• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : اللقاء بالشهيد جون  .
                          • الكاتب : امال كاظم الفتلاوي .

اللقاء بالشهيد جون 

   وأخيراً منّ الله عليّ بلقاء الشهيد جون بن حوي في مرتقاه، فأحاوره حامدة لله أن منّ عليّ بمثل هذه الفرصة، بدأته السلام فأجابني بتواضع الشهداء، رحبت به وسألته: 

- كيف كنت تنظر إلى الإمام الحسين (عليه السلام)؟ بأي عين رأيت نوره؟ ألم يسلب نور جماله منك العقل؛ وأنت ترى سكناته؛ حركاته، ابتهالاته، وأنت ترى عوالمه؟
الشهيد جون:ـ استوعبت هذه النظرة قبل أوان الحدث، أنا نظرت إليه قبل الطف وقبل اللقاء نظرت إليه بعين مولاي أبي ذر الغفاري، حملت بالطف لوني وريحي وقلبي وأبا ذر فيه، كان ينبض عشق هذا الإمام بداخلي، يشد أزري. 
اثبت يا جون، فهؤلاء من جئت تطلب منهم العافية سيمنحونك العافية والحرية والجنة يا جون، أتعرفين في كل المسائل كنت أخير عقلي؛ إلّا عند الحسين عقلي صار قلباً ينبض بمحبته.
انتفضت كأني وجدت ضالتي: نعم، هو هذا ما أبحث عنه، حينما يصبح العقل قلباً.
- وهل أنهيتِ أسئلتكِ لأذهب الى نصرته؛ أم أنّ هناك شيئاً تسألين عنه؟

- هل النصرة رهينة الواقعة أم هناك نصرة لا تقف عن حد؟ وبرأيك يا سيدي جون كيف تكون النصرة في هذا الوقت الذي خلا من السيوف؟
الشهيد جون:ـ هناك أشياء كثيرة قبل النصرة وإلّا فالنصرة لا تأتي وحدها، لابد أنّ تسبقها محفزات تؤسس النصرة.
- مثل ماذا يا سيديّ؟ 
- الشهيد جون:ـ مثل المعرفة، أنا تعرفّت على مولاي الحسين (عليه السلام)، قرأته في كتابي الذي وهبني إياه الله ربي سبحانه وتعالى.
- ما اسم هذا الكتاب؟
- كتاب روح ابي ذر، رحمته، وجدانه الحسيني، هل تصدقين أني حين رأيت الطف كنت أعرفها؟!!
- رغم أني اصدقك يا ناصر ابن بنت رسول الله (ص)، لكن بودي أن اسألك:ـ كيف عرفتها؟
الشهيد جون:ـ حدثني عنها مولاي أبو ذر، وصف لي كل ما عشته في لحظتها، يا إلهي كيف لهذا الرجل أنّ يعرف ما سيحدث!!
- وماذا غير المعرفة من محفزات؟
الشهيد جون:ـ هناك الايمان، أنا مؤمن به قبل أنّ أراه، مؤمن بكل ما يفعل أو يقول، مؤمن برسالته أنّها رسالة إمام معصوم يحمل راية النبوة، مؤمن به لدرجة أنّي لا أملك في حياتي ما يفرحني سوى هذا الإيمان، المعرفة والإيمان جعلاني أصل إلى مرحلة ألذ، وأطيب، وأجمل وأكمل وهي اليقين.
- مرحلة اليقين؟! 
الشهيد جون:ـ اليقين الذي قرأ لي كل أبجدية الوعي فعرفت معنى آخر للنصر، معنى آخر للعيش، معنى آخر في أن أكون، فما نفع أنّ أعيش بلا حسين، فهل تريني إن قُتلت دونه يعني أني خسرت، أبداً فمولاي أمير المؤمنين نادى ساعة مقتله «فزت ورب الكعبة»، أدرك بوعي هذا اليقين أشياء لم أعرفها من قبل، سألتيني عن النصرة، أتعلمين أني سألت نفسي حينها من ينصر من؟ أنا أنصر الحسين أم الحسين ينصرني؟ وهل سيدي الحسين (عليه السلام) يحتاج لحظتها لنصرة رجل مريض عليل جاء ليتداوى ببركتهم، ولذلك كدت أموت حين رفض نصرتي، قلت له: سيدي أدركني، استحلفك بأمك الزهراء ألا نصرتني بالقبول، لقد اشتراني سيدي امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ليهيني الى سيدي ابي ذر (رضوان الله عليه) ليأخذ بيدي الى سبيلك، فلا تحرمني يا مولاي، فرحت كثيرا حين قرر الحسين نصرتي لأقف قوياً شجاعاً بلا مرض مرتجزاً:
كيف يرى الفجار ضرب الأسود
بالمشرفي القاطع المهند
أحمي الخيار من بني محمد
أذب عنهم باللسان واليد
أرجو بذلك الفوز يوم المورد
من الإله الواحد الموحد
هل شعرتِ الفرق بين جون العبد المريض العليل قبل نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) لي، وبين جون القوي الشجاع الذي وقف ليقاتل بضراوة، هذه هي قوة النصرة والتي لا تأتي لموالٍ إلا بالمعرفة والإيمان واليقين.
- بقي في ذهني سؤال عن إنسانية سيد الشهداء (عليه السلام) ووجدانه الطافح، هو يحملك ليضعك بجنب ولده علي الاكبر، واستوقفني موقفه وهو يشم ابنه، كيف عشت الموقف لحظتها؟ 
الشهيد جون:ــ لقد ملأتِ قلبي دمعاً، لقد استوقفني السؤال، لقد منحني مولاي الحسين (عليه السلام) اللون الابيض ورائحة المسك والجنة، وارتقى بي لمنزلة الشهادة فحملت رتبة شهيد، فما في العالم من ملوك وأغنياء وأثرياء يتمنون ما حصلت عليه، سعادتي أن أكون في مستقر الرحمة مثواي قرب قدميه، هو فوز؛ نعم كل من رفع الولاء مودة هو سيد ترتقي الهامات له، دعائي لجميع اهل الولاء بالمحبة والسلام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169834
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 06 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28