• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : واضربوهن ، مهانة للمرأة ؟!!! .

واضربوهن ، مهانة للمرأة ؟!!!

 يسعى اهل البغي والعنت  والطاغوت  محاربة الاسلام في كل ما يملكون  فاتجهوا بعبثهم الى القرآن الكريم  يفسرون الظواهر بما يخدم افكارهم وسياساتهم وكان من اكثر الامور التي اشتغلوا عليها هي امور   المرأة لكي يقولوا ان الاسلام اهانها  ويبدأون بعمليات التحرر فزرعوا الشبهات مثلا قال تعالى: ﴿ ... وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ... ﴾ .
 قالوا : في هذه الآية أيضاً مَهانة بشأن المرأة ، ممّا يتناسب وذلك العهد الجاهلي الذي كان موضع المرأة فيه موضع الضِّعة والصَّغار !
لكن بأدنى مراجعة لكُتُب التفسير والسِيَر وكلمات الفقهاء في ذلك يتّضح أنّ الأمر ليس بتلك الحدّة التي كانت تُتُصوّر عن العصر الجاهلي المُظلم وإمكان تأثيره على التشريعات الإسلاميّة الناصعة البيضاء والسهلة السمحاء.
كانت المرأة في العصر الجاهلي في مُستوى هابط جدّاً، وجاء الإسلام ليأخذ بيدها ويَرفَعَها إلى حيث مستواها الإنساني الرفيع، ولكنّ هذا التحوّل الجذري بشأنها هل أمكن حصوله بصورة فجائيّة وبِلا تمهيدِ مُقدّمات؟ أم كان بحاجة إلى مَهَلٍ وبصورة تدريجيّة لِقلب تلك الغِلظة المُتوهِّجة إلى رقّةٍ ورأفةٍ هادئة؟ 
الأمر الذي يستدعي المُسايرة مع القوم بعض الشيء في هذا الطريق الوَعْر؛ ليمكن إيقافهم أو تمهيد أسباب هذا الإيقاف فيمكن إرجاعهم إلى حيث فطرتهم الإنسانيّة الأصيلة!
وهكذا جارى الإسلام العرب في بادئ الأمر في قِسم مِن عاداتهم ـ كانت متحكِّمة عليهم تَحكّماً وثيقاً ـ وفي أثناء هذه المُجاراة والمُسايرة، أخذ ينفثُ في رَوعِهم رُوح المُلائَمة، وإبعاد الخشونة لتلين قلوبهم ويَهتدوا إلى وجه الصواب، فيَرتَدِعوا بأنفسهم شيئاً فشيئاً عن الأخطاء التي كانت تَجذبُهم بقوّة ذلك العهد.
وهذا النحو مِن سياسة التدبير نرى الإسلام قد اتّخذها بشأنِ لفيفٍ مِن عاداتٍ جاهليّة لم تكن متحكِّمة على العرب وحدهم، بل على سائر الأُمم على وجه العُموم؛ ومِن ثَمّ كان قَلعُ جذورها بحاجة إلى مُهلة وفرصة زمنيّة، قصيرة أو طويلة، وتمهيد مقدّمات أصوليّة تُمهِّد هذا السبيل.
