• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : (اذهب إلى المكان المدمر)-----!! ديوان من الشعر الأمريكي .
                          • الكاتب : عقيل هاشم الزبيدي .

(اذهب إلى المكان المدمر)-----!! ديوان من الشعر الأمريكي

يذكر(جوليان بندا)في كتابه (خيانة المثقفين )إن المثقفين الحقيقيين يشكلون طبقة العلماء أو المتعلمين ألبالغي الندرة حقا ،لان ما ينادون به هي تلك المعايير الخالدة للحق والعدل ، ،وعليه فان وظيفة المثقف أو المفكر في المجتمع لايقوم بها المجتمع بعامته ولأنه أي المثقف يتصل بإنتاج المعرفة ونشرها ،وعند ذلك فهو فارس الكلمة والمدافع الحقيقي عن كرامة خطابه عندما يتعرض إلى نقص أخلاقي فهو ذاته المقدسة وهي بالضرورة أيضا  ذات مقدساته ومستقبل أجياله ،هذا ليس كلام في الشخصانية بقدر ماهو كلام بالذات المقدسة وان اختلفت الأجناس والأقوام والأزمان-
قبل أيام وأنا أطالع الدوريات الثقافية الأجنبية  صعقت عندما قرأت خبرا مثيرا للاهتمام يعزز دعواي بشان جواز بل وجوب  أن يعي المثقف دوره الحقيقي بعيدا عن كل المسميات اللسانية الحديثة عندما يتطلب ذلك،
أصل القضية شاعران أميريكان يستلهمان قصائد ديوانهما من فضائح (أبو غريب )في العراق ،اثر تلك الصور المشينة التي عرضت صورة السجناء العراقيين عراة في بلد محافظ ومتدين ويضع للعورة خصوصية تقترب من التقديس والتحريم ،فلقد صدر ديوانيهما في اميريكا باسم  (اذهب إلى المكان المدمر) شعر حديث في الدفاع عن حقوق الإنسان ،للكاتبين الامريكين (ميليسا كواسني وأم أل سموكر)استلهما فكرته من صور التعذيب المشينة في معتقل أبو غريب في العراق ،
يقول كاتبا (اذهب إلى المكان المدمر )في مقدمة ديوانهما إن صور مرعبة لسجناء مقيدين وهم يضربون بالسياط عل جلودهما مباشرة مقيدين كالكلاب وقد غطيت رؤوسهم بأكياس ،بعدما اجبروا على اتخاذ وضعيات جنسية ، 
وكتب كواسني وسموكر قبل أن يطلقا دعوة لكتابة أشعار عن فضحية ابوغريب وتبعاتها هي صور مثلت تحديا بقدر ما هي فضح للديمقراطية الاميريكية ،
فالشعراء اتخذوا دور الشاهد على اذهب إلى المكان المدمر الذي يكشف تفاصيل تأخذ المتلقي المشاهد إلى مكان الحدث بتفاصيل قاسية ،
ولعل أكثر القصائد تأثيرا هي قصة رجل اغتصب في السجن كتبها (ادريان انغليش)والتي حملت عنوان (تدفق ذاكرة رجل مغتصب ،ومحمود في السجن التي كتبتها (ادريان انغليش)-
ولقد مر موضوع سجناء أبو غريب مرور الكرام في الأوساط الثقافية العراقية وبدون استهجان لهذا التصرف الهمجي ولأكن ماذا نقول وقد شهد شاهد من أهلها فالمثقفين الأمريكان من شعراء وغيرهم فقد استهجنوا هذا التصرف الذي لايمت للإنسانية بأي صلة -
ولذا نقول إن من واجب المثقف أن يكون واقعيا في تعامله مع الأحداث وليس كائنا هلاميا أو صوفيا متعبدا في محراب ،وان المجتمع في حاجة لطبقة المثقفين وعيا ونقدا وليس إبداعا فقط ،وبالتالي فهو صاحب مشروع إيجاد حوار وجدل يقلق الأنساق الراكدة والفاسدة في المجتمع  وإظهار الرفض الحقيقي الشجاع لكل أنواع الخطابات الملغمة وان لاتاخذه بالحق لومة لائم ،بهذا ،أولا  علينا أن ندرك أهمية هذا المثقف –وان لايكون دليله هوية الانتساب إلى جهة ما أو نقابة ما والتي أصبحت بيد كل من هب ودب - وان لايكون المثقف