• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : من المسؤول ؟ إصدارات للوجاهة وأخرى للظهور في الإعلام ! .
                          • الكاتب : زيد الحلي .

من المسؤول ؟ إصدارات للوجاهة وأخرى للظهور في الإعلام !

   ركام الكتب ... أفكار هزيلة وتجارب رثة
 صارعتُ نفسي كثيراً قبل البدء بكتابة هذا الموضوع ، إنه نوع من نشر الغسيل ، وهذا من المحرمات في نهجي ، لكن ما شاهدته ولمسته من حالة معيبة شملت حيزاً ليس بالقليل من المشهد الثقافي العراقي ، ألح عليّ بالخوض فيه ، رغم كُثرة الغامه وخطورة مساراته ، و( قوة) القائمين على شيوع ظاهرته  ، وأعني بذلك ،  ظاهرة  الكم " المريب " من الأصدارات البائسة من الكتب ..
ولوأستمر الحال على ما هو عليه الآن ، دون تدخل جهة معينة ، كأن تكون لجنة مشهود بكفاءة من يمثلها منبثقة عن الأتحاد العام للأدباء في العراق ، لها صلاحية قرار نشرالكتب  من عدمها ، فأن واقعنا الثقافي سيدخل ، إن لم يكن قد دخل فعلاً ، في نفق لا نهاية له ، نتيجة خلق أوهام ثقافية وتقديم أسماء لاتتمتع بجذور معرفية ، فأصدار كتاب ليس مجرد رغبة شخصية ، بل هو شأن عام يدخل في باب الذائقة الثقافية للعراق ، وبدلاً من فرحنا بسطوع نجم مبدع حقيقي في سمائنا الأدبية ، سيكون أمامنا واقع حال مؤسف يضم أسماء لا حصر لها ، تحاجج من يتصدى لها بالقول ، بأن لديها مؤلفات ونتاجات مطبوعة في الشعر والرواية والأدب والفنون ممهورة بصورهم و أسمائهم  ذات البنط العريض ..!
 قبل ان أضع يدي على هذا الجرح الثقافي الغائر ، الذي يحمل بين جنباته واقعاً مأساوياً ، لا يمكن التكهن بنتائجه المستقبلية ، كنتُ أعيش فرحاً تمثله كُثرة الاصدارات العراقية ، وكلما وقع نظري على قراءة لإصدار جديد في صحيفة  ، او أسمع خبرا في الإذاعة او التلفزيون عن صدورنتاج ثقافي عراقي ، فأن  الغبطة تغمرني، غير ان هذا الفرح تحول عندي الى غم ونكوص ، فمعظم تلك الإصدارات يمكن ان نطلق عليها عنوان ( اصدار شخصي ) لا قراء له ، والهدف منه وجاهي ، ووضع تراكمات لتجذير أشخاص تعوزهم التجربة ، تلهث وراء  شهرة موهومة لا سند لها ، وبكثرة ( اصداراتها ) ذات الطابع الشخصي ، المغلف بسراب الثقافة ، فأنها تؤسس لأسماء توحي للآخرين بأنها ذات ثقل معرفي بدلالة المطبوعات التي تحمل تلك الأسماء .
 
أرقام خجلى..!
 
