأمريكي في التاريخ الحديث؛ وكان قد كتب إلى سيف الدولة من العراق مذكراً بأهمية محاربة الأمير للروم حفاظا على الأمة المسلمة لأنهم بعده سيقعون فريسة الاجتياح المسيحي الشامل. قال المتنبي:

فَخَرّوا لِخالِقِهِم سُجَّداً

وَلَو لَم تُغِث سَجَدوا لِلصُلُب

 

أَرى المُسلِمينَ مَعَ المُشرِكين إِمّا لِعَجزٍ وَإِمّا رَهَب 

 

وَأَنتَ مَعَ اللَهِ في جانِبٍ

قَليلُ الرُقادِ كَثيرُ التَعَب

 

كَأَنَّكَ وَحدَكَ وَحَّدتَهُ

وَدانَ البَرِيَّةُ بِاِبنِ وَأَب(104)

 

 

4- ونبوءته الرابعة أغرب نبوءاته وأعظمها على الإطلاق فقد تجاوز بها زمانه إلى زماننا فوصف أسلحتنا الحربية بدقة كمن قد شاهد ساحة حرب معاصرة عياناً. فقال:

وَيَطعَنُ الخَيلَ كُلَّ نافِذَةٍ

لَيسَ لَها مِن وَحائِها أَلَمُ (105)

ج

 

الخيل: الفرسان. والوحاء: السرعة.يريد: إن طعنته لشدة سرعتها لا يشعر المطعون معها بالألم حتى يموت. وهذا لا يتحقق بأسلحة زمانه كالسيف والرمح والنبل وسواها لان المطعون بها يتألم حتما.أما السرعة التي تحجب الألم إلى الموت فلا تصح إلا مع أسلحتنا الحديثة كالشظايا والإشعاع والعصف.فقد حدثت مشاهد في الحروب الحديثة قطعت فيها الرأس وبقي الشخص يمشي لفترة وجيزة ثم سقط ميتاً دون المرور بزمن الألم لشدة سرعة الشظية. وتكمن عظمة هذه النبوءة في أنها ذكرت أن السرعة تحجب الألم في زمن لا يستوعب هذه النظرية ولا يجد لها تطبيقاً ولذا قال ابن جني:" لم توصف الضربة بوحاء أسرع من هذا"(106).

 

6- وأخيراً تنبأ المتنبي بمقتله في الصحراء من قبل أعداء يهاجمونه في الطريق وذكر الاسم الصريح للمخطط وهو (فناخسرو عضد الدولة)، قال:

وَأَيّا شِئتِ يا طُرُقي فَكوني

أَذاةً أَو نَجاةً أَو هَلاكا

 

يشرد يمنُ فناخسرو عني

قنا الأعداء والضرب الدراكا

 

والبس من رضاه في طريقي

سلاحاً يذعر الأعداء شاكا(107)

ج

 

فلأنه (بيت – نبوءة) فقد اختار ورتب كلماته بدقة شديدة، في الشطر الثاني من البيت الأول ليس ثمة خيارات ولو كانت لقال (نَجاةً أَو أَذاةً أَو هَلاكا) فيكون تدرجاً منطقياً يسمح به الوزن ولكن بقصدية جعل النجاة بين الاذاة والهلاك إشارة إلى استحالته، وليس في ذلك ما يدعو إلى طيرة عضد الدولة(108) بل ما يدعو إلى الاستغراب حقاً ففيه تأكد وتأكيد المتنبي على الفاجعة التي تنتظره لا محالة، وان اختيار كلمة (هلاك) فيها جناس مقصود مع (المهلكة) وهي الصحراء حيث قتل. وفي البيتين الثاني والثالث يذكر الأعداء الذين يخرجون عليه في الطريق، ويذكر الشخص الذي يقف وراء ذلك وهو الأمير البويهي عضد الدولة ولكنه قلب المعنى وعمَّاه وليس بخاف قصده. 

 

مناقشة النبوءات

استندت نبوءات المتنبي إلى المنطق، ولم تكن شطحات غيبية، وإذا أنعمنا النظر في نبوءاته وجدنا لها أساساً واقعيا انطلق منه المتنبي. فنبوءته الأولى التي تنبأ فيها بصيرورته انطلقت من قدرات وجدها في نفسه، ومواهب ركبها الله فيه، لم يجدها عند الآخرين ممن هم أكبر وأمكن منه فاقتنع بأنه سيكون له شأن عظيم فبشر بنفسه بكل ثقة.

