• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : القضاء والقدر في ميزان القرآن الكريم والسنة (ح1) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

القضاء والقدر في ميزان القرآن الكريم والسنة (ح1)

في آيات قرآنية كلمة القضاء او مشتقاتها لها اكثر من معنى مثل العمل "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ" (الجمعة 10)، و "فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" (طه 72) وتأتي بمعنى الامر، و "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ" (سبأ 14)، و "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ" (البقرة 200) وتأتي بمعنى انقضاء العبادة. والقضاء في الزمان "ثُمَّ قَضَى أَجَلًا" (الأنعام 2)، و "فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ" (القصص 29). والقضاء في القصد "فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا" (الأحزاب 37)، و "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (الأحزاب 23). والقضاء المطلق "وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ" (فصلت 45)، و "وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ" (مريم 39).

القضاء والقدر في الميزان القرآني له ارتباط باذن الله ومنها الايمان والطاعة "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (يونس 100)، و "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْن اللله" (نِ االنساء 64))للَّهِ" و "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ" (البقرة 249)، و "وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (البقرة 102)، و "إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" (المجادلة 10)، و "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" (هود 6)، و "وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ" (محمد 19)، "وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولً" (الانفال 42)، و "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا" (الاحزاب 38).

والقضاء والقدر في ميزان القرآن الكريم كلمتان مترادفتان حيث من معاني القضاء هو القدر (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) (الحديد 22)، و (نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين) (الواقعة 60). وقال النبي صلى الله عليه واله وسلم (كتب الله مقادير الخلائق).

القضاء في اللغة يعني احكام الامر وتنفيذه لهذا يسمى قاضيا لانه يحكم وينفذ القانون. واعلى درجات القضاء هو قضاء الله وقدره. اما في ميزان القرآن فقد ورد بافعاله واسمائه نحو 60 مرة واكثرها على صيغة فعل "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ" (الجمعة 10)، والفعل الماضي كما في قوله تعالى "فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ" (الاحقاف 29) ورد اكثر من الفعل المضارع "إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" (الجاثية 17).

و في ميزان القرآن للقضاء معاني عدة منها معنى الامر "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " (الاسراء 23). ومعنى الخبروالاعلام "وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ" (الحجر 66)، و "وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ" (الاسراء 4). والموت "وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ" (الزخرف 77)، و "فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ" (القصص 15). ومعنى الفصل "وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ " (مريم 39)، و "فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (يونس 47).

ومن الايات التي ذكر فيها القدر ومشتقاته " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر 49)، و "إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (الطلاق 3)، و "نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ" (الواقعة 60). فقدر الاشياء بيده سبحانه وهكذا قدر الموت.

ورد عن ابن عبّاس قال: دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أجل يا شيخ، فو الله ما علوتم تلعةً ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر، فقال الشيخ: عند الله أحتسبُ عنائي يا أمير المؤمنين، فقال: مهلا يا شيخ، لعلّك تظنُّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزّجر، ولسقط معنى الوعيد والوعد، ولم يكن على مُسيء لائمةٌ ولا لمحسن محمدةٌ، ولكان المحسن أولى باللاّئمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من الُمحسن، تلك مقالةُ عبدةِ الأوثانِ وخُصماءِ الرحمن وقدريّة هذه الاُمّة ومجوسها. يا شيخ إنّ الله عز وجل كلّف تخييراً، ونهى تحذيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً، ولم يُطَع مُكرهاً، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، "ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ" (ص 27). وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى القضاء والقدر حينما سأله الشامي فقال: الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَالتَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَتَرْكُ الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ وَالْخِذْلَانُ لِمَنْ عَصَاهُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي أَفْعَالِنَا وَقَدَرُهُ لِأَعْمَالِنَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَظُنَّهُ فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطُ الْأَعْمَالِ.

وجاء القضاء في القرآن بمعنى استيفاء وتمام الامر "أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ" (القصص 28). ومعنى الخلق ""فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ" (فصلت 12). ومعنى الارادة "وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (البقرة 117). و انقضاء العبادة "فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ" (النساء 103)، و "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ" (البقرة 200).

وجاءت كلمة القدر في ميزان الانبياء: كما في زوجة لوط عليه السلام "فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ" (النمل 57) أي قضينا عليها بأن تكون من الهالكين. وكقوله تعالى مخاطباً داودعليه السلام "وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ" (سبأ 16) أيْ تمهّل في الصنع حتى يقضي او يتم العمل متقنا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=163911
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 01 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19