ويُمكننا التمثيل لذلك بمسألة الرقّية التي جارَاها الإسلام، حيث تَحَكّمُها على العالم كلّه يومذاك، وكانت سلعةً تجاريّة ضَخمة، لا يمكن مُجابَهتُها بِلا تمهيد مقدّمات، فقد قام الإسلام في وجهها، لكن لا بشكلٍ علنيٍّ صريح، ولكن أعلن مخالفته لمنشأ الاسترقاق الذي كان عليه جمهور الأُمَم ذلك العصر، وسدّ طريقه ـ شرعيّاً ـ ما عدا حالة الاستيلاء على المُحاربين في ميدان القتال، الأمر الذي كان يَخصّ الرجال المُحاربين ضدّ الإسلام دون غيرهم، ولا النساء ولا الأطفال والشيوخ، ورفض رفضاً باتّاً إمكان الاسترقاق بأيّ وجهٍ كان.ثمّ إنّه مع ذلك جعل الطريق لتَحرُّرِهم فسيحاً وفي أنحاء وأشكال، حسبَما نَذكره.واتخاذ مثل هذه الإجراءات لقطع جذور عادةٍ جاهليّةٍ ساطية، قد اصطلحنا عليه بالنَسخ التدريجي المُسيَّر مع الزمان، ممّا قد مُهدِّت أسبابه مُنذ البدء وعلى عهد صاحب الشريعة.ومِن هذا القَبيل مسألة قِوامة الرجل على المرأة بشكلها العامّ، بحيث تَشمل ضربَها ضرباً مُبرِّحاً مُوجِعاً ! فلو كان قد نَزَل به الوحي، ولكن جاء تفسيره على لسان صاحب الشريعة بما يَجعله هيّناً في وقته، وتمهيداً لقلع جذوره على مدى الأيّام:
أَوّلاً : جاء تفسير الضَرب بكونه غير مُبرّح، أي غير شديد ولا مُؤلِم، فيكون ضَرباً خفيفاً لا يُؤلم، والضَرب إذا لم يكن مُؤلماً لا يكون ضَرباً في الحقيقة، وإنّما هو مَسحٌ باليد مَسحاً في ظرافة ! ومِن ثَمّ جاء تقييده بأن لا يكون بسوطٍ ولا خشبٍ أو آلةٍ غيرهما، ما عدا عُودَة السِّواك التي يستاك بها الرجل!
الأمر الذي يجعل مِن ظاهر دلالة الآية عقيمة، ويَرفض سُلطة الرجل على إيلام زوجته بالضَرب والأذى على كلّ حال.
أخرج ابن جرير عن عكرمة ـ في الآية ـ قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): (اضربوهنّ إذا عصينَكم في المعروف، ضرباً غير مُبرِّح)، ورواه أيضاً بإسناده عن حجّاج مُضيفاً إليه تفسيره (غير مبرّح) بغير مؤثِّر، يعني: لا يؤثِّر في تغيير لون البَشَرة، حتّى الحُمرة.
وعن عطاء قال: قلت لابن عبّاس: ما الضرب غير المبرِّح؟ قال: بالسِّواك ونحوه.
وعن قتادة: ضرباً غير مبرّح أي غير شائن  .و الشَين : العيب ، أي لا يُوجب عيباً.
ومِن ثَمّ قال الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس سرّه): وأمّا الضرب فإنّه غير مبرّح، بلا خلاف ، قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) : (هو بالسِّواك) .
قال القاضي ابن البرّاج الطرابلسي (قدس سرّه): وأمّا الضَرب فهو ضربُ تأديبٍ ، كما يُضرب الصبيان على الذَّنب ، ولا يَضربُها ضَرباً مُبرّحاً ولا مُزمِناً ولا مُدمِياً ويُفرّقه على بَدنِها ويَتقي وجهَها ، وإذا ضربها كذلك فليكن بالمِسواك . وَذَكَر بعض الناس (مِن فقهاء العامّة) أنّه يكون بمِنديل مَلفوف أو دِرّة، ولا يكون بخشبٍ ولا سوطٍ 
المبرِّح: الشديد المُوجِع. والمُزمِن: مِن الزَّمانَة، وهي العاهة، أي العيب والنقص، والمُدمِي: المؤثِّر في ظهور الدمِ على البَشَرة ولو بالخِراش.والدِرّة: نوع مِن السياط، لا تُوجِع ولا تُؤلم. وتُصنع مِن الخِرَق، وهي تشبه المِنديل المَلفوف.
وقال في موضع آخر: وإذا نَشَزت المرأة على زوجها، جاز له أنْ يَهجُرَها في المَضاجع وفي الكلام، ويَضربَها ولا يبلغ بضربها حدّاً ولا يكون ضَرباً مُبرِّحاً، ويتوقّى وجهها، ولا يَهجرها بترك الكلام أكثر مِن ثلاثة أيّام،.
جاء في فقه الرضا: (والضرب بالسواك وشبهه ضرباً رفيقاً) أي برِفق.
