• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التعليم الألكتروني .. .
                          • الكاتب : عدي عدنان البلداوي .

التعليم الألكتروني ..

لماذا يراد للتعليم ان يصبح  الكترونياً بشكل كامل بعد عقد من السنين كما أفاد بعض المعنيين ..؟

التعليم هو السبيل الوحيد للتخلص من الفقر ، وهو امر متفق عليه ، فهل سيبقى كذلك عندما يصبح الكترونياً ..؟

ان ابتعاد التعليم عن اسوار المدرسة واقتصاره على الشاشات عبر العالم الافتراضي يعرّض التربية الى الزكام ، وعندما تصاب التربية بالزكام يضطرب العقل ويخفق الوعي ويتصدع التفكير ، وعندما يتصدع التفكير يعطي نتائج انية مرحلية انفعالية ، واذا استخدم الانسان حوّاسه للتفكير بدل عقله اصبح اقرب الى المادّة منه الى الروح.

قبل مجيىء الإسلام لم تكن "الأمية" تشكل نقصاً أو عيباً يؤثر على شخصية الفرد في المجتمع ، كما انها لم تكن ضمن اجندات القبائل والحكام للتخلص منها ، ومع مجيىء الإسلام بدأت مرحلة جديدة تستلزم بدء مشروع التعليم ، ولم يدّخر نبي الرحمة جهداً للوصول الى ذلك حتى وجدناه يستخدم في الحرب معادلة جديدة عندما اعطى كل اسير مشرك متعلم حريته مقابل تعليمه القراءة والكتابة لعشرة من المسلمين ، بهذا اصبح التعليم حقاً واجباً على كل شخص ، فهل يبقي التعليم الالكتروني على هذا ..؟ ام ان التعليم سيصبح حقاً منوطاً برغبة الشخص وليس واجباً عليه !!

من شان الدراسة بعيداً عن اسوار المدرسسة وبسبب ظروف الجائحة ان يعطي المجال لتغيير مفهوم الحق الواجب الى مفهوم الحق الكيفي للشخص ..

لا يخفى ان هناك فارقاً بين الحلول المؤقتة والحلول الدائمية ، فمن غير الملزم ان يصلح الحل المؤقت لأن يكون حلاً دائمياً . في ظروف جائحة كورونا ادّى التعليم الألكتروني دوراً زمنياً مهماً في حفظ العمر الدراسي للطالب عندما اقتضى الأمر من باب السلامة التزام الناس بيوتهم وتجنبهم العلاقات الإجتماعية التي كان من بينها تواجد الطلبة داخل اسوار المدرسة والمعهد والكلية فقد مثلت الشاشة حلاً مرحلياً مقبولاً ، ولكن هل يحلّ التعليم الألكتروني محل المدرسة في السنوات القادمة ولماذا ؟

هل يمكن توفير ثلاثية – المعلم ، الطالب ، المنهج – خارج اسوار المدرسة ؟ وما مدى نجاح ذلك ؟ هل يخدم هذا النجاح جانباً دون آخر ؟..

ان اهم دور تقوم به المدرسة هو التربية ، وعملية التربية لا يقتصر نشاطها داخل المدرسة فقط ، فالبيت يقوم بعملية التربية بالإضافة الى دوره البايولوجي حيث تغذية الأولاد ، ومع ذلك لا يمكننا ان نصنف البيت على انه مدرسة .

يقول المتصوف الإيراني شمس الدين التبريزي (1185-1248) (يوجد في هذا العالم معلمون مزيفون اكثر عدداً من النجوم في هذا الكون المرئي. فلا تخلط بين الأشخاص الأنانيين الذين يعملون بدافع السلطة وبين المعلمين الحقيقيين . فالمعلم الروحي الصادق لا يوجه انتباهك اليه ، ولا يتوقع طاعة مطلقة له أو اعجاباً تاماً منك . بل يساعدك على ان تقدر نفسك الداخلية وتحترمها . ان المعلمين الحقيقيين شفافون كالبلور ، يعبر نور الله من خلالهم).

