• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : للفراق مذاق آلمي علقمي... مريام .
                          • الكاتب : عزيز الحافظ .

للفراق مذاق آلمي علقمي... مريام

لم تعهد نواظري...التي قلبّت كل قدوم لآمواج الإحزان وإستقبلتْ كل نوادر من موجات نزرة للافراح... غيظ فراق كظوم إلا لماما.. فقد أرسلت الاقدار والصدف  بمجنونية إلينا ،طفلة لم تكمل ربيعها الاول من خلف البحار  ضيفة على كل خلايا القلوب وشغافها وصدورها والعيون ومآقيها ومحاجرها وبؤبؤها وعدساتها وشبكياتها وأحداقها...... كانت هي تحتضنها قبل أن تمتد الايادي الحنونة  والاصابع المفتونة،متناغمة مع موسيقى خفية الهسيس تصاحب الدموع السواكب خلسة خفية تنهض للقاء محياها من أول طلُة ... هل لكونها تحمل وشما جراحيا في صدرها اللجيني السطوع  ينبئ عن اربع عمليات لقلبها  الصغير الصبور..المفتوح وفتحة جرح صاغها القدر بشكل ثغر  متبسم  جذلا لوجوه لايعرف كرموسومات التوريث معها...

ولجت مريام بعنف فرض بهاء سطوعها البريء... فور وصولها الوطن البعيد عن ديارها .. ليس دار أجدادها ودار طفولة أبوها الغائب الجسد الشاخص  نبض الحضور... بل إستمالت حتى الجدران لتكون شواهدا على إستقبالها مع كل نغمات الوداع المعزوفة خفية.. لإننا جميعا نعلم حتمية فراقها وحزائنية مغادرتها محملُة بإطنان جبال الشوق وتلال الحنان وهضاب المحبة وسهول سيول الدموع وصمت رقرقتها في المآقي... وهي تعتب على ذاك جري مضي الساعات في أيام بقائها القصيرة الأمد.. كركضة البريد الشهيرة...فقد سرقت منا مريام زمن الفرح بلقائها..بوجودها بيننا... ولكن بنغمة وداع ثقيل الوطأة... لإننا نعلم جميعا موعد رنين اجراس مغادرتها وعودتها لعش أبيها
أي عناء وإي ضنك وضناء كان يغلُف ثواني كل يوم نبتهج بسرورية وجودها معنا.. يالبهاء الإيام بوجودك يامريام...أيُ رحيق لعطرك الفوُاح سيغادرنا؟ كيف ستتحمل قلوبنا لظى فراقك الناقوسي؟ كم سنة وسنة وسنة ستمرُ بإيامها ولياليها وساعاتها وثوانيها وئيدة وئيدة وإنت لاتقوى يديك الصغيرتين وثغرك البسام على التلويح بوداعنا مبتعدة عن نواظرا تمنت الإختباء تحت بسمة من بسمات فرحك الجذول بنا؟ كيف لاتستوحشك عيوننا ولاتلجأ للتقّرح جفوننا؟ آه... كم نسائم على الذات هبُت بطلُتك .. وكم عواصف تقمصت زي الفراق وعواطف إنهمرت كشلالات دموع مدرارية  العلقم بالمذاق..
إختر أيُها القلم لا القلب الكتوم، ماشئت...سطّر ماتريد إحفر في تلافيف فؤادي بمنجل وداعها ،حرثك المطلوب...ولكن لاتجعلني سطرا في تمتمات وداعها المحتوم..لإن ليس لي قلبا يحمل قالبا للتحمل  يتوصف بكونكريت مواد البناء..فقد هشُمت امام نواظري ،مريام غصن وداعها فلم يكن  غصينهاإطروحة بسمة وداعي المخادعة...فبإي إنشودة  لمفردات الوداع والتلويح والقشفات والابتسام والدموع  والضٌم أتعلق؟ اي تراث عراقي صدوق الحزن أقلُب مواجعه يواسيني؟
للعطار متى الجيه؟ أو لفؤاد ودعونه؟ أم أم؟ وكل تراثنا أحزان غامقة الإنفراج!ولاول مرة أرى طفلة إسمها مريام بوداعتها تتقمص زي وردة تهشُم غصن وداعها بوداعنا تاركة لنا  مسراتا بحبورها وتحسراتا  لفراقها وآنينا  لذوبان مشهد ولوجها بهو مطار المغادرة متلاشية عن نواظرنا..وداعا ياكعبة بهجة الروح! كم بعدك للفرح تمر جنائزا وتنكتم زغاريدا وتشرع أوردة الجذل بالإنزواء خجلى من ذاك الوداع الابتهاجي لفراقك يا مريام.
عزيز الحافظ



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=17258
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20