• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عاشوراء .. أنسنة الثورة وعقلنتها !.. .
                          • الكاتب : الشيخ محمد قانصو .

عاشوراء .. أنسنة الثورة وعقلنتها !..

قيمة الثورة وآية عظمتها تكمن في منظومة الأهداف التي ترسمها وتسعى إلى تحقيقها, وفي المسار الذي تسلكه في حركتها بحيث يعكس حضاريتها وسلامة فكرها ومنهجها وممارستها.

وهكذا عندما ندرس تاريخ الثورات التي حفل بها التاريخ ونتأمّل في حيثياتها ونهاياتها, وما استطاعت تحقيقه من مبتغيات أو أحدثته من تغييرات, فإنّنا نخلص إلى إصدار الأحكام وإبداء المواقف المؤيّدة أو المعترضة انطلاقاً من الواقعية والتجرّد الموضوعيّ المحايد لكلّ غرائزيّة عمياء أو انقياديّة بكماء. 
عندما نلتقي بثورة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) لنحاكم هذه الثورة أو الانتفاضة أو ما شئت فعبّر من التسميات والتوصيفات والتي تختلف في الشكل وتلتقي في المضمون, فإنّ الإنصاف يقودنا إلى حقيقة لا مجال لإنكارها أو تمويهها, وإلى خلاصة مفادها أنَّ هذه الثورة هي إنسانية بكلِّ دقائقها وتفاصيلها ومجرياتها, وأنّها كانت صرخة عدالة في وجه الظلم, وانتصاراً للحقّ في مواجهة الباطل, وهي في وضوحها وعظمة تضحياتها ومأساوية أحداثها ترتفع لتتحوّل إلى منارة وقبلة لكلّ الثوار, ومرجعاَ مهمّاً لكلّ الحركات التحرّرية التي تنشد العدل وتناهض القهر.
أمام هذه التوصيف تتحدّد طبيعة الموقف, وتتحدّد أشكال التعبير عن الانتماء والتبنيّ لهذه النهضة العظيمة بما يحفظها ويحسن إليها, وبما يبتعد بها عن كلّ ما يشوبها ويسيء إليها من مواقف وممارسات .
إنّ الوفاء لهذه الثورة الخالدة يتجسّد في حمايتها من كلّ الحشو والإسقاط والتجيير, وبعدم تحويلها إلى بوق من أبواق التحريض الفئويّ والمذهبيّ, وعدم الاستعانة بها لاستعداء الآخر المختلف في الرأي الموافق في الهويّة ..
الوفاء لعاشوراء وقائدها يكون بتحويلها إلى مدرسة للعقلنة والإبداع, و بتشذيبها من العادات والتقاليد الملصقة بها, التي تسجنها في دائرة الجمود والمأساوية ولا تنطلق بها إلى أفق الفعل والتغيير والبناء .
ولعلّه من الواجب الاعتراف بأنّ هناك خطأ يرتكب ولا بدّ من تداركه ومعالجته, وهو يكمن في محاولة البعض اختصار الحسين (ع) وثورته في شخصه أو عنوانه أو منطقته متناسياً أنّ العظماء والقادة هم ملك البشرية جمعاء, وأنّ تجاربهم وإنجازاتهم لا تخضع لموازين الإرث والحصرية, ولا يصح تحجيرها تحت أيّ إدعاء أو مبرّر من المبرّرات .
إننا نحتاج للتاريخ الذي عندما نستعيده ونستحضره نغتني به ونستعينه على معالجة أدوائنا, ونتعلّم من دروسه وعبره ونستفيد من تجاربه بما ينفعنا ويعزّز من قوتنا ومنعتنا, أما أن يكون استحضار التاريخ لتأجيج خلافاتنا وتعميق هواتنا ومضاعفة منسوب الجهل المتراكم في بيئتنا فهذا ما لا نريده ولا نتمناه لأنّه لا يزيدنا إلا ضعفاً ووهناً وانهزاما .              
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1659
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29