• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : متى كان الإستنكار والشّجبُ حلّا يعيدُ الحقّ الفلسطيني لأهله؟ .
                          • الكاتب : محمد الرصافي المقداد .

متى كان الإستنكار والشّجبُ حلّا يعيدُ الحقّ الفلسطيني لأهله؟

في تعابير شتى على ألسنة عديدة، مفادها الإستنكار والشّجب والتنديد، جاءت تصريحات عبّرت عن مواقف رسمية، لما يقوم به الكيان الصهيوني مُكَرّرا، من بناء مستوطنات جديدة على أراض فلسطينية، مصادرة غصبا من أهلها الشرعيين الفلسطينيين، وآخرها (بيان لوزارة التعمير الإسرائيلية، إن المنازل الجديدة، سيتم بناؤها في سبع من المستوطنات، الموجودة حاليا في الضفة الغربية، وأضاف البيان "اتخذ قرار ببناء 1355 منزلا جديدا في يهودا والسامرة"، ويستخدم الإسم التوراتي (يهودا والسامرة) في إسرائيل للإشارة إلى أراضي الضفة الغربية.

وأوضحت الوزارة أن هذه المنازل ستبنى إضافة إلى المنازل التي أعلنت عنها الوزارة قبل نحو شهرين ) (1) من تاريخ 24/10/2021 أي منذ أواخر شهر أوت/ أغسطس من نفس السنة. وكان الكيان الصهيوني قد كشف عن مخطط استيطاني جديد لبناء أكثر من 3100 منزل جديد، وأعطت لجنة التخطيط موافقتها النهائية على 1800 وحدة سكنية والموافقة المبدئية على 1344 وحدة سكنية أخرى.

وكما جرت عادة الحكومة الصهيونية، بأن لا تقيم وزنا في كل ما تزمع القيام به، مهما كان مخالفا للقوانين الدّولية، وعلى نقيض من رأي الرئيس الأمريكي حليفها الأكبر، ولا ترى لحلفائها الأوروبيين قيمة لمواقف متعارضة، مع أي قرار تتخذه في المجال الإستيطاني، وتعتبره مجرّد تعبير لا قيمة له عندها، ولا يرتقي لمستوى الإعتبار عندها، حتى يجعل قراراتها محلّ مراجعة وإعادة تقييم، وهو ما لم يحدث له اثرٌ من قبْلُ، وتحذير الرئيس الأمريكي (بايدن)، بأن ما اتخذه الكيان الصهيوني، من توسيع لدائرة مستوطناته في الضفة الغربية، وعلى الأراضي الفلسطينية، يتعارض بشدّة مع القرارات الأممية الصّادرة بوقف تنفيذ بناء المستوطنات، باعتباره مضرّة بآفاق السلام بين الكيان والفلسطينيين، كما لم تُعِر حكومة الكيان ما جاء على لسان متحدّثين باسم وزارات 12 دولة أوروبية هي: (ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا والسويد والنروج وفنلندا والدنمارك وهولندا) في بيان مشترك، تحث فيه حكومة إسرائيل على التراجع فورا عن قرارها".(2)

وكما جرت عادة دول الإستضعاف العربي، التي لا يصدر عنها بيان استنكار أو شجب أو تنديد - وهي لا تقدر على أكثر من ذلك - قبل ظهور أو وضوح الموقف الأمريكي، وتابعه الأوروبي ومتعلّقاته الخليجية، بخصوص القضايا العالمية، وفي مُقدّمتها قضية فلسطين، وقد كانت الدول العربية بجامعتها التعيسة الذّكر، قد قدّمت مبادرة سلام مع الكيان الصهيوني، تجاوزها بعضهم إلى تطبيع كامل، من المؤكّد أن لا يجني منها الفلسطينيون سوى خسارة حقوقهم، وضياع قضيتهم بين أياد غير نزيهة، أصبحت لديهم لا قيمة لها.

وقد جاء في بلاغ إعلامي لوزارة الخارجية التونسية، أن الوزير (عثمان الجرندي) أكّد لدى مشاركته عبر تقنية الفيديو، في الإجتماع الوزاري للجنة الإتصال، المخصّصة لتنسيق المساعدة الدولية المقدمة إلى الشعب الفلسطيني، مساندة تونس لكافة المساعي البنّاءة، من أجل إعادة إحياء عملية السلام، والتوصّل إلى حلّ عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس المرجعيات المتفق عليها، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.

