• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أثر النزاعات المسلحة في تدمير الآثار والتراث العراقي  القسم الأول .
                          • الكاتب : د . سؤدد كاظم مهدي .

أثر النزاعات المسلحة في تدمير الآثار والتراث العراقي  القسم الأول

   لمعرفة الإجابة العلمية الدقيقة لمبررات أكبر عملية سرقة وتدمير لإرث حضاري في التاريخ على يد القوات الامريكية، وتنظيم داعش الارهابي في العراق، يتطلب بنا العودة الى تقليب صفحات  التاريخ، ومعرفة ما حصل من مؤثرات خارجية ودوافع متنوعة من أجل النيل من آثار تعود الى مرحلة نشوء الخليقة، وظهور المدن، ومهبط الديانات السماوية في العالم، وهو ما جعل تلك الآثار تدور حولها حروب عديدة، وعبر مراحل تاريخية مختلفة، كان منها ذات أبعاد تهدف تدمير الماضي من أجل السيطرة على المستقبل، والآخر من أجل اثباتات ودلائل دينية وردت في التوراة من أجل تحقيق الأرض المقدسة، لاسيما وأن اور واشور ونمرود وبابل وردت نصاً في كتبهم وفي كتب الاغريق واليونان، وحروب أخرى من اجل طمس المعالم القومية الحضارية للبلدان العربية ودورها الانساني، لاسيما وأن هذه الحملة تشمل فلسطين وسورية واليمن . 
- الغزو المغولي للعراق وأثره في تدمير الممتلكات الثقافية:
 تشهد المرحلة التاريخية المذكورة حلقة فاصلة في تاريخ العراق، بأبعادها الكارثية الانسانية والحضارية في بغداد عاصمة الخلافة العباسية على مدى خمسة قرون (132-656هـ)، عندما رافق الغزو المغولي فظائع تفوق الخيال على مدى (40) يوماً، قتل فيها ما بين (800) ألف والمليون شخص حتى أن "القتلى كانوا كالتلال في الدروب والاسواق"، "وجرت انهار العراق باللون الأحمر؛ لكثرة ما سال من دماء" كما يذكر ابن الفوطي عن ذلك.
  كما رافق عملية الغزو تدمير وحرق المراكز العلمية من زوايا ومكتبات، وكانت تبلغ (36) مكتبة في بغداد، وعشرات المدارس وكان أبرزها المدرسة النظامية والمستنصرية، فضلاً عن بيت الحكمة، كما أحرق جامع الخليفة ومشهد الامام موسى الكاظم (عليه السلام)، حتى رمي في اسبوع في نهر دجلة عدد كبير جداً من الكتب والدواوين حتى اتخذت خيول وقوات المشاة وجنود المغول جسراً تمر عليه، وأصبحت مياه النهر سوداء؛ بسبب حبر الكتب والمخطوطات. 
- أثر حروب الدولة العثمانية في نهب الآثار العراقية في القرن التاسع عشر:
  برز مع بداية انحسار المد التوسعي العثماني في أوربا، ومع فقدانهم تفوقهم العسكري أمام الدول الأوربية، وخاصة تجاه روسيا القيصرية والنمسا، تدخل الدول الاوربية في الشؤون الداخلية للدولة العثمانية وتسييرها حسب مصالحها، ومن بين أبرز القضايا التي استغلتها القوى الاوربية الاستعمارية للتدخل في شؤون العثمانيين هي مسألة حماية الرعايا غير المسلمة وحق الامتيازات الاجنبية الذي تم التأكيد عليه في التنظيمات العثمانية،  وصدرت مجموعة من التنظيمات العثمانية في الاعوام 1839 و1856 وعام 1876، التي كانت بمثابة التزام دولي وفقاً للمادة التاسعة من معاهدة صلح باريس في آذار 1856 لم يكن بموجبه السلطان العثماني الغاءه او تغييره إلا بعد موافقه الدول الكبرى، وكان اهم ما جاء في تلك التنظيمات هو الامتيازات الاجنبية للرعايا غير المسلمة، وحق كل من بريطانيا وفرنسا في ادارة الطوائف غير المسلمة، وفسح المجال امام الرحالة والسياح والتنقيبات الاثرية في الأراضي العراقية، وسهولة الحصول على فرمانات سلطانية للقيام بحملات التنقيب، وبذلك غابت السلطة القانونية والسياسية الرادعة من قبل العثمانيين اثناء حكمهم للعراق تجاه ميدان الاثار.
