• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سيندهش العالم عندما تحكمه الصين - الحلقه الثالثه .
                          • الكاتب : عبد الكريم صالح المحسن .

سيندهش العالم عندما تحكمه الصين - الحلقه الثالثه

لقد جاء صعود نجم الصين في وقت يموج فيه العالم في تطورات وتغيرات وتحولات كبيره تحمل في جنباتها الفرص والتحديات في آن واحد، ويرى المتابعون والمحللون أن النظام العالمي بهيكله ووضعه الحاليين لم يعد قادرا على معالجة القضايا الطارئة والملحة التي تظهر هنا وهناك وتهدد في خطورتها السلام والاستقرار والامن العالمي. لذلك أدرك العالم أهمية التعاون والتنسيق بين كل حكومات العالم من اجل الخروج بتسويات ناجحه تخدم السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في العالم كله، وتحمي كوكب الأرض من الأخطار المحدقه به.
ومما لاشك فيه ان يؤدي سقوط المنظومه الاشتراكيه الى احداث زلزال جيواستراتيجي عالمي نتجت عنه توابع زلزاليه عنيفه لذلك نلاحظ ظهور العديد من الاشكالات الاستراتيجيه فور اعلان سقوط جدار برلين في  التاسع من تشرين الثاني /نوفمبر عام 1989م بشكل لم يكن متوقع اي مفاجيء خلال ذلك فقد فقدت الولايات المتحده الامريكيه عدواَ وهي التي لاتستطيع الاستمرار دون ان تجد لها عدو ولابد لنا هنا من العوده الى نظرية الاستقراء التاريخي لنلاحظ ان البراغماتيه السياسيه الامريكيه جعلتها وعلى طول مسيرتها لابد ان تجد لها عدواَ او تخلق كيفما ارادت  فحتى مطلع القرن العشرين كانت اوربا هي العدو بالنسبه لأمريكا مالبثت ان اعقبتها النازيه ثم بعد ذلك الشيوعيه فاذا ماسقطت هذه الاخيره حتى وجدت نفسها بدون عدو عندها ظهرت تحولات صدام الحضارات والحرب على الارهاب من بعدها ،ليس من السهل الاقتناع بنهاية التاريخ وتحوله الى نمط السوق الامريكيه لان تاريخ الانسانيه لم يعرف مثل هذه الاحاديه القطبيه ومن هنا بدأت الترشيحات للقطب المستقبلي (العدو )فكان ترشيح الاسلام والكونفوشيه(الصين)بحسب صدام الحضارات ، ونرى بعض الاكاديميين الامريكيين يصرون على كون الصين هي العدو الحقيقي القادم واستدلوا على ذلك بكونها "المارد الاصفر"الذي يهدد تأريخياَ القوى الكبرى ودعموا رأيهم بفكرة عبر عنها الرئيس "نيكسون " بالقول ان الصين لاتستعجل بصدام اعدائها انما تلجأ الى احتوائهم وتأمل بسقوطهم مع الوقت فاذا ماجاءت حادثة السفاره الصينيه في بلغراد-يوغسلافيا حيث تم قصف السفاره الصينيه في 7 آيار/مايو 1999م وقتل ثلاثه من الصحافيين الصينيين ومن بعدها حادثة الطائره الصينيه بعد شهر من ولاية بوش الاولى ،حيث كان الحديث عن خطورة الصين المؤجله، فكانت استراتيجية احتواء الصين ومحاصرتها احد اهم قرارات ادارة بوس الابن الا ان تاجيل هذا الخطر استدعى تخليق اعداء وهميين لتبرير الخطوات الامريكيه لأحتواء الصين .
لكننا بعيداَ عن موضوع سياسة الاحتواء الامريكي للصين السؤال المهم هنا هل فعلاَ الصين مرشحه ان تكون من ضمن القوى العظمى التي ستقود العالم على المدى المتوسط اوالبعيد؟
الصين اليوم تملك ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد امريكا آخذين بنظر الاعتبار تراجع الاقتصاد الامريكي ومروره بنكسه اقتصاديه كبيره ليس لها مثيل غير ازمة الكساد الكبيرGreat Depression في العام 1929م ،والصين اليوم تحتفظ بثاني اكبر احتياطي من العملات الاجنبيه عالمياَ(وبالخصوص الدولار الامريكي)تملك الصين اليوم اكبر جيش في العالم مليونين وخمسمائة الف عسكري وهي رابع اكبر ميزانيه عسكريه وفي تزايد متسارع كل عام ،الصين اليوم بدأت بدخول معترك التكنلوجيا الكبرى والمعقده في مجال الفضاء والاقمار الصناعيه والكثير من السمات الاخرى التي تنمو بتسارع كبير .