 وتفاصيل المشهد الذي حوّل فرحي الى حزن أذكره بهذه السطور  :
 خلال الأشهر القليلة الماضية  بدات ابحث عن مطبعة مناسبة لطبع كتابي ( خمسون عاماً في الصحافة )  الذي صدر مؤخرا ونفد والحمد لله  . شمل البحث عشرات من دور النشر والمطابع في سوريا من التي شاعت مسمياتها في العراق ، من خلال اصدراتها لآلاف العناوين من هواة التأليف (الوجاهي ).. لقد ذهلتُ حين عرفت ان النسبة الكبرى من تلك الاصدارات ( مرمية) في سراديب ومخازن تلك المطابع ودور النشر ، وحين سألت المعنيين في تلك الدور والمطابع عن هذه الظاهرة ، قالوا بأستهزاء، نتيجة خبرتهم ، ان المؤلف العراقي يدفع ثمن الطبع ولا يهمه توزيع وكمية مايطبع  ،  والذي يهمه ويستقتل من أجله فقط هو حصوله على مائة او مائتي نسخة من كتابه بهدف التباهي به من خلال الإهداءات وتوكيد الذات امام من يريد ،  والسعي لشغل حيز من هذا البرنامج التلفزيوني او ذاك الإذاعي ليكون ضيفه ، ووضع اسمه على لائحة  الإستضافة في أحد المنتديات في بغداد اوالمحافظات ...
اذاً ان طباعة الكتاب عند هواة الثقافة ، يعني التواجد في (حديقة) الثقافة العراقية ، ولا يهم ان طبع من كتابه عشرة او مائة او خمسمائة نسخة ، وقد أصبحت ظاهرة الطبع للعراقيين محل تندر في الوسط الطباعي في سوريا ، وأظن ان الأمر نفسه في بيروت اوفي القاهرة ..
هل ما ذكرته يندرج ضمن باب الحرية الشخصية ؟ نعم ، يصح ذلك الوصف ، لكن مديات هذه الحرية ، تعكس سلبية وحفرة في جدار الثقافة العراقية بتراثها وتاريخها وإرثها ، في قابل السنين ، ففي ضوء حمى الإصدار ( الوجاهي ) سيتم بلا ريب  محاكمة الثقافة العراقية ، وعلى عاتق الجهات المختصة  في ضوء هذا التصور ، النظر الى هذا الموضوع بعين المسؤولية ، فالتاريخ لا يرحم أحداً ، وويل لمن يقع تحت مطرقة وسندان التاريخ .. ان كل صور الحياة  تستمد مداها من الأفق ، إلاّ مجال الابداع  فأن مداه من الروح المفعمة بالتجارب والرؤى الحياتية ، وعلى من يريد ان يدخل ميدان المعرفة ، التسلح بأبداع لا تشوبه شائبة النرجسية  ..
شهرة موهومة ..
 
ليس بطراً الأشارة لهذه الظاهرة التي تدلل على صبيانية ، تتوق الى شهرة موهومة ، فالتوقف عندها ،  واجب ومسؤولية كبير وخطيرة ، قبل ان يقف (جيل)يحمل مؤلفات لم يقرأها سواه ، مطالبا بموقع لا يستحقه  ، متعكزا على كتب فقيرة في المضمون  ، لا مثابة تؤشر لها  سوى إسم يضاهي  عنوان الكتاب وصورة ( مؤلف ) تضاهي الإسم والعنوان ..!
بعض من قرأت كتبهم ، بألحاح منهم ، لاحظتُ إنه يرومون صعود قمة جبل صنعوه في مخيلتهم ... جبل من شهرة عرجاء سرعان ما تضيع في لجة سباق الأبداع ، انها والعدم سيان ، وبالرغم من ذلك تجدهم يقتّرون على أنفسهم وعلى عيالهم في سبيل نشر كتاب بعنوان غريب ، غرابة ما فيه من طحالب !
 وهنا ، لا أخجل من الأعتراف ، بأننا نضعف امام كلمة مودة ، ولذلك لانستطيع ان نحرج أحداً عندما يقدم الينا كتابا ( ألّفه ) ، مهما كان مستوى ضعفه ، بالعكس تماما من دول الغرب ، فهناك اذا لم تعجبهم سياسة مسؤول ما ، فانهم يقذفوه بالبيض الفاسد ، وإذا ألف احدهم كتاباً وشعروا بأنه دون المستوى المقبول ، قالوا لكاتبه : كفى ، رحمة بنا ورحمة بالقصة والشعر وبقية الفنون !
في السابق ، ولا أقصد الفترات القريبة المنصرمة ، بل أقصد سنوات اربعينيات وخمسنيات وحتى ستينيات القرن المنصرم  ،  لم يكن مسموحا لأحد ، مهما علا أسمه  وذاع صيته بطبع كتاب ثقافي دون ان يحصل على جواز مرور من خبراء لهم  باع في مختلف الاختصاصات ، وعجبي الآن لشباب من الجنسين آراهم يهرولون الى طبع  كتب بلهاء تزينها أغلفة مستلة من الأنترنت ، وعندما تستفهم منهم متعجباً ، يشيرون اليك بفخر لا يدركون خطله ، بأن  مادة كتبهم سبق ان نشروها في  صحف محلية ، وبالبحث عن تلك الصحف تجدها ، مثل ابرة خيط في غابة من صحف حديثة العهد بالمحيط الصحفي العراقي ، يشرف عليها هواة إسم فقط ... صحف يكون المرتجع فيها مساويا لكمية الطبع !
 
