• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الديموقراطية الملغومة .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

الديموقراطية الملغومة

حاول النظام المقبور زرع سياسة الانقسام الطائفي وتخريب النسيج الاجتماعي للشعب العراقي من خلال نهج عدم المساوات والتكالب والانحياز والتضيق التعسفي والبربري بين الطوائف الدينية والعرقية والقومية . لكن هذه المساعي
والمحاولات المهمومة باءت بالفشل الذريع . بسبب تداخل هذه الطوائف في وشائج وصلات وثيقة لا يمكن تخريبها او تقسيمها او تنافرها بعداء اوبحقد قومي او طائفي , لانها تعودت على التعايش والاخاء الاجتماعي منذ عقود طويلة
من التأريخ المشترك .. وبعد سقوط نظام الطغيان ورميه في مزبلة النفايات والازبال .. جاء العهد الجديد بعد التغيير بثوب طائفي ( شيعي - سسني ) و بشكل شرعي والسيطرة على دفة الحكم وصارت تمتلك القرار السياسي الذي يحدد
مصير الشعب والوطن. فقد استخدمت احزاب الطائفية اللغة الديموقراطية الشفافة والجذابة بالكلام المعسول من خلال خطابها السياسي والدعائي , فقد زعمت بانها تعتزم بناء الدولة الديموقراطية المدنية التي تؤمن بالتبادل السلمي
للسلطة واحترام الرأي وحق التعبير والتظاهر السلمي وسن وتشريع دستور وقانون يعتمد على المعايير الديموقراطية التي تساهم في اقامة دولة القانون وتحقق العدالة الاجتماعية وتنصف المظلومين وتسهم في تخفيف حدة الازمات
التي يعاني منها المواطن وتنقل العراق الى مرحلة الاستقرار السياسي والامني وتضع كل انشطتها ونشاطها الدؤوب في خدمة الشعب .. لكن بعد مرور الزمن اثبتت الوقائع والحقائق بطلان هذه المزاعم ودجل ونفاق خطابها السياسي
وعفونة تهريجها الاعلامي . ودلت الاحداث المؤلمة ضيق افقها السياسي وعقليتها الطائفية المفتونة بتسعير الاحتقان والاحتراب الطائفي وتشجيع الفتنة والفرقة بتفتيت النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية باحداث دموية مروعة , واستخدمت
سلاح الطائفية في احتكار السلطة والاستحواذ على جميع مفاتيحها بانتهاج سياسة الاقصاء والتهميش والاحتراب والتطاحن مما اوقع البلاد في ورطة وازمة سياسية خانقة تهدد التجربة الديموقراطية الهشة في الوقوع في نفق مظلم .. ومارست
وخنقت حرية التعبير والرأي الاخر واحتكرت الاعلام الرسمي الذي صار شبيه الى حد بعيد باعلام النظام المقبور يمجد بأيات التمجيد القائد الاوحد .. وكما قمعت المظاهرات السلمية التي طالبت في تخفيف حدة البطالة في وسط الشباب
وتوفير العدالة في التوظيف في مؤسسات الدولة , وتشجيع ودعم اعادة تشغيل المعامل والمصانع المغلقة وقمعت هذا التعبير الانساني بالدم في ساحة التحرير والمدن العراقية الاخرى , وحرضت وشدت همم الاجهزة الامنية التي يتحكم في
مفاصلها ايتام النظام السابق في متابعة ورصد التحركات الجماهيرية واخمادها في المهد , تاركة الساحة او الشارع العراقي مفتوح بكل حرية الى عصابات الجريمة والارهاب ان ترتكب الجرائم المروعة بحق المواطنيين بين فترة واخرى
دون عقاب او حساب مهددة استقرار البلاد  وانزلاقه الى الهاوية وبعودة الفتنة والاحتراب الطائفي البغيض الذي يدفع ثمنه المواطن البسيط . ان الاحزاب الطائفية التي وقعت في دوامة العنف السياسي فقدت الشعور والحس الوطني ومزقت
المسؤولية الوطنية في تنافسها السيء على السلطة والنفوذ . وفضلت مصالحها الذاتية والنفعية وفوق اي اعتبار اخر وسعيها المحموم في فرض نظام الحكم وفق مشيئتها ورغبتها الطائفية مهما كان الثمن .. كما صرح احد احزابهم
الطائفية بما يسمى ( حزب الله العراقي ) الذي يمول ويدعم من الاطراف الدينية في ايران, ويتلقى التوجيهات والتوصيات والمواقف السياسية من مالكيهم في ايران .. اكد زعيم هذا الحزب دون خجل او رياء اودون متابعة قانونية او محاسبة
قضائية . بان هدفه السامي هو تحقيق الدولة الدينية ( ثيوقراطية ) وان الديموقراطية هي نتاج غربي هدام مبني على الكفر والالحاد وان القيم الاسلامية بعيدة عن القيم الديموقراطية الذي يحاول البعض فرضها وتيسيرها في المجتمع العراقي
المسلم . بهذه التخبطات والتهريجات البهلوانية المنافية للاعراف والقيم الحضارية وهي تمثل التيار الظلامي والهمجي الذي يسعى الى تمزيق الوحدة واللحمة الوطنية والاجتماعية ويدعو الى التخندق في جبهات متحاربة ويسلب   ارادة
الشعب في السلم والتعايش والاخاء الاجتماعي وهدفه اعادة العراق الى احضان الدكتاتورية بثوب جديد ( الدكتاتورية الدينية ) .. وكذلك ساهمت احزاب الطائفية (شيعية - سنية ) في شيوع ظاهرة الفساد بشكل حاد , وبضياع المليارات
الى جهات مجهولة , وصارت تملك امبراطوريات اعلامية ضخمة ( المسموعة والمقروءة والمرئية ) بعدما كانت في السابق تعاني من العوز المادي وضعف الامكانيات . والان دخلت في قائمة اصحاب الملايين على حساب الشعب
الذي يعاني الفقر والجوع والحرمان




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18448
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28