وفي جامع الأخبار للصدوق عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله): (إنّي أتعجّب مِمّن يَضرب امرأتَه وهو بالضرب أَولى، لا تضربوا نساءكم بالخَشب فإنّ فيه القِصاص، ولكن اضربوهنّ بالجُوع والعُرْيُ، حتّى تريحوا في الدنيا والآخرة) ، وجاء في آخر الحديث: (احفظوا وصيّتي في أمر نسائكم حتّى تنجوا مِن شدّة الحساب، ومَن لم يحفظ وصيّتي فما أسوء حاله بين يدي اللّه)وفي هذا الحديث صراحة بأنّ المُراد مِن الضَرب في الآية هو التأديب، ولكن لا بالعصا والسوط ـ كما يُفعل مع البهائم ـ ولكن بالتضييق في المَطعم والمَلبس ونحوهما ، وهذا أوفق بتعديل المعيشة معها .
وثانياً : النهي عن ضربهنّ ، والتشديد على المنع ، منعاً يجعل المُتخلِّف مِن شِرار الأُمّة وليس مِن خِيارِهم !
جاء في الحديث : إنّ نساءً كثيراً مِن أزواج أصحاب رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أطافَن بِبُيوت آل الرسول يَشكينَ أزواجَهنّ ـ حيث رأَوا إباحة ضربِهنّ ـ فقال رسول اللّه : ( ليس أولئك خِياركم ) 
وأخرج ابن سعد والبيهقي بالإسناد إلى أُمّ كلثوم بنت أبي بكر قالت : كان الرجال نُهوا عن ضرب النساء ، ثُمّ شَكوهنّ إلى رسول الله ( صلّى اللّه عليه وآله ) فأجاز لهم ضربَهنّ ، ولكنّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أضاف قائلاً : ( ولن يَضرب خِيارُكم )
وفي رواية ابن ماجة : ... فلمّا أصبح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : ( لقد طافَ بآل مُحمّد سبعون امرأة ، كلّ امرأة تشتكي زوجها ! فلا تجدون أولئك خياركم ) .
وأخرج عبد الرزّاق عن عائشة عن النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : ( أَما يستحي أحدكم أنْ يضرب امرأته كما يَضرب العبد ، يضربها أَوّل النهار ثم يُضاجعها آخره ) 
قالت عائشة : ما ضرب رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) خادماً له ولا امرأةً ولا ضرب بيده شيئاً.ولم يُؤثَر عن أحد مِن الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) الأطهار ولا مِن الصحابة الأخيار والتابعين الأبرار أنْ واجهوا نساءهم بغَضَاضَة فضلاً عن الضَرب واللطم ، بل كانت شيمتُهم العفو والغفران ، كما مرّ في حديث الإمام الصادق عن أبيه الإمام الباقر ( عليهما السلام 
وثالثاً : التوصيات الأكيدة بشأن المرأة والتحفّظ على كرامتها والأخذ بجانبها في عطفٍ وحنانٍ ورأفةٍ ورحمة ، بعيداً عن الغِلظة والشدّة ، بل حتّى مؤاخذتها على ما فَرَطَ منها ما سِوى العفو والغفران .جاء في رسالة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) : ( ... فإنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، ولا تَعْدُ بكرامتها نفسَها... ) أي خُذ بكرامتها ، ولا تَجعلها بحيث تضطرّ إلى أن تستشفع بآخر ، فلتكنْ كرامةُ نفسها لديك هي الشفيعة لها دون غيرها ، وجاء في رواية الكليني : ( واغضض بصرَها بسترك ، واكفُفها بحجابِك ، ولا تُطمِعُها أنْ تشفعَ بغيرها ... )
وروى الكليني بإسناده إلى الإمام أبي عبد اللّه الصادق ( عليه السلام ) فيما ذَكَر مِن حُقوق المرأة على زوجها قال : ( وإنْ جِهلت غَفَر لها ) وزاد : ( كانت امرأة عند أبي ( الإمام الباقر( عليه السلام ) تؤذيه فيغفر لها ) 
وفي وصيّة الإمام لابنه مُحمّد ابن الحنفيّة ما يشبه وصيّته لابنه الحسن ، وزاد : ( فدارِها على كلّ حال وأَحسِن الصُحبة لها ليصفوا عيشُك ) .وأوصى الإمام الصادق ( عليه السلام ) يونس بن عمّار بالإحسان إلى زوجته ، فسأله : وما الإحسان ؟ قال : ( ... واغفر ذنبَها... ) ، وفي حديث : ( داووا عيَّهن بالسكوت ) ، وفي لفظٍ آخر : ( استروا العيّ بالسكوت ) وقال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( ما زال جبرائيل يُوصيني بالمرأة ، حتّى ظَننتُ أنّه لا يَنبغي طلاقُها إلاّ مِن فاحشة مبيِّنة )وروى الصدوق بإسناده إلى الصادق ( عليه السلام ) قال: ( رحم اللّه عبداً أَحسَن فيما بينه وبين زوجته ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد ملَّكه ناصيتَها وجَعَله القيّم عليها ) ، وجاء في الحديث السابق تفسير الإحسان بالغض ّعنها والسَّتر عليها .وقد فسّر القاضي ابن البرّاج القَيمُومَة هنا بالقيام بحقوقها التي فَرَض اللّه لها على الزوج ، قال : وقال تعالى ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ... ﴾ ، يعني : أنّهم قوّامون بحقوق النساء التي لهُنّ على الأزواج 
وهذا هو معنى قوله تعالى : ﴿ ... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... ﴾  ، ويتأكّد بقوله تعالى : ﴿ ... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... ﴾ ، قال ابن البرّاج : يعني أنّ لكلّ واحدٍ منهما ما عليه لصاحبه ، يُجمع بينهما من حيث الوجوب.