انتقال الظاهرة الى المهجر !
 
أنني أتفهم بأن لكل امرئ في الحياة شأن يبتغيه او هدف يرنو اليه ، لكني لا أتفهم اولئك القابعون في زوايا الراحة وعدم المسؤولية  ، ورأسمالهم قراءات مبتسرة ، حين أراهم لاهئين لطبع كتب بعناوين رنانه وبمضامين هلامية ،  انهم يعيشون على هامش الحياة الثقافية المتجذرة في العراق ، وشأنهم في ذلك شأن الطفيليات او الأعضاء المشلولة ، لا يرجى منها نفع ولا يعقد عليها رجاء ، بل تؤسس لمرحلة ضبابية تسئ للطموح الثقافي العراقي ، والغريب ان عدوى وحمى اصدار المؤلفات ( الشخصية ) التي لا تسعى الى القارئ ولا يسعى اليها القارئ ، انتقلت الى  بعض العراقيين  في المهجر ، فلقد شاهدتُ في مخازن دور النشر في سوريا أطنان من الكتب مدفوعة الثمن من ( مؤلفيها )  علتها الاتربة ( صوّرت معظمها ) ، وحين سألت عنها جاءني الجواب القاتل : لقد اكتفى ( المؤلفون ) بعدد من النسخ ، حملوها معهم الى حيث يقيمون مكتفين بعرضها على الاصدقاء ، ونشر أغلفتها في المواقع الأكترونية ، اوبعثها الى وزارات الثقافة في بلدان الاقامة والى بعض الاقطار العربية التي أعتادت على اقامة المهرجانات  الشعرية والثقافية ، لعل وعسي ان يحظوا بدعوة رسمية لحضورها ، ومعظهم بات يحمل معه cv يتضمن اصداراته ، وهي كثيرة ، لكنها لا تجد لها من يقتنيها في المكتبات ، بأفتراض إنها حظيت بالتوزيع ! 
إن هؤلاء واهمون في كتاباتهم ، فهي بلا خيال ، فالخيال عند الكاتب الحقيقي  وسيلة لإدراك الحقائق التي قد يعجز عن إدراكها الحس المباشر، بينما الوهم الذي يسير في دربه هواة الأصدارات هو هروب من الواقع ومن الحقائق ، دون السعي الى الأهتداء اليها ، ومن الغريب ان بعضهم ، مولع باللعب على حروف الكلمات  ، فتراه يحاول جاهداً استيلاد معان يضنها ستكون جديدة ، فيجهد نفسه في ضم بعضها الى بعض ، ضاناً ان كلماته ستتسع لتشكل مادة يعتقدها صالحة للنشر في كتاب يحمل أسمه ، غير ان الحقيقة عكس ذلك ، حيث تكثر فيها الهنات والطلاسم !
وليس من جديد في قولي  ، ان الثقافة العراقية المعاصرة قامت على اسماء ومؤلفات حقيقية وجادة ، وهما ركنان متينان وراسخان ، ارتكز عليهما المشهد الثقافي والادبي والشعري والفني في العراق ، ويستند اليهما مستقبله ، واسم المثقف ومؤلفه ، بمثابة الجناحين للطائر ، لا يرتفع بواحد منهما ، بل يحتاج الى الأثنين لينهض بهما ، ويطير ويحلق في الأجواء الفسيحة .. وهكذا كان الجواهري وعلي جواد الطاهر وجعفر الخياط  وبدرشاكر السياب وعلي الوردي  و.. و.. فان كتب هؤلاء مازالت تطبع لعشرات المرات  وتلقي العناية والدراسات من قبل النقاد العرب والعالميين وهؤلاء الأفذاذ ، يغنون القارئ بمؤلفاتهم ، لأنهم موسوعة معرفية كاملة في حقول ومجالات كل علم  ، وثقافة ادبية وشعرية وفنية ومحيطات زاخرة بالمعلومات  والعطاء الجديد ، المتجدد ..  كتاباتهم خيوط حرير تضم اناقة العبارة  وعمق الفكرة ، ومن يصاحب أدباء وشعراء تلك الحقب الرائعة من تاريخ العراق  ويتنقل بين مؤلفاتهم ، يذهب الى عالم رحب ، واسع الآفاق وينقاد بإرادته الى الأفكار الجديدة والفنون المختلفة  ، ويغوص معهم في عالم غني بالثقافة والعلوم وروح الشعر... انهم ذهب من عيار 24 وليس مثل مؤلفي هذا الزمن الذين لا تُقرأ مؤلفاتهم  ، كونها ذات نفس شخصي لا ترتقي الى ابداع يؤسس لمشهد ثقافي جديد في رؤاه ومضمونه ، وصدق من قال ان الثقافة  الحقة مثل الأرض الجيدة ، تحتاج الى فلاح ذكي ونشيط ،  فكيف الحال اذا كان لدينا فلاحون كسلاء يعتمدون على السهل من المزروعات المعتمدة  في سمادها على فضلات الحيوانات .. إنهم مثل الذي يأكل الخس وينسى سماده !
 
