• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة انطباعية في الخطاب الارتجالي الكلمة الترحيبية للسيد احمد الصافي انموذجا .
                          • الكاتب : صدى الروضتين .

قراءة انطباعية في الخطاب الارتجالي الكلمة الترحيبية للسيد احمد الصافي انموذجا

 لابد ان ندرك ان صيغ التخاطب البلاغي متنوعة الوسائل ولكل وسيلة مهام ولكل مهمة امكانياتها الخاصة والتي ترتبط بنوعية هذه المهام والوسائل والغاية المطلوبة من الخطاب ...ثم نضع بعد ذلك امكانية الانشاء الفني... فمن المعروف ان الخطابة مثلا تحتاج الى لغة  مباشرة مقتضبة تمنح نفسها للمتلقي من غير عناء وتكتب بتأنٍ  وبانتقائية الموضوع.. لكن لغة الارتجال في الكلمات الترحيبية تعتمد على فطنة تتحرك اتجاه المعروض المباشر بعدة اتجاهات محورية قد لايتحكم بها المنشأ اي بمعنى انها تفرض نفسها اثناء الحوار والحديث المتنوع وتتاثر بنوعية المتلقي ومحتواه الفكري وفي اللقاء الترحيبي الذي جمع الكادر التدريسي لجامعة بابل بسماحة السيد احمد الصافي امين العتبة العباسية المقدسة تحدث بعد الترحيب بما يبعد لغته عن التعابير السردية السائدة في الخطابات الترحيبية ليعالج مواضيع عامة هامة لها مديات واسعة من الاهتمام العام ومثل هذا اللقاء يثبت الاهتمام البالغ للامانة العامة للعتبة المقدسة بالعلم والعلماء ومثل هذا الاهتمام بطبيعته سيعكس عمق المستحدث من تغيير يحتكم الى وعي التأسيس  الامثل لمكونات الامانة العامة للعتبات المقدسة لتأخذ دورها الطبيعي بشكل يقظ مبدع وهو مسعى ايماني يعبر عن منهجية وثيقة الصلة  بالمحتوى الولائي لخدمة اوفق يرتكز على حشد جميع جوانب الجهد الفاعل  ومنها المرتكز الفكري  واما المفهوم الثاني لهذه  الخدمة الجليلة  هو تحويل الفعل  الخدمي الولائي  الى بنية موضوعية تطل على مهام المسؤولية  الكبرى  القضايا  الدينية  ـ الانسانية ـ الوطنية ـ  لمحتوي  الرؤى الفكرية كمعاني تعبر عن الهوية العراقية التي هي جزء من الهوية الاسلامية العامة ومثل هذا المفهوم يمثل المعنى الاول للانتماء الى صاحب   هذا المكان العباس بن علي بن ابي طالب عليه السلام وهذا يعني ان الكلمة الترحيبية مثلت  جميع مكونات الامانة العامة ومنتسبيها    ..
 ونجد ان مثل هذه القراءة الانطباعية لابد ان تدرك الابعاد الفكرية للنص وخاصة ان منشأه يرى ان التطور المامول لابد ان يكون علميا مدروسا يمر عبر رؤى اكاديمية لتنامي البعد المنهجي المتبلور بفحوى التحليل الذهني داخل المنجز المعروض بمسعيين اولهما ثابت وهو البعد الايماني كالعزيمة والثبات والسعي المؤمن وثانيهما متحرك متطور يتنامى مع مضامين التجارب العلمية المتطورة وتطور هذه المناهج  العلمية الفكرية لديمومة الدفق والحراك الفكري العام لجوهر  هذه المسؤولية  والمسعيين سوية يشكلان القصد الاسمى لمعنى الخطوة المستقبلية ..
