• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : نهج البلاغة برؤى الاستشراق .
                          • الكاتب : عيسى الربيح .

نهج البلاغة برؤى الاستشراق


كتاب مبتكر وقيّم للباحث : ليث عبد الحسين العتابي ، من القطع الصغير ، ويقع في ١٥٠صفحة ، جذبني تفرّد العنوان فاقتنيته لاكتشاف تلك الزاوية التي عني بها الباحث .
فنحن كثيراً ما اعتدنا تناول كتاب نهج البلاغة ضمن سياقات وحدود مألوفة ( إثبات صحته وتوثيقه ، جداليات مذهبية وطائفية وكلامية وتاريخية ساخنة) ، وقلما نوسّع رؤانا خارج هذا السياج ، عبر السباحة في مضامينه وآثارها الفكرية والاجتماعية والتربوية و ... .
ويتناول الباحث في كتابه ثلاثة موضوعات رئيسة :
١- المشككون في النهج .
٢- تاريخ الاستشراق واهتماماته
٣- دراسات المستشرقين ونهج البلاغة .
وحينما نلقي نظرة للموضوع الثالث (جوهر الكتاب) ، فسنجد أن الباحث سار بمنهج وصفي في تتبع آراء المستشرقين للنهج .

# أولاً : المنتقدون والمشككون /
نحا فريق من المستشرقين إلى التشكيك والهجوم الانتقادي ، ويُلاحظ أن هؤلاء تأثروا بالأجواء التي أثارها الطاعنون في النهج من معظم علماء المسلمين السنة عبر تشكيكهم وتضعيفهم للنهج كالمستشرق (كليمان هوار وَ ديمومبين) .
كما تعرض لبعضهم الآخر ممن اعتبر النهج أدباً وتراثاً منحولاً (كارل بروكلمان) ، فهذا المستشرق تأثر بزوبعة التشكيك التي بثها (ابن خلكان) ومن سار حذوه ، إضافة إلى اعتماده على خلفية كنيسية صليبية في تراث المسلمين .
والبعض طعن في شخصية الإمام علي نفسه كالمستشرق (يوليوس فلهاوزن) .
والبعض وجّه نقداً لمحتواه بأن فيه حشواً (لويس ماسينيون) ... وغيرهم .

# ثانياً : المادحون والمنصفون للنهج /
وهم الفريق الذي تخطى تلك الزوبعات وأنصف شخصية الإمام علي وما أنتجه من خطاب بليغ وعظيم ، ومنهم (ريفلريد ماديلوينغ وَ إدوارد جيبون وَ نرسيسيان) حيث اعتبر الأخير أن في أسلوب النهج سهولة ممتنعة غير متكلفة .
وقد عبّر آخر وهو (كرينو) أن النهج أخ صغير للقرآن ، واعتبر أن البلاغة والفصاحة تبدوان في أتم مظاهرهما في كتاب النهج .
وقد وصف (هنري كوربان) النهج بأنه : يأتي بعد القرآن والحديث النبوي في درجة الأهمية ، بما فيه من فكر فلسفي ، وترابط منطقي ، ومنهل عظيم للعلوم ، وقوة لغوية .
كما تناولت الباحثة (لورة فيتشا) الأسباب التي دعتها تهتم بالنهج :
١- توافق ما سجله المؤرخون مع ما ذكر فيه من حوادث .
٢- تأكيد وثاقته وصحته يجعل الباحث أمام نمو فن نثر عربي متين بعد نص القرآن .
٣- مناقشة دعاوى (ابن خلكان) .
٤- مزايا في قوة المضمون والأسلوب البليغ .

وفي نهاية المطاف ، سجل الباحث توصيات مهمة للقائمين على خدمة تراث أهل البيت (ع) :
١- الاهتمام الجاد بكتاب النهج وعلومه ، وتجاوز المستوى اللغوي والبلاغي .
٢- ترجمة تراث أهل البيت إلى اللغات العالمية الحية .
٣- إنشاء مراكز ومؤسسات تُعنَى وتهتم بكتاب النهج .
٤- إدخال الكتاب ضمن المناهج التعليمية الدراسية بجميع المراحل الأكاديمية والحوزوية والمراكز والمعاهد الإسلامية .
٥- نشر ثقافة قراءة النهج لجميع الشرائح لإبراز شخصية الإمام علي وهوية الإنتماء إليه .

والأسئلة جديرة الأهمية بعد هذا العرض الموجز :
هل سيبقى النهج حبيس الرؤى المألوفة ؟ وفي قيود الجدليات المذهبية المستنزفة ؟
هل مسؤولية تقديم النهج علمياً وإعلامياً وعالمياً تقع على الآخر (المستشرق ... وغيره) أم تقع على المنتمين إليه ؟
ألم يأتِ الوقت لأن ننطلق من نصوص النهج لدراسات تنظيرية وتطبيقية في حقول معرفية وعلمية كثيرة ؟
...
إن هذه الأسئلة المنطلقة لا تريد التقليل من بعض المحاولات الجادة في هذا الإطار ؛ ولكن المأمول أوسع من تلك الجهود ؛ فمن الأنسب أن نطرح مثل هذه التساؤلات المحثة لصناعة تحوّل فكري ومنهجي في عالم الدراسات لهذا الكتاب ؛ والذي وُصِف - كما مرّ بنا - بالأخ الصغير للقرآن العظيم .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=170887
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19