• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فرطنا و فرطا و مفرطون في القرآن الكريم (ح 1) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

فرطنا و فرطا و مفرطون في القرآن الكريم (ح 1)

قال الله سبحانه وتعالى عن فرط ومشتقاتها "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا" ﴿الكهف 28﴾ فرطا اسم، فُرُطًا: ضياعا وهلاكا، فُرطا: متروكاً، تَرك فيه الطاعة و غَفَل عنها، أو ندماً، أو مُضَيَّعاً متهاوناً به، أو إسرافاً و تضييقاً، أو تضيقاً و هلاكا، و قيل: هي من التفريط الذي هو التقصير، واصبر نفسك -أيها النبي مع أصحابك مِن فقراء المؤمنين الذين يعبدون ربهم وحده، ويدعونه في الصباح والمساء، يريدون بذلك وجهه، واجلس معهم وخالطهم، ولا تصرف نظرك عنهم إلى غيرهم من الكفار لإرادة التمتع بزينة الحياة الدنيا، ولا تُطِعْ من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه، وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا، فَرطنا: أغفلنا، تركنا، ضيعنا، قد خسر الكفار الذين أنكروا البعث بعد الموت، حتى إذا قامت القيامة، وفوجئوا بسوء المصير، نادَوا على أنفسهم بالحسرة على ما ضيَّعوه في حياتهم الدنيا، وهم يحملون آثامهم على ظهورهم، فما أسوأ الأحمال الثقيلة السيئة التي يحملونها، و "قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ ۚ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ" ﴿الأنعام 31﴾ فَرَّطْنَا: فَرَّطْ فعل، نَا ضمير، فرطنا فيها: قَصَّرنا و ضَيَّعنا في الحياة الدنيا، على ما فرَّطنا: قصَّرنا، قد خسر الكفار الذين أنكروا البعث بعد الموت، حتى إذا قامت القيامة، وفوجئوا بسوء المصير، نادَوا على أنفسهم بالحسرة على ما ضيَّعوه في حياتهم الدنيا، وهم يحملون آثامهم على ظهورهم، فما أسوأ الأحمال الثقيلة السيئة التي يحملونها.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: كان موسى و هارون قلقين من أنّ هذا الرجل فرعون القوي المتغطرس المستكبر، الذي عمّ رعبه و خشونته كلّ مكان، قد يقدم على عمل قبل أن يبلّغ موسى عليه السّلام و هارون عليه السّلام الدعوة، و يهلكهما، لذلك‌ قالا "رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى" (طه 45)‌. يفرط من مادّة فرط على وزن شرط أي السبق و العجلة، و لذلك يقال للشخص الذي يردّ محلّ الماء أوّلا: فارط. فرط تعني التجاوز عن الحد، و كل شي‌ء يخرج عن حدّه و يتحول إلى إسراف يقال له فرط "وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" (الكهف 28). تبور من البوار و هو فرط الكساد، و لمّا كان فرط الكساد يؤدّي إلى الفساد، عبّر بالبوار عن الهلاك "يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ" (فاطر 29). وقوله عز من قائل "وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ"‌ (النحل 62) أي: من المتقدمين في دخول النّار. و المفرط: من فرط، على وزن فقط بمعنى التقدم. وقوله تبارك وتعالى "وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ‌" (يوسف 80) فرّطتم من مادّة تفريط و أصله من فروط على وزن شروط، و معناه التقدّم، و لكن حينما يكون من باب التفعيل يأخذ معنى القصور في التقدّم، و حينما يكون من باب الأفعال افراط يأخذ معنى الإسراف في التقدّم و التجاوز عنه. وفي الحكمة: لا افراط ولا تفريط. لا فرق بالنتيجة بين من غرق في عبادة التجميل و الزينة، و بين من أهملها و عاش حالة الجفاف الجمالي، لأنّ الأوّل مارس الإفراط الباعث على تلف رأسماله و بات سببا في إيجاد الفواصل الطبقية المصاحب لقتل كل ما يمت للمعنويات بصلة، و الثّاني مارس التفريط الباعث على الخمود و الركود. فالإثنان معا عملا بما لا ينبغي أن يعمله أي إنسان ذو فطرة سليمة بكافة أبعادها.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: فرط "يفرط علينا" (طه 45) يعجل إلى عقوبتنا، يقال: فرط يفرط إذا تقدم أو تعجل، وأفرط يفرط: إذا أسرف، وفرط يفرط تفريطا: إذا قصر، ومعناه كله التقدم بالشئ، و "يفرطون" (الانعام 61) بالتشديد يقصرون، وقوله: "وهم لا يفرطون" (الانعام 61) لا يضيعون ما أمروا، ولا يقصرون فيه، و "فرطنا فيها" (الانعام 31) قدمنا العجز فيها، والضمير للحياة الدنيا وإن لم يجر لها ذكر للعلم بها، أو للساعة أي قصرنا في شأنها، و "ما فرطنا في الكتاب من شئ" (الانعام 38) أي ما تركنا، ولا ضيعنا، ولا أغفلنا و "ما فرطتم في يوسف" (يوسف 80) أي ما قصرتم في أمره، و "فرطت في جنب الله" (الزمر 56) وفي ذات الله واحد، و "مفرطون" (النحل 62) بالفتح أي متركون منسيون في النار، ومفرطون: بكسر الراء مسرفون على أنفسهم في الذنوب، و "فرطا" (الكهف 28) سرفا، وتضيعا، وقيل: ندما.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179467
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28