 ونبوءته الثانية تردُّ إلى انه بنظراته الذكية أدرك أن ممدوحه على وشك الموت ويدل الخبر بأنه توفي بعد أيام طريح فراش، على انه كان مريضاً أو في بداية مرضه حينما مدحه المتنبي فتنبأ المتنبي بموته بعدما استوثقه حين فات الجميع ذلك.

والنبوءة الثالثة أطلقها بعد معاشرة ومعايشة مع سيف الدولة في حروبه مع الروم وتقديره إمكانات العدو وسرعته وخططه، فان سيف الدولة برغم معاركه الكثيرة لم يستطع أن يحقق نصراً حاسماً وكانت حروبه كراً وفراً ولم تكن بسط نفوذ وهو ما يشير إلى تكافؤ القوتين(109)، فضلا عن ما رآه من تواكل المسلمين وانشقاقهم واشتغالهم بالخصومات بينهم، كل ذلك وضعه المتنبي في ميزان عقله ووزنه بدقة فرجح عنده أن المسيحيين سيجتاحون المسلمين ويظلون يجتاحونهم ماداموا بهذه الحالة والطبيعة. 

ونبوءته الرابعة التي وصف فيها أسلحتنا الحديثة وان بدت لأول وهلة شطحة كبيرة إلا أن إمعان النظر يزيل العجب؛ فالمتنبي جعل من الحرب وأدواتها عالمه الذي لا يستطيع الفكاك منه وكانت حالات القتل مألوفة لديه ولابد انه أراد أن يصل إلى معادلة تسرِّع من النصر والحسم في المعارك ففكر حتى قاده التفكير إلى أن ذلك يكون بعبور مرحلة الألم والوصول إلى الموت السريع الذي تحققه سرعة الأداة القاتلة، إلا انه لم يجد في زمانه تلك الأداة  التي تلبي طموحه.. فكانت نبوءة مستقبلية وجدت تحققها في زماننا. 

أما النبوءة الأخيرة فلم تكن وليدة لحظتها فالمتنبي عدو العباسيين والبويهيين معاً وكان يتجنبهم ويحترس منهم وقد دخل العراق في المرة الأولى متخفياً مما جعله يراسل جدته سراً. وفي المرة الثانية اختار العراق مضطرا بعد أن احرق كل أوراقه في الشام ومصر، فهارشه أدباء بغداد وتكالبوا عليه بتحريض من العباسيين ولعل العباسيين والبويهيين وضعوا خطة الخلاص منه معاً فضيقوا عليه ليستدرجوه إلى إيران فيقع في قبضة البويهيين فلم يقر للمتنبي ببغداد قرار وفر منها هارباً. وقد أدرك المتنبي بأنه يقترب من نهايته وظهر خوفه واضحاً من عضد الدولة في مراسلته إياه فقد اشترط عليه ألا يحجز عن السفر وكأنه خاف من حبس وتضييق والملاحظ على شعره في شيراز انه شعر مسالم قد ألقى السلاح وصار أعزل(110)؛ فلأول مرة يتحول المتنبي من شاعر الحماسة والمعارك إلى شاعر يصف الطبيعة ومجالس الأنس وقد قال معترفا:" تجوزتُ في قولي وأعفيتُ طبعي واغتنمتُ الراحة منذ فارقتُ آل حمدان"(111) وهذا دليل توجسه وخوفه ولأول مرة نجده في شيرازياته يستعمل لفظة الأمان وكأنه صار يفتقدها فقال في أول لقاء له بعضد الدولة:

أروض الناس من أمن وخوف وارض أبي شجاع من أمانِ(112)

 

 

 

الخاتمة

لما كان اسم المتنبي إلى اليوم يغري المرء باتهامه بادعاء النبوة متأثراً بما الصق به كذباً وزيفاً، ولأنه لم تـُقل كلمة الفصل في هذا اللقب حتى الآن، فقد انطلق البحث لمناقشة كل جوانب اللقب.

ابتدأ البحث بالمعنى اللغوي فاظهر وجود معنيين لكلمة (نبي)؛ الأول: دخيل وهو القائد أو سيد البيت، والثاني: عربي هو الطريق وكثيب الرمل وماء بعينه..وغير ذلك، وكذلك يوجد معنيان لكلمة (متنبي)؛ الأول: مشتق من (نبي) أريد له أن يكون دعي النبوة وهو بهذا معنى غير عربي لأنه اشتق من كلمة غير عربية، والثاني: عربي معناه المبلغ بالنبأ أو المحق. وبهذا المعنى أطلق الناس لقب المتنبي على الشاعر أبي الطيب في صباه لما وجدوه فيه من مخايل ذكاء وفطنة وما كان يتنبأ به انطلاقاً من مواهبه تلك وكانت تحدث بالفعل حتى وقر في أذهانهم انه بمنزلة المبلغ بها.

