• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ابراهيم عليه السلام في العراق و القرآن الكريم .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

ابراهيم عليه السلام في العراق و القرآن الكريم

القران الكريم لم يشر إلى اسم المدينة التـي ولد فيها ابراهيم، وإنما نفهم من سياق قصته التي رواها القران الكريم إن البيئة التي عاش بها هذا النبي بيئة قريبة من بيئة العراق القديم ، وبالخصوص بلاد سومر، وذلك من خلال ذكر القران الكريم أن إبراهيم ولغـرض إقنـاع قومـه ببطلان ما يعبدون من آلهة دون االله تعالى تنتقل معهـم بين ثلاثة من الالهة التي كانوا يعبدون واثبـت بطـلان كونها آلهة، حيث ورد "فلما جن عليه الليل رءا كوكبا قال هذا ربي فلما افل قال لا أحب الافلين فلما رءا القمر بازغا قال هذا ربي فلما افل قال لئن لـم يهـدني ربـي لاكونن من القوم الضالين فلما رءا الشمس بازغة قـال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قوم إني بريء ممـا تشركون" (الانعام 76-78). ومن خلال سياق هذه الآيات نجد إنها ذكرت ثلاثـة آلهة كانت معبودة عند قوم إبراهيم وهي الكو كب والقمـر والشمس، والمعروف إن هذه الأجـرام الـسماوية كانـت معبودة في العراق القديم على نطاق واسع ، فعبدت الآلهـة اينانا (عشتار)، حيث كانت ترتبط مع كوكب الزهـرة. وتذكر إحدى النصوص السومرية بخصوصها : هي المهيمنة ، هي سيدة الأرض في ابسو اريدو استلمت صلاحية اتخاذ القرارات ، واريدو مدينة تقع بالقرب من مدينة اور ، التي ورد بحسب التوراة إنها المكان الـذي ولد وهاجر منه ابراهيم عليه السلام كما سبق، وعليه فقـد عـرف في محيط مدينة اور عبادة الكوكب الذي أشار إليه النبـي ابراهيم عليه السلام ومما يؤيد اعتبار هذا الكوكـب هـو كوكـب الزهرة إنها أجمل الكواكـب وأبهجهـا وأكثرهـا ضـياء ، وضوءها اول ما يجلب النظر الى الـسماء بعـد ان يجـن الليل. وانتشرت الزقورات في جنوب العراق التي هي مكان يصعد عباد الكواكب الى اعلاها للنظر الى هذه الكواكب.

بعد قدوم ابراهيم عليه السلام من اور جنوب العراق الى بابل وسط العراق. طلب منه اهل بابل ان يشاركهم احتفالاتهم فاعتذر قائلا "إِنِّي سَقِيمٌ" (الصافات 89) فعندما ذهب اهل بابل من المدينة للاحتفال إغتنم إبراهيم تلك الفرصة دخل معبدهم حيث الأصنام والأوثان وأمامها الأطعمةُ الكثيرة الّتي احضرها الوثنيون هناك بقصد التبرك بها فقال للاصنام مستهزءا بهم لماذا لا تأكلون "فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ" (الصافات 91-93) فحطمها جذاذا اي قطع صغيرة وترك الصنم الاكبر وسط المعبد ووضع المعول على عنقه"فجَعَلَهُمْ جُذَاذًا * إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ" (الانبياء 58-59). وقد شك اهل بابل بابراهيم فقدموه الى الملك الظالم الذي ورد ان اسمه نمرود فقال له "مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إبْراهيْم" (الأنبياء 59) فقال إبراهيم "فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ" (الأنبياء 63). وامر الطاغية نمرود بحرق النبي ابراهيم عليه السلام ولكن الله جل جلاله جعل النار بردا وسلاما "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ" (الانبياء 69).

والبعض يقول لماذا لا نجد للنبي ابراهيم عليه السلام اثار في جنوب ووسط العراق؟ والجواب ان الانبياء والاولياء الصالحين هم المضطهدين ينتقلون من مكان لاخر ويختفون عن الانظار عكس الحكام الطواغيت والفراعنة التي آثارهم باقية الى يومنا الحالي. ولكن ورد في الاثار والكتب المقدسة ان برس الواقعة جنوب مدينة الحلة الحالية فيها مقام النبي ابراهيم عليه السلام هو مسكنه وان المحرقة قرب مسكنه. وتوجد اثار بالكتابة العبرية في مدينة الكفل القريبة التي يعتقد ان حزقيل مدفون فيها كما يعتقد اليهود ولكن المسلمين يعتقدون انه النبي ذا الكفل عليه السلام الذي ورد اسمه في القرآن الكريم "وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ" (الانبياء 85).

فإبراهيم عليه السلام هو ابن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن ارغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن ارفخشد بن سام بن نوح، أما أمه فهي نونا بنت كرنبا بن كوثا من بني ارفخشد بن سام. اختلفت الآراء حول شخصية والد إبراهيم عليه السلام فمنهم من قال أن آزر هو والده وآخرون قالوا أن والده تارخ، وقد ذهب أصحاب الرأي الأول إلى ما ورد في الآية الكريمة: "إذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين" (الانعام 74) وأما أصحاب الرأي الثاني فقد قالوا إن آزر عمه وليس أبيه لأن أباه تارخ فقد نقل بعض الأفاضل أنه لا خلاف بين النسابين إن اسم والد إبراهيم عليه السلام تارخ وهذا غير مستبعد لاشتهار تسمية العم بالأب في الزمن السابق وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله ذلك بقوله: (لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، حتى أخرجني في عالمكم هذا، لم يدنسني بدنس الجاهلية) ولو كان في آبائه كافر لم يصف جميعهم بالطهارة، مع قوله تعالى: "إنما المشركون نجس" (التوبة 28). وقد ذكرت بعض الروايات أن تارخ والد إبراهيم توفي قبل أن يولد ولده، فانتقلت أم إبراهيم عليه السلام إلى دار شقيق زوجها آزر وهي حامل بإبراهيم عليه السلام كان يوم الأول من ذي الحجة يوماً مميزاً إذ ولد فيه إبراهيم عليه السلام. كان بين الطوفان ومولد إبراهيم عليه السلام ألف سنة وتسع وتسعون وقيل ألف ومائتا سنة وثلاث وستون وذلك بعد خلق آدم عليه السلام بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وسبع وثلاثين سنة. وقد روى أبو أمامة أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: كم بين نوح وإبراهيم؟ فقال صلى الله عليه وآله: عشرة قرون.


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=166736
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 04 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19