• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كتب صفاتي هذه ووضعها في بيت لم يقرب ذلك البيت وباء ولا رصد راصد، ولا سحر ساحر، ولا غرق ولا شر ولا رهق، ولا يمس أهله فقر ولا تصيبهم مصيبة أبدا، ولا يزالون في السرور أبد الدنيا. ومن قرأها أو سمعها أو كتبها كان كمن حج أو اعتمر أو عتق رقبة، و صرف عنه شر الدنيا و عذاب الآخرة، وشر منكر و نكير في قبره. أو قُرِأَتْ على مريض عوفي ببركة محمد صلى الله عليه وآله و هذه هي الصفات الميمونة : (محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله ، خاتم النبيين ، و قائد الغر المحجلين ، و سيد جميع الأنبياء و المرسلين ، كان نبياً و آدم بين الماء و الطين ، رؤوف بالمؤمنين، شفيع المذنبين، مرسلٌ إلى كافة الخلق أجمعين كما قال الله تعالى : (ماكان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله و خاتم النبين) ، صاحب الحوض المورود، و المقام المحمود، واللواء الممدود، و الشفيع في اليوم الموعود، نبيٌ هاشمي ورسولٌ قرشي، و نبيٌ حرميٌ مكيٌ مدنيٌ أبطحيٌ تهامي، حَسَبُهُ إبراهيمي، و نَسَبُهُ إسماعيلي، و لِسَانُهُ عربي، و نُورُهُ قمري، و نبعته حجازية، وقلبه رحماني، رسولُ الثقلين، لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق، أبيض اللون، مليح الكون، مشرب الحمرة، مدور الوجه، أقنى الأنف، أَدْعَجُ العينين، أزج الحاجبين، أشعر الذراعين، براق الجبين، كحيل العينين، باسط اليدين، عظيم المنكبين، إذا قام بين الناس غمرهم بالقيام، و إذا مشى معهم كأنه سحاب مظلل بالغمام، مليح القدمين، صاحب قاب قوسين، نبي الرحمة، شفيع الأمة، عالي الهمة، طلق اللسان، جليل الذكر، جميل القدر، طيب العرق، حسن الخلق، حديد الطرف، جميل الأنام، حلو الكلام ، ركن الإسلام، يبدأ بالسلام، رسول الملك العلام، مفني البدائع، و مظهر الشرائع، فاسخ للملل والدول، كثير الحياء، واسع الصدر، دائم البكاء، كثير الذكر إلى الله تعالى، أمينُ ربِّ السماء.). قال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم (الا اخبركم باشبهكم بي اخلاقا؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال: احسنكم اخلاقا واعظمكم حلما وابركم بقرابته واشدكم انصافا من نفسه في الغضب والرضا)، و (حسن الخلق يثبت المودة).
كانت الجاهلية تتميز بقتل النفس بغير حق والتكبر والغرور والجهل وعبادة الاصنام التي لا تضر ولا تنفع حيث ظهر رجل من بينهم اخلاقه معاكسة لاخلاق قومه، و لكن جابهوه بالاذى وهو القائل صلى الله عليه وآله وسلم (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت) ولكنه صبر وتحمل حتى اصبح لهم اسوة حسنة، كل ذلك في سبيل مصلحتهم ليحصلوا على حسن الدنيا والآخرة "قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الممتحنة 4). قال نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم (خياركم احسنكم اخلاقا الذين يالفون ويؤلفون)، و (ان الله جعل قلوب عباده على حب من احسن اليها وبغض من اساء اليها).
ان الاخلاق العالية للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم دلالة من دلالات رسالته السماوية لامتلاكه صلى الله عليه وآله وسلم كل صفات الأخلاق في مجتمع بدوي يمتلك كل الصفات المعاكسة للاخلاق السامية قبل البعثة، بالاضافة الى تبيانه لمعلومات عديدة جدا من ايات القران الكريم بعد البعثة لا يمكن ان يتعلمها من مجتمع صحراوي جاهلي لا تتوفر فيه ابسط وسائل المعرفة، وأضف الى ذلك معجزاته وكراماته حيث كلها تؤكد على انه نبي مرسل، وليس كما يدعي البعض كونه عبقري ومصلح فقط كون المجتمع لا يمكن إطلاقا ان يولد العبقرية من مجتمع جاهل ولا الإصلاح من مجتمع فاسد. وكان مع هكذا مجتمع يرشدهم عن طريق المشارة ليثبت لهم اخلاقه الجاذبة وليس القرار الانفرادي كما قال الله سبحانه "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (ال عمران 159).
كان الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد على المحبة بين الناس فهي مفتاح الجنة وهو القائل (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)، و (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا). الصدقة ليس فقط اعطاء المال واطعام الطعام ولو انها من مصاديقها المهمة ولكن الصدقة كذلك كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة).
جاء في تفسير الميسر عن "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" (القلم 1): (ن) سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة. أقسم الله بالقلم الذي يكتب به الملائكة والناس، وبما يكتبون من الخير والنفع والعلوم. ما أنت أيها الرسول بسبب نعمة الله عليك بالنبوة والرسالة بضعيف العقل، ولا سفيه الرأي، وإن لك على ما تلقاه من شدائد على تبليغ الرسالة لَثوابًا عظيمًا غير منقوص ولا مقطوع، وإنك أيها الرسول لعلى خلق عظيم "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (القلم 4)، وهو ما اشتمل عليه القرآن من مكارم الأخلاق، فقد كان امتثال القرآن سجية له يأتمر بأمره، وينتهي عما ينهى عنه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173075
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28