في المبحث الأول استعرضنا تفسيرات لقب المتنبي من العلماء القدماء والمحدثين، وقد مالت روايات القدماء في الأغلب إلى ربط اللقب بادعاء النبوة، فضلا عن روايات أخرى ربطت اللقب بالثورة أو بقوله أبياتا من الشعر أو فسرته بفطنة الشاعر وهي الأقل نسبة. ومال المحدثون إلى تفسيره بالفطنة في الأغلب. وقد قمنا بمناقشة كل ذلك وتفنيد الخاطئ غير المنطقي منها، ثم رجحنا الرأي القائل بفطنته وذكائه مما يرشحه لان يتنبأ.

  وفي المبحث الثاني تناولنا خمس نبوءات من شعره مع تفسيرها وقدمنا لنبوءاته بتعريف للباراسايكولوجي وأنواع التنبؤ، وقلنا: إن نبوءات المتنبي ليست كهانة أو شطحات غيبية وإنما هي نبوءات منطقية استندت إلى التشخيص الدقيق للحاضر واستكشاف الغد من خلاله.. وبهذا نكون قد حسمنا قضية لقب (المتنبي) وقلنا فيها القول الفصل.

 

هوامش البحث

 

(1)عاصر المتنبي المقتدر بالله (295- 320هـ/ 908- 932م)، القاهر بالله (320- 322هـ/ 932- 934م)، الراضي بالله (322-  329هـ/ 934- 941م)، المتقي لله (329- 333هـ/ 941- 945م)، المستكفي بالله (333- 334هـ/ 945- 946م)، والمطيع لله( 334- 363هـ/ 946- 974م).

(2)  جاء في مسند أحمد " أكثر الناس في مسيلمة قبل أن يقول رسول الله (ص) فيه شيئاً، فقام رسول الله (ص) خطيباً فقال:" أما بعد ففي شأن هذا الرجل الذي أكثرتم فيه انه كذاب من ثلاثين كذاباً يخرجون بين يدي الساعة". (مسند الإمام أحمد، ج5، ص41).

(3) تاج العروس مج1، ص121. 

(4) ينظر الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية، ص112 المتن والهامش0

(5) وردت كلمة النبي في القرآن إفرادا وجمعا نحو 74 مرة

(6) مختار الصحاح، ص642.

(7) المصدر نفسه، ص644.

8) ينظر لسان العرب، ج15، ص202- 204. (

(9) ديوان اوس بن حجر، ص11.

(10) معجم متن اللغة مج 5، ص391 .

11)  ينظر تاج العروس، مج1، ص 122.)

 الخصائص، ج1، ص239.( 2) 

 الصبح المنبي عن حيثية المتنبي، ص67( 3) 

(4 ) ينظر في حرمة التعاطي مع الغيب والعرافين: فتح الباري، ج9، ص167؛ ج10، ص182؛ مسند الإمام أحمد، ج2، ص492؛ صحيح مسلم، ج7،ص37؛ المستدرك على الصحيحين، ج1، ص8؛ السنن الكبرى، ج8، ص138؛ المعجم الكبير، ج23، ص215.

(15) شذرات الذهب في أخبار من ذهب،ج3، ص280.

 بغية الطلب، ج2، ص665.والبيت في ديوانه:ج4، ص83.( 6) 

 الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية، ص112.( 7) 

 ينظر الباراسايكولوجي والفلسفة الروحانية، ص5.(18) 

ص55.  الصبح المنبي،( 9) 

 المعجم الوسيط، ص896.(20) 

 المصدر نفسه، ص578.(21) 

 شرح نهج البلاغة،ج11، ص97.(22) 

 ديوان اوس بن حجر، ص53.(23) 

 شرح ديوان المتنبي،ج2، ص5.(24) 

 لسان العرب ج13، ص363.(25) 

(26)  جاء في فتح الباري" إن الجن كانوا يصعدون إلى جهة السماء فيركب بعضهم بعضاً إلى أن يدنو الأعلى فيسمع الكلام فيلقيه إلى الذي يليه.. فلما جاء الإسلام ونزل القرآن حرست السماء من الشياطين وأرسلت عليهم الشهب" (ينظر فتح الباري، ج10، ص182).  

