• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الاجتماع الوطني :: عكازات سياسية جديدة .
                          • الكاتب : جواد كاظم الخالصي .

الاجتماع الوطني :: عكازات سياسية جديدة

سقط نظام صدام في العام 2003 لينبلج نظاما سياسيا جديدا من المفترض به ان يكون ديمقراطيا يعمل بمبدأ فصل السلطات واحترام صوت الناخب والخضوع لصناديق الاقتراع والعمل تحت مظلة الدستور الذي يجب ان تحتكم اليه كل الفعاليات السياسية وطبقات الشعب.
ما لوحظ خلال السنوات الماضية جاء عكس المتوقع تماما سوى بعض التحسن الذي طرأ على العراق الجديد حدث لاسباب عديدة أولها زوال نظام دكتاتوري حكم بالحديد والنار اضطهد كل من يقف أمامه مختلفا معه ولو بوجهة نظر معينة، ومنها ايضا الانفتاح الكبير على معالم الحريات في العالم وخصوصا في الدول المتقدمة التي قطعت شوطا كبيرا في بناء أنظمة الحريات وحكم مؤسسات القانون لبلدانهم، وكذلك من الاسباب الاخرى صمود بعض الوطنيين ممن عملوا على الساحة السياسية العراقية منذ العام 2003 لاقرار الكثير من حقوق هذا الشعب المظلوم طيلة عقود من الزمن، ومنها أيضا سرعة استيعاب الفعاليات الثقافية العراقية لواقع التغيير في عالم الديمقراطية وتلاقف كل ما هو جديد رغم ان التكنولوجيا الحديثة للتواصل لا زالت لم تصل الى المستوى المطلوب وهذا يعطينا تفسيرا واضحا بأن فهم الفرد العراقي لمجريات السياسة على الساحة العالمية عامة والعراقية خاصة ذات بُعد ايجابي وقدرة على الوصول الى الحقيقة مهما أخفاها السياسي الذي يعمل على ادارة الدولة نيابة عن الجماهير،، ولكن بعد كل ذلك هل ما حصل عليه الشعب العراقي هو الوصول الى الغاية والامنيات الحقيقية لكل فرد منهم ؟؟ أنا وغيري بل الجميع يقر بذلك حتى الذين يقودون البلد في يومنا الحالي لم نصل ربما الى   تلك الغاية او ما زلنا في منتصف الطريق، وهذا الطريق يمكن وصفه بالوعر سياسيا وأمنيا واقتصاديا بل وحتى اجتماعيا والسبب في ذلك كله يعود الى عاملين رئيسيين قد يكونان السبب في ما نحن فيه وعليه اليوم من مشاكل جمة وحالة استعداء يعتمد الفئوية وتنافر اجتماعي في العديد من المناطق الساخنة وحالة الاستقواء بالخارج على الداخل وتدخلات خارجية مجة رعناء وحاضنات لايواء الكتل البشرية الانتحارية النتنة ، وهذين العاملين هما:
1- المحاصصة الحزبية
2- المحاصصة المذهبية والقومية
ولو تأملنا بشكل جيد لوجدنا أن كل اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات التي انطلقت منذ مجلس الحكم في عهد بريمر مرورا بالحكومة المعيّنة برئاسة السيد علاوي الى الحكومة الانتقالية برئاسة السيد الجعفري الى الدائمة لمرتين برئاسة السيد المالكي لوجدنا أن التفاهمات أسِسَت منذ البداية على أساس هذين العاملين البغيضين وأتحدث هنا بتحامل على تلك المحاصصات لانها أفرزت حالة من التشابك السياسي في مؤسسات الدولة وضاع الحابل بالنابل كما يقول المثل العراقي .
هذه التركيبة الخاطئة في البناء السياسي جلبت لنا المصائب والابتلاءات الكثيرة كونها أدخلت جراثيم سرطانية سياسية الى جسم نقي وصحي يتمثل بالحرية والانفتاح،، وما أريد قوله هنا هو دخول بعض الوالغين في لغة القتل والانتقام الى العمل السياسي في العراق الجديد وقد رأينا الكثير ممن تسنموا مناصب عليا ودنيا في الدولة العراقية بما فيهم عدد من النواب الذين يمثلون الشعب ويشرعون القوانين وهذه مصيبة اكبر ،، ولا غرابة عندما يحزموا أمتعتهم ويفرون من العراق الى دول الجوار ليعملوا حينها بشكل علني في ممارسة الارهاب ومنهم من يمثل عقلية نظام البعث البائد ،، وبعد كل ذلك تجتمع الاطياف السياسية لتحاول الخروج من الازمات كي تصل في النهاية الى نتيجة مفادها القبول بالاخر وان كان يغرد خارج اطر الديمقراطية وعابث بالوضع العراقي لأنه يعمل بطريقة " لو ألعب لو أخرّب الملعب" بدفع وضغط من دول اقليمية ومجاورة وهذه هي المشكلة الاكبر التي يواجهها كل سياسي شريف ووطني كونه يتجرع السم عندما يتعامل مع هؤلاء مرغما من اجل العراق والحرص على لُحمة ووحدة صف الشعب العراقي وإرضاء لمن يشتركون معه في الوطن وترابه ، لذا يمكننا القول ان الحكومة العراقية وأيا كانت هذه الحكومة او من يقودها لا يمكنها التقدم والأخذ بيد البلد طالما أن الواقع العراقي