أداة طيعة تتعكز على أبواب المسؤولين لتسجدي مرضاتهم المريضة وتصورلهم الحق باطل والباطل حق وما ارخص من يهب الدروع هذه الأيام  إلى من لايحس بمحنة بلده وأمته ،والحال نقول أن السبب في كل هذه الرماديات يتمثل في الفهم الخاطئ للآليات والإمكانيات أن كانت فردية ومؤسساتية لفهم مايجري للبلد وصنع المثقف الحقيقي وصون كرامته لا التفرج على محنته بقلب كسير  ،وكذلك ضعف القدرة على المواجهة تمشيا مع الحكمة  القائلة (من خاف سلم ) مما أسهم في تجسيد صورة المثقف الهزيل الباحث عن لقمة العيش مما أدى إلى انفصام عرى العلاقة بين ما يهم ولايهم وأين مصلحتي فاذهب معها ،ومن اجل أن لانحمل الأمور أكثر ماتحتمل علينا أن نقف وقفت مشرفة لا على التل وإنما في جعجعة ما يحدث وان ما يجري  اليوم من تخريب للخطاب السياسي أساسه فشل السلطة الرابعة ،فان القليل من المعرفة تؤدي إلى الكثير من الأخطاء التي يتقاسمها المثقف والسياسي معا  مع قضايا لايمكن التغاضي عنها، ،وعليه نقول حتى يكون المثقف فاعلا في المجتمع عليه أن يكون مستقلا ،ليس إلا-
ولو عدنا إلى الخلف لوجدنا إن ارثنا الثقافي طوال أربعة عقود عجز عن أن يرسم لنا الحياة العراقية الحقيقية وابتعاد الدولة عن الهوية الحقيقية للشعب فلقد تم تغيب معظم فئات الشعب بفعل مثقفين كان لاهم لهم سوى العيش في كنف الاستبداد والقهر والكتابة بلسان السلطة وما كان شر البلية أن هؤلاء مازالوا ينهجون النهج السابق بتزيف الحقائق ويشوهون الإنسان العراقي باليات التعمد في نحر المزيد من العراقيين ،ماعدا أسماء قليلة ناضلت من اجل قضية المجتمع المعدوم وقد دفعت ضريبة غالية الثمن ،فلقد أرادة السلطة القمعية في العراق أن تمحي ذاكرة شعب وان تسلم البلد ارض فقط ،نحن ألان بلا ذاكرة بسبب إن بعض من المثقفين أغلقوا الطريق أمام الكلمة الجيدة واستحوذوا  على المكاسب ،و للأسف الشديد رغم الحرية التي نتمتع بها ألان إلا إن لااحد يجرؤ على قول الحقيقة لانرى أو نسمع قول الحقيقة أمام هذا الكم الهائل من التشويه وهناك الكثير من الكتابات والمقالات ومئات القصص تنشر وكلها عديمة الطعم والرائحة ولاتمت بصلة للمجتمع وهمومه وحقيقته، فالذين كانوا من أصدقاء صدام صاروا ألان من أصدقاء التغيير –ولقد اعترف أكثر من مثقف إن ما كان يعتقد بشان ثورتنا الفكرية والفنية التي كانت تنتظر لحظة الانتعاق إنما كان وهما لاحقيقة –!!!!
وكم يذكرني  موقف بعض مثقفينا الأبطال في ذالك الزمن المظلم في قول كلمة الحق بوجه الظلمة وان كان الثمن غالي ومنهم موقف  الشاعر رشدي العامل بتحدي وصلابة موقفه عندما قرأ قصيدة تلمز بوضوح للديكتاتور ممثلا بشخصية يزيد ،أما الحسين(ع) في القصيدة رمزا لقافلة الشهداء الممتدة عبر الزمان والمكان في وطن القهر والسبي الأزلي في بلد الثورات والقتل والسجون ،اسماها:
الحسين يكتب قصيدته الأخيرة ----!
وبعد أشهر من اجتياح الكويت توقف قلب الشاعر الذي ظل غريبا في وطنه ،مات وتحت وسادته نسخة من إحدى صحف المعارضة لصوت الجلاد ،وتذكرنا وصيته حين قال :اطرقوا ثلاث طرقات على قبري إذا سقط الطاغية حتى اعلم إن ليل العراق قد انتهى ؟؟؟ 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1610
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19