وقد لَعَن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) مَن ضيّع حقوق امرأته ولمْ يراعِ جانبها ، قال : ( ملعون ملعون مَن يضيّع مَن يعول ) ، وفي حديث آخر : ( كفى بالمَرء هلاكاً أنْ يُضيِّع مَن يَعول ) ، وقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) ( خَيّرُكم خيّرُكم لأهله ، وأنا خيّركم لأهلي ) .وقال : ( خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم لنسائي ) .
وأخرج الترمذي وصَحّحه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص ، أنّه شِهد حِجّة الوداع مع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) قام وخَطب ، وفيما قال في خطبته : ( أَلا واستوصوا بالنساء خيراً ، فإنّما هُنّ عَوان عندكم ، ليس تملكون منهنّ شيئاً غير ذلك إلاّ أنْ يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنة ، فإنْ فَعَلنَ فاهجروهنّ في المَضاجع واضربوهنّ ضَرباً غير مبرّح ) 
قوله : ( عَوان عندكم ) يعني : أنهنّ قد قَضَين عندكم عُمُراً وفَقَدنَ رَيعَان شبابِهنّ عندكم قال رسول الله ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( خِياركم خِياركم لأهله ) ، وقال : ( ومَن اتّخذ زوجةً فليُكرمها ) وفي رواية أبي القاسم بن قولويه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( مَن اشتدّ لنا حبّاً اشتدّ للنساء حبّاً ) وفي كتاب النوادر للرواندي : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( أُعطِينا أهل البيت سبعة لم يُعطَهنّ أحدٌ كان قبلنا ـ وعدّ منها ـ : والمحبّة للنساء ) .وفيه أيضاً : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( كلّما ازداد العبد إيماناً ازداد حبّاً للنساء )والمُراد بالحبّ في مثل هذه الأحاديث : الإشفاق والإرفاق والموادّة والتحفّظ على كرامة المرأة على مستواها الإنساني الرفيع ، وليس النظر إلى جانب الشهوة ، كلاّ وحاشا .وفي حديث الحولاء جاءت إلى النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) تسأله عن حقّ الرجل على المرأة ، وعن حقّ المرأة على الرجل ـ إلى أنْ قالت : ـ فما للنساء على الرجال ؟قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( أخبرني أخي جبرائيل ، ولم يَزل يُوصيني بالنساء حتّى ظَننتُ أنْ لا يَحلّ لزوجها أنْ يقول لها : أفٍّ ! يا مُحمّد ، اتّقوا اللّه عزّ وجلّ في النساء ، فإنّهنّ عَوان بين أيديكم ، أخذتموهنّ على أمانات اللّه ـ إلى أنْ قال ـ فأشفِقوا عليهنّ وطيّبوا قلوبهنّ حتّى يَقفنَ معكم ، ولا تُكرِهوا النساء ولا تُسخِطوا بهنّ ).