يعمل بواسطة ريمونت الموجات السياسية الارضائية والمحاصصة البغيضة بكل معانيها، والذي يمسك تلك الريمونتات دول المنطقة وما يجاور العراق، ولعل التدخل التركي الواضح والمُعلن خير دليل على أن فعل المحاصصة قد أتى أكلَه ليسمح لنفسه رئيس دولة مجاورة مثل تركيا كي يدلو بدلوه مثيرا النعرات الطائفية من خلال الغمز على وتر حقوق الطائفة السنية في العراق وكما لاحظنا التدخل السافر لرئيس وزراء دولة صغيرة مثل قطر ليس لها ثقل العراق لتتدخل في شأنه الداخلي وتتعالى بتصريحات استهزائية على بلدنا، واللوم هنا يقع أولا وآخرا على الكتل السياسية او بالأحرى السياسيين العراقيين المتناحرين ،، والمصيبة أنهم جميعا يتناحرون على المسك بالسلطة التنفيذية مع اقراري بأن هناك عدد من المخلصين لهذا البلد.
لذلك اجد ان الواقع السياسي العراقي سوف لن يتغير إن لم نخرج من تلك الثوابت الخاطئة في العمل السياسي لأنها لن تبني بلدا مهما طال الزمن او قصر وهي ذات التجارب التي لم تنجح في أماكن أخرى في العالم كون الصراعات الحزبية ستبقى فيها مستدامة بفعل أهواء السياسيين الذين يرومون الوصول الى المناصب العليا وعندها يضيع بين هذا وذاك المخلص والوطني الذي يريد أن يعمل بمهنية عالية لبلده وشعبه، وبما ان حال العراق مع هكذا تداخل سياسي ووضعه تحت عاملين سلبيين نتائجه كانت كارثية الى درجة عدم نهوض البلد بالشكل الذي يليق به وبتاريخه وحضارته وموارده الطبيعية وخصوصا أنه الدولة الثانية في احتياطي البترول عالميا بعد السعودية العربية ، فلا بد من الوقوف والتأمل وايجاد الحل الناجع لتقويم هذا الوضع السياسي السلحفاتي طيلة السنوات التي تلت سقوط نظام البعث في العام 2003.
والحل يتمثل في تحوّل العراق الى النظام الرئاسي على الرغم من عدم قناعتي به أنا شخصيا كونه واحدا من الأنظمة التي تدخل في خانة الحكم الشمولي والتسلط في مفاهيم علم السياسة فيما لو أسيء استخدامه وخرج من يعمل به عن القوانين والنظم الدستورية التي تحفظ حق المواطن وكل التوجهات الفكرية لأننا رغم السنوات التسع التي مضت تحت حكم النظام البرلماني إلا أن التجربة في رأي الشخصي كانت فاشلة لعدم تمكن كل الأطياف السياسية في الخروج من نظام المحاصصة الذي لا يمت بأي صلة الى النظام البرلماني الذي يعد نظاما راقيا للحكم بكل المعاني السياسية.
ليكن نظاما رئاسيا يتم تحديده بدورتين فقط لكل من ينتخبه الشعب العراقي مباشرة مع خضوعه بشكل كامل للدستور الذي يصوت عليه نفس الشعب الذي انتخبه بأغلبية 80% وذلك بعد تعديل الدستور الحالي من كل السقطات القانونية التي يعاني منها وهي محط اعتراض كل الكتل والاحزاب السياسية كي يكون دستورا صحيحا يحظى برضى غالبية أبناء المجتمع ويكون الحكم الفصل في كل القضايا ويمنع من تسلط أي مسؤول قادم الى حكم البلد بنظامه الرئاسي.
قد يختلف معي الكثير في هذا الطرح ولكن لا أعتقد سبيلا غير ذلك طالما نصرخ كل يوم بالنظام البرلماني والديمقراطية ونحن نضحك على أنفسنا، في الوقت الذي نجد فيه البلد يتم حكمه عن طريق التحاصص الطائفي والقومي وما يخلّفه من مشاكل كبيرة بين الاحزاب تظهر ملامحه من خلال من نراه من هجمات اعلامية وتسقيط سياسي واستقواء بالخارج سواء دول الجوار او المنطقة والعالم على الحكومة العراقية وهذا ما يدلل ثبوت المستحيلات السبعة في حل القضايا العالقة بين المتصارعين على الساحة السياسية، ومن المعيب عندما نقول العراق مهد الحضارات ويأتينا من لم يُتقن حضارة في تاريخه أو تشكّلت دولته من العدم ليعلمونا كيف نحل مشاكلنا وهذا يعني أننا في مأزق حقيقي يجب الخروج منه.
ما اود قوله أنا لست متشائما من مستقبل العراق ولن أفقد الثقة بالكثير من الوطنيين ولكن البناء السياسي الذي بنيت عليه العملية لم يكن موفقا الى الدرجة التي تخدم المواطن العراقي وكلي أمل بالنخبة المخلصة أن تصل الى حل يضع البلد على السكة الصحيحة لأن ما يحيط بنا في المنطقة وما هو قادم في المرحلة المقبلة خطر ولا يُنبئ بخير ومواجهته تكمن في الاخلاص للعراق لا لأجندات خارجية مغرضة تريد تدميره.
(اجعلوا حب العراق أولا عندما تتسلموا مسؤولية قيادته)         



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=17092
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20