• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الطائفية والصراع القائم .
                          • الكاتب : د . علي رمضان الاوسي .

الطائفية والصراع القائم

كلمة الدكتور علي رمضان الاوسي في  ((ندوة الاسلام والحياة))(الطائفية وتاثيرها في المجتمع)
انّ ابرز الاوراق التي يمارسونها في المنطقة العربية والاسلامية هما ورقتا التقسيم والطائفية الى جانب شعارات ما يسمى بالديمقراطية الغربية وحقوق الانسان والامومة والطفولة وغيرها مما لم تحظ باحترام حقيقي لها في البلدان الغربية ذاتها حين يتعرض أمنها الى إقلاق أو مشاكل وهذا ما حصل في امريكا وأوربا أيضاً في احداث كثيرة واجهوها بكل قسوة ولم يرعوا أي حق من هذه الحقوق.
التقسيم مخطط غربي أعدوه لتهديد الوحدة الجغرافية والوطنية لهذه المنطقة سواء كان تقسيماً مناطقياً أو عرقياً أو طائفياً المهم ان يتقزم هذا الوجود وهذه المنطقة من خلال هذا التقسيم الذي يلقى تناغماً كبيراً لدى الكثير من المكونات المهمشة في هذه المنطقة. كما أشرنا قبل قليل لرأي محمد حسنين هيكل بهذا الشأن حيث نعتها بأنها (سايكس بيكو) جديدة.

في مواجهة الورقة الطائفية:
بعد أنْ بات واضحاً للعيان ان الطائفية من أكبر النتائج التي ظهرت في هذه المواجهات العربية برز التصنيف الطائفي مؤثراً رئيساً وفاعلاً في توزيع دائرة القرار السياسي بعد التغيير بعد ان شكّلت الطائفية دافعاً للكثير من المواقف الرسمية وغير الرسمية في دعم طرف ما على حساب اطراف أخرى. هذه السياسة أوجدت واقعاً جديداً وعلاقات تفتقر الى الحد الأدنى من الشفافية وبات فيها احترام الآخر من الممنوعات بل صاروا أكثر عدوانية لتدمير الرأي الآخر وإمعان القتل والدمار في الآخرين كما جرى بشكل واضح في اليمن وليبيا.
لو استمرت هذه العدوانية الطائفية من غير رادع قانوني ولا مانع اخلاقي ولا ورع ديني فانّها ستأتي على الكثير من الانجازات التي حققها مشروع التقريب طيلة هذه السنوات.
فالطائفية في ذاتها هي نزعات بين فئات وطوائف قائمة على أسس دينية أو مذهبية أو عرقية أو لغوية، وقد تتفجر هذه النزاعات بشكل أكثر حدة كما هو حاصل في العراق اليوم، وبإمكان هذه النـزاعات أن يكون لها طابع الامتداد خارج نطاقها وهذا ما جعلها محل رصد من قبل المتتبعين لا سيما من جانب ما يتعلق بمستقبل المنطقة التي تشهد هذه التطورات، خاصة وأنها أصبحت بمثابة صراع. إن إدمان الحالة المذهبية والطائفية بعامة جعل هناك أرضية خصبة تعمل من خلالها الجهات السياسية والدولية على إضفاء الطابع المذهبي على الصراعات السياسية.
ومن أجل العودة بهذه النزعة والحالة إلى سياقاتها الأصلية فإن جميع الأطراف مدعوون إلى تحمل مسؤولياتهم الشرعية والسياسية والتاريخية والعمل على عقلنة الفكر الديني والمذهبي وإبعاد الحالة المذهبية والدينية عن أن تكون حالة انغلاق وتحجر عصبية وذلك عن طريق التركيز على الثوابت المشتركة سواء في المضمون لإدارة الاختلاف الذي هو طبيعة بني البشر وبذلك يمكن تحويل الاختلاف إلى حالة تنوع والتنافر إلى حالة غنى للجميع.

الأمة الواحدة والطائفية خطّان متضادّان:
الطائفية مرض خطير وسلاح فتاك لا يلتقي والتقريب من قريب أو بعيد، والطائفية تتسبب في ايجاد أجواء الاحتقان وتقطع سبل الوصال وتزيد من نسب الكراهية بين الناس، فهي أشد من الأمراض الفئوية فتكاً للبوسها الدين وإضفاء الشرعية على متعاطيها فهي تلغي الآخر ولا قيمة لديها للفكر أو الاعتقاد أو الشعائر حين لا يتذوقها الطائفي من خلال مناخه الفكري أو الاعتقادي وليس بمقدور هذا الأتجاه أنْ يكسب أدلة أو مبررات يدافع فيها عن اللون الطائفي فهي مرفوضة شرعاً وغير مقبولة عرفاً ولا عقلاً وتصطدم مع أبسط قواعد التنمية الفكرية والاجتماعية والسياسية والحضارية، فالمجتمعات التي أبتليت بالطائفية لا زالت تعاني الفقر والحرمان والجهل والتخلف فآثار التحرك الطائفي يتجاوز الفرد والمؤسسة إلى العمق الاجتماعي ويضرب بآلامه وأخطاره أعمدة الاستقرار الاجتماعي.
والتطرف الفكري يتسبب في إحداث مشكلة أمنية، وهو أحد أهم مهددات الأمن العام والسلم الاجتماعي، ولابد من البحث عن الدوافع الحقيقية وراء ثقافة العنف المجتمعي الذي يؤكد الروح الدموية لتوجهات أصحابه الفكرية ولابد من التوجه لمعالجة هذا الانحدار الفكري لدى البعض الذين يريدون تسييده في المجتمع لتتحول ثقافة المجتمع الى عنف ومواجهات ولا سبيل غير ذلك().


ما الموقف من هذا الانحراف الفكري:
إذا ما ترك هذا اللون من الانحراف فأن المجتمع سيتحول إلى قوة متضاربة تتشظى فيه القيم وتتعكر أجواء السلم الاجتماعي ومن ثم فلا أمن فكرياً ولا استقرار ينتظره أحد لمعالجة أية ظاهرة من ظواهر التطرف والانحراف الفكري. لابد من تحرير الفكر من سيطرة العواطف بنبذ التعصب الفكري الذي يغذي الأهواء وليس العقول.
لابد ان نواجه في المجتمع أخطار الجهل والتعصب والغلو والفقر وقداسة الذات والاستبداد بكل ألوانه ولابد من ا لموازنة بين الافكار والحريات الفردية والعامة حتى لا نصاب بالغلو أو التطرف والتكفير.
وأفضل الاساليب التي تواجه بها هذه الاخطار هو أسلوب الحوار وقبول الآخر وان اختلفنا معه على ان نضعه في اجواء الحوار ليتخلى أو يهدأ عن عصبيته الفكرية وخلفياته العقائدية، فالحوار من شأنه أنْ يعمل على تبديد الحواجز وإزالة الاوهام وتمهيد النفوس، وبه حاور النبي (ص) المشركين والكفار وحتى المنافقين وقادة الدول والمستبدين، مترسماً الأسلوب القرآني في الانفتاح على الآخر وعرض الأفكار من غير عصبية أو  إقصاء (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين).
د.علي رمضان الاوسي
المركز الاسلامي في انجلترا - لندن


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15175
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28