  عندما نتحدث عن الصين فأننا نتحدث عن حضاره من اعظم حضارات العالم فالاقليم الاساسي الصيني قد خضع للحكم السياسي قبل اي امه اخرى في التاريخ وان المجتمع الصيني حتى عصر الثوره الفرنسيه كان مجتمعاَ لايضاهيه اخر من حيث المستولى والتقدم البيروقراطي والثروه وفي مطلع القرن العشرين كانت الصين على قمة الممالك التي استمرت مع بعض الانقطاع لمده تصل لأضعاف التاريخ الامريكي ناهيك عن ان العديد من المواد والمنتجات المهمه التي عرفها البشر بدأت في الصين مثل البارود والطباعه والبوصله كما ان الصين مهدت الطريق لتقدم البشريه في العديد من الافاق والعلوم مثل علوم الفلك ونظريات استراتيجيات الحروب وكذاك فنون ادارة وتسيير الدوله.
نجحت الصين في تفجير هيدروجيني حراري في إحدى مناطقها الغربية في 9 آيار/مايو عام 1966 م وقد أصدرت الحكومة الصينية بيانا في المرتين الأولى والثانية من قيامها بالتفجير النووي، لتوضيح موقف الصين من الأسلحة النووية وتقديم اقتراح حول عقد مؤتمر القمة العالمي للمناقشة حول منع الأسلحة النووية بصورة شاملة وتدميرها نهائيا. وإننا نعلن مرة أخرى أن الصين لن تكون المبادرة إلى استخدام الأسلحة النووية في أي حال من الأحوال ونعتقد بأن الحروب النووية يمكن تفاديها ما دامت كل الشعوب والدول المحبة للسلام حريصة على التضامن مثابرة على النضال. هذا وإن الصين، شعبا وحكومة، ستواصل كسابق عهدها نضالها الحازم مع شعوب العالم ودوله المحبة للسلام لتحقيق الهدف السامي المتمثل في منع الأسلحة النووية بصورة شاملة وتدميرها نهائيا.
في 24 نيسان/إبريل 1970م أطلقت الصين أول قمر صناعي محققة بذلك توجيه الرئيس ماو تسي تونغ: "علينا أن نطلق الأقمار الصناعية أيضا". هاجت البلاد كلها وماجت عند إعلان هذا الخبر، وتجمع الناس في المدن والأرياف حول أجهزة الراديو أو تحت مكبرات الصوت ليستمعوا البيان الخاص بهذا الخبر، فيما كان نشيد "احمر الشرق" الذي يمجد رئيسنا العظيم ماو تسي تونغ يصدح في كل مكان. وخرج مئات الآلاف من الناس في كل مدينة إلى الشوارع رافعين صورة الرئيس ماو وهم يغنون ويرقصون، ويطبلون ويصنجون ويفجرون الألعاب النارية، والهتافات تملأ الآفاق"عاش الرئيس ماو!" "عاش الرئيس ماو!". أعلنت الصين بكل فخر واعتزاز أن إطلاق الصين قمرها الصناعي قد عزز القوة النضالية للشعب الصيني وشعوب العالم، ووجه ضربة قوية لغرور الإمبريالية والرجعية المنتفخ. إن هذا الخبر قد أطرب شعوب العالم جمعاء، فسارعت الأحزاب والدول الصديقة تبعث إلى الصين ببرقيات التهنئة على هذه البداية الطيبة للأعمال الفضائية الصينية.
