• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : (المشروع التأسيس لعلم الاستغراب)  (تجارب استغرابية/ الغرب في مرآة الرحالة العرب والمسلمين/ مجموعة مؤلفين/ تحرير واعداد: محمود حيدر ) .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

(المشروع التأسيس لعلم الاستغراب)  (تجارب استغرابية/ الغرب في مرآة الرحالة العرب والمسلمين/ مجموعة مؤلفين/ تحرير واعداد: محمود حيدر )

المركز الاسلامي الدراسات الاستراتيجية/ اصدار مركز الفهرسة ونظم المعلومات التابع لمكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة).

 كتاب من الكتب المهمة يعرض تجارب جمع من المفكرين والعلماء والمؤرخين، من خلال رحلاتهم العابرة أو إقامتهم مدداً متفاوتة في البلدان الأوربية، شكلت هذه الظاهرة أحد أبرز معالم تعرف العرب والمسلمين على ديار الغرب ومجتمعاته، انطباعات تتعلق بخصوصية الحياة الغربية في ميادين الثقافة والاجتماع والسياسة والتقاليد الموروثة، في غاية الأهمية للتعرف على الأنماط والمناهج المؤسسة للحياة الغربية.
نظرات في جذور الظاهرة الاستغرابية/ مقاربة لإشكالية الذات بين الاكتشاف والانكشاف، الأستاذ محمد البنعيادي/ محاولة صياغة الحياة الإسلامية على النمط الغربي عبر مجموعة من الوسائل والأدوات، كان أهمها الاستشراق الذي فعل فعله في نخبة من مثقفينا دأب اكثرهم على كثير من القيم الإسلامية جراء الانبهار بـ(الآخر)، تأثير الإسلام على مراكز الضعف الثقافي والحضاري في أوربا، نتائجه حدوث ما يسمى بالاستيقاظ الاوربي، الذي توج بعصر النهضة الاوربية في ما بعد، إيجاد وسيلة الاستشراق، في تحصين الهوية الاوربية، ثم إيجاد مراجع علمية (مستشرقون) تستطيع تفسير بنية الإسلام الفكرية والاستفادة منها في البناء الحضاري الاوربي، وأصبح الاستشراق يمثل رأس الحربة في توجيه سياسات أوربا في مجالات متعددة، يفضي بنا الى المرحلة الثقافية، وتتميز فيها التغريب اذ تمكنت أوربا، توجيه طلائع المثقفين المغاربة الى الفكر والفلسفة الأوربية، عكست لحظة الدهشة واستعادة الوعي التي أعقبت لحظة الهزيمة والاكتشاف، لابد من:ـ ادراك خطورة وسر العلاقات غير المتكافئة، على مستقبل المغرب، فقه الاستراتيجيات التي جسدت هذا الادراك، واستحضار البعد الحضاري الذي قام به المغرب، والتمسك بالهوية والممانعة الإيجابية تجاه أوربا، قيام جهود تهتم بدراسة الغرب/ اوربا أو علم الاستغراب، تدرس الغرب في شتى جوانبه العلمية والاقتصادية والسياسية، وله أهداف وطموحات نافعة تحقق شروط العودة الإسلامية، استثمار متون الرحلة السفارية لإبراز حقيقة الانبهار بأوربا والشعور بالانتماء والتميز الحضاري والفكري للمغرب، في نقض مفاهيم وقيم اوربا، بروح علمية ورؤية تتوخى الفهم.
 بلورة رؤية علمية مؤمنة تتوخى الفهم العميق، بلورة رؤية علمية للتعامل مع اوربا، رؤية تؤسس أن يصبح الغرب عموماً وأوربا خصوصاً، موضوعاً للعلم بعد ما ظل مصدرا له لفترة طويلة.
  الاستغراب اذن، هو الاهتمام بدراسة الغرب من جميع النواحي العقدية،، تلك المحاولات التي قام بها المغاربة من خلالف سفرياتهم لدراسة الغرب ليس بهدف الفكري والثقافي، بل لتحصين الهوية المغربية الإسلامية وتأسيس علاقات سليمة وشاهدة مع أوربا كشفاً واستثماراً، ان يتدخلوا بإرادتهم للتأثير في صناعة حركة المستقبل، المستمدة من الرؤية المؤمنة ببعدها الروحي واساسها العقائدي الإسلامي، وبدء معرفة (الآخر) قصد استثمار ايجابياته في إعادة البناء الحضاري المغربي المنشود، واحتل المغرب دوماً موقعاً بالغ الحساسية في الاستراتيجيات الأوربية.
 لقد رأى المغرب في الحقبة الامبريالية امتداداً لصراعات قديمة، وانتقاماً أوربياً، وقد أسهم الخطاب الأوربي الامبريالي، في تعزيز هذه الرؤية لذلك شكلت المدنية الاوربية هاجساً مقلقاً للمغاربة في سعيهم المضيء للنهوض مترددين بين اكتشاف الذات باعتبارها تجربة حضارية بائدة، والانكشاف امام الآخر باعتباره تجربة حضارية غازية سائدة. 
 الاكسير في فكاك الاكسير محمد بن عثمان المكناسي، كانت وجهة الرحلة هي اسبانيا، العمل على افتكاك الاسارى المسلمين/ قاربت السنة 1779ـ1780، البدر السافر لهداية المسافر الى فكاك الاسارى من يد العدو الكافر، رحلة سفارية كانت وجهتها نابولي ومالطة بعدها قاربت السنة في مدتها، رحلة الصفار (محمد بن عبد الله الصفار) الرحلة الابريزية الى الديار الإنجليزية محمد الطاهر الفاسي، تحفة الملك العزيز بمملكة باريز (ادريس العمراوي) من مدينة فاس قاصدة باريس في اليوم نفسه الذي قصد فيه محمد الطاهر الفاسي بريطانيا، والتحفة الحسينية بالمملكة الاسبولية (أحمد الكردودي) واتحاف الأخيار بغرائب الاخبار (ادريس الجعايدي) زار في ستة اشهر فرنسا وبلجيكيا وإيطاليا وانكلترا، ورحلة الغسال الى لندن سنة 1903 موفدا للملك المغربي، قصد تهنئة الملك ادوارد السابع بعد توليته عرش بريطانيا، وحديقة التعريس في بعض وصف ضخامة باريس (عبد الله الفاسي) ورحلة الى باريس سنة ونصف ورحلة (محمد الحجوي) وجهتها باريس ورحلة سفارية في الوعي الإسلامي المغربي وسؤال ما قيمة الماضي..؟