(27) مروج الذهب، ج2، ص165.

(28) المصدر نفسه، ج2، ص174.                                                                                                                                   

 الواضح، ص7.(29) 

 يتيمة الدهر،ج1، ص129.(30) 

 بغية الطلب في تاريخ حلب، ج2، ص653.(31) 

 الصبح المنبي، ص68.(32) 

 وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ج1، ص122.(33) 

 المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ،ج7، ص25.(34) 

 تاج العروس من جواهر القاموس،مج1، ص122.(35) 

 ينظر:النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة،ج3، ص340.(36) 

 الوافي بالوفيات،ج6، ص336.(37) 

 المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج7، ص26؛ بغية الطلب، ج2، ص646-747.(38) 

(39) ينظر: بغية الطلب،ج2،ص646؛ الوافي بالوفيات، ج6،ص346؛ المنتظم، ج7، ص26؛ الصبح المنبي، ص55. 

 بغية الطلب،ج2،ص646؛ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم،ج7، ص26..(40) 

 ينظر: بغية الطلب، ج2،ص648؛ الصبح المنبي، ص53.(41) 

(42) ينظر: بغية الطلب، ج2، ص وما بعدها؛ والصبح المنبي، ص52 وما بعدها.

 الأبيات هي:   (43) 

أيّ محلٍّ أرتقي

أيَّ عظيم أتقي

ج

وكلُّ ما قد خلق الله وما لم يخلقِ

 

(محتقرٌ) في (همَّتي)

كشعرة في مفرقي

 

وقد فسرت تفسيرات عدة واتخذت شاهداً على ضعف الدين والغطرسة والغرور والتعالي وغير ذلك. وهو لا يقصد احتقار الناس مطلقاً بل أراد: إن همة الناس حقيرة (أي قليلة هينة) قياساً إلى همته وهو نفس المعنى في قوله:

(تحقر) عندي (همتي) كلَّ مطلبٍ

ويصغر في عيني المدى المتطاولُ

 

فـ(الاحتقار) مرتبط بـ(الهمة) لا غير.

(44) العمدة،ج1، ص75.

(45) رسالة الغفران، ص355.

(46) الوافي بالوفيات، ج6، ص336.

(47) بغية الطلب،ج2، ص639.

(48)  المصدر نفسه، ج2،ص645.

(49) رسالة الغفران، ص355.

(50) نفسه، 355، 356.

( (51يتيمة الدهر، ج1، ص128. 

(52) بغية الطلب ، ج2، ص651. 

(53) رسالة الغفران، ص351.

(54) نفح الطيب،ج3،ص194. 

(55) شذرات الذهب، ج3، ص14، 15.

(56) شرح ديوان المتنبي،ج2، ص93.

(57) بغية الطلب، ج2، ص653. 

(58)  الصبح المنبي، ص65.

 يتيمة الدهر،ج1، ص129. والبيت في ديوانه،ج2، 48.(59) 

(60) بغية الطلب، ج2، ص652.

 الصبح المتنبي، ص66. والبيت في ديوانه،ج2، 44.(61) 

(62) ينظر: العمدة، ج1، ص75؛ وفيات الأعيان،ج1، ص122؛ الوافي بالوفيات، ج6، ص366.

 تاج العروس، مج1، ص122.(63) 

 العمدة،ج1، ص75.(64) 

 يتيمة الدهر،ج1، ص128.(65) 

 الوافي بالوفيات، ج6، ص336.(66) 

(67) مع المتنبي، ص99.

 المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس، ص50-51.(68) 

 المصدر نفسه، ص104.(69) 

 المصدر نفسه، ص106.(70) 

 التطلع القومي عند المتنبي، ص38 (حاشية).(71) 

 المصدر نفسه ص39 (حاشية).(72) 

 الطبيعة عند المتنبي، ص5.(73) 

(74) يتيمة الدهر ،ص128 (هامش).

 

(75) أكد البديعي ذلك في خبر رواه وهو إن ابن الوالي الذي حبس المتنبي دخل عليه فرآه منزعجاً من 

القيود مضطرباً، فقال له: اصبر كما صبر الو العزم من الرسل. ثم علق البديعي قائلاً:" وهذه موضوعة، لأنها نقلت من أحد أبناء الخلافة العباسية"ينظر (الصبح المنبي، ص59-60).

(76) بغية الطلب، ج2، 641.