أعلن" ماو تسي تونغ" بتاريخ 1 تشرين الاول/اكتوبر 1949م قيام جمهورية الصين الشعبية على أنقاض حكومة الكومينتانغ Kuomintang Government التي يتزعمها المارشال" شيانج كاي شيك Chiang Kai-Shek" الذي كان يحظى بدعم ظاهر من أمريكا(الكومينتانغ  China Kuomintang Party-KMT ترجمتها الحزب الوطني الشعبي الصيني والذي تأسس في بكين في 15 آب/اغسطس العام 1912م تحت شعار امه واحده واهدافه قوميه ديمقراطيه اشتراكيه وهي تجسيد للوحده الصينيه والتحرر من الاستعمار والامبرياليه واقامة النظام الاشتراكي، تولى سدة الحكم في الصين في العام 1928م). وبعد سقوط حكومته هرب المارشال" شيانج كاي شيك" وعائلته وأعضاء حزبه من الوطنيين الليبراليين إلى جزيرة فرموزا (تايوان حاليا) حيث أسس جمهورية الصين الوطنية. وقد استمرت أمريكا على عدم اعترافها بجمهورية الصين الشعبية بقيادة "ماو" حتى تمت الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأمريكي" ريتشارد نيكسون "ومستشاره آنذاك للأمن القومي "هنري كيسنجر" إلى بيكين في شباط/ فبراير العام 1972م. وانتهى اللقاء بين" ماو" و"نيكسون " بتوقيع "بيان شنغهايShanghai Statement " الذي كان الخطوة الأولى في إدخال الصين إلى فضاء المجتمع الدولي على حسب ما خططت أمريكا لذلك.
وبعد أن توفي "ماو" تولى الحكم من بعده منافسه" دينغ هيساو بينغ Deng Xiao Ping" في العام 1978م بعد أن تخلص من الجناح اليساري بزعامة ما سُمي "عصابة الأربعةThe Gang of Four " وعصابة الاربعه هذه هو اسم أطلق على مجموعة سياسية يسارية مؤلفة من أربعة مسؤولين في الحزب الشيوعي الصيني. برزوا إلى الأضواء أثناء الثورة الثقافية (1966 – 1967م) واتهموا بارتكاب سلسلة من جرائم الخيانة، والأعضاء الأربعة هم "جيانج كينجJiang Qing " وهي زوجة "ماو تسي تونغMao Zedong's " الأخيرة وكانت عضوا قياديا في الحزب، والمقربين لها "تشانغ تشون تشياو " و"ياو ون يوانYao Wenyuan " و"وانغ هونغ ونWang Hongwen ". وسيطرت عصابة الأربعة بشكل فعال على أجهزة السلطة في الحزب الشيوعي الصيني خلال المراحل الأخيرة من الثورة الثقافية، رغم أنه لم يتضح أي من القرارات المتخذة أثناء الثورة كانت بأمر من "ماو تسي تونغ" وتنفيذهم، دخلت الصين في عهده مرحلة من الإصلاح الاقتصادي خاصة والسياسي (بدرجة أقل) على النمط الرأسمالي، كما بدأت الصين مرحلة من الانفتاح على العالم الخارجي بعد ذلك الانغلاق الكبير الذي عرفته في عهد ماو. ويعتبر توقيع بيان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين أمريكا والصين في 17 آب/اغسطس 1979م وزيارة" دينغ "لأمريكا في نفس العام أهم حدث وقع في عهده . فمنذ هذا التاريخ حوّلت أمريكا اعترافها الرسمي من جمهورية الصين الوطنية (تايوان) إلى جمهورية الصين الشعبية كممثل سياسي وشرعي للشعب الصيني في العالم.
تعود بداية اشتعال لهب المارد الصيني خلال اجتماع اللجنه المركزيه الحاديه عشر للحزب الشيوعي الصيني والتي ترأسها في ذلك الحين رئيس الحزب القومي الجديد "" دينغ هيساو بينغ Deng Xiao Ping "وقد اعتبر الخطاب الذي القاه "بينغ"في ذلك الوقت هو الشعله التي اشعلت رماد القوه الصينيه العظمى حيث طالب من خلالها النظام بالتركيز على التطوير والعصرنه وان يسمح للحقائق وليس الايدلوجيات بقيادة مسار ومن ضمن ماقاله في ذلك المجال عند المطالبه بالتطوير وتخطي عقبة الثقافه الايدلوجيه :ليس مهماَ ان كان القط اسود او ابيض فطالماَ كان قادراَ على اصطياد الفئران،فهو قط جيد، "تولى حملة الإصلاح الاقتصادي من خلال رؤية للانفتاح على العالم سماها "اقتصاد السوق من رؤية اشتراكية"، وفتح الصين للاستثمارات الأجنبية، وشجع القطاع الخاص. وحرر الفلاح الصيني من نظام التعاونيات ، ومنحه أرضا يزرعها ويبيع محصولها لحسابه مطلقا بذلك الحافز الإنساني للكد والاجتهاد، بعد أن كان الفلاح يزرع أرضا ليست له، ورفع من مستوى المعيشة لمئات الملايين من الصينيين، ويعزى إليه الفضل أن جعل من الصين واحدة من أكثر اقتصاديات العالم نموا. ولم يكن يجد ضيرا في الأخذ من مزايا النظام الرأسمالي ما يعزز من فعالية الاقتصاد في بلاده، كان (براغماتيا)، يبني تقييمه على النتائج الواقعية للأمور.