 نظر المبدع الى الكادر  التدريسي  الجامعي  برؤيا  مدركة  تجسد لنا  الفعل الذاتي ..والموضوعي داخل هذا الكيان الادمي  الواعي  حيث اعتبر ان المهام الوظيفية وخصوصيات الفعل الحياتي تتمحور داخل النطاق الذاتي ..ويركز على مهام المعنى الموضوعي  العام والذي يكوّن جمالية المعنى القصدي داخل المحور النصي وبمعنى اقرب  وجدان المسؤولية واستيعاب منظور الكلمة الاسمى لكل معنى ـ ديني ـ انساني وطني  ولذلك تقع على كل وعي  حيوية التفاعل الجاد ..
 ومثل هذه البنى الفكرية تهيء صفات  الموضوع الجوهرية  أي مراعاة  الجانب  الفطري في عملية  التأثر والتأثير  واحتواء  هذه الفطرة  السايكلوجية  التي توسع  قابلية الاصغاء والاطاعة الشغوفة لتحول ذهنية التلقي من عملية الاصغاء التنظيري الى مهام الفعل  العملي .. لان  من طبيعة سن النشوء هو التأثر السريع للمموجهات الراشدة لا من خلال بنى التنظير بل من انعكاسات الافعال حتى اصغرها كالاسلوب النطقي وعادات المشي وحركة اليد وغيرها ..
ومن قاعدة هذا التأثير ان يمتلك القيمة الجمالية .
فتبقى المعضلة هي كيف يتم تحديد القيم الجمالية وقد نظر اليها المعنى النقدي الادبي على انها رؤى متباينة من حيث مستويات التلقي وامزجته ورؤاه وامكانيات الاستيعاب وهنا تكمن خشية علماء الاجتماع لكون القبح نوع من انواع الجمالية السلبية اي ان الطالب يتأثر بمؤثرات قد لاتكن جميلة لكنه يظنها كذلك فيتأثر بها تبين  لاحدى الدراسات التطبيقية ان المدرس الذي يدخن امام طلابه يدفع 90% منهم الى عادة التدخين ومن هذه النقطة نجد ما يتطلبه من الكادر التربوي هو استثمار هذا التأثير بما يخدم مكونات المعتقد الايماني بانصهار الذات داخل الوظيفة الموضوعية لجميع الاوجه الممكنة لنقل السمات المدركة للفكر الشيعي القويم ليصبح لدينا فكر فاعل بوسيلة فاعلة تعرض وحدات المعنى من خلال بلورة الفعل التأثيري الذي سينعكس بتفاصيل حياتية تساهم في بعث الوجود الايماني داخل الوحدات المتأثرة فكرا وشعورا ولا يمكن ان يتم مثل هذا الفعل الكبير الا بوجود الوعي لمرتكزات الدين والمذهب والمعاني الصحيحة المكتسبة من التأريخ وفرز هذا التراكم لصالح المنهجية التربوية فذهب مبدع النص الترحيبي الى عملية استسقاء مثل هذه المكونات برؤى تأريخية .
ولان مثل هذه الرؤى تمثل العديد من الاوجه التأثيرية الغير محدودة والتي من  الممكن ان تعرض بعدة سياقات تتسامى مع بعضها لترسم ملامح البعد الشعوري وتلك صفة الموضوع لتكثيف الحالة الشعورية تعرض الخبرات المؤمنة لمواضيع انتقائية تمنح المعنى المتميز فذهب الى مكونات التأريخ (الادارك النصي) ليسمح بتبادل الدلالة بين النص التأريخي وقصد النشوء المعروض ــ كوسيط دلالي ــ يرتبط بآلية السمات التأويلية .. اي الغاية المنشودة من عرض النص التأريخي ..
يروي التأريخ ان شخصا جاء للامام الصادق عليه السلام يشكو دينا فرضته الحكومة بسبب ضرائب غير مشروعة تراكمت عليه طالبا من الامام حل المشكلة ولان هناك وال موالي لاهل البيت عليهم السلام كتب له الامام (ان حامل هذه الرسالة هو اخوك) وفعلا قام له بالواجب ورفع عنه الدّين الضرائبي وكساه واعطاه مالاً...)
