• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأيمان بالله معين دائم للعقل والأخلاق .
                          • الكاتب : جعفر المهاجر .

الأيمان بالله معين دائم للعقل والأخلاق

منذ أن أوجد الله البشرية وألى يوم الحساب خلق الله الأنسان وخلق له عقلا متميزا أرتقى به عن سائر المخلوقات الأخرى ليكون قادرا على التمييز بين الخير والشر والجهل والظلام ولابد أن يسخر عقله وفق قانون الله وميزانه الدقيق بعد أن زرع الله جلت قدرته في كيان هذا الأنسان هذه الشحنة المتوهجة وهي العقل لتنير له الطريق القويم والصراط المستقيم ثم خيره في ذلك أن يختار طريقه بسم الله الرحمن الرحيم : (بل الأنسان على نفسه بصيرة . ولو ألقى معاذيره ) 14- القيامه. 
فالعقل والأخلاق صفتان مترادفتان للأنسان الذي أدرك كنه نفسه وشعر بقيمته المعنوية في هذه الحياة وعندما يتحول هذا العقل ألى خلق قويم لأسعاد البشرية يكون عامل خير ومحبة ووئام في مجتمعه وأذا أراد الأنسان ذلك لابد أن ينهل من معين الأيمان بالله الذي منحه هذا العقل وجعله خليفة في الأرض بسم الله الرحمن الرحيم : (وأذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أني أعلم مالا تعلمون ) 30 - البقره . 
ولا يمكن أن نتصور أن هذا الخليفة في الأرض يسلك طريق الأستقامة في الحياة وينهل من معين الأخلاق بدون الأيمان بالله وبالقيم العليا التي طالبه بها لكي يسير على هديها ويتنور بنورها بعد أن وعى سر وجوده في هذه الحياة الدنيا. 
كما لايمكننا أن نتصور أنسانا يعبد الله عبادة حقيقية خالصة لوجهه وهو سيئ الخلق في تعامله مع بني جنسه من البشر . لأنه أذا انحرف وسلك سلوكا مغايرا عما أراده الله له لابد له من تحكيم عقله ليكشف الخلل الذي وقع فيه كأنسان كرمه الله في هذه الدنيا فيصلح الخطأ الذي وقع فيه. 
أذن فأن شحنة العقل التي يحملها الأنسان معه طيلة حياته لابد أن تدله وتغرس في نفسه الشعور العالي بالأيمان بخالقه الذي يراقب سلوكه وتصرفاته ويعلم ماتوسوس به نفسه وما يخفيه صدره حيث قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم :( ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب أليه من حبل الوريد ) 16- ق. 
ولابد لهذا الأنسان الذي ينهل من منهل الأيمان أن يتكون لديه شعور بأن الله معه في كل حين وأن الله يراه وهو يرى الله بعقله انطلاقا من قول رسوله الكريم محمد ص( أن تعبد الله كأنك تراه فأن لم تكن تراه فأنه يراك ). 
فالأخلاق هي من مفرزات الأيمان ولابد للأنسان الذي يملك عقلا راجحا متوهجا أن يؤمن بالله الذي خلق له هذا العقل العظيم الذي يمكنه أن يغير كل شيئ لصالحه وصالح بني جنسه. 
وعندما يقر الأنسان أقرارا راسخا أن بذرة العقل التي يمتلكها هي من نعم الله الكبرى له لتنير له الطريق تكتمل أنسانيته ويكون عامل عطاء وأبداع وخير وصفاء لاعامل أفساد وهدم وأيذاء. 
وبهذا النهج الحضاري الراقي يكون الأنسان المسلم وغير المسلم الأقتداء بالأنبياء الذين بعثوا من قبل الخالق لأصلاح البشرية وآخرهم نبينا العظيم محمد ص الذي وصفه الله جل وعلى بجملة عظيمة في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم ( وأنك لعلى خلق عظيم ) -4- القلم. 