لا يرى لودغر ووسمان استاذ الاقتصاد في جامعة ميونخ ومدير مركز ( إيغو ) لأبحاث الاقتصاد ، ان التعليم عن بعد بديل جيد للتعليم التقليدي ، ويقول مايكل سميث ، استاذ تكنلوجيا المعلومات والتسويق في جامعة كارينغي ميلون : ان الجامعات ستبقى كما نعرفها ولكنها ستفقد المكانة التي كانت تحظى بها قبل تفشي الفيروس .

بعد نجاح تجربة استخدام روبوت في تدريس اللغات وبعض المواد الدراسية الاخرى في الصين وبعض الدول الاسكندنافية ، يتجه الحديث صوب اعتماد الروبوت في التعليم الرسمي . تشير بعض التوقعات الى ان 90% من جامعات امريكا ستلغي قاعات المحاضرات وتتحول الى جامعات رقمية في حدود 2030م.

تضفي الطبيعة البشرية على حياة الشخص بعداً إجتماعياً بحيث يخضع تكوين شخصيته الى حد كبير لتأثير علاقاته بمحيطه الإجتماعي ، بمعنى ان العزلة تعيق نمو الشخصية . قد يظن البعض في اجواء تفشي الوباء ان الجو الأسري يمكنه ان يكون بديلاً عن "التباعد الإجتماعي" المفروض ومن ضمن ذلك المدرسة ، لكن الفترة التي اكمل فيها التلاميذ دراستهم من خلال الشاشة بينت ان اقتصار التعليم على تلقي المعلومات فقط وان كان ذلك يتم على درجة جيدة من الإتقان ، إلا انه كشف عن خلل في بناء الشخصية يشبه الى حدّ ما تأثير العزلة ، ومن تداعيات هذا الخلل الشعور بالملل ففي سؤال وجّه الى عدد من التلاميذ الأذكياء ما اذا كانوا يحبون المدرسة على الطريقة الالكترونية كانت اجاباتهم " كلا " . يمثل البيت مجتمعاً صغيراً يحتاج افراده الى الاتصال بالمجتمع الكبير اتصالاً حيوياً ، مع الأخذ بنظر الاعتبار ان المجتمع الصغير "الاسرة" وفي ظل التدهور الإقتصادي الناتج عن وباء كورونا لم يعد قادراً على اداء دوره كما في السابق . يقول الفيلسوف الفرنسي فيليب هـ فينكس : ( نستطيع ان نميز وسيلتين مختلفتين للمحافظة على الثقافة ونقلها : احداهما استعمال الأنواع المختلفة من السجلات الدائمة التي ينظر اليها على انها ذكريات مستمرة عن الماضي ، فالمباني والكتب والمصورات وادوات الصناعة وانتاجها ، وغيرها من انواع الحضارة الغنية الباقية يمكن تجميعها في مؤسسات كدور الكتب والمتاحف ، هذا اذا لم تترك على حالها الاصلية ويحتفظ بها كدليل ابدي على ما انجزه الماضي. اما الوسيلة الثانية فعن طريق التربية ، حيث يحتفظ بالتراث الانساني ، لا في خزائن ميتة لا حياة فيها ، بل في الأحياء من الناس ، فعن طريق التربية يصبح الأفراد المعاصرون مجسمات حية لحكمة الماضي ، وذكريات من الدم واللحم للتقاليد الثقافية . ولو نظرنا الى الاحتفاظ بالسجلات الدائمة غير الحية للماضي لوجدنا انها لا تحافظ على الثقافة الا ان هناك افراداً مثقفين متعلمين ادركوا معنى هذه الخزائن وهكذا يبدو ان الطريقة الوحيدة في النهاية للمحفظة على مكاسب الماضي هي ان نجعلها من لحمة شخصيات كل جيل لاحق وسداها وهذا هو الواجب الأساسي للتربية ) (1)

كانت المدرسة تشكّل معوّقاً كبيراً لدى كثير من الفقراء ممن يحتاجون وقت المدرسة لعمل اولادهم بسبب ظروف المعيشة المتدنية ، كان المجتمع يشكو قبل كورونا من ظاهرة انقطاع أو تغيب أو هروب الأولاد من المدرسة ، ومع مجيىء الوباء بان الضعف الإقتصادي وحلَّ التعليم الألكتروني بديلاً عن المدرسة ، وفي مثل هكذا ظروف تنطفىء كثير من الأضواء التي كانت مسلطة على الدراسة والعلم والثقافة ليبقى ما مسلط منها على لقمة العيش وتوفير الاحتياجات الأساسية للجسم ..

