• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كركوك على نار ملتهبة .. من المسؤول ؟ .
                          • الكاتب : نبيل القصاب .

كركوك على نار ملتهبة .. من المسؤول ؟

 شاء من شاء .. وأبى من أبى .. في كركوك هناك قوميتين رئيسين , الكورد والتركمان , ولايمكن أن نؤمن بعربية كركوك نهائيا ً , وتعرضت المدينة الى التعريب من قبل المستعمرين  وبمساعدة الحكومات المتعاقبة في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية . لكن النظام البعثي تعامل بشكل أخر بعد تأميم شركات النفط في العراق , وصدام المقبور نفذ خططه بدقة وقام بتصدير العرب في مدن ووسط العراق الى كركوك بالألوف وأعطاهم الأراضي والبيوت  والسيارات والوظائف ومنحة العشرة ألف وجندهم في فرق الحرس الجمهوري . ومقابل ذلك قام بتهجير مئات الألوف من الكورد واعتقال المئات بسبب وبدون سبب , وأبسط التهم كان الانتماء الثورة الكوردية والتعاون مع البيشمه ركه , وفي نفس الوقت أعتقل المئات من أهالي كركوك التركمان وبتهم ملفقة بحجة كونهم رجال المخابرات التركية أو انتمائهم الى الاحزاب القومية واحزاب الكمالية . وتمكن أنذاك المئات من  الهروب الى تركيا والوصول الى أوروبا . وتفرغ البعثية بتعريب المدينة بكل حرية من دون أن يجد أية مقاومة أو تدخل دولي .

 

تكرر الأحداث في الآنتفاضة الباسلة عام 1991 ولكن بنوع أخر , وتم أعتقال المئات في المدينة عدا العراقيين العرب المستوردين . وأعدموا ودفنوا  في مقابر جماعية من دون معرفة أحد , وساقوا الأخرين الى معسكرات الاعتقال في تكريت وبغداد ومات الأكثرية تحت التعذيب أو من الخوف أو من قسوة التعامل . وفي نفس الوقت لاننسى بسالة وشجاعة الكورد والتركمان في السيطرة على المدينة وأقتحام معسكر خالد وتحرير السجناء في دوائر الامن والمنظمة الشمالية وتحرير المدينة في يوم نوروز.

 

بعد الأحداث المؤسفة أنذاك وعودة قوات الحرس الجمهوري بالتعاون مع مرتزقة منظمة مجاهدى خلق الايرانية  والتعاون السري لقوات التحالف انذاك من خلال اتفاقيات مبرمة لأجل المصالح وتوزيع الثروات النفطية , في نفس الوقت أنخدع القيادة الكوردية مرة أخرى بوعود التحالف الدولي وسحبوا القوات  بعد ان حرروا مدينة كركوك , وكان بأمكانهم البقاء في المدينة والسيطرة الى الأبد , وهذه حقيقة معروفة للجميع . لكن القيادة الكوردية أراد أنذاك التهدئة وعدم اعطاء الفرصة للمزيد من الاعمال الوحشية للحرس الجمهوري لأهالي المدينة . ولكن هؤلاء الاوغاد لم يرحموا بل استمروا في احراق المدينة وواصلوا زحفهم الى مدينة اربيل وفي طريقهم اعدموا المئات من اهالى القرى والنواحي من الكورد والتركمان وبالأخص في ناحية التون كوبرى والتاريخ شاهد على ذلك , وعند عودتهم الى مدن كوردستان هرب حوالي مليون شخص الى دول الجوار تركيا وايران . انذاك أحس العالم بالخجل وقاموا بالتدخل من اجل حفظ ماء الوجه , بعد نصف قرن من جرائم البعثية السفلة ومن معهم ,  الذبح والقتل والنهب والحرق . عاد الأكثرية  الى العراق وبقي الألوف في الدولتين , وهاجر الألوف الى دول العالم عبر قبول منظمة الأمم المتحدة أو عبر الهجرة الغير الشرعية , لكن هناك لحد الآن الألوف الباقية غرباء هناك .

 

لو رجعنا قليلا ً الى أحداث لا أود نهائيا ً التطرق له , احداث 1959 وأستشهاد 29 تركمانيا ً غدرا ً على خلفية مؤامرة محاكة من اطراف دولية واقليمية وداخلية انذاك , ومن ثم تبادل الاتهامات بين الاخوة الكورد والتركمان وتبرئة العرب بكل وقاحة , ولم يفكر احدا ً أن هناك خفايا واسرار .

 

بعد عرض  الاحداث بشكل مختصر أود أن اوضح ان نفس الظروف والمقومات تتحضر للمدينة من قبل الحكومة وجهات اخرى من أجل ايقاع الكورد والتركمان في مواجهة غير متكافئة في يومنا هذا , واؤكد للجميع واحذر ان كركوك على نار ملتهبة والطبخة على النار . لآننا كنا ننتظر من الحكومة المركزية الهشة والقيادات السياسية لمختلف القوميات أيجاد الحلول المناسبة من أجل التعايش الأخوي للجميع في المدينة ولاسيما أن الدستور كان الحد الفاصل بين الجميع . ومنذ تحرير العراق عام 2003 لم نرى خطوة أيجابية واحدة نحو الافضل لوضع كركوك وهناك مد وجزر في علاقات الحكومة مع الاخرين .