(77) شرح ديوان المتنبي، ج4،ص148.

(78) بغية الطلب،ج2، ص645.

(79) المصدر نفسه.

(80) المصدر نفسه، ج2، ص653..

(81) الصبح المنبي، ص53.

(82) شرح ديوان المتنبي،ج2، ص68.

 بغية الطلب، ج2، ص651.(83) 

 مع المتنبي، ص60.(84) 

 الصبح المنبي، ص21.(85) 

 التبيان في شرح الديوان، ج4، ص24.(86) 

(87) قال المتنبي لما سجن في كوتكين:

زعم المقيم بكوتكين بأنه

من آل هاشم بن عبد منافِ

 

فأجبته مذ صرت من أبنائهم

صارت قيودهم من الصفصافِ

 

 

(88) وفي ذلك يقول المتنبي:

يحمي ابن كيغلغ الطريق وعرسه

ما بين رجليها الطريق الأعظمُ

 

 

(89) قال المتنبي يصف حاله وهو يرغم على الإقامة الجبرية مسجوناً في بيته بقوله: 

 فأمسك لا يُطال له فيرعى

ولا هو في العليق ولا اللجامِ

 

(90)  الباراسايكولوجي والفلسفة الروحانية، ص5.

(91)  تنبؤات نوستردامس نظرة إسلامية تحليلية في التاريخ والمستقبل، ص13.

(92)  الباراسايكولوجي والفلسفة الروحانية، ص114.

(93)  تنبؤات نوستردامس، ص15.

(94)  المصدر نفسه، ص5.

(95)  سيرة ابن هشام، ج1، ص9؛ وانظر مروج الذهب،ج2، ص93، 94.

(96) ينظر مجمع الأمثال؛ المثل رقم 431 (ببقة صُرِمَ الأمر) ج1، ص90 ؛ والمثل رقم 1250            (خطبٌ يسير في خطب كبير) ،ج1،  ص232 – 237 وفيه تفصيل القصة؛ وانظر مروج الذهب ج2، ص186 وما بعدها وورد في القصة سجع للكاهنة طريفة هو " ما رأيت مثل اليوم، قد اذهب عني النوم، رأيتُ غيماً أبرق، وأرعد طويلاً ثم اصعق، فما وقع على شيء إلا احرق، فما بعد هذا إلا الغرق".

(97)  شرح ديوان المتنبي، ج3،ص291-294. 

(98)  شرح الواحدي، ص43.

(99)  شرح ديوان المتنبي،ج1، ص151.

(100)  التبيان في شرح الديوان، ج1، ص27.

(101)  شرح مشكل أبيات المتنبي، ص106.

(102)  التبيان في شرح الديوان، ج1، ص27.

(103) الفسر، ج1، ص97.

(04 )  شرح ديوان المتنبي،ج1، ص231-232.

(05 )  المصدر نفسه،ج4، ص181.

(06 ) ينظر: شرح ديوان المتنبي،ج4، ص181.

(07 ) شرح ديوان المتنبي،ج3،ص 134- 135.

(08 )  " قيل إن عضد الدولة قال: تطيرت عليه من تركه النجاة بين الاذاة والهلاك" (التبيان في شرح الديوان، ج2، ص395).

(09 )  ينظر المتنبي مؤرخاً، ص263.

(10 )  حماسة المتنبي،ص26.

(11 )  يتيمة الدهر، ج1، ص115.

(12 ) شرح ديوان المتنبي،ج4، ص391.

 

المصادر والمراجع

 

الباراسايكولوجي والفلسفة الروحانية، ديفد راي كريفن، ترجمة كاظم سعد الدين، ط1، دار الحكمة، بغداد، 2002.

بغية الطلب في تاريخ حلب، ابن العديم (ت660هـ/1262م)، تحقيق د. سهيل نصار (دار الفكر، بيروت، 1988).

تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضى الزبيدي(ت 1204هـ/ 1790م) )، ط1، المطبعة الخيرية، مصر،1889.

التبيان في شرح الديوان، أبو البقاء العكبري (ت616هـ/1219م)، تحقيق مصطفى السقا، إبراهيم الابياري، عبد الحفيظ شلبي،(دار المعرفة، بيروت، 1978).

التطلع القومي عند المتنبي، جاسم محسن عبود،(منشورات وزارة الإعلام، بغداد، 1977).

حماسة المتنبي، د. محمد تقي جون، دار النقاش، بغداد،2002.

