• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءاتٌ جريئةٌ في قَضايا خِلافِيَّة! .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

قراءاتٌ جريئةٌ في قَضايا خِلافِيَّة!

[الجُزء الأَوَّل]

١/ لن تُحقِّق الحراكات [الثَّورات والإِنتفاضات] الشعبيَّة أَهدافها في الإِصلاحِ والتَّغييرِ إِلَّا إِذا خطَّطت لاستحضارِ [٣] شرُوطٍ أَساسيَّةٍ؛

أ/ أَن يكونَ الحراكُ وطنيّاً [وليس فِئويّاً] أَو على الأَقل يسعى ليكُونَ كذلكَ بِخُططٍ يكسب بها ثقةَ الشَّارع، ليشملَ كُلَّ المواطنين بغضِّ النَّظر عن خلفيَّاتهِم وشامِلاً فلايقتصر على مناطقَ جُغرافيَّة مُحدودة دونَ غيرِها، خاصَّةً عندما يكُونُ كُلَّ الشَّعبِ مُتضرِّراً من السِّياساتِ الفاسِدة.

ب/ أَن تستمرَّ حتَّى تحقيق أَهدافها المرسُومة وذلكَ بالتسلُّح بالصَّبرِ والمُثابرة فلا يتوقَّف أَو يتلكَّأ لأَيِّ سببٍ كانَ، كأَن تخدعهُ وعُود السُّلطة مثلاً أَو يتأَثَّر سلباً بالإِعلامالأَصفر الذي تبثُّهُ شبكات الذُّباب الأَليكتروني الذي تُديرهُ وتموِّلهُ الزَّعامات السياسيَّة الفاسِدة والفاشِلة أَو غيرِ ذلكَ.

ج/ أَن يكونَ واضح الأَهداف ومُحدَّد الخطَوات التي يصل بها إِلى الهدف ويُحقِّق فيها غاياتهُ.

أَهُوَ ضدَّ الدُّستور أَم ضدَّ القوانين التي يُشرِّعها البرلمان؟! ضدَّ البرلمان أَم ضدَّ الحكومة؟! ضدَّ النِّظام بقضِّهِ وقضيضهِ أَي أَنَّهُ يُريد تحقيق إِنقلاب سياسي كامِل أَمضدَّ الطَّبقة السياسيَّة الحاكِمة؟!.

وهكذا عليهِ أَن يُحدِّد أَهدافهُ بشكلٍ دقيقٍ وواضحٍ.

كما أَنَّ عليهِ أَن يُدوِّن رُؤيتهِ لمرحلةِ ما بعدَ التَّغييرِ والإِصلاحِ، وطبيعةِ أَدواتهِ، لنعرفَ ما إِذا كانَ الحراكُ سياسيَّاً حقيقيّاً أَم أَنَّهُ أَقرب إِلى الفوضى منهُ إِلى النِّظام؟!.

بعدَ ذلكَ ستتبلور قيادتهِ ومُؤَسَّساتهِ بشكلٍ كبيرٍ يُساهمُ في إِقناعِ الأَغلبيَّة الصَّامتة أَوَّلاً وكُلَّ شرائح المُجتمع ثانياً بضرورةِ دعمهِ والإِلتفافِ حولهُ ومساعدتهِ في حركتهِالرَّامية إِلى تحقيقِ الإِصلاحِ والتَّغيير، وتقديرِ تضحياتهِ الجِسام التي يُقدِّمها من أَجلِ هدفٍ مُقدَّسٍ يخُصُّ الجميع.

وبقراءةٍ سريعةٍ لكُلِّ التَّجاربِ القديمةِ والمُعاصرةِ ستتأَكَّد لنا هذهِ الرُّؤيةِ بشكلٍ واضحٍ لا لبسَ فيهِ.

أَعتقد الآن باتَ واضحاً وبإِمكانِنا معرفةِ الجوابِ على السُّؤالِ التَّالي؛ لماذا لم تنجح كُلَّ الحراكاتِ التي شهدتها البِلاد منذ التَّغيير عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن؟! على الرَّغمِمِن عِظَمِ التَّضحياتِ التي جادَ بها العراقيُّونَ!.