 

ان الفتنة كانت نائمة ولكن الباشا نوري المالكي ايقضها بزيارته الخبيثة مع شلة من الوزراء ومرتزقته الى كركوك من اجل تحريك الاخوة الكورد وزرع الفتنة بين الكورد اولا ثم بين الكورد والتركمان وبعد ذلك العداء بين الكورد والعرب والتفكك بين التركمان انفسهم , والسبب معلوم من اجل اضعاف جميع الاطراف وانشغالهم بالامور الداخلية واستمرارية حكمه ودكتاتوريته بعنجهية والسيطرة على واردات النفط في العراق بشكل عام وكركوك بشكل خاص .

 

الأخوة التركمان انخدعوا بالزيارة بكل صراحة , والبعض نفذ ما كان يحلم به الباشا المالكي وتجاوز كل الاعراف السياسية ونسي التعايش والمصير المشترك للكورد والتركمان وأعلن ان كركوك خط احمر للتركمان وقال الاخر المدينة تركمانية والبعض منهم هلل وزغرد ووزع الحلوى فرحا ً بقدوم الباشا واعتبره الفاتح الاوحد , والبعض الاخر اعتبر زيارة باشا بالتاريخية , وهناك من اصدر بيانا ً بالمناسبة . وفي المقابل قام الاخوة الكورد بأرسال نائب رئيس الحكومة في اقليم كوردستان وعدد من الوزراء للمدينة , وقام البعض باعادة نفس الادعاءات بكوردية كركوك ونفس التصرفات للآخوة التركمان , وهكذا تأجج الوضع ونال الباشا ماأراد .

 

لم يفكر التركمان قبل كل هذا وذاك ولم يسألوا انفسهم  لماذا يزور الباشا كركوك في هذا الوقت بالذات ؟ أين كان الباشا منذ 2003 أو لنقول منذ تسلمه السلطة ؟ وماذا فعل لمدينة كركوك وأهالي المدينة ؟ غير الانفجارات والاغتيالات والقتل العمد , والمستهدفين هم الكورد والتركمان والأرمن والمسيحيين . هل سألوا الباشا لماذا لايتم تعيين اهالي المدينة في الوظائف ؟ ويتم تعيين العراقيين من مدن أخرى ؟ ماذا فعل للتركمان حتى يتعاملوا مع الباشا هكذا ؟ هل من المعقول لم يفكروا حساسية الوضع للأخوة الكورد ؟ لماذا لم يفكر البعض بمصير القومية التركمانية في كركوك واربيل والموصل وتلعفر ؟ وفكروا فقط في مصالحهم الشخصية ؟

 

للحقيقة والتأريخ أقول زيارة الباشا عمل أنشقاقا ً في أراء الكورد والتركمان في المدينة , ولكن الكورد تمكنوا من لملمة الانشقاق وفهموا حزورة الباشا بسرعة وقضوا على الفتنة والتفرقة , لان بينهم تحالف قوي وحكومة أقليم كوردستان وتوزيع مناصب في الحكومة المركزية , لكن الأخوة التركمان تفككوا , وكل شيء واضح من خلال تفاوت الآراء والتصريحات , وكل جهة سياسية يؤيد شرعيته ويدعّون انهم الجهة الشرعية الوحيدة المتمثلة للتركمان . لكن اين التحالف والموقف الواحد للتركمان ؟ أين الجبهة التركمانية أيام زمان ؟ ولماذا تلاشت أصوات التركمان على حساب الطائفية والمذهبية ؟ ومصالح شخصية فقط . لماذا لم يحلل البعض من التركمان  الاتحاد والتعاون مع العرب في كركوك ويحرم على الكورد ؟ لماذا يتقربون من العرب اكثر من الكورد ؟ لماذا يتحدث التركمان عن اخطاء التاريخ واحداث ملفقة للكورد ولايتحدثون عن جرائم البعثية والعرب ويتحدث التركمان عن تكريد كركوك ولايتحدثون نهائيا عن قرن من تعريب الحكومات في كركوك ؟ يتحدثون عن احداث بسيطة وجانبية من الكورد ولايتحدثون عن من يقوم بالاغتيالات والانفجارات التي تطال التركمان والكورد والمسيحيين . ورأى الباشا التقارب بين الجبهة التركمانية والقيادة الكوردية واعادة افتتاح فرع الجبهة في اربيل , لهذا فكر في الفتنة .

 

لو ان الحكومات المتعاقبة منذ تحرير العراق عام 2003 كانوا مخلصين للتركمان والكورد وكركوك , ولو كان شخص المالكي مخلصا ً للتركمان وكركوك لكان زار كركوك من سنوات واهتم بالنهضة والعمران , وعين اهالي كركوك في دوائر كركوك .

لو كانت الحكومة الوطنية مخلصة للعراق لكانوا متفقين مع شركائهم في الحكومة . والجميع يعلم لاحل لمدينة كركوك بدون الكورد بعيدا ً عن تركمانية وكوردية كركوك .

وعلى الجميع التوجه الى  السلام والحوار دون تأجيج الأوضاع , وزرع الفتنة بين اطياف المدينة . ورؤية الاخرين في موقف الضعف . والتصرف بعقلانية ولو حصل شيء لاسامح الله فلا يمكن اطفاء نار الحرب الاهلية في كركوك لان نار الحرب اكبر من نار بابا كركر وتحترق كركوك والخاسرين معروفين سلفا ًواولهم العرب المستوردين  .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=17478
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28