إن الصين من الدول الأعضاء التى أسست منظمة الأمم المتحدة، وهى كذلك من الدول الخمس في اللجنة الدائمة لمجلس الأمن في الأمم المتحدة. ونتيجة لمقاومة بعض الدول الغربية برئاسة الولايات المتحدة، تأخرت إعادة المقعد الشرعي في منظمة الأمم المتحدة لجمهورية الصين الشعبية إلى أن أجازت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها عام 1971القرار رقم 2758 المتعلق بذلك بأغلبية ساحقة من الأصوات. وكان القرار ينص على وجوب إعادة جميع حقوقها الشرعية التي تتمتع بها في الأمم المتحدة، ومنذ استعادة الصين مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة بدأت بنشاطات بناءة على المسرح الدولي، وأسهمت في العديد من الجهود الدولية لتسوية القضايا التي تواجه العالم، ولكن دورها كان محدودا بسبب انشغالها بأمور داخلية ملحة لدفع التنمية وبناء بلد ناهض قوي يوفر الكساء والطعام لعدد هائل من السكان يمثلون خمس تعداد العالم.
وعلى الرغم من أن الصين قد بدأت في التحول والانفتاح على العالم الغربي وخاصة أمريكا منذ عهد "دينغ"، إلا أن هذا التحول كان يسير ببطيء، بسبب معارضة بعض مراكز القوى الصينية المحافظة خاصة داخل الجيش. ولم تشهد الصين تحولات سريعة نحو الاقتصاد الرأسمالي والانفتاح على أمريكا إلا بعد مجيء" جيانغ زيمينJiang Zemin " للحكم في19 تشرين الثاني/نوفمبر العام1993م. وأكبر مؤشر على هذا االانفتاح على أمريكا هو أن نسبة المبادلات التجارية بين البلدين ارتفعت في ذلك الوقت من 2.4 مليار دولار عام 1979م إلى 49 مليار دولار عام 1998م، أي بزيادة قدرها 19 ضعفا، وهذه الزيادة جعلت الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للصين بعد اليابان. كما أصبحت الصين رابع أكبر شريك تجاري لأمريكا،وقد سهل هذا النمو الكبير في العلاقات التجارية بين البلدين أن يقوم" زيمين" بزيارة طويلة لأمريكا في تشرين الاول/أكتوبر 1997م، وأن يرد كلينتون الزيارة إلى الصين على رأس وفد تجاري كبير في حزيران/يونيو 1998م. وكان نمو العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأمريكا قد لعب دورا في ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي للصين، مما كان له أثر داخلي كبير في نجاح زيمين (ومن ورائه الجناح الليبرالي) في السيطرة على المؤسسة العسكرية التي تشبه الدولة داخل الدولة. فقد صار زيمين هو الذي يعين كبار الضباط والجنرالات في جيش التحرير الشعبي الذي لم يعد مستقلا في قراراته العسكرية ونشاطاته الاقتصادية. وتوّج زيمين سيطرته على الجيش عندما أصدر قرارا في صيف عام 1998 م بإيقاف كل الأعمال التجارية التي تقوم بها القوات المسلحة، خاصة بعد حصول فضائح أظهرت تورط رجالات الجيش في قضايا الرشوة والفساد والتهريب وتجارة السلاح. ذلك أن الجيش الصيني يملك 20 ألف مؤسسة اقتصادية تساهم في دعم ميزانيته بحوالي 6 مليارات دولار سنويا. وجاء قرار زيمين ليوقف تدخل الجيش في الشؤون السياسية والاقتصادية للبلاد وليوجهه نحو رفع مستويات الجاهزية والتدريب وتطوير البرامج العسكرية. وهذا الأمر يساعد الجناح الليبيرالي الذي يقوده زيمين على المضي قدما في الانفتاح وتعميق العلاقات مع أمريكا خاصة.