ودعا الوزير المجموعة الدولية، للاضطلاع بدورها من أجل إطلاق مفاوضات جادة، وفق جدول زمني محدّد، مجددا موقف تونس الثابت والمبدئي الداعم للقضّية الفلسطينية العادلة، ولحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، غير القابلة للتصرّف والتجزئة، ولاسيّما حقّه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.(3)

الكلام في ظاهره مؤيّد للقاضية الفلسطينية، لكنه في باطنه بمثابة دس السّم في العسل، ومبادرة السّلام العربية هي بحدّ ذاتها تفريط كامل في القضية الفلسطينية، ولا أثر دالّ على نجاحها منذ أن تقدّمت بها جامعة الدول العربية، ولم يجني منها الفلسطينيون شيئا، يعيد لهم حتى بعض حقوقهم المهدورة إلى اليوم، فلماذا الإصرار على تلك المبادرة، وهي بمستوى خيانة كافة نضالات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وتضحيات رجالاتها، من أجل استعادة فلسطين، وخذلان لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان، والتي أبدت نجاحا في التّصدّي لغطرسة وعربدة الآلة العسكرية الصهيونية.

حقوق الشّعب الفلسطيني التي أشار إليها عثمان الجرندي لا يمكن أن تكون منقوصة أو مجزّأة، وايّ شعب حرّ وطنيّ لا يمكنه أن يرضى ببعض أرضه وبعض حقوقه، كما لا يمكن أن يقبل في إطارمناصرته، من هو مستعِدّ للتفريط في بعض حقوقه، مهما صغُرت في أعينهم، وهي تبقى كبيرة في أعين أحراره، وهم يقاومون إلى اليوم من أجلها، كما لا يقبل أبدا من يتكلم على لسانهم، بمنطق حسن النيّة والدّفاع عنهم، وهو مسايِرٌ لرغبات الصهاينة، في بناء كيانهم على الأراضي الفلسطينية كما يريدون، وتتوسّع أحلامهم بعد ذلك، إلى ما وراءه من مصالح صهيونية في المنطقة.

القضية الفلسطينية هي إحدى أهمّ قضايا الشعوب المستضعفة العادلة، وأكثرها اسقاطا لحقوقها، وقد ثبُتَ بالدليل أن سوقها إلى المفاوضات سلام غير عادل، بين كيان غاصب وممثلين غير شرعيين للشعب الفلسطيني، متعاونون أمنيّا معه في ضرب عناصر المقاومة، يُعتَبَر بيعا وتفويتا رخيصا لحقوق شعب لم يجد الخير في أشقّائه المتآمرين عليه، فكيف سيجده في الأمريكيين والأوروبيين وهم أصحاب نكبته، وأهل التّحالف عليه بمناصرة غاصبه الصهيوني، فمن كان يريد بحقّ مساعدة الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه من هذه الدّول العربية وحكوماته المتورّطة في التفريط في قضيّته فليقولوا حقّا أو فليصمتوا، فإنّ أوّل علامات الوهنِ البادية في القضية الفلسطينية، قول فيه بهتان ويبدو في ظاهره متلبّسا بوَهْمٍ، ويراه من لا دراية أو معرفة له أنه حلّ لمعضلة الشعب الفلسطيني، بينما هي نكبة أخرى تضاف إلى ما كان نُكِب به الفلسطينيون من قبلً حتى كادت قضيّتهم تذهب أدراج الرّياح.

من هذا المنبر، أدعو الحكومات العربية إلى ترك القضية الفلسطينية وشأنها، فلستم سوى منفّذين لرغبات الكيان الصهيوني مباشرة، أو بواسطة الدّول الغربية، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، رأسي أفعى تأسيس الإستيطان الصهيوني في فلسطين، فإن لم تكونوا - أيتها الحكومات - قرأتم تاريخ نكبة الشعب الفلسطيني، فلا تضيفوا إليه نكبة أخرى، فتثقُلُ عليه ضريبة الخلاص منهما (إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم)(4)

 

المصادر

1 – الضفة الغربية: خطط جديدة لبناء منازل للمستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-59027696

2 – دول أوروبية تحث إسرائيل على التخلي عن خطط استيطانية جديدة في الضفة الغربية

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-59069683

3 – تونس تستنكر بناء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتّلة

https://diwanfm.net/news/

4 – من خطاب الإمام الحسين يوم كربلاء/ بحار الأنوار العلامة المجلسي ج45ص51




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=162062
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 11 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28