• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الاستعاذة .
                          • الكاتب : الشيخ محمد مهدي الاصفي (طاب ثراه) .

الاستعاذة

 من المفاهيم الأصيلة في الثقافة الإسلامية (الاستعاذة) من الشيطان...


عندما يواجه الإنسان خطراً لا يقوى على دفعه عن نفسه يلجأ إلى نقطة آمنة قوية تقوى على حمايته ودفع الضرر عنه ويفر من منطقة الخطر التي يتعقبه فيها العدو إلى منطقة آمنة لا يستطيع العدو أن يتعقبه فيها.

وهذا اللجوء والفرار من منطقة الخطر إلى منطقة الأمان هي الاستعاذة، وهي طلب اللجوء والحماية والأمن، والاستعاذة مفهوم شائع قديماً وحديثاً، فقد كان من عادة العرب أن يحموا من يحتمي بهم ويدخل في حمايتهم ويدافعوا عنه واشتهر فيما بينهم المثل العربي الشائع (أحمى من مجير الجراد)، في قصة معروفة

وهو اليوم مفهوم شائع في العلاقات الدولية في حالات اللجوء السياسي والإنساني، وهو مشتق من نفس المفهوم والمعنى بتطبيقات معاصرة وحديثة. وكما يلجأ الإنسان من العدو الذي يتعقبه ليفتك به إلى ملجأ أمين يعوذ به ويحميه، كذلك جعل الله تعالى للإنسان ملاذاً يلوذ به وملجأ يحتمي به من سائر الشرور والأخطار المحدثة والتي تهدد حياته وسلامته.

فالأمراض والأوبئة من الشرور التي تهدد حياة الإنسان، وقد جعل الله تعالى في الطب والتعليمات الصحية ملجأ للإنسان يحتمي به من فتك الأمراض والأوبئة.

والشرور والأخطار التي تهدد أمن الإنسان وسلامته على نحوين:

شرور كونية خارج النفس كالأمراض والأوبئة والصواعق والزلازل والفقر والجدب والأزمات الاقتصادية والهزائم العسكرية، وشرور تعمل داخل النفس وهي الأهواء والشياطين التي توسوس داخل النفس.

وقد ورد ذكر الاستعاذة في القرآن الكريم في آخر سورتين من القرآن الكريم، وهما سورة (الفلق) وسورة (الناس)، وفيهما يأمرنا الله تعالى بالاستعاذة من هذين النوعين من الشرور، وهما الشرور الكونية خارج دائرة النفس، والشرور التي تعمل داخل النفس، وهي الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس.

وسورة (الفلق) تخص الاستعاذة من القسم الأول من الشرور:

{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }.

وسورة (الناس) تخص النوع الثاني من الشرور، وهي الشرور العاملة داخل النفس الشريرة:

{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ }.

وبالشرح الذي قدمنا لمعنى الاستعاذة واللجوء وطلب الحماية والأمن يتضح لنا أن الاستعاذة من مقولة (الفعل)، وليس من مقولة (القول)، فلا تحقق الاستعاذة في حياة الإنسان شيئاً إذا اقتصرت على القول، ولم يكن في هذا القول (طلب) أو (فعل).
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=166461
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29