ان السياسة الانفتاحية التى تتبناها الصين قد ارست الاسس لتطور التقنيات عالية المستوى  بانضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية ، وتنفيذها للوائح المعنية ، فان الصين سوف تطبق نظام الاعفاءات الجمركية على التعاملات التجارية للاجهزة الالكترونية , الامر الذى سيدفع عجلة تطور قطاع الالكترونيات ، حيث اعتمدت الصين المواصفات و المعايير العالمية فى قطاع الالكترونيات مما يدل على ان الصين قد خطت خطوة كبيرة الى الامام ، و تلوح اليوم امام الصين الكثير من الفرص السانحة لتطوير التقنيات العالية ، وعلى سبيل المثال ، الاجهزه الالكترونيه ، حيث ساهم المجتمع الدولى بنصيب وافر من الاستثمارات فى الصين ، بينما قامت الصين مقابل ذلك بتزويد الاسواق العالمية بالمنتجات جيدة الجودة و رخيصة الاسعار ، و نشير الى ان قطاع انتاج اّلات الكمبيوتر فى الصين قد سجل تطورا مرضيا للغاية حيث باتت الصين , بلا ادنى شك , اول الدول الكبرى فى العالم فى مجال انتاج و استهلاك الهواتف المحمولة ، وان مستقبل قطاع التقنيات الحديثة عالية المستوى فى الصين مرهون بمدى استقرار مصادر امدادات الطاقة , ذلك لان قطار التنمية الاقتصادية الصينية ينطلق الان بسرعة فائقة , فلا يستغنى عن الطاقة التى تعتبر شرطا اساسيا للتنمية الاقتصادية.
وزير التجارة الصيني" تشانغ ده مينغChen Deming " تحدث في 8 أيلول/سبتمبر من عام 2011م، خلال "المنتدى الدولي للإستثمار لعام 2011 م" أن" الخمسية الثانية عشرة" ستكون مرحلة حاسمة في تاريخ الإستثمار الصيني الخارجي المباشر، وفي "خروج" الشركات الصينية. خاصة و أن الدولة تشجع الشركات التي تمتلك الشروط والقدرة على "الخروج" إذا ما تهيأت الظروف الخالية من المخاطر، وأن الدولة ستوفر مزيدا من الخدمات العمومية والحماية القانونية الناجعة لهذه الشركات.
تأسست "الجمعية الصينية للتعاون الدولي في الإقتصاد الخاص"، وهي تعد المنظمة الأولى من نوعها في الصين تعمل خصيصا على تطوير التبادل الدولي للشركات الصينية الخاصة-المملوكه للقطاع الخاص - وحسب "صحيفة المرجع الإقتصادي" فإن مخطط "الخمسية الثانية عشرة" للتجارة الداخلية قد تمت المصادقة عليه من وزارة التجارة، و من المنتظر أن يتم الإعلان الرسمي عنه في المدة القريبة القادمة. ووفقا لما أفدتا به، فإن مخطط التجارة الداخلية خلال "الخمسية الثانية عشرة"، فقد حدد جملة من الأهداف الملموسة لنمو التجارة الداخلية، حيث يهدف المخطط بأن تنمو قيمة البيع بالتجزئة للمواد الإستهلاكية من 15.7 تريليون يوان عام 2010 م إلى 30 تريليون دولار بحلول عام 2015م. وأن تنمو القيمة الإجمالية لمبيعات وسائل الإنتاج من37 تريليون" يوان "عام 2010 م إلى 70 تريليون يوان عام 2015م. وإلى جانب السياسات المحفزة فإن هناك بيئة خارجية ملائمة، وهذا يعزز من ثقة الشركات الصينية الخاصة بأن تشهد فترة ذهبية خلال السنوات القادمة.
