• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكلمات المتشابهة في القرآن الكريم (جاء و أقبل) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

الكلمات المتشابهة في القرآن الكريم (جاء و أقبل)


قال الله سبحانه وتعالى عن جاء ومشتقاتها "فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ" ﴿يوسف 96﴾ جاء فعل، فلما أن جاء من يُبشِّر يعقوب بأن يوسف حيٌّ، وطرح قميص يوسف على وجهه فعاد يعقوب مبصرًا، و "فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ" ﴿الحجر 61﴾ فلما وصل الملائكة المرسلون إلى لوط، قال لهم: إنكم قوم غير معروفين لي، و "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" ﴿النحل 61﴾ ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك، ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم، فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا، ولا يتقدمون، و "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا" ﴿الإسراء 5﴾ فإذا وقع منهم الإفساد الأول سَلَّطْنا عليهم عبادًا لنا ذوي شجاعة وقوة شديدة، يغلبونهم ويقتلونهم ويشردونهم، فطافوا بين ديارهم مفسدين، وكان ذلك وعدًا لا بدَّ مِن وقوعه؛ لوجود سببه منهم، و "إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" ﴿الإسراء 7﴾، و "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" ﴿الإسراء 81﴾ وقل أيها الرسول للمشركين: جاء الإسلام وذهب الشرك، إن الباطل لا بقاء له ولا ثبات، والحق هو الثابت الباقي الذي لا يزول، و "وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا" ﴿الإسراء 104﴾ فإذا جاء وعد الآخرة: أي الساعة، جئنا بكم لفيفا: جميعا أنتم وهم، وقلنا من بعد هلاك فرعون وجنده لبني إسرائيل: اسكنوا أرض الشام، فإذا جاء يوم القيامة جئنا بكم جميعًا مِن قبوركم إلى موقف الحساب.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا" ﴿النساء 41﴾ تشير إلى مسألة الشهود في يوم القيامة فتقول: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى‌ هؤُلاءِ شَهِيداً و هكذا يكون نبي كل أمّة شهيدا عليها، مضافا إلى شهادة أعضاء الإنسان و جوارحه، و شهادة الأرض التي عليها عاش، و شهادة ملائكة اللّه على أعماله و تصرفاته، و يكون نبيّ الإسلام صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو آخر أنبياء اللّه و رسله و أعظمهم، شاهدا على أمّته أيضا، فكيف يستطيع العصاة مع هذه الشهود إنكار حقيقة من الحقائق، و تخليص أنفسهم من نتائج أعمالهم. ثمّ إنّ نظير هذا المضمون قد جاء أيضا في عدّة آيات قرآنية أخرى، منها الآية (143) من سورة البقرة "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا"، و الآية (89) من سورة النحل "وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ"، و الآية (78) من سورة الحج "وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ".
قال الله سبحانه وتعالى عن أقبل ومشتقاتها "وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ" ﴿القصص 31﴾ أقبل فعل، ناداه ربه: يا موسى أقبل إليَّ ولا تَخَفْ، إنك من الآمنين من كل مكروه، و "قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ" ﴿يوسف 71﴾ وأقبلوا: الواو حرف عطف، أقبل فعل، وا ضمير، قال أولاد يعقوب مقبلين على المنادي: ما الذي تفقدونه؟ و "وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ" ﴿يوسف 82﴾ أقبلنا: أقبل فعل، نا ضمير، واسأل يا أبانا أهل مصر، ومَن كان معنا في القافلة التي كنا فيها، وإننا صادقون فيما أخبرناك به، و "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ" ﴿الصافات 27﴾ وأقبل بعض الكفار على بعض يتلاومون ويتخاصمون، و "فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ" ﴿الصافات 50﴾ فأقبل: الفاء حرف عطف، أقبل فعل، فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن أحوالهم في الدنيا وما كانوا يعانون فيها، وما أنعم الله به عليهم في الجنة، وهذا من تمام الأنس، و "فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ" ﴿الصافات 94﴾ فأقبلوا: الفاء حرف استئناف، أقبل فعل، وا ضمير، فأقبلوا إليه يَعْدُون مسرعين غاضبين، و "فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ" ﴿الذاريات 29﴾ فأقبلت: الفاء حرف استئناف، أقبلت فعل، فلما سمعت زوجة إبراهيم مقالة هؤلاء الملائكة بالبشارة أقبلت نحوهم في صيحة، فلطمت وجهها تعجبًا من هذا الأمر، وقالت: كيف ألد وأنا عجوز عقيم لا ألد؟ و "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ" ﴿الطور 25﴾ وأقبل أهل الجنة، يسأل بعضهم بعضًا عن عظيم ما هم فيه وسببه، و "فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ" ﴿القلم 30﴾ فأقبل: الفاء حرف عطف، فأقبل بعضهم على بعض، يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيِّئ.
وردت أقبل ومشتقاتها في القرآن الكريم: قَبْلِكَ، قَبْلِكُمْ، قَبْلُ، يُقْبَلُ، قَبْلِهِم، تَقَبَّلْ، قِبْلَتِهِمُ، الْقِبْلَةَ، قِبْلَةً، قِبْلَتَكَ، قَبْلِهِ، قَبْلِنَا، فَتَقَبَّلْ، فَتَقَبَّلَهَا، بِقَبُولٍ، قَبْلِي، يُتَقَبَّلْ، قُبُلًا، وَقَبِيلُهُ، وَأَقْبَلُوا، أَقْبَلْنَا، قَبْلِهَا، وَتَقَبَّلْ، مُتَقَابِلِينَ، قَبِيلًا، وَقَبْلَ، تَقْبَلُوا، أَقْبِلْ، وَأَقْبَلَ، فَأَقْبَلَ، فَأَقْبَلُوا، وَقَابِلِ، نَتَقَبَّلُ، مُسْتَقْبِلَ، وَقَبَائِلَ، فَأَقْبَلَتِ. جاء في معاني القرآن الكريم: قبل يستعمل في التقدم المتصل والمنفصل، ويضاده بعد، وقيل: يستعملان في التقدم المتصل، ويضادهما دبر ودبر. هذا في الأصل وإن كان قد يتجوز في كل واحد منهما.
حاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى: "فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ" (الصافات 94) الزف والزفيف الإسراع في المشي أي فجاءوا إلى إبراهيم والحال أنهم يسرعون اهتماما بالحادثة التي يظنون أنه الذي أحدثها. وفي الكلام إيجاز وحذف من خبر رجوعهم إلى المدينة ووقوفهم على ما فعل بالأصنام وتحقيقهم الأمر وظنهم به عليه‌السلام مذكور في سورة الأنبياء. قوله تعالى "وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ" (يوسف 82) أي وأسأل جميع من صاحبنا في هذه السفرة أو شاهد جريان حالنا عند العزيز حتى لا يبقى لك أدنى ريب في أنا لم نفرط في أمره بل أنه سرق فاسترق. فالمراد بالقرية التي كانوا فيها بلدة مصر على الظاهر وبالعير التي أقبلوا فيها القافلة التي كانوا فيها وكان رجالها يصاحبونهم في الخروج إلى مصر والرجوع منها ثم أقبلوا مصاحبين لهم ، ولذلك عقبوا عرض السؤال بقولهم "وَإِنَّا لَصادِقُونَ" أي فيما نخبرك من سرقته واسترقاقه لذلك، ونكلفك السؤال لإزالة الريب من نفسك.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=176816
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 12 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29