هل نستفد من دروس المبدعين ؟
 
على " هواة " الأصدار النيء غير المطبوخ ،  وغير المدروس ،  ان يصبروا بعض السنين على ما يرونه مادة تصلح للنشر في كتاب ، لتنضج وتتفاعل عناصرها حتى تصل الى التشكيل المقبول الذي يؤثر في وجدان القارئ .
وعليهم بالكاتب الكبير " كافكا " اسوة حسنة ، فهذا الكاتب كان لا يثق بما يكتب في بداية مشواره الأبداعي  الى الحد الذي كان يحرق فيه معظم كتاباته ، كان يحسُ بالخجل كون أدواته وقدراته ليست على ما ينبغي لأصدار كتاب ، فأين هؤلاء من عصر"كافكا"... انهم يتباهون بقصور أدواتهم ، إذ يعتبرون ذلك فتحا جديداً في أسلوب الكتابة المعتمدة على خربشات ومنقولات ، مثلها ، مثل ثعابين تتجول في الظلام ، متناسين ان المادة التي تصلح للأصدار في كتاب او النشر في مجلة او صحيفة ، ينبغي ان تكون ساحرة ، ممتعة ، تتشكل من بيئة كلماتنا اليومية  ، لكن وجدان الكاتب ينسقها بنفس متراكم ، لتتناغم مع وجدان القارئ .. ان الموهبة المصقولة بتجارب السنين والناضجة على نارالزمن الهادئة ، كقطرات الندى بالنسبة للأزهار .. فهل يتعظ هواة النشر وعاشقي اصدارات (الكتب) ؟
ان حزني على ظاهرة طباعة الكتب ، بهدف التباهي ، ينبثق من حزن على مرحلة تاريخية بأكملها ، تلك التي اشرت اليها سابقا  ، كانت  مرحلة عزيزة  انطوت صفحاتها ، وحلت بدلها مرحلة  تحمل هشاشة واحدة ، وانني هنا أحتكم الى مكتباتنا ، وآمل من المشرفين عليها ان يدلوا بآرائهم  ، بشان بعض الكتب التي ( غامر ) بعض هواة التأليف بتوزيعها عليها بأيديهم ، رغم قلة نسخها ، لبيان المباع منها .. احد الأصدقاء من اصحاب المكتاب حدثني قائلاً ان كاتبا ممن يطل بأستمرار من على شاشات التلفزيون ، رجاه بعرض 15 نسخة من كتاب صدر له ، وبعد مرور سنة كاملة لم يبع منه نسخة واحدة ، رغم انه كان معروضاً في واجهة متميزة من المكتبة ، في حين باع أكثر من مائتي نسخة من كتاب لمؤلف عراقي مضى على وفاته 18 عاماً !!
ان استعجال الشهرة ، نقمة كبرى ، والساعين الى اصدار كتبهم بطبعات قليلة النسخ ، من أجل ان يتأبطوها في حلهم وترحالهم ، لايدركون مخاطر فعلتهم على مستقبلهم ، فليس مفيداً ان يقوم فلان اوعلان بجمع فكرة من هنا وأخرى من هناك ليكمل بضع صفحات ، ليصدر كتاباً ، فالكتاب الحق هو ذلك الكائن الذي يسر الى القارئ  بما يضمه من أحاسيس غير منظورة ، يحدثه عن سطور الكاتب ، حديث الصديق عن صديقه ، بل حديث العاشق عن معشوقه ..
ولا جديد في قولي ان الثقافة لاتنموملكتها في النفس ، إلاّ بكثرة مطالعة الجيد والمفيد في المجالات المعرفية بمختلف صنوفها ، وبعد حصول هذه الملكة ، لا بد من الدرّبة الطويلة على الكتابة ، وتتبادر الى ذهني معلومة قرأتها  في كتاب صادر قبل سنين لا زال يحتل الصدارة في مكتبتي ، أسمه ( دفاع عن الادب ) للناقد الفرنسي الشهير " ديهامل" حيث ذكر في معرض كلامه عن القاص العملاق " بلزاك " ان القاص سوّد مئات الصفحات قبل ان يعثر على ذاته ، فالكتابة  أذن ، هي صناعة يجب ان يحذقها المتصدي لها بطول المران قبل ان يجرؤ عليها ..
ويبقى كتاب (مراسلات فلوبير) الذي وضعه  الكاتب الروائي جستاف فلوبير مثابة مهمة للراغبين في دخول ميدان النشر ... والكتاب ضم الرسائل التي كان يرسلها فلوبير لأصدقائه من مفكري و أدباء عصره و بعض الأقارب و الناشرين و غيرهم ، ومن يقرأ تلك المراسلات ،  يشعر بقيمة التدقيق  في الكتابة قبل النشر الى جانب ما فيه من أفكار و آراء أدبية . فـ (فلوبير) يؤكد على محترفي الكتابة أن تكون كل كلمة في مكانها بحيث لا يمكن تبديلها بما أحسن منها .. وهو يحرص على ذلك لحد إرهاق نفسه ، لكن ما أراه في معظم الكتب الصادرة ، وهي بالآلاف ، ان ( الكاتب ) يكتب بلا تدقيق لأفكاره ، فنراه يتنقل من هنا الى هناك ، وهو فرح بهذا التنفل العشوائي ، فالمهم عنده أصدار كتاب ، وليحدث بعد ذلك ما يحدث .
فهل سيتعلم هواة الاصدارات هذا الدرس من " بلزاك " ومن " فلوبير " ومن " كافكا " وغيرهم من مبدعي العرب والعالم .. ؟
 