٢/ هذهِ ليست المرَّة الأُولى التي تضع [الكُتلة النيابيَّة الشيعيَّة] نفسها تحتَ مِطرقة شُركائها في العمليَّة السياسيَّة، والسَّبب الأَوَّل والأَهم هو تفتُّتها دائماً لدرجةٍ أَنَّهاكانت وما زالت كبيرةٌ بالعددِ صغيرةٌ بالإِرادةِ، كما يصفها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لَكَثِيرٌ فِي الْبَاحَاتِ قَلِيلٌ تَحْتَ الرَّايَاتِ}.

هي، إِذن، كُتلةٌ كبيرةٌ لكنَّها مشلُولةٌ، لا تتفاوض معَ الشُّركاء، وإِنَّما يملُونَ عليها شرُوطهُم في كُلِّ مرَّةٍ!.

لكنَّ الإِطار [هذهِ المرَّة تحديداً] كانَ بإِمكانهِ أَن يتجاوز الحالة المأساويَّة لَو أَنَّهُ اغتنمَ الفُرصة التي منحها لهُ الصَّدر عندما خيَّرهُ عدَّة مرَّات بينَ أَن يُشكِّل هوَ الحكُومةويذهب الإِطار للمُعارضةِ أَو بالعكسِ، أَن يُشكِّل الإِطار الحكُومة ويذهب التيَّار للمُعارضةِ.

فلو اغتنمَ الإِطارُ وقتها الفُرصة لوفَّرنا وقتاً ودماً وسُمعةً ولكانت كُلَّ القِوى الشيعيَّة الآن [المُوالاة والمُعارضة] تحتَ قُبَّة البرلمان وبالتَّالي تفرملَ الضَّغط الذي يتعرَّض لهُمَن يُشكِّل منهُم الحكومة بوجودِ الثَّانية المُعارِضة التي ستُشكِّلُ مصدّاً لمُحاولاتِ الإِبتزازِ مِن قِبلِ [الشُّركاءِ].

أَمَّا الآن وقد انتقلَ التيَّار إِلى الشَّارع فلم يعُد أَمامَ الإِطار إِلَّا أَن يقبلَ بِكُلِّ إِملاءات الشُّركاء مهما كانت قاسيةً بعدَ أَن كشفَ ظهرهُ لهُم، وإِلَّا فإِنَّهم سيُلوِّحونَ لهُ بالثُّلثِالمُعطِّل قبل تشكيلِ الحكومةِ وبعرقلةِ الأَغلبيَّة غَير المُريحة للإِطارِ بعدَ تشكيلِ الحكومةِ! خاصَّةً في تمريرِ التَّشريعاتِ الإِستراتيجيَّةِ التي تحتاج [لتمريرِها] إِلى الثُّلُثَينِكالإِتفاقيَّات الإِستراتيجيَّة معَ دُول العالَم والميزانيَّة وغيرِها.

لقد كانَ الإِطارُ يصِرُّ وقتها على أَن تتشكَّل الحكومة من التيَّار والإِطار أَو لا أَحدَ منهُما يُشكِّل الحكومة بمُفردهِ، على العكس من رُؤيةِ التيَّار الذي كانَ يتبنَّى فِكرة أَنيُشكِّل أَحدهما الحكومة، فماذا كانت النَّتيجة؟!.

إِنسحب التيَّارُ من البرلمان لينتقلَ إِلى الشَّارع، فيما يُحاوِلُ الإِطار تشكيلَ حكومةٍ بمُفردهِ من دونِ التيَّار!.

وبرأيي فإِنَّ الإِطارَ خائِفٌ من التقدُّم إِلى الأَمامِ بهذهِ الخُطوةِ لأَنَّهُ سيتحمَّل كامِل المسؤُوليَّة بمُفردهِ إِذ لم يجِد وقتَها بجانبهِ مَن يرمي الحِملَ على كاهلهِ ويتملَّص منالمسؤُوليَّة إِذا ما فشِلت حكومتهِ!.

