• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن مناسك الحج (ح 2) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن مناسك الحج (ح 2)

عن السيد محمد باقر الحكيم قدس سره في دراسة معمقة في نظام الشعائر و العبادات في الاسلام: ما ورد في القرآن الكريم من التأكيد للسعي بين الصفا و المروة، وأنه من شعائر اللّه كما في قوله تعالى : "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" (البقرة 158).و يذكر تاريخياً وجود ارتباط بين هذا السعي و سعي هاجر أم اسماعيل لانقاذ ولدها من العطش، الذي انتهى بعد ذلك إلى حصولها على ماء زمزم .فقد روى الكليني بسند معتبر عن ابي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال : (إن ابراهيم عليه السلام لما خلف اسماعيل بمكة عطش الصبيّ، فكان فيما بين الصفا و المروة شجر فخرجت أمه حتى قامت على الصّفا فقالت: هل بالبوادي من أنيس؟ فلم يجبها أحد، فمضت حتى انتهت إلى المروة فقالت: هل بالبوادي من أنيس؟ فلم تجب، ثم رجعت إلى الصفا و قالت ذلك حتى صنعت ذلك سبعاً ، فأجرى اللّه ذلك سنّة).

جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: ولمعرفة أسباب النزول أثر كبير في فهم الآية وتعرف اسرار التعبير فيها، لان النص القرآني المرتبط بسبب معين للنزول تجئ صياغته وطريقة التعبير فيه وفقا لما يقتضيه ذلك السبب، فما لم يعرف ويحدد قد تبقى أسرار الصياغة والتعبير غامضة عنه، ومثال ذلك قوله تعالى: "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" (البقرة 158) فان الآية ركزت على نفي الاثم والحرمة عن السعي بين الصفا والمروة دون أن تصرح بوجوب ذلك، فلماذا اكتفت بنفي الحرمة دون أن تعلن وجوب السعي؟ إن الجواب عن هذا السؤال يمكن معرفته عن طريق ما ورد في سبب نزول الآية من أن بعض الصحابة تأثموا من السعي بين الصفا والمروة، لأنه من عمل الجاهلية فنزلت الآية الكريمة، فهي إذن بصدد نفي هذه الفكرة من أذهان الصحابة والاعلان عن أن الصفا والمروة من شعائر الله، وليس السعي بينهما من مختلقات الجاهلية ومفترياتها. وقد أدى الجهل بمعرفة سبب النزول في هذه الآية عند بعضهم إلى فهم خاطئ في تفسيرها. إذ اعتبر اتجاه الآية نحو نفي الإثم بدلا من التصريح بالوجوب دليلا على أن السعي ليس واجبا وانما هو أمر سائغ، إذ لو كان واجبا لكان الأجدر بالآية أن تعلن وجوبه بدلا من مجرد نفي الاثم، ولو كان هذا يعلم سبب النزول والهدف المباشر الذي نزلت الآية لتحقيقه، وهو إزالة فكرة التأثم من أذهان الصحابة لعرف السر في طريقة التعبير، والسبب في اتجاه الآية نحو نفي الإثم والتركيز على ذلك.

جاء في كتاب تفسير سورة الحمد للسيد محمد باقر الحكيم قدس سره: القرآن وحي إلهي: وأحد هذه التصورات الأساسية مثلا هو أن يكون معتقدا بأن القرآن هو وحي إلهي وليس نتاجا بشريا، فالباحث الذي يتعامل مع القرآن على أساس أنه وحي من الله يتمكن من تفسير مجموعة من الظواهر التي يجدها فيه بشكل يختلف عن تفسير ذلك الباحث الذي يتعامل معه على أساس أنه نتاج بشري لشخص رسول الله صلى الله عليه وآله. وعلى سبيل المثال، فإن القرآن قد أقر مجموعة من الأعراف في العصر الجاهلي كان يمارسها الجاهليون، من قبيل الحج الذي كان موجودا قبل الإسلام، إذ كان العرب يقصدون البيت الحرام في موسم الحج ويقفون في عرفات ويجتمعون في منى ويسعون بين الصفا و المروة ويطوفون بالبيت الحرام، وبتعبير آخر: أنهم كانوا يؤدون مجمل الشعائر التي سميت بعد ذلك بشعائر الحج والتي أقرها الإسلام أيضا "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" (البقرة 158)، و "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" تحسب مناسك الحج والعمرة عند اتمامها قربة لله "واتموا الحج والعمرة لله" (البقرة 196).

جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: أهمية تأكيد دور إبراهيم عليه السلام: فالنبي إبراهيم عليه السلام كان يمثل لدى القاعدة المشركين، واليهود، والنصارى أبا لجميع الأنبياء ويحظى باحترام الجميع. وتأكيد ارتباط الإسلام وشعائره به له أهمية خاصة في إعطاء الرسالة الاسلامية جذرا تاريخيا ممتدا إلى ما هو أبعد من الديانتين اليهودية والنصرانية، ويعطي فكرة التوحيد التي طرحها القرآن على المشركين أصلا وانتماء يعيشه هؤلاء المشركون في تأريخهم: إضافة إلى أنه يعطي الرسالة الاسلامية شيئا من الاستقلال عن اليهودية والنصرانية، ومن ثم عدم الشعور بالتبعية لعلماء اليهود والنصارى: "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين" (ال عمران 67-68). ومن هنا يأتي تأكيد قصة إبراهيم في بناء الكعبة التي جاءت في عدة موارد من القرآن الكريم، وندائه بالحج، وذلك للموقع الخاص الذي كانت تحتله الكعبة بين العرب عامة، و للقرار الذي كان القرآن قد اتخذه بجعل الكعبة قبلة للمسلمين، تأكيدا لاستقلالية الرسالة في كل معالمها لان صرف الانظار عن الأرض المقدسة وبيت المقدس الذي كان يحظى بالقدسية الخاصة وما زال بسبب نشوء الديانات المختلفة فيه، ووجود إبراهيم وأنبياء بني إسرائيل كلهم في هذه الأرض يحتاج إلى اعطاء هذه الأهمية للبيت والكعبة المشرفة وهذا الانتساب الأصيل إلى إبراهيم عليه السلام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=170455
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20