• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الليل والنهار في الميزان القرآني (ح 4) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

الليل والنهار في الميزان القرآني (ح 4)

تكملة للآيات القرآنية التي ذكرنا منها في حلقات سابقة عن الليل قال الله جل وعلا "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا" ﴿يونس 67﴾، و "فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ" ﴿هود 81﴾، و "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ" ﴿هود 114﴾، و "وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ" ﴿الرعد 3﴾، و "وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ" ﴿الرعد 10﴾، و "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ" ﴿ابراهيم 33﴾، و "فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ" ﴿الحجر 65﴾، و "وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ" ﴿النحل 12﴾، و "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى" ﴿الإسراء 1﴾، و "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ" ﴿الإسراء 12﴾.

إن السنن تنقسم الى قسمين سنن حتمية وسنن غير حتمية. فالسنن الحتمية هي التي لا يمكن تبديلها من غير المعاجز مثل الليل والنهار ودوران الأرض والموت. و السنن غير الحتمية هي التي تتغير مثل الصلاة والظلم حسب فعل الانسان "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا" (الشمس 7-8). اما نهاية الظلم فهو من السنن الحتمية وسورة الشمس تبين اياتها بوضوح هذه السنن الحتمية من ارض وشمس وليل ونهار واخرها نهاية ثمود قوم صالح "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا" (الشمس 1-15).

ذكر الله تعالى موارد من الليل والنهار تفضل فيها العبادة كما ورد في آيات مباركة: "وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ" (ال عمران 17)، و "إِنَّ قرآن الفَجرِ كَانَ مَشهُوداً" (الاسراء 78)، و "إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً" (المزمل 6). قال الله تبارك وتعالى "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا" (الاسراء 78) في تفاسير اتباع اهل البيت ان ملائكة الليل والنهار تشهد صلاة الصبح عند الفجر حيث هذه الصلاة لها اهمية وجعلت ركعتين تخفيفا للعباد في فترة تتطلب الاستيقاظ من النوم وهي مفتاح لرزق اليوم وفيها توزع الارزاق حتى طلوع الشمس، وايضا فان قراءة القرآن عند الفجر بعد الصلاة له خصوصية، ويستحب تأخير صلاة الصبح بنحو ثلث ساعة بعد اذان الفجر يمكن خلالها قراءة ادعية منها دعاء الصباح.

ان الخسوف والكسوف لها علاقة بالليل والنهار والشمس والقمر وهي من آيات الله قال الله جل جلاله "وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ" (فصلت 37). و الصلاة والسجود لله في حالتي كسوف الشمس وخسوف القمر و الصلاة ركعتان عند بعض الفقهاء واجبة وبعضهم الاخر مستحبة وحتى قضاؤها عند بعضهم واجبة وهي ما تسمى بصلاة الآيات وهي ركعتان كل ركعة بخمس ركعات قبل السجود تقرأ في كل ركعة من الخمس ركعات سورة الحمد وسورة أخرى كسورة قل هو الله أحد. قال الله تبارك وتعالى "لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" (فصلت 37).

بسط الله الأرض "وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا" (الشمس 6) حيث يأتي الطحو بمعنى البسط ولكن على الشكل الكروي الذي لا يشعر به الانسان، بالإضافة إلى دوران الأرض حول الشمس ضمن فضاء السماء فيحصل الصيف والشتاء، ومهدها ليسهل سكنها "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا" (النبأ 6) وجعل لها اوتاد لتثبيتها وهي الجبال "وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا" (النبأ 7). وبعدها دحيت الأرض "وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا" (النازعات 30) حيث الدحو والطحو مصطلحان متشابهان والاختلاف أن الدحو هو تسهيل الزراعة والرعي "أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا" (النازعات 31) ويأخذ الإنسان والحيوان الطعام منها "مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ" (النازعات 33) ودوران الأرض حول نفسها وحصول الليل والنهار "وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا" (النازعات 29). لذلك وجود الليل والنهار ضمن تسلسل آيات سورة النازعات تدلل ان دحو الارض تشير الى انبساط الارض مع كرويتها وإلا لم يحصل نهار وليل لولا كروية الارض ودورانها حول نفسها امام الشمس بالاضافة الى دورانها او سباحتها في فلك حول الشمس في سورة الشمس.