٣/ لا يختلف إِثنان على أَنَّ الذي أَسَّسَ النِّظام السِّياسي الحالي هوَ [المُحتل] الذي غزا البِلاد عام ٢٠٠٣ وأَسقطَ الدَّولة كُلَّها [وليس النِّظام السِّياسي فقط] وفكَّكَأَجهزتها ومِن ثُمَّ أَعاد بِناءها بنظامِ الكانتُوناتِ الذي أَلغى معيار [المُواطنةِ] لصالحِ الإِنتماءاتِ الطَّائفيَّةِ بكُلِّ عناوينِِها بمُساعدةِ القُوى السياسيَّة الحاليَّة وعلى رأسِهاالشيعيَّة والكُرديَّة التي توافقت معهُ قبلَ الإِحتلال على الأُسُس العريضة للنِّظام أَو قُل للدَّولة الجديدة والتي تمَّ النَّصُّ عليها في قانُون إِدارةِ الدَّولةِ أَوَّلاً ثُمَّ في الدُّستور فيمابعدُ!.

كانَ مِن المُفترض على هذهِ القُوى السياسيَّة أَن تُصحِّح جَوهر العمليَّة السياسيَّة ومسارات بناء الدَّولة يومَ أَن تركَ الغُزاة البلاد في [٣١ كانُون الأَوَّل ٢٠١١] وهوَ اليَومالذي أَطلقَ عليهِ القائد العام للقوَّات المُسلَّحة وقتها [المالكي] تَسمِية [إِنجاز أَهلُ الغيرة]!.

إِلَّا أَنَّنا لم نلمِس منها أَيَّة مُحاولة جادَّة لتغييرِ أَيِّ شيء، بل على العكس من ذلكَ فلقد رأَيناها تتخندق في كانتوناتِها وتُكرِّس الطَّائفيَّة بشَكلٍ مُرعبٍ حتى وصلَ حالُالبلدِ إِلى ما نراهُ اليَوم، فلا الدُّستور أَعادُوا النَّظرَ فيهِ على الرَّغمِ من أَنَّهم جميعاً يُقِرُّونَ بأَنَّهُ ملغُومٌ! ولا المُحاصصة حاولُوا التخلُّص منها بشَكلٍ من الأَشكال والتي يقولُونَعنها بأَنَّها أُسُّ البلاءِ وجَوهرُ الدَّاءِ! ولا الطَّائفيَّة خفَّفُوا من توحُّشِها وتغوُّلِها! ولا أَيِّ شيءٍ آخر.

بل أَنَّهم زادُوا الطِّين بِلَّة كما يقُولُ المثَل عندما أَصرَّ صاحب تسميةِ [إِنجاز أَهل الغيرة] على تضمينِ إِتفاقيَّة الإِطار الإِستراتيجي المُوقَّعة بينَ بغداد وواشنطُن بالنَّصِّعلى أَنَّ الولاياتَ المُتَّحدة الأَميركيَّة مسؤُولةٌ عن حمايةِ النِّظام السِّياسي والعمليَّة الديمقراطيَّة في العِراق!.

حتَّى إِذا حلَّ العام ٢٠١٤ واحتلَّ الإِرهابيُّونَ نِصفَ الأَراضي العراقيَّة بسببِ فسادِ وفشلِ صاحبِ [الإِنجازِ] أَعلاهُ وانشغالهِ بالقِتالِ على جبهةِ [الولايةِ الثَّالثةِ] طلبَ[زعيم أَهل الغيرة] من واشنطن إِعادة إِرسال عشرات الآلاف من قُوَّاتِها المُسلَّحة إِلى البِلاد والتي اشترطت عليهِ منحهُم أَوَّلاً حصانةً كاملةً قبل الإِقدامِ على أَيَّة خُطوة! وهذا ما حصلَ بالفعلِ فلقد وافقَ [صاحِب الغيرة] على الشَّرط بمنحهِم تأشيرات دخُول ديبلوماسيَّة مازالُوا يتمتَّعُونَ بها في دخولهِم وخروجهِم العراق!.

لقد قضى [صاحبُ الغيرة] على [إِنجازِ أَهلِ الغيرة] يَومَ أَن فقدَ [نُقطة الغيرة] من جبينهِ ليستمرَّ النِّظام السِّياسي الذي بناهُ الغُزاة على حالهِ إِلى الآن من دونِ أَنيتغيَّر أَو يتُمَّ إِصلاح أَيِّ شيءٍ فيهِ!.

لماذا؟!.