وروى الصدوق في كتابه ( علل الشرائع ) و ( الأمالي ) بالإسناد إلى أمير المؤمنين( عليه السلام ) قال : ( فداروهنّ على كلّ حال ، وأَحسِنوا لهنّ المقال ، لعلّهنّ يحسنّ الفعال ).وعن الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) : ( مَن اتّخذ امرأةً فليُكرِمها ، فإنّما امرأةُ أحدكم لُعبة ، فمَن اتّخذها فلا يُضيِّعُها )
وبعد ، فإنّ المتحصَّل مِن تلكمُ الأحاديث المتوفّرة أنّ للمرأة كرامتها الإنسانيّة الرفيعة ، وعلى المَرء أنْ يحافظ على كرامتها ولا يُشينها ولا يُهينها ، ويُحسن المعاشرة معها ،ويَجعل نفسه ونفسها شَريكَينِ مُتوازِيَين في إدارة شؤون الحياة العائليّة ، بتوزيع المسؤوليات توزيعاً عادلاً ، ولا يُكرِهُها على شيء ، بل يستميل خاطرَها ويستميح جانبها ، ويُعاشرها برِفقٍ ومُداراة ،فإنّها ريحانة وليست بقهرَمانة ، وإذا رأى منها زلّة غضَّ بصرَه عنها ، وإذا أحسّ الشِّقاق واللَّجاج أَحسَنَ المُداراة معها ليَستميح خاطرَها المُرهف الرقيق ، فلا يَغلظ ولا يَحتدّ معها ، فإنّهنّ عَوان ( خاضعات ) لكم ، فأشفِقوا عليهنّ وطيّبوا قلوبَهنّ ، حتّى يَقفنَ معكم ، ولا تُكرِهوهُنّ ولا تُسخطوا بهنّ ـ كما مرّ في الحديث النبوي ـ 
( فداروهُنّ على كلّ حال ، وأحسنوا لهُنّ المَقال ، لعلّهنّ يُحسِنّ الفِعال ) ـ كما مرّ في كلام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ( فمَن اتّخذ زوجةً فليُكرمها ، فإنّما هي لُعبة ، فيمَن اتّخذها فلا يُضيّعها ) كما قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) 
وأمّا الضرب ، فقد مُنع منه مَنعاً باتّاً ، إلاّ إذا كان غير مبرّح ولا شائن ، والأَولى أنْ يكون تأديباً عن طريق التضييق عليها في الإنفاق ، لا الضرب باليد ولا بالعصا .والأَولى مِن ذلك ترك الضرب البتة اقتداءً بالنبيّ الأكرم والأَئمة المعصومين عليهم صلوات المصلّين ، ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ ومن ترك هذه الأُسوة الحَسنة لم يكنْ متّبِعاً لنبيّ الإسلام . ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ... ﴾ 
وخِياركم خِياركم لنسائهم ، والنبيّ خيرُ الناس لنسائه أَلا ومَن ضرب امرأته أو لَطَمها فهو أحقّ بالضرب واللطم ، ولم يكن مِن خِيار . الأُمّة ، ولعلّه مِن شرارهم ، والعياذ باللّه .ذلك أنّها إذا فعلت أمراً فلعلّها مِن جانب غَلَبة العاطفة عليها ، وهي جيّاشة ، أمّا الرجل فلِماذا يسترسل قيادته لأَحاسيس عابِرة ، ولا يستسلم للعقل الرشيد ، فهو أَولى بالضرب والتأديب ، وعلى أي حال فهو ليس مِن خِيار الأُمّة ، ممّن تربّوا على منهج التربيّة الإسلاميّة الرفيعة .ونتيجة على ذلك : كانت الآية بظاهرها المطلق مَنسوخة نسخاً تمهيديّاً ، كان الناسخ لها تلك التوصيات الأكيدة بشأن المرأة ، والأخذ بجانبها والحِفاظ على كرامتها ، وكذا المنع عن ضربها على أيّ نحوٍ كان إلاّ مالا يُعدّ ضرباً ، وهو بالعطف والحنان أَشبه منه إلى الإيلام ، وهكذا عَمِلَ الرسولُ وكبراءُ الأُمّة ، ممّن أُمِرنا بإتّباعهم على كلّ حال .إذن ، فالأخذ بظاهر إطلاق الآية أخذٌ بظاهر مَنسوخ ، ومُخالفة صريحة لمنع الرسول وتوصياته البالغة ، وكذا الأَئمة الطاهرين مِن بعده




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=153801
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28