جاء في موقع سماحة العلامة السيد منير الخباز في حديث القران عن ولادة الكون: لفظ اليوم اُسْتُعْمِل في القرآن الكريم بعدة معانٍ: المعنى الأول: النهار، كما في قوله تعالى: "سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا" (الحاقة 7). المعنى الثاني: مجموع الليل والنهار، كما في قوله تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" (البقرة 203). المعنى الثالث: ما يقارب ألف سنة، كما في قوله تعالى: "وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" (الحج 47). المعنى الرابع: خمسون ألف سنة، كما في قوله تعالى: "تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" (المعارج 4). المعنى الخامس: الحالة، كما في قوله تعالى: "وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ" (النحل 80)، أي حال ظعنكم، وحال إقامتكم. المعنى السادس: مطلق الفترة الزمنية، كما في قوله تعالى: "فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ" (يوسف 54)، أي في هذه الفترة، أو قوله جل وعلا: "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ" (ال عمران 140)، أي تلك الأزمنة نداولها بين الناس.

جاء في قاموس لسان العرب: يولج: يزيد من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا. قال الله تعالى "تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" (ال عمران 27) ، و "ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" (الحج 61)، و "يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" ﴿فاطر 13﴾. يميل محور دوران الأرض بمقدار 23.5 على العامود الرأسي، وميل المحور هو السبب في حدوث الفصول واختلاف مدة الليل مع مدة النهار. وهكذا اراد الله سبحانه اختلاف الجو على مدار السنة واختلاف زمن الليل والنهار باختلاف الزمان والمكان على الأرض كما قال الله عز وجل "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ" (ال عمران 190). جاء في موقع الاعجاز في القران الكريم عن صبحي رمضان فرج في مقالته أسرار الشمس بين الوصف القرآني وحقائق علم الفلك الحديث: ونتيجة لميل محور الأرض أثناء دورانها حول الشمس تختلف زاوية سقوط أشعة الشمس على المكان الواحد من الأرض بين شهر وآخر، ويتبع ذلك اختلاف درجات الحرارة والأحوال المناخية من شهر إلى شهر، أي حدوث الفصول الأربعة وهي: 1- الانقلاب الصيفي: يحدث في 21 يونيو عندما تتعامد أشعة الشمس على مدار السرطان في نصف الكرة الشمالي، أي حين يكون الطرف الشمالي لمحور الأرض مائلا نحو الشمس، فيحل الصيف في نصف الكرة الشمالي ويطول النهار ويقصر الليل، ويحل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي ويقصر النهار ويطول الليل. 2- الاعتدال الخريفي: ويحدث في 23 سبتمبر حين تتعامد أشعة الشمس على خط الاستواء، فيحل الخريف في نصف الكرة الشمالي ويحل الربيع في نصف الكرة الجنوبي ويتساوى الليل والنهار في جميع أنحاء الأرض. 3- الانقلاب الشتوي: ويحدث في 21 ديسمبر عندما تتعامد أشعة الشمس على مدار الجدي في نصف الكرة الجنوبي، أي حين يكون الطرف الشمالي لمحور الأرض مائلا بعيدا عن الشمس، والطرف الجنوبي مائلا نحو الشمس، ويحل الشتاء في نصف الكرة الشمالي ويقصر النهار ويطول الليل، ويحل الصيف في نصف الكرة الجنوبي ويطول النهار ويقصر الليل. 4- الاعتدال الربيعي: ويحدث في 21 مارس حين تتعامد أشعة الشمس على خط الاستواء من جديد، فيحل الربيع في نصف الكرة الشمالي والخريف في نصف الكرة الجنوبي، ويتساوى الليل والنهار في جميع أنحاء الأرض.

ويذكر الرواة والعلماء الليل والنهار كتعبير مجازي كما ورد ( موت العالم ثُلْمَة في الإسلام لا يسدُّها شيء ما اختلف الليل والنهار).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=170347
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18