خواطر ام ابداع ؟
 أن هواة الأصدارات  نسوا ، ان كتاباتهم لاتتعدى خواطر بسيطة وآراء بلا تجارب ..وإنهم يهرفون من ما تجيش بهم مخيلاتهم  المراهقة ، وهي على العموم مخيلات  تصب في خانة حب الذات وتأكيد موجودية ، متناسين  ان قيمة الكاتب والكتابة والكتاب ، هي في الصلة بين معنى ما يُكتب وبين موضوع الكتابة ، وهم عندما  يدفعون الى الطبع  ما يعتقدون إنه نتاج ثقافي ، شعراً كان ام رواية  .. الخ  ، فأن همهم البحث في كتب اللغة والشعر عن كلمات يعتقدون انها  تدلل على ثقافة وصقل ، غير مدركين ان اللغة هي مجرد وسيلة للإفصاح عما يختلج في النفس من فكر ، ومن المفيد توضيح ذلك الفكر الى اقصى حد مستطاع ، لأنها كلما ازدادت تبسيطا، ازدادت قدرة على تحقيق وظيفتها في نقل الفكر الى الآخرين .
رحم الله الشاعر نزار قباني الذي اجاب في اكثر من قصيدة عن سؤال : لماذا يكتب ؟ قائلاً : اكتب كي أفجر الأشياء ، والكتابة انفجار ... اكتب كي ينتصر الضوء على العتمة ، اكتب كي تفهمني الوردة والنجمة والعصفور ، والقطة والاسماك والأصداف والمحار ...
فهل تساءل هواة الإصدارات ، ماذا يكتبون ولمن يكتبون ؟
 أتمنى !  
لقد آن الأوان لموقف حازم  ، فصدور كتاب هزيل بهدف المباهاة ، يعني غرس خنجر في خاصرة الثقافة العراقية ، وهذا الخنجر يفعل مفعوله في الحقب القادمة ، ولا  أظن ان هناك من يرتضي ان يشار لثقافة العراق في المستقبل بأنها ثقافة هزيلة بدلالة وجود 17 الف عنوان لإصدارات عراقية في غضون عام واحد هو العام 2010 ومن دار نشر واحدة في .. دمشق !
فهل لدينا 17 الف مبدع ، يجروء على طبع كتبه ، ولا أدري ؟
افتوني مأجورين وجزاكم الله خيرا ... وأستغرفك ربي !
 
zaidalhilly@yahoo.com
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=16562
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28