عند المتتبع لسير العظماء الذين لهم تأثير بارز وشاخص في الساحة العلمية تجدهم على قدر عالي من الهمة والمواظبة والجد والاجتهاد في العزم الحثيث لخدمة الشرع وإمعان النظر الدقيق ورفع الالتباس والاشتباه الذي يحصل لدى المؤمنين فنراهم يعملون ويوجهون ويرشدون وقبل كل شيء يحرصون على أداء الأمانة على أكمل وجة ومن هؤلاء مفخرة زمانه وقدوة الأعلام من أقرانه وصاحب الأثر السديد في طلابه آية الله الاعظم العلامة الشيخ مرتضى الأنصاري "طيب الله ثراه"ونحن نعيش ذكرى رحيله نستذكر فضله وأسهاماته العلمية التي ميزت عصره والى اليوم أراءه محل أنظار أكابر الطائفة من الفقهاء والأساتذة وطلبة العلم فقد كان له الدور البارز والبصمة الرائدة في تطوير علم أصول الفقة لما نحن عليه الآن من خلال رسائله النفيسة وأبحاثه الجليلة التي نسخ فيها الكثير مما لاثمرة فيه وأوقف النزاع فيه كالنقاش في مسائل الأنسداد والانفتاح فقد كان له فصل الخطاب فيها بعد أن أخذت هذه المسألة الحيز الكبير عند المتقدمين وكثر الكلام حولها وكذلك ترتيبه وتنظيمه لبعض أبواب الأصول وفتح الباب للبحث في مسائل لم تبُحث سابقا فيه فأخذت هذه الأسهامات الأصداء الواسعة في زمانه وطلابه وبعضها الى اليوم يبُحث فيها هذا وناهيك عن الردود التي وضعت حدا لبعض الأتجاهات الفكرية التي تأخذ المنحى الأخباري حينها فرد الكثير من دعاواهم ووضع أُسس البناء العلمي الأصولي الرصين والذي وصل الى قمته في عصرنا حيث سار بهذا الاتجاة مسير المحقق الماهر والفقية النبية والأستاذ الحريص فربى كوكبة من الأساطين وأهل الفن البارعين كما أنه توسع في فروع المعاملات بكتابه النفيس الجليل المكاسب وأضاف فروضا كشف فيها اللثام وشمر عن الساعد الهمام فرأيناه فقيها حاذقا دقيقا ممارسا فارسا شجاعا في رد الفروع الى أصولها من خلال الأستلالات العميقة والظواهر الرشيدة حائزا على الملكة القدسية بجداره كل هذا ولم يتجاوز عمره الشريف السبعين عاما فقد أدركه الحمام وهو دون ذلك، أما معنوياته وتقواه فقد كان من الأوحديين في زمانه في الورع والتقوى والزهد وقد نُقل عنه في الثابت الصحيح الكثير من المواقف التي تؤيد هذا المعنى رضوان الله عليه ورزقنا الله شفاعته وبركاته حيث فاضت روحة الطاهرة في مثل هذه اللحظات في يوم ١٨جمادي الآخر من عام ١٢٨١