• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كربلاء القلب كربلاء.. الفصل الأول (الطريق الى كربلاء) .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

كربلاء القلب كربلاء.. الفصل الأول (الطريق الى كربلاء)

الحسين: يا بن الزبير، حدثني أبي عن كبش تُستحل به مكة حرمتها... يا بن الزبير، فاعلم لو كنت في جنح حمامة لأنزلوني.
(مع آخر): هذا رجل لا شيء في الدنيا عنده أحب من خروجي، ليخلو له الطريق.
الراوي: حين تحتضر النياب تعض.
فتسعى بعبث الرؤيا من قتل ودمار من أجل سلطة فاقدة الوعي.
يزيد:ـ متعة السلطة هي الحرب فاذبح كل رغيف؛ كي لا يصحو الجياع على ومضة شبع تقود الى التفكير، من يأخذ عيني اللحظة؛ كي يبصر بها سبيلاً لرشاد حانق؟ في رأسي يطن ذباب الظنون الآسنة... هو الغيظ الذي تتفجر براكينه تلول خراب، فأي مائدة عامرة تفترش الان حلمي..؟

يا سرجون هل قرأت ما حمله البريد الينا.. لقد طال بي الصبر، وأخشى أن يستطيل نكوص، يا سرجون اقرأ هذا بريد عبد الله بن مسلم الينا يقول فيه: ان مسلم بن عقيل قدم الكوفة وبايعته الشيعة للحسين..!
سرجون (يقرأ بقية الكتاب): فان كانت لك في الكوفة حاجة فابعث لها رجلاً قوياً يمثل امرك، ويفعل مثل ما فعلت في عدوك.
يزيد: وماذا يفعل هناك النعمان بن بشير؟ هل ارسلناه لينادم الليل بالصلاة..!! ما لي بعبادة لا تدافع عن حياض امير المؤمنين... أبله أبله يتكئ على ضعف كي يبعد غيلة التواريخ، أيظن نفسه ذكياً لحد أن ينطلي أمره علينا، ونحن من خلق النباهة في هذا الكون.. فأدرك يا سرجون تلك النباهة برأي خبر السياسة واستقى من قراب معاوية الدربة في ما كان ويكون.. وفصال الأمر أن الأخبار تقول: إن حسيناً تقدم نحو الكوفة حاملاً ارث علي.. حكمته.. حنكته.. شجاعته ورؤاه.
 انا لست غبياً يا سرجون؛ كي استنقص الخصم فأتيه.. لو لم ندرك الكوفة لصارت سبيلاً يمهد لتهديم العرش ونحن عليه قاعدون، يا سرجون، هل سمعت أن مسلم بن عقيل في الكوفة يستنصرها للحسين؟ وها انت ترى كهف الغياب وهو يغط بنوم عميق.. يتلصص الأخبار من عيون الخوف.. اوووو.. ما ابشع الخبر يا سرجون، فأنا فعلاً احتاج الى وثبة تردم مآرب الكوفة الى ابد الابدين.. الى شكيمة تهرع عند مصاريع لقاء.
سرجون: تحتاج النباهة في الحكم يا مولاي الى طمر بعض الرغبات وطي الكثير من الهواجس والتجافي والزعل، ونمتثل لسوق المصالح من اجل ان نديم العرش ولا بأس بعدها بالنزوات.
يزيد: قل يا سرجون واختصر ما تريد وارحني..
سرجون : أخرج عهد عبيد الله بن زياد على المصرين، فهو الاجدى في الازمات رجل بلا قلب لا يعرف مثل الناس الرحمة... الشفقة والحب.. مخلص القول يا امير المؤمنين هو ثور اهبل شديد البأس.
يزيد: فكر مستنير وحصافة خبير فكرة خطيرة، اين كنت عنها سأبعث له مسلم بن عمر الباهلي، أن سر الى الكوفة واطلب ابن عقيل.
الراوي: تشهد مكة كيف يُعبّد الرحيل بالقلق، وعلى جمر اللظى يستنهض الوداع دون ما وداع، وتخفق القلوب..