- دوافع التنقيبات الأثرية الاوربية في العراق:
 حملة نابليون بونابرت لمصر وفلسطين في 1798-1799التي أيقظت الأبحاث التاريخية والاهتمامات الاثرية تجاه منطقة الشرق الادنى في اوربا، خاصة وان الحملة رافقها فريق اثاري للتنقيب عن آثار مصر وفلسطين . 
  دمج العلم بالدين، من خلال اثبات صحة ما ورد في التوراة والانجيل من حوادث تاريخية واماكن ورموز عن اور وبابل واشور ونمرود، وذلك باستخدام تقنية حديثة للتنقيب حينذاك. 
- التنافس الأوربي الاستعماري على العراق، وأثره في نقل الآثار العراقية الى المتاحف الأوربية:
 وجدت الدول الأوربية الاستعمارية كل من بريطانيا، وفرنسا، والمانيا القيصرية في ميدان الاثار والكشف عنها مجالاً جديداً للمنافسة فيما بينها، باعتبارها صورة من صور الصراع السياسي الدائر بينهم في اوربا والمستعمرات التابعة لها والجارية نحو تقسيم مناطق النفوذ بينها، ولذلك حملت البعثات الاثرية الاوربية في العراق الطابع السياسي والعسكري والاستخباراتي بشكل عام، هذا الى جانب المغامرين والشخصيات المرتبطة بالمناطق الأثرية من أجل اخراج أكبر كمية ممكنة من الآثار تجاه المتاحف في أوربا.
 وقاد تلك البعثات التنقيبية في القرن التاسع عشر قناصل بريطانيا وفرنسا والمانيا وهو ما يختلف عن طبيعة البعثات الاثرية في ميادين اخرى في المنطقة التي جرت في المرحلة التاريخية ذاتها، فعلى سبيل المثال كانت البعثات الاثرية في فلسطين تحمل الطابع الديني عندما قامت الجمعيات والارساليات الدينية والتبشيرية بتلك الحملات.
البعثات الأثرية البريطانية: الذهاب الى ولاية الموصل للقيام بحفريات في المدن الاشورية وآثار نمرود والمواقع السومرية اول من نقب في الوركاء جنوب العراق.
البعثات الأثرية الفرنسية: ازاء هذا الاهتمام البريطاني في تنقيب المواقع الاثرية في العراق، ونقلها الى المناطق البريطانية، وما ذاع في اوربا عن الثروات الاثرية الضخمة المدفونة في العراق، وفي الشرق الأدنى، وجدت فرنسا في ميدان الاثار والكشف عنها مجالاً جديداً للمنافسة مع بريطانيا بوصفه من مجالات الصراع الاستعماري بينهما على وثائق وقطع اثرية تعود الى بداية الالف الثالث قبل الميلاد وفي عام 1881 ولأجل حماية هذه الآثار المهربة والمحافظة عليها تم انشاء قسم الاثار الذي ضمّ الاثار الشرقية، فعلى سبيل المثال، فإن حملة عام 1894 استخرجت نحو (30) الف لوح . 
   رافق الحملات الفرنسية الاثرية الفرنسية العديدة، عمليات تخريب ونهب من السكان المحليين المحيطيين بتلك المواقع الأثرية، فقد قامت العشائر المحيطة بتلك الموقع باستخراج 35-40 الف لوح انتشرت بين مدن العراق المختلفة، وجرت عمليات مشاجرة وبيع تلك القطع الأثرية وبأثمان بخسة، فمن بين (3800) قطعة، بقي580 قطعة سليمة وكاملة .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=168954
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28