• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام)(12) الجذور التاريخية لصلح الامام الحسن (عليه السلام)(5) .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام)(12) الجذور التاريخية لصلح الامام الحسن (عليه السلام)(5)

 تطور الواقع السياسي في الامة 

رفضت الامة قريشاً على الرغم من سعي طلحة والزبير كسب الثائرين، كما رفضت الامة بني امية، وقرر ابناء الامصار ان يبايعوا امير المؤمنين (عليه السلام)، كان (عليه السلام) يعلم ان تصديه لقيادة الامة سيكلفهم الكثير فإن الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد اخذت منحى بعيداً عما كانت عليه على عهد النبي (صلى الله عليه واله) وامير المؤمنين (عليه السلام) اذا حكم انما يحكم بما تقتضيه روح الاسلام وقيمه ولا يهادن ولا يجامل، وانه اذا حكم فانه سيعمل على تصحيح الانحراف الذي وقعت فيه الامة، والخلل الذي امتد لخمس وعشرين سنة بعد النبي (صلى الله عليه واله) ابتداءاً من منع رواية الحديث الى منع التدبر في القرآن الى البدع المختلفة الى انتشار الفقه الناقص والفقه الخاطئ الى التمييز في العطاء والتعدي على اموال المسلمين، فحاول (عليه السلام) دفعهم من بيعته الا انهم اصروا على ذلك فان الامة جربت حكم قريش وحكم بني امية ولم تعد راغبة في اي من المسلكين في ادارة البلاد، فبويع(صلوات الله عليه ) الله يوم الثامن عشر من ذي حجة سنة 35 ه بالخلافة، اي بعد بيعة الغدير الاولى بخمس وعشرين سنة .
قريش وبنو امية ضد علي (عليه السلام) 
تحررت الامة من ارادة قريش فبايعت امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الا ان ذلك الامر لم يرض قريشاً، فقريش التي قررت ان تتداول السلطة بين بطونها وان يقصى بنو هاشم لن ترضى ان يعود الامر الى بني هاشم وان يكون الوريث الحقيقي لحضارة القرآن ونهج الايمان ونفس الرسول (صلى الله عليه واله) هو الحاكم عليهم، وهم الذين بذلوا كل ما بوسعهم لإبعاده عن راس الهرم في السلطة بل لتحويله الى مواطن عادي جداً في ظل سلطة قريش بعد ان فشلوا في القضاء عليه.
لما رأى طلحة والزبير اجتماع الناس على امير المؤمنين (عليه السلام) بايعوه طمعاً في ان ينالوا من الامرة شيئاً وكانوا يأملون في يتولى احدهما البصرة والاخر الكوفة ليتمتعا بخيراتها والواردات المالية التي تجبى اليها، ولكنهما رجعا بخفي حنين.
وكانت عائشة قد غادرت المدينة الى مكة قبل مقتل عثمان وهي تؤلب الناس على قتلة وتنادي اقتلوا نعثلاً فقد كفر، ولما بلغها قتله لم يتمالكها الفرح للبقاء في مكة فسارعت بالعودة الى المدينة وهي لا تشك ان الناس ستختار اما صهرها الزبير او ابن عمها طلحة بن عبيد الله، فما ان خرجت من مكة حتى رأت شخصاً قادماً من المدينة فسالته عن الاخبار فاخبرها ان الناس اختارت علياً (عليه السلام) ولم تعدل به احداً، فانقلب الحقد على عثمان الى طلب لثأره فنادت استتابوه ثم قتلوه، وعادت الى مكة تؤلب الناس على علي (عليه السلام) وتدعو للاخذ بثأر عثمان الذي كانت تدعو الناس لقتله، كيف لا وهي شريكة قريش في كل ما جرى على علي وال علي، والتي كانت تسعف منقلبوا قريش بما يعوزهم من ادعاءات في سبيل الفت في عضد علي (صلوات الله عليه )، التحق بنو امية بعائشة والتحق بها عمال عثمان من الامويين فمدوا تحركها بالمال، ثم التحق بها طلحة والزبير وابناهما.  