لقد تعرَّضت الكثير من الدُّوَل إِلى الغزوِ والإِحتلالِ في فترةٍ من فتَراتِ تاريخِها، إِلَّا أَنَّ إِرادةً وطنيَّةً يتسلَّح بها الزُّعماء الوطنيُّون تُغيِّرُ كُلَّ شيءٍ فتُعيدَ الأُمور إِلىنِصابِها!.

فلماذا لم يحصل هذا الشَّيء في العِراق؟!.

لقد انقسمت القُوى السياسيَّة على نفسِها بينَ مَن كانَ يسعى لتغييرِ [اللُّعبة] التي حدَّد [المُحتل] شِكلها وطبيعتها وحدُودها، وعلى رأسهِم التيَّار الصَّدري الذي لميشترك في كُلِّ مُفاوضات [قُوى المُعارضة] معَ الأَميركان قبلَ أَن يذهبُوا معَ البريطانيِّين لغزُو العِراق، وبينَ مَن يتظاهر بأَنَّهُ يسعى للتَّغيير ولكنَّهُ في حقيقةِ الأَمر يعمل علىتثبيتِ أَركان النِّظام بنفسِ الأَعمدةِ التي بناها الإِحتلال، وعلى رأسِ هذه القُوى السياسيَّة [حزب المالكي والمجلس الاعلى (تيَّار الحِكمة حاليّاً) والحِزبَين الكُرديَّينِالدِّيمقراطي والإِتِّحاد].

ولذلكَ تُلاحظ أَنَّهم، وعلى الرَّغمِ مِن كمِّ اللِّجان النيابيَّة وغَير النيابيَّة الخاصَّة التي تمَّ تشكيلها خلالَ العقدَين الماضِيَينِ بهدف إِعادة النَّظر بالدُّستور أَو في أُصولِاللُّعبةِ، إِلَّا أَنَّها كُلَّها لم تُنتِج شيئاً وقد تركت أَوراق محاضِر إِجتماعاتِها على الرَّفِّ، ليتبيَّنَ فيما بعدُ أَنَّها ليست أَكثر من محاولاتٍ لذرِّ الرَّماد في العيونِ والتَّظاهُرِ بكَونِهاتُريدُ الإِصلاح!.

فلماذا، إِذن، لم تسعَ القِوى السياسيَّة لإِصلاحِ النِّظام السيِّاسي لتُنقِذَ البلاد من تبِعاتِ [هيكلةِ المُحتل] للنِّظامِ الحالي؟!.

٤/ إِنَّ التَّخادُم [السرِّي] سابقاً [العلني] اليَوم بينَ القُوى السياسيَّة الشيعيَّة والكرديَّة الأَربع من جهةٍ و [الغُزاة] من جهةٍ ثانيةٍ هو الذي يدفعها للحرصِ على عدمِ تغييرأَيَّ شيءٍ من هندسةِ البناء الذي أَقامهُ [المُحتل] بعد إِسقاط نظام الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين في ٢٠٠٣.

مثلاً؛ هل سمِعتم أَنَّ زعيماً وطنيّاً [مُقاوِماً] وصفَ عمليَّة غزو بلادهِ من قبلِ قوَّاتٍ أَجنبيَّةٍ فكَّكت الدَّولة ودمَّرت بُناهُ التحتيَّة بأَنَّهُ [عملٌ مُقدَّسٌ]؟! ثمَّ يشكُر [الغُزاة] الذين[اختلطت دماءهُم بدماءِ شعبهِ] على حدِّ قَولهِ ويُضيف مُخاطِباً [الغُزاة] [أَعدكُم بأَنَّ العراقيِّين سوفَ لن ينسُوا تضحياتِكُم من أَجلِ مُساعدتهِم في بناءِ نظامٍديمقراطيٍّ]؟!.

أَكيد لم تسمعُوا بذلكَ ولم تقرأُوا أَو تشاهدُوا مثل هذا لا في الأَفلامِ ولا في المُسلسلاتِ والرِّواياتِ، العربيَّةِ منها والهِنديَّة والتركيَّة والأَجنبيَّة!.