ان غياب المدرسة كحلقة فاعلة من حلقات النمو الطبيعي في المجتمع اشترك مع عوامل اخرى في انتاج كتل بشرية تفتقر الى الغذاء المعنوي النفسي ، وبذلك يقتصر ارتباط الفرد بالمجتمع على بعد مادي تحركه الأرقام والمعادلات الرياضية بحيث تحل مفردات الفهلوة والإستغلال محل الحكمة والرحمة ، عندها يصبح المال هدف الوجود في الحياة . وعندما يصبح المال هدف الإنسان فإنه يكرّس وجوده ومعرفته في استحصاله والدفاع عنه فتمضي الحياة في طريق مغلق ينتهي نهاية قارون عندما انحرف عن موسى معتمداً لغة المال منهجاً وهدفاً ، حتى اذا ما تعاظم شأن هذه القوة الى الحدّ الذي لا يكفي فيه جهد موسى ومن معه في احداث التغيير ، تولّت الإرادة والإدارة الإلهية ذلك ( فخسفنا به ...) وعندما كان المال هدف قابيل لم يتقبّل الله قربانه الذي كان اردأ ما عنده من انتاج زراعي ، بينما تقبّل قربان اخيه هابيل الذي كان يتعامل مع المال كوسيلة فقدّم افضل ما عنده وكان راعياً ، مع الأخذ بنظر الإعتبار ان هابيل وقابيل كانا موحدين وقد نجد اليوم كثيرين ممن يسجدون لله في ظاهر عباداتهم لكنهم يسجدون لغيره في داخلهم ..

