• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة في كتاب (عالم الفتوّة) لمؤلفه الدكتور علي القائمي .
                          • الكاتب : علي الجبوري .

قراءة في كتاب (عالم الفتوّة) لمؤلفه الدكتور علي القائمي

 كل ما يمكن أن نفهمه عن عالم الفتوة وما يرافقه من تغييرات حياتية وسلوكية، نجدها في كتاب (عالم الفتّوة) للمؤلف الدكتور علي القائمي، والذي ننصح بقراءته ليأخذنا معه في عالم جديد مررنا به دون أن نلحظه أو يلاحظنا الآخرون لتشعّب جوانبه، ونتمنى أن يقرأه الآباء والمربون لكي يتقربوا أكثر من أولادهم الناشئين ويتعرفوا على متطلباتهم الواجبة خلال هذه المرحلة الرابطة بين الطفولة والشباب، أنها (عالم الفتوة).

ويستعرض الكاتب (القائمي) في كتابه الذي يستهدف فيه الفئة العمرية (12 – 18) سنة، التحدث عن أهمية سنين الفتوة والخصائص الفردية والاجتماعية وكذلك الخصائص الأخلاقية والمعنوية للناشئين وما يعانونه من مصاعب ومشكلات، وإن الكثير من الآباء بحاجة إلى أن يعلموا ما هو الجيل الذي يتعاملون معه وما هي الطرق والأساليب التي عليهم أن يستخدموها في مجال تربيته.
ويقسم المؤلف كتابه إلى أربعة عشر بابا تحوي فصول متفرقة لمواضيع مهمة تمس حياة هذه الفئة العمرية، حيث يتناول الباب الأول موضوع (الفتوة وأهميتها) ويشير فيه إلى إنّ "البلوغ والفتوة يعتبران مصطلحان مترادفان في لغة العرف ويتم استخدام احدهما بدل الآخر، في حين إنهما يختلفان عن أحدهما الآخر؛ لأن البلوغ هو الحالة والوصفية التي تظهر في مرحلة الفتوة، وبعبارة أخرى فإن البلوغ يطلق على التغيير في مرحلة الفتوة".
إن "الفتوة تعرّف تغييراً عميقاً يظهر لدى الأفراد ويخرج بسببها الطفل من أجوائه ويدخل عالم أفراد أكبر منه سناً، والفتوة مرحلة من النمو يعتبر فيها التغيير أمر جاد ومؤد، ومنذ بداية الفتوة وخاصة منذ بداية البلوغ يتعرض الفرد إلى تغيير مستمر ويواجه في هذا الصدد الفرد والآخرون صعاب ومشكلات تستمر حتى تمر سنتان أو ثلاث سنوات على الفرد في مرحلة ازدهار بلوغه وفتوته ويصل إلى حالة من التوازن.
وتستمر هذه العوامل والظروف حتى الأعوام الأخيرة من السنين العشرة الثانية حيث يكمل النمو البدني إلى حد ما وتستمر بعد ذلك إلى حد ما، ويكون توهجه قليل وعلائمه غير محسوسة وفي أواخر هذه المرحلة تحصل للفتى أحياناً قضية ودافعاً يمكن على ضوئه إدراك أنه لم يصل بعد إلى مرحلة النضج.
ويقول أيضاً في الباب الأول بأن "الدخول في مرحلة الفتوة وخاصة الدخول في عالم البلوغ ونضج العدد، مدعاة لظهور تغييرات في المطالب والأفكار والطرق والأساليب والتصرفات، وكافة هذه الأمور تبين مرحلة مرور وفي هذه المرحلة تتغير الحياة الرتيبة للفرد وتحصل له أجواء مختلفة".
وعلى صعيد علم النفس في هذه المرحلة، فيبين الكاتب بأن الإنسان في مرحلة الفتوة ليس طفلاً حتى يتصرف مثل الأطفال وليس فتىً حتى يصدر عنه سلوك شبيه بسلوك كبار السن، بل تصدر منه دوماً سلوكيات لا يمكن تعريفها ولذلك يسمى بـ (المراهق).
وعلى مستوى مفهوم الفتى في الثقافات المختلفة فهنالك اختلاف بين المجتمع القديم والجديد، حيث يختلف شكل التفكير في المجتمعات المختلفة ويؤثر هذا الاختلاف في كيفية التعامل مع الناشئ واستقلاله أو تبعيته.
ويتناول الكاتب موضوع مراحل عمر الإنسان في المنظار الإسلامي؛ ويستعرض فيه قول الإمام الرضا (عليه السلام) بأن "الطفولة تمتد من الولادة حتى سن الخامسة عشر وهي كلها جمال ونشاط، أما الفتوة فتمتد من سن الخامسة عشر حتى الخامسة والثلاثين وهي مرحلة القوة والقدرة، ومن سن الخامسة والثلاثين حتى سن الستين هي مرحلة الحكمة والمعرفة والتفكير بالعاقبة وصدق الرأي وثبات القلب وهدوء التفكير ورصانته، وتأتي من بعدها مرحلة الكهولة وهي مرحلة ضعف وذبول القوى البدنية.
كما ويؤكد الكاتب على موضوع حساسية مرحلة الفتوة، ويجد بأنها مرحلة والدة جديدة تظهر فيها أكمل الخصائص الإنسانية، وفيها تكوين نمو البدن وتبلور العقل والتجربة والبحث عن النظام النفسي للناشئ وتوجيه العواطف.