ومثل هذا النمط ذات المرجعية التأريخية في العرض الابداعي يكون اوسع واكثر شمولا كمعنى نصي يحمل المغزى الانساني الذي يدل على معنى الاخوة الصحيحة ليعكس هذه الاخوة كصيغة متماسكة تختصر المسافات (الزمكانية) لتؤهل الاستدلال ثم ينفتح على الشق الثاني من الحكاية التأريخية وبعد فترة(حج الرجل ومر على المولى الصادق عليه السلام وحين سأله عن القضية روى له ماحدث فقال الامام عليه السلام: والله قد سرني بفعلته) فتكملة النص تشير الى التوسع في (المعنى النقي) ليطل بحركة توافقية مع التأريخ على تأويل الفعل المعاش او استفزازه بما يمتلك الجوهر الوعظي ويهيء للنص الانفتاح حول النتائج الوعظية الذي ابتدأ بنفي ايجابي يخمن الحالة الافضل لتكون بحافز ايماني (لا اعتقد ان احد فينا لا يتمنى ان يبعث السرور في قلب ائمته عليهم السلام) .
لقد اوضح علم الاشارة على امكانية دمج معنيين في مفهوم واحد يحمل مفردة السرور لفعل الوالي الموالي وفعل السرور الذي اصبح مطلب النص من خلال استفهام المؤمن الذي يقرب ملامح الصلاح ... يقول مبدع النص(من منكم لايتمنى ان يسر قلب الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه) معتبراً حضور المهدي امتدادا لشخصية الامام الصادق ولو تأملنا في منظور النقد النصي لوجدناه يركز على عدد من المنظورات فهناك المنظور الخاص بالحكاية ومنظور خاص بالشخصيات مع منظور الحبكة اضافة الى المنظور المخصص للمتلقي وهو خيار من خيارات المبدع ليرتكز على روحية الامتداد الثاني المفترضة بين شخصية الوالي الموالي وشخصية المتلقي ليبعث  السرور في قلب الائمة عليهم السلام ومثل هذا الافق التأملي  يستمد موقفه من عدة مداليل كبيرة في التعامل  اليومي مع الطلبة   ..
  ولغرض استمرار التفاعل  النصي  يستخدم  العديد من الانماط النصية من  اجل النهوض بحالة الاستنتاج  عن طريق البرهنة  بمحتويات معاشة  فهناك حالات رسوب  قسرية  للكثير من الطلبة  كانت  نتيجة حسابات تربوية  مخطوءة  تمارسها عصبية بعض التربويين .. فعلم الاجتماع  يذهب الى نمطية  السلوك  كتصرف بدائي ورثناه لوجود مبادىء عامة معينة في حينها لايصلح التعامل بها مع كل جيل  لكن يبقى الاهم ان هذا الوجود  الذي انحرفنا به  زاوية علم الاجتماع  يذهب الى مرتكز  تفسيري  ابعد من ماهو مدرك..كاشارة الى تماثل قيم الفرد كونها جزء من  المجتمع 
 وهذا نوع من انواع  الصيغ الداعمة للمعنى القصدي فالتربوي لم يحرم الطالب من دراسته فقط وانما حرم المجتمع باسره من خدمات هذا التلميذ الذي ابعده الارتباك التربوي الذي ساهم بفصل الانسان عن ذاته المعطاءة ولنهوض الخبرة وبناء صيغ التنامي النصي وتميهد السبيل الى المضمون اولا  من خلال التضاد الراقي لينهل تضاده من منهل التجربة المعاشة نفسها فكم من انسان  تهيأت له الظروف  الحسنة  وظافرت امكانياته  بسبب كلمة تربوي حسنة  هيأت له الوضع النفسي المتماسك ..