إِلَّا أَنَّنا سمِعنا هذا النَّوع من الخطابِ [الذَّليلِ والمُبتذلِ] على لسانِ زعيمِ أَعرق حزبٍ [دينيٍّ] مُقاوِم ومُناضل في العراق، تستلِم زعاماتهِ بدَل [الخِدمة الجهاديَّة] وأَقصدبهِ [نوري المالكي] وهذا مِصداقٌ واحدٌ من مصاديقِ التَّخادم بينهُ وبينَ [الغُزاة]!.

أُنظرُوا؛ حتَّى في الشِّعارات المُخادِعة والبرَّاقة سبقهُم الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين الذي نجحَ في تقديمِ نفسهِ للرَّأي العام على أَنَّهُ يقودُ مُقاومةً ضدَّ الوِلاياتِ المُتَّحدة و[إِسرائيل]!.

فكيفَ تريدهُ [وبقيَّة زُملاءهُ] أَن يبذُلَ جُهداً لتغييرِ اللُّعبة التي رسمَ خارطتها [المُحتل] بطريقةٍ تبقى فيها البِلاد قلِقَة وغَير مُستقِرَّة؟!.

حتَّى [إِنجاز أَهل الغيرة] تبيَّنَ فيما بعدُ أَنَّهُ لم يكُن أَكثر من شعارٍ إِنتخابيٍّ رفعهُ المُوما إِليهِ لخداعِ السذَّج والمُغفَّلينَ من العراقيِّينَ، إِذ لم يكُن هناكَ تحرُّراً حقيقيّاً،فالقوَّات الغازية التي ادَّعى أَنَّهُ أَخرجها من البابِ أَعادها إِلى البلادِ مرَّةً أُخرى بعدَ أَقل من [٣] سنواتٍ ولكن هذهِ المرَّة من الشبَّاك وبقرارٍ منهُ!.

الجدير بالذِّكرِ هُنا أَنَّ الإِتِّفاق الذي كانَ قد وقَّعهُ المُوما إِليهِ صاحب نظريَّة [بعد ما ننطيها] مع الأَميركان قضى ببقاءِ [٥٠] أَلف جُندي أَميركي بعدَ التَّاريخ الذي تدخُلفيهِ الإِتفاقيَّة الأَمنيَّة بين واشنطُن وبغداد حيِّز التَّنفيذ [٣١ كانون الاول ٢٠١١] لولا فَوز المرشَّح الديمقراطي وقتها في سباقِ الإِنتخاباتِ الرئاسيَّة باراك أُوباما والذي كانقد بنى قُصَّة حملتهِ الإِنتخابيَّة على فكرةِ سحبِ كُلِّ قوَّات بلادهِ من العراق!.

لذلكَ كانَ قرارهُ بسحبِ عديدِ الـ [٥٠] أَلف من العراق مُفاجئاً حتَّى للقائد العام للقوَّات المسلَّحة وقتها!.

كما أَنَّ حِرص القُوى السياسيَّة للبقاءِ في السُّلطةِ بعد كمِّ الفساد المالي والإِداري المُرعب [خَوفَ المُلاحقاتِ القانونيَّة والقضائيَّة] والذي يتستَّر عليهِ [المُحتل] كجُزءٍ منحالةِ التَّخادم بينَ الطَّرفَينِ على الرَّغمِ من معرفتهِ بكُلِّ تفاصيلهِ الدقيقة، هو أَحد أَسباب عدم سعيِها لإِصلاحِ النِّظامِ السِّياسي والإِبقاءِ على كُلِّ تفاصيلهِ!.

هذا وغيرهُ هو الذي دفعَ هذهِ القُوى السياسيَّة للتَّباين في موقفِها من فكرةِ إِعادة النَّظر بهندسةِ [المُحتل] للنِّظام السِّياسي الحالي.

وبرأيي فإِنَّ العراق سيظل قلِقاً إِذا لم تتُم إِعادة النَّظر بالنِّظام السِّياسي بمُجملهِ وبطريقةِ بناء المُؤَسَّسات السياديَّة بعدَ كُلِّ عمليَّةٍ إِنتخابيَّةٍ.