أما في الباب الثاني فيتناول الكتاب موضوع النمو البدني لدى الفتى ويتحدث فيه عن التغييرات الخارجية والداخلية ومنها النمو البدني الذي تظهر أول آثاره منذ سن 11-12 ويستمر بسرعة حتى حوالي سن الخامسة عشر، حيث ينمو الجسم ويختلف من الذكور والإناث، كما إن هنالك تغييرات حياتية وينمو بالتدريج نشاط الغدد والغرائز الباطنية والتي تكون عواملها في ذات كيان الإنسان وتظهر إلى الخارج، يرافقها التغير في الطول والوزن وظهور الصفات الجنسية الأولية والثانوية.
كما إن الناشئين يصلون في معادلة النمو إلى البلوغ العاطفي والاجتماعي والأخلاقي والاقتصادي والسياسي وتلعب الهرمونات الجنسية في تحديد نمو رغبات ونظرات ومواقف الناشئين وتغير عالمهم، ويجب أن يتخذ الوالدان والمربون موقفهم من الناشئ.
ويبين الكاتب في موضع آخر الظروف الحياتية والبدنية التي يعترض لها الناشئ، حيث تقترن حياته بمصاعب وعدم نظم وأحياناً بإثارة مشكلات لنفسه ولآبائه ومربيه، وتؤثر التغييرات الفيزيولوجية الناجمة عن وضع النمو في هذه المرحلة من العمر على نظام بدن الفرد وحتى إنها تغير الظروف المتعلقة بدوران الدم والمخ وسلسلة الأعصاب وجهاز الهضم.
وتؤدي التأرجحات المختلفة في حياة الناشئ أحياناً إلى إخراجه من حالة الاعتدال وهي كثيرا ما يشتكي الآباء منها، إلا إنها كلها حقائق تعبر عن الأوضاع البدنية والنفسية غير المنظمة لدى الناشئ.
وفي الباب الثالث يدخلنا الكاتب إلى موضوع آخر، أنه الخصائص الذهنية لدى الناشئ، والتي تتضمن ذكائه وفكره وحب الإطلاع لديه وبماذا يفكر هذا الفرد الصغير، التخيل، اكتشاف المواهب والقدرات الكامنة، حيث تحدث تغييرات فكرية وعقلية ترافق التغييرات الفيزيولوجية لدى الناشئ ولابد من تحديدها واستثمارها نحو الصواب.
أما الباب الرابع فيتلخص في الخصائص العاطفية التي تظهر لدى الناشئ سواء من الذكور أو الإناث، فهنالك تغيير في العواطف تختلف عن مرحلة الطفولة ويحصل فيها تنوع وتعقيد أكثر وتظهر فيها انتقالات تصبح شديدة وإفراطية أحياناً، وهنالك نمو في العواطف بعضها إيجابية (الحب، المودة، الجمال) وأخرى سلبية (الغضب، الهيجان، الحياء، المنازعات، البكاء والحزن، الأهواء العابرة التي لا أساس لها)، وتتبعها الخلل في العواطف وسببه (الخوف، الاضطراب، القلق، عدم الشهية العصبية).
وباب خامس مهم يتناول فيه الكاتب (القائمي) الأبعاد النفسية لدى الناشئ، حيث يقول بأنّ "البعد النفسي والذي يعتبر من أهم الأبعاد الوجودية للإنسان ويتطلب دراسة جميع الجوانب النفسية لسنين الناشئ التي يلاحظ فيها تغيير واضح، والتي تتضمن (الإدراك، الإرادة واتخاذ القرار، الحرية والاستقلال، الأبعاد الإنسانية السامية).
وقد لا يكون النمو النفسي منسجماً مع النمو البدني مما يؤدي غلى تعرض التكيف الاجتماعي للناشئ إلى الخطر أحياناً، ويكون نموه البدني سريع إلى درجة بحيث يمكن أن يدخل إلى عالم الكبار دفعة واحدة ولكن نموه النفسي ليس بهذه السرعة لأنه ينبغي أن يحصل على علم وتجارب وهذا أمر تدريجي.
أما موضوع الدين والفتى، فيبين الكاتب بأنّ "الميول الدينية والمظاهر الإيمانية تظهر لدى الأفراد منذ السنين الأولى لمرحلة الفتوة وهذا لا يختص في منطقة أو بلد دون غيره بل هي قضية عامة وتتعلق بكافة الناشئين، حيث ينشط لديهم الميل إلى الطهر، ويظهر لديهم حب الله ويكونون على استعداد للتضحية بأنفسهم من أجل المقدسات وهذا ما ندركه من خلال قراءاتنا لتاريخ الثورات الروحانية وحركات الأنبياء".
أما عن حالات الخلل والأمراض النفسية فيركز الكاتب على بعض الجوانب التي تفشل شخصية الناشئ وهي (الكآبة والانزواء، الأمراض، الحرمان).
وبالنسبة للأبواب الأخيرة من الكتاب فتتخلص في سلوكيات الناشئ ودور التربية في خلق وصقل شخصيته إضافة إلى التمسك بالتقاليد والأعراف لكي يحصل الناشئ على تربية جيدة وتجارب تؤهله لدخول مرحلة الشباب.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18079
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19