• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أّمُّ الرضيين ِ، أُمٌّ وقدوةٌ ورمز  .
                          • الكاتب : عبير المنظور .

أّمُّ الرضيين ِ، أُمٌّ وقدوةٌ ورمز 

 عظيمة النفس والسجايا والتقى والورع والنسب والمكانة والتأثير، شريفة من نسل الاشراف العلويين، وزوجها نقيب الطالبيين ابو احمد الحسين بن موسى وهي أم الرضيين الشريف الرضي والمرتضى علم الهدى. 

ذكرتها المصادر التاريخية -وان لم تفصّل في سيرتها وحياتها- وذكرت نسبها ومكانتها العظيمة بين الاشراف كما ذكرت ما رواه الشيخ المفيد حيث رأى (في منامه كأنّ فاطمة الزهراء بنت رسول الله ص دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ ، ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السلام صغيرين ، فسلّمتهما إليه وقالت له : علّمهما الفقه ، فانتبه متعجّباً من ذلك . 
  فلمّا تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا ، دخلت عليه المسجد فاطمة بنت الناصر ، وحولها جواريها ، وبين يديها ابناها محمّد الرضي وعلي المرتضى صغيرين ، فقام إليها وسلّم عليها ، فقالت له : أيّها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما لتعلّمهما الفقه ، فبكى أبو عبدالله وقصّ عليها المنام ، وتولّى تعليمهما الفقه ، وأنعمَ عليهما ، وفتح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا ، وهو باقٍ ما بقي الدهر)(١) 
ومن هذه الرواية تتبين مكانة هذه السيدة الجليلة التي لم تتوان عن تعليم اولادها خاصة اذا ما علمنا انها كانت حينها تعيش ازمة كبيرة بعد نفي زوجها واخيه الى بلاد فارس ومصادرة كل امواله وولداها في سن حرج في سن الفتوة فمانت لهم الام والاب والموّجه ونعم ما انجبت الشريف الرضي والمراضى خيرة علماء اهل زمانهما. 
وان لم يذكر التاريخ عنها اكثر من رواية الشيخ المفيد وتأليفه لكتاب عن احكام النساء لأجلها الا ان قصيدة ابنها الشريف الرضي التي رثاها بها تكشف لنا عن تفاصيل دقيقة في شخصيتها حريّ بكل أُم ٍ ان تتأملها جيدا لتعرف تأثير سلوك الام على الابناء وسنقتطف ابياتا منها : 
 
أنْضَيتِ عَــيْشَكِ عِفّـةً وَزَهادَةً * وَطُـرِحْـتِ مُثْقَلَةً مِـنَ الأعْبـاءِ 
بِصِيامِ يَـوْمِ القَيظِ تَـلْهَبُ شَمْسُهُ * وَقِيـامِ طُـولِ اللّيلَــةِ اللّيـلاءِ 
مَا كانَ يَوماً بالغَبينِ مَنِ اشتَرى * رَغْـدَ الجِنـانِ بِعَيشَـةٍ خَشْناءِ 
لَـوْ كَـانَ مِثْلَكِ كُـلُّ اُم ٍّ بَـرّةٍ * غَنِـيَ البَنُـونَ بِهـا عَنِ الآباء(٢) 
هنا نرى ورعها الذي اثر في ابنها كثيرا ونجد في ابيات اخرى كيف كانت له السند والحضن الذي يحتويه 
ِ 
كَيفَ السُّلُوّ وَكُلّ مَوْقِعِ لحظـة * أثَـرٌ لـفَضلِكِ خـالِدٌ بـإزَائـي 
فَعَلاتُ مَعرُوفٍ تُقِـرّ نَوَاظِـري * فَتَكُـونُ أجْلـَبَ جـالِبٍ لبُكـائي 
مَا مَاتَ مَـنْ نَزَعْ البَقَاءَ وَذِكْرُهُ * بـالصّالحاتِ يُعَـدّ فـي الأحْياءِ 
فَبـأيِّ كَـفٍّ أستَجِـنّ وأتّقـي * صَـرْفَ النّـوائبِ أمْ بَأيّ دُعاءِ 
وَمَنِ الـذي إنْ سَـاوَرَتْني نَكبَةٌ * كـانَ المُـوَقّي لي مِنَ الأسْواءِ 
أمْ مَـن يَلِطّ عَلـيّ سِتْرَ دُعائِـهِ * حَرَماً من البأساءِ وَالضّرّاءِ   
رُزْآنِ يــَزْدادانِ طُـولَ تَجَـدّدٍ * أبَدَ الزّمـانِ فَنَاؤهـا وَبَقـائي 
شَهِـدَ الخـلائِقُ أنّهَـا لَنَـجِيبَةٌ * بدَليلِ مَـنْ وَلَدَتْ مِـنَ النُّجَبَاءِ 
فِي كُـلّ مُظْلِمِ أزْمَـةٍ أوْ ضِيقَةٍ * يَبْدُو لهَـا أثَـرُ اليَـدِ البَيْضاءِ 
ذَخَرَتْ لَنا الذّكرَ الجَميلَ إذا انقضَى * مَـا يَـذْخَرُ الآبَـاءُ لـلأبْنَاءِ(٣) 
ترى اي ملكات نفسية وسلوك قويم اثرت به فاطمة بنت الناصر على اولادها ليجزع الشريف الرضي عليها هذا الجزع وهو الورع الذي لا يتكلم بعاطفة شاعر وانما يذكر الصفات الواقعية لامه التي كانت له ولأخيه الام الحنون والمربية الفاضلة والسند الذي عوضه عن حرمانه من ابيه في صباه وجعلت منه ومن اخيه علمين من اعلام العلم والمعرفة والتقى والورع لهما مكانة علمية واجتماعية مرموقة حتى وقتنا الحاضر، كما كانت لهما القدوة التي يفتخران بها وبأمومتها لهم، كما انها رمز لكل الامهات التي تؤثر بسلوكها القويم على اولادها وتجعل منهم رموزا على مر التاريخ. 
ترى هل اثّرت سيرتنا وسلوكنا كأمهات في اولادنا تأثيرا ايجابيا ام لا؟ وهل اعطينا الامومة حقها؟ وهل اصبحنا بأمومتنا رمزا لأولادنا والاجيال اللاحقة ونخرّج شخصيات فذة تخدم المجتمع لعصور وعصور؟   
     كيف واغلب امهات عصرنا عصر التطور والحضارة تحتاج الى اعادة تربية !!!! 
 
 
الهوامش: 
(١)اعلام النساء المؤمنات، ص٦٨٦. 
)٢)ديوان الشريف الرضي، ج١، ص١٩. 
(٣) المصدر السابق، ص١٩-٢٠.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173264
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29