• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فاطمة ( عليها السلام ) جنة الله في سمائه و أرضه .
                          • الكاتب : الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي .

فاطمة ( عليها السلام ) جنة الله في سمائه و أرضه

روي عن رسول الله (صلى الله عليه و اله ) أنه قال : ان جبرئيل ( عليه السلام ) أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحولت ماء في صلبي، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة فانا أشم منها رائحة الجنة.
علل الشرايع ج1 ص 183
دلائل الامامة 143
‏معنى الجنة لغة:
الجيم و النون (جن) جن بمعنى الساتر والتستر والخفاء.
 جنن :جن الشيء يجنه جناً: ستره‏ وكل شيء ستر عنك فقد جن عنك،
جن عليه الليل ستره ، وجن الليل وجنونه وجنانه ظلمته وادلهمائه، 
وبه سُمي الجن لاستتارهم ‏واختفائهم عن الابصار، ومنه سمي الجنين لإستتاره في بطن أمه.
لسان العرب ج3 ص218
‏قال تعالى  ((ولما جن عليه الليل رأى كوكبا)) متحدثا عن إبراهيم (عليه السلام) الانعام 76
ومنه سمي القلب الجنان ؛ لانه محفوظ ومستور داخل الصدر ، و تسمى البستان جنة لأن الشجرة يستر الأرض.

اذن‏النتيجة الجنة لغة بمعنى الخفاء والستر والتستر
وكذلك فاطمة (عليها السلام) حيث روي عن الإمام عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال (وإنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها) البحار ج4 ص 13
   بمعنى ستروا عن معرفتها وخفيت عنهم تلك المعرفة
و عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: ((إنَّا أنزَلْـنَاهُ فِي لَـيْلَةِ القَدْر)) الليلة فاطمة الزهراء والقدر الله، فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها.
بحار الأنوارج42 : 105 ‏
ومعلوم أن ليلة القدر غير معلومة تفصيلا بل هي مرددة بين ليال ثلاث : ليلة التاسع عشر والحادي والعشرين والثالث والعشرين من شهر رمضان فليلة القدر غير محددة ومخفية بين هذه الليال وكذلك فاطمة (سلام الله عليها) خفيت معرفتها عن الخلق، ومن جانب اخر ان فاطمة (سلام الله عليها) لها ثلاث تواريخ لشهادتها اليوم الثامن من شهر ربيع الثاني و الثالث عشر من شهر جمادى الأول و الثالث من شهر جمادى الاخر.
هذا أولا .
ثانيا - الجنة مكان الجزاء لأولياء الله ‏وعباده الصالحين قال تعالى ((وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا)) الزمر 71
 وكذلك هي (سلام الله عليها) فهي قانون الجزاء يرضي الله لرضاها ويسخط لسخطها كما ورد ذلك في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فاطمة شجنة مني يؤذيني ما آذاها ويسرني ما يسرها، وإن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها صلوات الله عليها.
معاني الاخبار ص303
وهذا يعني ان رضاها وغضبها معيار لرضا وغضب الله تعالى فتكون هي (عليها السلام) قانون الجزاء الإلهي.
           
ثالثا - ‏تعدد أسماء الجنة وتعدد أسماء السيدة الزهراء (عليها السلام) .
ورد في القرآن الكريم عدة أسماء للجنة منها:
جنة عدن وجنة نعيم وجنة الخلد وجنة المأوى وجنة الفردوس ودار الجلال ودار الكمال ودار السلام
 قال تعالى ((جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ)) فاطر 33
وقال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ)) لقمان 8
وقال تعالى ((قُلْ أَ ذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَ مَصِيراً)) الفرقان 15
وقال تعالى ((عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى‏)) النجم  15
وقال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً)) الكهف 107
الى اخر ما جاء في الذكر الحكيم من الايات الدالة على تعدد أسماء الجنة ، ‏وكذلك هو الحال بالنسبة للسيدة الزهراء (عليها السلام) حيث ورد أن  لها عدة أسماء كما في الحديث المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال : لفاطمة تسعة أسماء عند الله عز وجل فاطمة، والصديقة والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية، والمرضية، والمحدثة و الزهراء.
الأمالي للشيخ الصدوق ص 688
البحار ج43 ص 10