٥/ وبرأيي كذلكَ فإِنَّ [شيعة السُّلطة] باعتبارهِم المُكوِّن الأَكبر الذي لهُ مصلحةً وطنيَّةً وتاريخيَّةً كبيرةً جداً في الديمقراطيَّة، إِرتكبُوا [٣] أَخطاء إِستراتيجيَّة ترقى إِلىمُستوى الجريمة أَضعفت جدّاً إِن لم أَقُل أَنهت وقضت على فُرص التَّأسيس للنِّظام الديمقراطي، وهي؛

أ/ قَبولهُم بـ [رابِعاً] من المادَّة [١٤٢] من الدَّستور والتي تنصُّ على أَنَّهُ [يكونُ الإِستفتاءُ على المواد المُعدَّلة ناجحاً بموافقةِ أَغلبيَّة المُصوِّتين، وإِذا لم يرفضهُ ثُلُثاالمُصوِّتين في ثلاث مُحافظات أَو أَكثر] وهي النِّسبة التي تُعادل [٨٪؜] فقط من مجموعِ الذين يُشاركُونَ في أَيِّ استفتاءٍ على التَّعديلات الدُّستوريَّة!.

هذا البند منحَ الكُرد والسنَّة فيتو على المُكوِّن الأَكبر، من جهةٍ، وحالَ دونَ القُدرةِ على أَيِّ تعديلٍ دُستوريٍّ مُحتمل من جهةٍ أُخرى.

إِنَّ كُلَّ دساتير العالَم تُدوَّن ويتمُّ تبنِّيها في ظرُوفٍ مُعيَّنةٍ ستتغيَّر بكُلِّ تأكيدٍ ولذلكَ نصَّت دساتير الدُّول على سياقاتٍ وقواعِد مُعيَّنةٍ عند الحاجةِ إِلى التَّعديل، وهذا أَمرٌطبيعيٌّ جدّاً في كُلِّ دُوَل العالَم، أَمَّا في العراق فإِنَّ عقبَة البند [ج] تحولُ دونَ أَيِّ تعديلٍ دستوريِّ إِلَّا بشِقِّ الأَنفُس!.

ب/ اللُّجوء إِلى القضاءِ لتفسيرِ نصِّ المادَّة الدستوريَّة رقم [٧٦] بشأن [الكُتلة النيابيَّة الأَكثرُ عدداً] بغيرِ ما قصدَها المُشرِّع عندَ كتابةِ الدُّستور!.

ج/ اللُّجوء مرَّةً أُخرى للقضاءِ لتشريعِ [الثُّلثِ المُعطِّل] والذي أَنهى أَيَّ معنىً لشيءٍ إِسمهُ [المُكوِّن الأَكبر] وما يُمثِّلهُ مِن [كُتلةٍ أَكبر] تحتَ قُبَّةِ البرلمان!.

هذهِ الأَخطاء المُرعبة تُدلِّل بما لا يقبل الشَّك على أَنَّ [شيعة السُّلطة] ينشغِلُونَ بملايين التَّكتيكات عندَ كُلِّ وِرطةٍ أَو مُعضِلةٍ فيُضيِّعُوا إِستراتيجيَّةً واحِدةً لا تُعادلها كُلَّالتَّكتيكات مهما عظُمت!.

إِنَّهُم يسيرُونَ خُطوةً إِلى حتفهِم مع كُلِّ أَزمةٍ!.

هي دليلٌ على أَنَّهم لا ينظرُونَ إِلى أَبعدِ من أَرنبةِ أُنوفهِم ولذلكَ يتعثَّرونَ في كُلِّ مرَّةٍ بأَذيالهِم وبأَشياءَ أُخرى لا مجالَ لذكرِها هُنا!.

كانَ عليهِم أَن لا ينسُجُوا حَولَ أَنفسهِم شرنقاتٍ يصعب عليهِم الإِنعتاقَ منها! فالأَغلبيَّة بطبيعتِها لا تحتاج إِلى [فيتو] أَو توافق مُطلق لأَنَّها بطبيعتِها [فيتو] كونهاالأَغلبيَّة، ولذلكَ تُلاحظ دائماً أَنَّ الأَقليَّة، مهما كانَ شِكلها ومهما كانت طبيعتها، هي التي تتحايل للحصُولِ على نوعٍ من [الفيتو] لعرقلةِ دَور ومكانة وتأثير الأَغلبيَّة!.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173688
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28