شكلت "إتفاقية شنغهاي" الموقّعة يوم 26 نيسان/ابريل العام 1996م، الرحم الذي منه ولدت "منظمة شنغهاي للتعاون" SCO- Shanghai Cooperation Organizationيوم 15 حزيران/يونيو العام 2001م، بدعوة وتشجيع من الصين، التي كان هدفها الأولي متواضعاً للغاية، وبسيطاً: حلّ الخلافات الحدودية ما بينها وجمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق المحاذية لها، وتعميق الثقة العسكرية ما بين الأطراف الموقعة على الإتفاقية، خصوصاً بين الصين وروسيا إذ كانت حدودهما تشهد نزاعات مسلّحة منذ فترة طويلة. وقد سميت هذه الإتفاقية باسم "شنغهاي" نسبة الى المدينة الصينية التي تمّ فيها الإجتماع وتوقيع الإتفاقية، وقد ضمّ الإجتماع كلاً من: روسيا، الصين، كازاخستان، قيرغيزستان وطاجكستان في 24 نيسان/ابريل 1997 ماجتمعت الدول الخمس نفسها في موسكو ووقّعت على معاهدة «تخفيض القوات المسلّحة على الحدود بينها». وتتابعت اجتماعات هذه الدول سنوياً، في إحدى عواصمها بالتوالي، 1998 مفي ألما آتا -كازاخستان، والعام 1999م عقد الإجتماع في بشكيك - قيرغيزستان، والعام 2000 في دوشنبه - طاجكستان. عندما عقد الإجتماع السنوي العام 2001 م في شنغهاي من جديد، انضمت دولة أوزبكستان الى الإتفاقية، عندها أعلن الزعماء الستة لهذه الدول ولادة «منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) وكان ذلك في 15 حزيران/يونيو من ذلك العام. وفي حزيران/يونيو العام 2002 م اجتمع رؤساء دول هذه المنظمة في سان بطرسبرغ (روسيا) حيث وقّعوا على نظام المنظمة وقوانينها ومبادئها، وهيكليتها، وطرق عملها، وبذلك تمّ تأسيسها رسمياً وفق رؤية القانون الدولي ومبادئه.
وتمثل منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) إحدى الأدوات التي تستخدمها الصين لتحقيق طموحها، وهي المنظمة التي بدأت في ظلها المناورات العسكرية الصينية الروسية المشتركة. وكان الغرض الأصلي لمنظمة شنغهاي للتعاون هو التخفيف من حدة التوتر على الحدود بين الصين ودول وسط آسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ووصول الآلة العسكرية للولايات المتحدة إلى المنطقة بسبب الحرب في أفغانستان.
قد تكون هذه المنظمة تجسيداً لرؤية روسية - صينية لعالم ما بعد النيوليبرالية Post - Neoliberalism، ورداً آسيوياً على العولمة بمفهومها الغربي "لأمركة العالم"، بعيد سقوط الإتحاد السوفياتي، كما أن دعوات أعضائها للحوار بين الحضارات المختلفة تشكّل جواباً على بطلان دعاوى "صراع الحضارات" التي نادى بها "هنتغتون" كتفسير لمسيرة التاريخ الحضاري للبشرية، كذلك هي إشارة على أن التاريخ لم ينتهِ كما بشّر المفكر الأميركي "فوكوياما"  في كتابه "نهاية التاريخ".
وتنظر الصين إلى منظمة شنغهاي للتعاون باعتبارها مرحلة من مراحل توسيع نفوذها في ذلك الإقليم المترامي الأطراف، والذي يمتد من منطقة الباسيفيكي الآسيوية إلى جنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط، وشرق أفريقيا، والمحيط الهندي. والحقيقة أن الدول الأعضاء في هذه المنظمة تضم بين حدودها 45% من تعداد سكان العالم، و28% من كتلة اليابسة التي تمتد عبر القارة الآسيوية الأوروبية.
المنظمة أصبحت اليوم تستخدم كمنتدى للحملة الجارية ضد السياسة الأحادية التي تنتهجها الولايات المتحدة، ولتشكيل جبهة موحدة ـ وبصورة خاصة بين الصين وروسيا ـ ضد الولايات المتحدة فيما يتصل بقضايا الأمن وتخفيض مستوى التسليح في المنطقة. ويتضمن هذا أجراء تدريبات مشتركة مضادة للإرهاب. كما تطالب المنظمة بتخفيض قوات الولايات المتحدة في المنطقة، وبصورة خاصة في أوزباكستان وقيرغستان.
إن الهدف من منظمة شنغهاي للتعاون لا يقتصر على تزويد الصين بمنصة انطلاق في مواجهة التحالف الذي تتولى الولايات المتحدة زعامته في منطقة آسيا والباسيفيكي فحسب، بل إن المنظمة تستخدم الآن وعلى نحو متزايد لمنع تكوين شبكة تتزعمها الولايات المتحدة وتهدف إلى تقييد التقدم الصيني. كما ان الخوف الامريكي يأتي في المقام الأول من أن تتطور منظمة شنغهاي للتعاون إلى تحالف عسكري مشابه لحلف وارسو الذي تأسس في زمن الحرب الباردة، حيث يحمل هذا التحالف في أحشائه جنين "اتحاد الصين الأكبر".
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15463
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28