الخصائص، ابن جني (ت392هـ/1002)، تحقيق محمد علي النجار،(عالم الكتب، بيروت، د ت). 

دراسة في تنبؤات نوستردامس نظرة إسلامية تحليلية في التاريخ والمستقبل،     د. شرف الدين الاعرجي، ط1،( دار المجتبى،قم،د.ت) .

ديوان اوس بن حجر، تحقيق د. محمد يوسف نجم،ط2،( دار صادر، بيروت،1967).

شرح ديوان المتنبي، عبد الرحمن البرقوقي،(دار الكتاب العربي، بيروت، 1980).

سيرة النبي، عبد الملك بن هشام (ت 218هـ/834م)، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، (مطبعة حجازي، القاهرة، 1937).

شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن العماد(ت 1089هـ/1668م)،مكتبة القدس،1932).

شرح مشكل أبيات المتنبي،ابن سيدة (ت458هـ/1066م)، تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين،ط1، (وزارة الإعلام، بغداد، د.ت).

شرح نهج البلاغة، ابن أبي حديد (ت655هـ/1257م)، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ط3،(دار الكتب العلمية، بيروت، بيروت، 2003).

شرح ديوان المتنبي،علي بن احمد الواحدي (468هـ/1076م)، تحقيق فريدريخ ديتريصي، (برلين،1861م).

الصبح المنبي عن حيثية المتنبي، يوسف البديعي (ت 1073هـ/1663م)، تحقيق مصطفى السقا،محمد شتا،عبده زيادة عبده، ط3، دار المعارف، مصر، 1994.  

صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري(ت256هـ/870م)، (دار الفكر، بيروت،1981).

صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري (261هـ/875م)، (دار الفكر، بيروت،د.ت).

الطبيعة عند المتنبي، د. عبد الله الطيب،(منشورات وزارة الإعلام، بغداد، 1977).

فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني(852هـ/1448م)، ط2(دار المعرفة، بيروت،د0ت).

الفسر، ابن جني (ت392هـ/1002)، تحقيق صفاء خلوصي،ط1(دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1988).

الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية، جرجي زيدان، مراجعة وتعليق د. مراد كامل،ط2،( دار الحداثة، لبنان، 1982).

لسان العرب، ابن منظور (ت 711هـ/1331م)، (دار صادر، بيروت،د.ت).

المتنبي مؤرخاً، د. محمد تقي جون، ط1،( دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2007).

المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس، (دار الرشيد للنشر، بغداد، 1979). 

مجمع الأمثال، احمد بن محمد الميداني (ت 518هـ/1124م)، تحقيق محمد محي عبد الحميد، (مطبعة السعادة، مصر، د.ت).

مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي (ت666هـ/1268م)،(دار الرسالة، الكويت، 1982).

المستدرك على الصحيحين، محمد عبد الله الحاكم النيسابوري(ت404هـ/914م)،

تحقيق د. يوسف المرعشلي (دار المعرفة، بيروت،1986).

مسند الإمام احمد (ت 241هـ/855م)، 0(دار صادر، بيروت.د.ت)

المعجم الكبير، سليمان بن احمد الطبراني (ت360هـ/971م)، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي،ط2، (دار إحياء التراث العربي، القاهرة،د.ت).

معجم متن اللغة، العلامة احمد رضا، (دار مكتبة الحياة، بيروت، 1960).

المعجم الوسيط، مجموعة من المؤلفين، (دار الدعوة، استانبول، 1989).

مع المتنبي، طه حسين،( دار المعارف، مصر، 1960).

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي (ت597هـ/1201م)، ط1،( دار المعارف العثمانية، حيدر آباد، 1939).

النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ابن تغري بردي (874هـ/1469م)، (مطابع كوستاتسوماس وشركاؤه، القاهرة، د.ت).

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، المقري التلمساني                     (ت 1041هـ/1631م)، تحقيق د. احسان عباس،(دار صادر، بيروت، 1968).

الواضح في مشكلات شعر المتنبي، أبو القاسم الأصفهاني (ت357هـ/968م)، تحقيق محمد الطاهر بن عاشور، (الدار التونسية للنشر، 1968).

الوافي بالوفيات، صلاح الدين الصفدي (ت نحو 763 /1362م)، باعتناء س. ديدرينغ، (دار صادر، بيروت، 1982).

يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، أبو منصور الثعالبي (ت429هـ/1038م)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، (مطبعة السعادة، مصر، 1957).

 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18506
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19