ان قراءة الغرب/ اوربا (الاستغراب) قراءة واعية ضرورة تمليها تحديات الزمن الحضاري، الاحتكاك الواعي والسليم مع اوربا، قصد تحقيق الإصلاحات والتحولات الكبرى، فقد شكلت السفارية المغربية احدى قنوات التواصل الحضاري بين المغرب واوربا واتسمت بالطرافة والجمع بين الإفادة والامتاع، بشكل ما كتبوه مادة علمية خصبة لمؤرخي الفكر العربي الإسلامي في اطار الاشكال العام للفكر العربي والإسلامي الذي يبحث في سؤال ثقل الحاضر وما يثيره من هموم نهضوية في مجالات الاجتماع والسياسة والحضارة والثقافة.
 هموم تستدعي قوة الماضي الحضاري وعظمته والذي يشكل ثقافة، لذلك فإن من وظائف السفارية كونها مصدراً في معرفة الآخر، لاستكمال المعرفة وتنقيحها، ان السفارية تحضر في الوعي الثقافي الإسلامي كمسؤولية دينية تتوخى الدقة وعدم الكذب، وكان الرحالة يحس بالرضا كلما حقق وظائف السفارية، الرحلة المعاصرة، فالشعور بالقوة تحول إحساساً بالانحطاط والضعف.
 إن ما يزيد في إلحاحية اثارة الاشكال العلاقة مع الآخر؛ كون المغرب من البلدان الإسلامية قربا من اوربا، والاشكالات المثارة كانت متشابهة كثيرا مثل السعي للاستفادة من أوربا في المجالات العسكرية والاقتصادية والنظم الإدارية، ومعرفة شكل حضور الاخر في الوعي الثقافي المغربي الحديث والمعاصر، الرحلات تعكس مختلف مجالات الحراك داخل المجتمع المغربي حيث تتيح لمؤرخ الفكر التعرف على القضايا المنهجية والمعرفية والحقيقة.
 إن كثيراً من الآراء التجديدية في مختلف المجالات ما هي الا ثمرة لتأثير البيئة الغربية بمنتوجاتها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية على السفير المغربي المغلوب، وهل استطاعت الرحلات الكشف عن الأسباب الخفية لتفوق اوربا وتقدمها، والأسباب الحقيقية لضعف المغرب، والى أي حد استفاد المغرب من اوربا، ظلت كيفية التعرف على الغرب، من المسائل الشائكة في عالم الأفكار في العالم الإسلامي.
 إن الرحلات تتيح للذات معاينة مظاهر حياة ومجتمع الآخر، كان الرحالة ينظر بدهشة الى التقنية، ولا ينظر الى ازدهار الكائن الذي اخترعها، لم تكن حصة الكائن الأوربي في أغلب الاحتمالات سوى الازدراء بوصفه كافراً (نصرانيا).
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=171861
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29