يقول العلامة الشهيد محمد باقر الصدر في كتابه الخالد فلسفتنا :( لو دققنا النظر في النظريات الأخلاقية الوضعية والتي تجرد الأنسان من أحساسه وتعتبر المفاهيم الخلقية أوهاما خالصة خلفتها المصالح المادية والعامل الأقتصادي هو الخلاق لكل القيم والمعنويات وترجى بعد ذلك سعادة للأنسانية , واستقرار أجتماعي لها فهذا هو الرجاء الذي لايتحقق ألا أذا تبدل البشر ألى أجهزة ميكانيكية يقوم تنظيمها على عدد من المهندسين والفنيين )- فلسفتنا ص 44 
ويقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله ثراه في صفحة أخرى من الكتاب ( وقد حمل الأسلام المشعل المتفجر بالنور , بعد أن بلغ البشر درجة خاصة من الوعي , فبشر بالقاعدة المعنوية والخلقية على أوسع نطاق وأبعد مدى , ورفع على أساسها راية أنسانية , وأقام دولة فكرية , أخذت بزمام العالم ربع قرن , واستهدفت ألى توحيد البشر كله , وجمعه على قاعدة فكرية واحدة , ترسم أسلوب الحياة ونظامها . فالدولة الأسلامية لها وظيفتان : أحداهما تربية الأنسان على القاعدة الفكرية , وطبعه في اتجاهه وأحاسيسه بطابعها , والأخرى مراقبته من خارج , وأرجاعه ألى القاعدة أذا انحرف عنها عمليا ولذلك فليس الوعي السياسي للأسلام وعيا للناحية الشكلية من الحياة الأجتماعية فقط , بل هو وعي سياسي عميق , مرده ألى نظرة كلية كاملة نحو الحياة والكون والأجتماع والسياسة والأقتصاد والأخلاق فهذه النظرة الشاملة هي الوعي الأسلامي الكامل وكل وعي سياسي آخر أما أن يكون وعيا سياسيا سطحيا لاينظر ألى العالم من زاوية معينة , ولا يقيم مفاهيمه على نقطة ارتكاز خاصة أو يكون وعيا سياسيا يدرس العالم من زاوية المادة البحتة , التي تمون البشرية بالصراع والشقاء في مختلف أشكاله وألوانه .) فلسفتنا ص 45 
أن هذا الكلام الذي دونه السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله ثراه هو رد بليغ ودامغ على المعجبين بنظريات فلاسفة الغرب الملحدين الذين يفصلون الأيمان بالله عن العقل والأخلاق ويضعون بينهما فاصلا ويدقوا بينها أسفينا وهذا يتناقض كليا مع رسالة الأنسان في هذه الحياة. 
أن نظريات أرسطو وأفلاطون وجميع من من أعجبوا بها لابد أن تتصاغر وتنكمش أمام النظرية الألهية الشاملة والمنطقية والأزلية . وحين يقر الأنسان بأن العقل الذي يحمله معه في سيرته الحياتية هو هبة من خالقه العظيم وهو الله جلت قدرته لابد أن يسلك الطريق الصحيح والقويم المؤدي ألى معرفة الله معرفة حقيقة دون لف أو دوران أوغموض وترك الجوهر والتعلق بنظريات غريبة تتناقض مع الأيمان بالله تماما و قيم الأسلام العظيمة. وعندما يدرك هذا الأنسان أن مصدر الأخلاق هو العقل الذي وهبه الله له يدرك بالضرورة الحتمية أن الله هو الخالق العظيم الذي وضح لبشريته طريق الخير وطريق الشر بواسطة العقل الذي هو هبة من عنده جل وعلا ولا يمكن أن يأتي عن طريق آخر. ولو أدرك جميع البشر هذه الحقيقة المطلقة لآنتشر السلم والحب والوئام بين مختلف القوميات والأديان في كل مكان من عالمنا الكبير . ولتجنب البشر كل الأنحرافات والمزالق والأمراض والصراعات الكبيرة التي أخذت تعصف بكوكبنا الأرضي الذي نعيش فيه. بسم الله الرحمن الرحيم :( هو الذي أنزل السكينة على قلوب المؤمنين ليزدادوا أيمانا مع أيمانهم .) 4 - الفتح. 
وكل هذا لايأتي ألا مع الحكمة التي تعتبر من أعظم هبات الخالق العظيم . بسم الله الرحمن الرحيم : ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر ألا أولي الألباب . ) 269 - البقره 
وأتمنى من العلي القدير أن يدرك بعض الساسة العراقيين اليوم الذين تعصف بهم الأهواء و الرغبات الشيطانية في التسلط وتقسيم الحصص المخاطر الجسيمة التي ستعصف بالعراق لو ظلوا على نهجهم البعيد كل البعد عن منطق الفضيلة والقيم الخلقية والعقلية العظمى التي وهبها الله للبشر ولابد لهم أن يحكموا عقولهم التي وهبها الله لهم ويراجعوا أنفسهم ويسلكوا الطريق الصحيح في حكم وطنهم فالسفينة لو غرقت لاسامح الله لن يسلم منها أحد جنب الله وطننا كيد الكائدين وغدر الغادرين أنه نعم المولى ونعم النصير . بسم الله الرحمن الرحيم : ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب .) - 18 - الزمر . 
جعفر المهاجر - السويد
7/12/2010 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1688
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28