• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كلمات متشابهة في القرآن الكريم (المكيال والميزان) (ح 2) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

كلمات متشابهة في القرآن الكريم (المكيال والميزان) (ح 2)

قال الله سبحانه عن الميزان "وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" ﴿الأنعام 152﴾، و "وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" ﴿الأعراف 8﴾ فاحدى كفتا الميزان الاعمال الحسنة الثقيلة والكفة الثانية الاعمال السيئة الخفيفة، و "وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ" ﴿الأعراف 9﴾ هنالك خسارة مادية واخرى معنوية، و "وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الأعراف 85﴾ لا تبخسوا اي لا تنقصوا الوزن وهو نوع من انواع الفساد وهو عكس الاصلاح، و "وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ" ﴿هود 84﴾ الميزان والمكيال يحددان السرقة كما هو حال اهل مدين، والذي يسرق الف غرام يختلف عن سارق 500 غرام.
ذكر الكيل والميزان في عدة آيات من القرآن الكريم تتضمن تحري العدل في الموازين والمعاملات بين الناس ترغيبًا وترهيبًا. قال الله تعالى"كيل بعير" (يوسف 65) و "وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ" (الاسراء 35) التقدير اقرب للمكيال، والقياس اقرب للميزان، و "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مظاهر عدل الله مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ" (لقمان 16)، و "قالوا نَفقِدُ صُواعَ المَلِكِ وَلِمَن جاءَ بِهِ حِملُ بَعيرٍ وَأَنا بِهِ زَعيمٌ" (يوسف 72)، و "فأوف لنا الكيل" (يوسف 88) والآية في سياق الآيات في سورة يوسف تعني الاشياء الزراعية كالقمح والبر. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (يحشر الخائن في الوزن والكيل في قعر جهنم بين جبلين من نار، ويقال له زن هذين الجبلين فهو دائما مشغول بوزنهما).
جاء في في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي قوله تعالى: "وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ" (هود 85) الخ، الايفاء إعطاء الحق بتمامه والبخس النقص كرر القول في المكيال والميزان بالأخذ بالتفصيل بعد الاجمال مبالغة في الاهتمام بأمر لا غنى لمجتمعهم عنه، وذلك أنه دعاهم اولا إلى الصلاح بالنهي عن نقص المكيال والميزان، وعاد ثانيا فأمر بايفاء المكيال والميزان ونهى عن بخس الناس أشياءهم إشارة إلى أن مجرد التحرز عن نقص المكيال والميزان لا يكفي في إعطاء هذا الامر حقه وإنما نهى عنه اولا لتكون معرفة إجمالية هي كالمقدمة لمعرفة التكليف تفصيلا بل يجب أن يوفى الكائل والوازن مكياله وميزانه ويعطياهما حقهما ولا يبخسا ولا ينقصا الأشياء المنسوبة إلى الناس بالمعاملة حتى يعلما انهما اديا إلى الناس أشياءهم وردا إليهم مالهم على ما هو عليه. وقوله: "وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" ﴿هود 85﴾ قال الراغب: العيث والعثى يتقاربان نحو جذب وجبذ إلا ان العيث أكثر ما يقال في الفساد الذي يدرك حسا والعثى فيما يدرك حكما يقال: عثى يعثى عثيا، وعلى هذا "وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" ﴿هود 85﴾ وعثا يعثو عثوا. وعلى هذا فقوله: "مُفْسِدِينَ" حال من ضمير "لَا تَعْثَوْا" لإفادة التأكيد نظير ما يفيده قولنا: لا تفسدوا إفسادا. والجملة أعني قوله: "وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" ﴿هود 85﴾ نهى مستأنف عن الفساد في الأرض من قتل أو جرح أو أي ظلم مالى أو جاهي أو عرضى لكن لا يبعد ان يستفاد من السياق كون الجملة عطفا تفسيريا للنهي السابق فيكون نهيا تأكيديا عن التطفيف ونقص المكيال والميزان لأنه من الفساد في الأرض.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَن غشنا فليس منّا)، و (من غش مسلماً في شراء أو بيع فليس منا). اي ان الغشاش ليس مسلم حقا لان مصالح الناس او العامة تأثرت بسبب غشه. وقال ايضا (ومن غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه وأفسد عليه معيشته ووكله إلى نفسه). والنقص في المكيال او الميزان نوع من انواع الغش عند عدم معرفة المشتري بالتلاعب. ويأتي الغش ايضا ما يخلط من الرديء بالجيد بحيث لو علم المشتري بذلك لما اشترى البضاعة. ويطلق على الغش بالغل والحقد، وقد يكون البائع حاقدا على المشتري فيغش في بضاعته. أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر على صُبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً. فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟) قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني)، وفي رواية (من غشنا فليس منا)، وفي رواية (ليس منا من غشنا). جاء في القاموس المحيط، أن الغش نقيض النُّصح، وغَشّه: لم يمحضه النصح وأظهر له خلاف ما أضمَر، والخيانة أيضاً نقيض النصح. والخوْن أن يؤتمَن الإنسان فلا ينصح.
من الانبياء الذين قصتهم تتعلق بالمكيال والميزان هو النبي شعيب عليه السلام "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (الاعراف 85). قال الله جل جلاله "بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ" (هود 86) مصطلح بقيت الله عن لسان النبي شعيب عليه السلام، حيث ان كل نبي في قومه هو بقيت الله و قبلها آيات حول قومه الذين افسدوا في المكيال "وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (86)" (هود 84-86) وهي رسالة الانبياء التبليغ والهداية وليست السيطرة على اقوامهم، كما قال الله سبحانه حول نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم "قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ" (الاحقاف 9).
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=174744
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 11 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19