كان معاوية يدعمهم من الشام لابعاد الخطر عنه، وليشغل امير المؤمنين (عليه السلام) عنه ويشلغهم بامير المؤمنين (عليه السلام) وكان في جيش المرأة من يخطط ويبرمج له كيف يسيرون وكان الامر النافذ لها على الجميع، في ذلك الوقت كانت ام سلمة (رضوان الله عليها) في مكة فوعظت عائشة فلم تتعض، وحاولت عائشة ان تُخرج معها لحرب امير المؤمنين (عليه السلام) صديقة عمرها وشريكتها في كل ما ارتكبته قريش بحق اهل البيت (عليهم السلام)  حفصة بنت عمر، الا ان اخاها عبد الله لم يسمح لها بالالتحاق بعائشة على الرغم من انحرافه عن علي (عليه السلام) وبغضه له.
كان البقاء في مكة خطراً على جيش الناكثين لان امير المؤمنين (عليه السلام) ان فرغ لهم فلن يتمكنوا من التقاط انفاسهم، فتداولوا اي البلدان يتوجهون اليها فقال بعضهم نقاتل علياً (عليه السلام) في المدينة فرفض دهاتهم ذلك اذ لا طاقة لهم بعلي  (عليه السلام) ومعه ابناء الامصار والانصار وخيار المهاجرين، فطرح بعضهم الشام فردهم بنو امية ان الشام قد كفاهم اياها معاوية، فطرح بعضهم الكوفة فقالوا ان فيها الاشتر وانصاره(رضوان الله عليهم) فقرروا التوجه الى البصرة، فكانت هناك واقعة الجمل، التي تسببت فيها عائشة وطلحة والزبير ومن معهم بسفك دماء الالاف من المسلمين، وكان مروان يرمي سهامه في العسكرين ويقول حيثما اصبت ادركت ثاري ورمى طلحة بسهم كان السبب في موته.
لقد كانت معركة الجمل المعركة الفاصلة التي انهت الحركة القرشية، وبها انتهى المشروع القرشي في تداول السلطة بين بطون قريش انتهاءاً تاماً، وزالت قريش ببغيها الى الابد ولم تقم لها بعد ذلك قائمة، فمعاوية اسس لدولة ملكية يتوارث فيها العرش، وعبد الله بن الزبير لم يدر بالاً لقريش اذ لم يعد لها وزن حتى بعد هلاك يزيد وسيطرة ابن الزبير على الحجاز والعراق، ثم عاد الملك عضوضاً في بني مروان حتى زالت دولة بني امية على يد بني العباس .
وبعد الجمل كانت وقعة صفين بين امير المؤمنين (عليه السلام) ومعاوية والتي دامت ستة اشهر وكان النصر قاب قوسين او ادنى لصالح امير المؤمنين (عليه السلام) فرفع ابن النابغة المصاحف على الرماح فوقعت الفتنة بين اهل الكوفة واكرهوا امير المؤمنين (عليه السلام) على وقف الحرب، واتفق الكوفيون والشاميون على الهدنة وان يجتمع وفد من الكوفيين والشاميين للتحكيم فخدع ابن العاص ممثل الشاميين ابا موسى الاشعري ممثل الكوفيين، ولم تمض الايام طوالاً حتى كانت مفارز معاوية تغير على اطراف البلاد التابعة لامير المؤمنين (عليه السلام)  وترتكب فيها افضع الجرائم ثم سقطت مصر بيد ابن العاص وقتل محمد بن ابي بكر (رضوان الله عليه) ودس السم لمالك الاشتر وهو في طريقه الى مصر عاملاً عليها من قبل امير المؤمنين (عليه السلام)، ثم اغتال الخوارج امير المؤمنين (صلوات الله عليه ). 
كانت فترة حكم امير المؤمنين (عليه السلام) هي فترة العودة الى الحكم الاسلامي المنطبق مع الرؤية القرانية وروح الاسلام والدين الذي نزل به رسول الله (صلى الله عليه واله)، فكان حكم امير المؤمنين في بلاد المسلمين كعودة حكم الله في بني اسرائيل على يد داود وسليمان (عليهما السلام) بعد ان زاغ بنو اسرائيل وظلوا، فكذلك كانت ايام امير المؤمنين (عليه السلام) ايام عودة الحكم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه واله) بعد ان ظل المسلمون، وكما عاد بنو اسرائيل لظلالهم بعد داود وسليمان (عليهما السلام) عاد المسلمون الى حقبة الضلالة بعد ان اكرهوا مولانا ابي محمد الحسن (عليه السلام) على التنازل عن السلطة لصالح معاوية.
وهو تحقيق لما اخبر به القرآن الكريم ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=161041
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 10 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29