يتأثر التعليم بالاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وبتتبع هذه الأوضاع نجدها مضطربة في كثير من بلدان العالم العربي . ففي العراق استمر تردي الأداء السياسي لاكثر من عقد من السنين وتراجع الوضع الاقتصادي من الميزانية الانفجارية بعد 2003 حتى وصل الى التجاوز على رواتب المتقاعدين والموظفين . اما الوضع الاجتماعي فهو وضع مخترق ومهدد منذ ان قفز من الممنوع المغلق الى المباح المفتوح فيما يتعلق بالتواصل والعلاقات الاجتماعية ودور الموبايل والانترنت والعالم الافتراضي بمختلف تطبيقاته ، وما سجلته الإحصاءات من ارتفاع في معدلات الطلاق وانتشار في حالات مرض التوحد عند الأطفال وارتفاع في معدلات البطالة بين الشباب وضبابية الأجواء الثقافية العامة والأفكار المتنوعة والدعوات الى غرف الدردشة في مجالات الدين والالحاد والعلمانية والاقتصاد وحقوق الانسان والتسلية وعروض الأزياء ومراكز التجميل ومراكز التنحيف ومواقع العنف الديني والتطرف ومحاضرات تجنيد العقول وإثارة النفوس ، وفي اطار الوطن الواحد والدين الواحد اشتغلت اجندات على تفريق المجتمع وتمزيقه الى تجمعات وكتل بشرية ودفع الاف الشباب ارواحهم ثمناً لهذه الفوضى . واظهر واقع التعليم عجزاً واهمالاً وقصر نظر وصمت به الانظمة المتعاقبة على حكم البلاد كشفه واقع مباني المدارس التي ازدوجت على نفسها لتظم بناية تقليدية قديمة اكثر من مدرسة في الوقت نفسه ، ولا شك ان القصور في تدارك مثل هكذا مشاكل ومعوقات يشير الى خلل في المنظومة الفكرية والأخلاقية للقائمين على ادارة العملية التربوية في البلاد أو ربما تدخل اسباب سياسية تمنع تنفيذ الرؤى الفكرية للقائمين على العملية التربوية ، وربما مراحل التنفيذ تتحمل اسباب الفشل ، فقد انتشر وباء المقاولات الوهمية في البلاد مع المرحلة الجديدة التالية لسقوط النظام السابق ، وهدرت اموال طائلة على انجازات وهمية او سطحية ، وعرضت بعض القنوات الفضائية مشاهد لمدارس من الطين لغاية وقتنا هذا ، وهذه الأمور بمجملها تسجل فشلاً فكرياً وثقافياً وتربوياً في تاريخ هذه المرحلة المظلمة على الرغم من عناوينها الداعية الى الديمقراطية والتطور والانفتاح وما الى ذلك . وجرّاء ذلك لا نستغرب ارتفاع نسبة الامية في البلاد الى 34% وهذه الزيادة في نسبة الأمية مع الإهمال الحكومي لقطاع التعليم وللحركة الثقافية في البلاد وازدياد حالات التدهور في العلاقات الاجتماعية والتفكك الأسري بوجود اشخاص في السلطة يحملون مؤهلات علمية وشهادات جامعية عليا . عاش معظمهم سنوات طويلة من حياته في المهجر ودول اللجوء وهو ما يقتضي تعرفهم واحتكاكهم بقوانين وتطبيقات انظمة تلك الدول والتي كان يفترض بهم نقلها الى العراق بعد 2003م لكن الواقع مخيب للآمال الى حدّ بعيد جداً تسبب في تفكيك الأسرة وتدني مستوى التعليم وتفشي ظاهرة الاستنساخ التعليمي والاكاديمي حيث يستخدم الطالب الانترنت لنسخ مادة ما في بحث يقدمه ليحصل على علامات وامتيازات ودرجات علمية كما اسهم الوضع الاقتصادي المتدهور في ظهور طلبة دراسات عليا يعدون بحوثهم واطاريحهم بجهود اخرين مقابل مبالغ مالية ثم يحصلون على الدرجة الاكاديمية بالتنسيق مع لجنة الإشراف والمناقشة في الجامعة . فرضت هذه المناخات الملوثة على المواطن ان ينقسم على نفسه الى قسمين لا يرتبطان ببعضهما ولا يتصلان. قسم يعيش واقعه الذي وجد نفسه فيه ، وقسم يغترب عن واقعه . وتأزمت بذلك حالة الإزدواجية في الشخصية وتهددت محاولة الشباب اثبات ذاته والبحث عن شخصيته في زمن تنوعت وتشعبت وتعقدت فيه مصادر البحث المعتبرة ، يقول محمد عابد الجابري ( اما من حيث الكيف فلعل اول المظاهر السلبية التي يجب ابرازها هو ان التعليم في جميع الأقطار العربية تعليم لا يتوافر على القدر الضروري من الوحدة والانسجام مما يجعله يكرس ظاهرة انفصام الشخصية الثقافية وازدواجه)(2).

كتبت احدى الصحف الاردنية ( اذهبوا الى الاردن فلديها وزير لا يرسب عنده احد) في حديثها عن نظام طبقته وزارة التربية الاردنية لأول مرة حيث الغت مبدأ الرسوب واستعاضت عنه بمبدأ اعتماد مجموع العلامات الكلي للمواد فالذي لديه مجموع عالي يمكنه الالتحاق بكليات الطب والذي لديه مجموع اقل يلتحق بالكليات الأدنى حسب نظام القبول وتقول الصحيفة ان هذه الطريقة تسببت في 50 الف طالب وطالبة زيادة في اعداد الناجحين كل عام..

