تارةً يكون الغنى والكمال من ذاتيات الشخص وأنه حائز على مقوّمات وأسباب ذلك الغنى والكمال .. كالجمال الحقيقي غير المستعار وكالغنى الناشىء من القدرة على العمل وكالنجاح الذي سببه اجتهاد الشخص وعبقريته .. وتارةً يكون الغنى عن هبة او صدقة ، والجمال عن استعمال المستحضرات ، والنجاح عن مجاملة أو صدفة ..
الأول يدوم ويطول مقامه بينما الثاني سريع الزوال والارتحال .

ثم أن مشكلة أخرى تواجه الكمال الأول رغم ثباته نسبياً وطول فترة بقاءه مقارنةً بالآخر ، هو أن كل شيء في هذا العالم تحكمه صفة التغير ، ولا تفارقه هذه الصفة لانه كما يقال حادث وكل حادث متغير ، ولهذا فإن التمام والكمال بنفسه يعتبر حدّاً فاصلاً للتغير وأذناً للنقص ، لأن التامّ لا سبيل له للتغير الا النقص ..!

ولهذا المعنى يشير أحمد شوقي وهو يصف فتاة النيل التي كانت تُقدّم قرباناً لنهر النيل من أجل استمرار جريانه - لعلها أسطورة - :

ونجيبة بين الطفولة والصبا
عذراء تشربها القلوب وتعلق

كان الزفاف إليك غاية حظها
والحظ إن بلغ النهاية موبق

والشاهد ( والحظ ان بلغ النهاية موبق ) بمعنى أن الحظ عندما يكتمل يبني بنفسه حاجزاً عن الغاية ..

الا عطاء الله ، فإنه عطاء غير منقوص .. بل يقبل الزيادة ( وزدني من فضلك يا كريم ) كما في أدعية رجب الأصب .