وتبقى ضمن مساعي التجربة الجمالية مسالة بعث الاحاسيس  الانسانية الكبيرة  وصولا الى  النتائج الطيبة  ومثل هذه الحقيقة تمر عبر قنوات  الكشف الانساني لما تمتلك  كلمة التشجيع  من استاذ لطالبه  بدوافع معنوية  فالانسان مشاعر واحاسيس وللكلمة الحسنة مؤثرات نفسية عالية القيمة 
 ومثل هذه  البنى النفسية  التي هي من مقومات الوجود  البشري لاتنطوي على محددات المنهج الوظيفي  ولا علاقة لها  بالاستتناجات العلمية لكونها تنفصل من حيث القيمة العلمية  لكن اذا ابحرنا في الطريقة  التوصيلية  المثلى التي  تحرز الاستجابة  القيمية  فلا بد منا  ان نعبد  طرق التواصل  بين المرسل ( المعلم ـ المدرس ـ الاستاذ الجامعي) والمتلقي ( الطالب )  من اجل التغلغل الواعي  داخل كل ذات فبالتأكيد ستكون تلك المساعي الوجدانية مسعى من مساعي التفاعل التوصيلي ... 
 دعنا نختبر هذا التأمل الذي لابد ان يصل  الى غاية من غايات القصد الحي الذي يفوق احيانا قدرات المنطوق اللفظي بكونه يهدف الى بنية مطلبية وهي السعي للتودد العام ومحاورة المتلقي التلميذ واحتواء همومه ورفع معنوياته  .. فنجد ان في النص المعروض ثمة عناصر موجهة تؤدي الى عدة صلات تضيء المساحة الداكنة واصبح الترحيبي بمثابة حوار داخلي ( نصي ) وحوار خارجي ( المنهل المعاش ) بلغة سلسة بعيدة عن التتقعير والتعقيد مؤدية لغرضها دون تكلف ودون غموض او ضبابية ودون اسفاف .
 هناك نظرية ادبية تسمى ( مسافة التوتر ) تنقل لنا الهم الوطني من خلال تلك المسافة  فالمبدع يقول ( العراق الان يعيش ظرفا خاصا حيث كثرة الاعداء وعلينا صارت مسؤولية البناء فلا يمكن استجداء الحلول  لحل الازمات ومثل هذا الاسلوب لايكتفي بعرض الواقع الخارجي بل يذهب الى إعطاء النتائج والحلول وما يتطلبه الموقف  فلابد من  السعي الدائب كي نصل الى حقيقتنا  رغم وجود الاخفاقات   والمعاناة الكبيرة التي عشناها .. لقد سعى المنتج الى تحليل انطباعي والى جعل لغة الترحيب ان تكون اداة اجتماعية تركز على المحتوى الوطني فرغم وجود الاخفاقات في ادآء الحكومة  وخطورة الوضع الامني  لابد ان نعتني  بالشأن الجامعي ونجد ان ثمة  تقييم داخل النص يتسع لوضع الحلول المقترحة من قبل النص مثل اختيار اساتذة جامعيين من اصحاب الكفاءات وتأسيس مراكز  بحثية  فلابد ان تبذل اقصى الجهود لتنمية كفاءاتنا  ولمثل هذه المكونات مواقف فكرية تسعى لتحمل المسؤولية على عاتق التربويين في اعادة نهضة التواريخ كي يتحقق من خلال هذا العرض الموجز حوارا داخليا مشحونا بالرؤى التشخيصية مثلا التركيز على دور الاستاذ الجامعي بالانفتاح على الوسط البيئي انفتاحا ايجابيا لكون هذا الوسط الشعبي يمتلك مؤهلات  ممتازة فهو مؤهل بما قدم من تضحيات وتحدي  ومن الصعب ان يكون الفرد المسؤول المثقف والاستاذ التربوي يتحدث بمنطق غير رصين   يؤجج الامور السطحية دون ارتكاز شمولي على حقائق فكرية مدركة ويبقى النص مفتوحا على مدركات تتجسد داخل كل رؤيا جادة تسعى في الذاكرة العراقية الى ماهو جدي وحقيقي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=153806
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29