يا لقلب مكة كيف يحمل كل هذه الرزايا؟
والخطايا تعيث بالامان.. وركب الخيرين يجهز للرحيل.. تمد يد محمد بن الحنفية خفقات هذا الليل ليمسك بزمام ناقة الحسين.
محمد بن الحنفية: ألم تعدني النظر فيما سألت..؟
الحسين: بلى ولكن..!
محمد بن الحنفية: ما الذي جرى يا ابا عبد الله؛ كي تتعجل الرحيل.
الحسين: أتاني جدي رسول الله وقال:
"يا حسين، اخرج فإن الله تعالى شاء ان يراك قتيلا".
محمد بن الحنفية: لا حول ولا قوة الا بالله.. ولِمَ لا تترك الحرم والعيال هنا؟
الحسين: ابى الله الا ان يراهن سبايا.
(فاصل)
الراوي:ـ ما اصعبها حين نختصر الحياة بخطوة يتناثر عند وردها الدمع ابتسامات لقاء... ليل مضمخ بالأنين يستقبل عونا ومحمدا ولديّ عبد الله بن جعفر يحملان كتابا من أبيهما الى الحسين.
عبد الله بن جعفر: إني مشفق عليك يا نور هذي الارض دونك سيهلك النور وتعم هذا الكون عتمة مهلكة، فلا تعجل السير فإني في إثر كتابي والسلام.
الراوي: خلف جنازة الانتظار تقف سحائب الرحيل، هل من معجزة تنقذ الدمع من ألم الفراق وعلى أكتاف هذا الليل يصحو الترقب نشيجا يحمل جمرة الصبر لهيب.
صوت: لا شيء يستعصي على نكد الخطوب.
صوت آخر: على قرب دمعة يقف ابن عباس عساه أتى بسنبلة الحل.
ابن عباس: هذا كتاب والي مكة عمر بن سعيد بن العاص: فيه أمان لك يا ابا عبد الله، وجاء معي يحيى بن سعيد بن العاص.
الحسين:ـ لقد انتهى كل شيء يا بن عباس، لقد كلفني رسول الله بأمر لا بد من تنفيذه لا بد.
ابن عباس: ومغزاه؟
الحسين: دعني احدث به ربي حين ألقاه.
ابن عباس: يا بن العم، ها انا احمل اهداب التصبر دون أن أطيق الصبر ولا استطيع إلا أن أستلقي عند اعتاب خوفي، اعلم تماما ان في هذا الوجه هلاكا، فأهل العراق قوم غدر لا يؤتمن عندهم النصح، فأرجوك قم في هذا البلد، فأنت سيد، وان كان اهل العراق على جد كما زعموا فلينفوا عاملهم وعدوهم خارج ارادته، وإلا فهم يريدونك ليحاربوا بك يا حسين، وإن أبيت إلا أن تخرج فهذه اليمن امامك وهي حصن منيعة عريضة طويلة، وفيها لأبيك شيعة تحميك وانت عن الناس في عزلة وتبث دعاتك انى تشاء.
الحسين: لقد ازمعت على المسير.
ابن عباس: دع الناس والصبية كي لا تذبح امام نواظرهم يا حسين.
الحسين: اي امان هذا وعلى العرش يزيد، والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فاذا فعلوها سلط الله عليهم من يذلهم، فيكونوا اذل من الذلة نفسها.
الراوي: ما اقسى الزمان حين تصير الفيافي مقلا تحمل اهداب الحياة.. يسير الركب وحزن مكة مثقل بالأنين.
منشد:ـ
سأمضي فما بالموت عار على الفتى
اذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما
وواسى الرجال الصالحين بنفسه
وفارق مثبورا وخالف محرما
الراوي: هي الارض تسير حيث يسير الركب، وقد تلامس اطرافها وعلى بعد فرسخين من مكة وصل الركب الى موضع يسمى التنعيم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169505
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28