يضاف الى ما سبق ان نظام التعليم في المدارس لا يعالج ازدواجية الشخصية وحسب ، بل ربما يسهم في تأصيلها فهو نظام يستنسخ نفسه منذ سنين طويلة ، ففي العهد البائد كان صوت الرصاص يملأ اذان التلاميذ في ساحات المدارس الابتدائية يوم الخميس في مراسيم رفع العلم حيث يتوسط الساحة احد البعثيين بلباسه الزيتوني وهو يمسك ببندقية وقد اوكل الى احد التلاميذ المتفوقين في المدرسة الضغط على زناد السلاح عندما يكمل تلاميذ اخرون رفع العلم العراقي فيهتف الحضور بحياة الوطن والقائد ، ثم تبعه اخفاق الحكومات والانظمة الادارية بعد عام 2003م ليكون سبباً في ظهور المدارس الأهلية التي رافق ظهورها ترسيخ فكرة الطبقية في المجتمع اكثر من ترسيخ فكرة التطور المعرفي .. وهناك مشكلة المشرف التربوي التي اسهمت بشكل او بآخر في تراجع التعليم فبحكم ما آلت اليه ظروف البلاد من تدهور سياسي واضطراب امني واقتصادي ونفوذ الاحزاب والتكتلات وفاعلية العلاقات الشخصية ودورها في فرض اشخاص غير كفوئين او مؤهلين لمرتبة الإشراف التربوي ومطالبة المدارس بالتعاطي معهم وعلى المدير ان يخلي مكانه للمشرف وقت زيارته له حتى وان كان هذا المشرف يوماً ما معلماً فاشلاً في ملاك هذا المدير ، انعكس هذا ايضاً على نمو العملية التعليمية واصبحت مدارسنا كباقي مؤسسات الدولة عبارة عن جهات روتينية رتيبة تستنسخ ايامها ولا تنظر الى مرآة الثقافة الحقيقية ولا حتى الى المستقبل من هذا خلال الواقع . وعلى مستوى المادة العلمية المقدمة للتلاميذ في مناهج وزارة التربية العراقية لعلي اكتفي بالاشارة الى التفاوت الذي لاحظته على مادتي الرياضيات والعلوم للصف الثالث الابتدائي ففي مادة الرياضيات يتعرف التلميذ لأول مرة على المستقيم والخط المستقيم وفي مادة العلوم في موضوعة الكرة الارضية تعريف لمحور الدوران على انه خط وهمي . كيف سيفهم التلميذ معنى الخط الوهمي وهو يتعرف للتو على الخط المستقيم وكيفية رسمه على الورقة !!.. وهناك مشكلة اهمال البحث العلمي في المدرسة فقد كان المعلم في الماضي يكلف تلامذته بكتابة موضوع خارجي ويعلمهم كيف يستعينون بمكتبة المدرسة وكيف يكتبون موضوعاً . لم يعد هذا موجوداً وحتى ان وجد هنا وهناك فإنه يخضع لتأثيرات الواقع الجديد الذي يعيشه المجتمع ، فاذا طلب المعلم من تلاميذه موضوعاً فإنهم سيلجأون الى الانترنت مباشرة او من خلال ذويهم الذين لا يمتلكون في اغلب الأسر العراقية رصيداً ثقافياً كافياً يمكنهم من التحرك في هذا المجال بالشكل الصحيح الهادف الذي يضمن سلامة شخصية التلميذ من الإزداوجية التي تنتظره .. تعاني الكثير من المكتبات العامة الإهمال وبلغ التهدور العام حدّاً ببعض الجهات الرسمية والادارية ان قررت استثمار المكتبات العامة لتحويل واجهاتها الى محال تجارية كما في قرار مجلس محافظة بغداد في شهر تموز 2018. اضف الى ذلك ان طريقة توزيع الكتب المدرسية في بداية العام الدراسي ثم استردادها نهاية العام يسهم بشكل او بآخر في ترك انطباع لدى الطالب ان علاقته بالكتاب علاقة مرحلية مؤقتة تنتهي بالنجاح في الامتحان النهائي والحصول على الشهادة. اسهمت هذه الآفاق الضيقة والروتينية في افتقار العملية التعليمية الى الوعي المهني في شخص المعلم والمدرّس والاستاذ الجامعي والى الحرص من قبل الطالب ، من خلال وقوعهم في اسر منهج دراسي غير خلاّق وهو ما جعل الجامعة والمدرسة عبارة عن منابر ثقافية اجترارية لا تؤثر في الواقع ولا تسهم في تنمية ثقافة المجتمع وصناعة وعي الناس ..

--------------------

(1) فلسفة التربية - فيليب هـ فينيكس ترجمة د محمد لبيب النجيحي - دار النهضة العربية - القاهرة - 1965 ص60

(2) اشكاليات الفكر العربي المعاصر - محمد عابد الجابري - مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت ط8 ص70 - 2019




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158090
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28