رابعا - ‏تعدد أبواب الجنة وتعدد الأبواب الموصلة للسيدة الزهراء (عليها السلام) .
روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال : إن للجنة ثمانية أبواب..
الوسائل ص 246
وعنه (صلى الله عليه واله) انه قال :الجنة لها ثمانية أبواب... من أراد الدخول من هذه الأبواب الثمانية فليتمسك بأربع خصال: الصدقة، والسخاء، وحسن الخلق، وكف الأذى عن عباد الله.
الفضائل ص129
وعن الامام امير المؤمنين ( عليه السلام ) انه قال : إن للجنة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النبيون والصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا،... وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن شهد أن لا إله إلا الله، ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت.
الخصال ج6 ص408
فكل انسان يدخل من هذه الأبواب بحسب شأنه وما قدمه وما كان عليه .
وكذلك للسيدة الزهراء (سلام الله عليها) أبواب متعددة توصل اليها وهم المعصومون (عليهم الصلاة والسلام)‏ فكلٌ يستطيع أن يصل إلى السيدة الزهراء (عليها السلام) و إلى حبها و التعلق بها عن طريق معصوم من المعصومين (عليهم السلام) فكل معصوم يمكن أن يوصلنا إلى مكانة ورفعة وفضل فاطمة (عليها الصلاة والسلام)

خامسا - ‏الجنة لا يمكن وصفها و الوقوف على حقيقتها لقوله تعالى ((فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)) السجدة 
17
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال: وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
من لايحضره الفقيه ج1 ص292-295
وكذلك السيدة الزهراء ( سلام الله عليها) فلايمكن للخلق الإحاطة بها كما مر في الرويات السابقة من أن الخلق فطموا عن معرفتها 
عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال (وإنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها) البحار ج4 ص 13
فحال فاطمة ( عليها السلام ) كحال الجنة من حيث عدم امكان الإحاطة بها ومعرفتها.

سادسا – سعة الجنة وسعة علوم فاطمة (عليها السلام) ومعارفها الربانية.
قال تعالى ((وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)) ال عمران 133
وكذلك فاطمة ( عليها السلام ) في سعة علومها ومعارفها فقد ورد في الرواية 
عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: لما ولدت فاطمة (عليها السلام) أوحى الله إلى ملك فأنطق به لسان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فسماها فاطمة، ثم قال: إني فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: والله لقد فطمها الله بالعلم وعن الطمث بالميثاق.
علل الشرائع للصدوق: ج 1 ص 179 .
وقال العلامة المجلسي في شرحه لهذه العبارة : ( فطمتك بالعلم: أي أرضعتك بالعلم حتى استغنيت ، وفطمت أو قطعتك عن الجهل بسبب العلم ، أو جعلت فطامك من اللبن مقرونا بالعلم ، كناية عن كونها في بدو فطرتها عالمة بالعلوم الربانية ، وعلى التقادير كان الفاعل بمعنى المفعول كالدافق بمعنى المدفوق ، أو يقرء على بناء التفعيل ، أي جعلتك قاطعة الناس من الجهل ، أو المعنى : لما فطمها من الجهل فهي تفطم الناس منه ) بحار الانوار : 39  ص 14
 سابعا – الجنة رضوان الله وكذلك فاطمة ( عليها السلام ) رضوان الله .
قال تعالى ((وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) التوبة 72
وكذلك السيدة الزهراء (عليها السلام) فهي رضوان الله تعالى والذي هو مفاد رواية يرضى لرضاها ويغضب لغضبها  المتقدمة الذكر والتي وردت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فاطمة شجنة مني يؤذيني ما آذاها ويسرني ما يسرها، وإن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها صلوات الله عليها.
معاني الاخبار ص303
وفي رواية أخرى قال (صلى الله عليه واله): إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها.
البحار ج43 ص 19.

ثامنا -  الجنة يوم الخلود وجنة الخلد ومحبة فاطمة (عليها السلام) تفضي الى الخلود في الجنة .
قال تعالى : ((ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ)) سورة ق 34
وقال تعالى ((قُلْ أَ ذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَ مَصِيراً))الفرقان 15
وكذلك محبة فاطمة تثمر وتفضي الى الخلود في الجنة لان محبتها تفطم من احبها من النار كما في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه واله ) انه قال : انى سميت ابنتي فاطمة لأن الله عز وجل فطمها وفطم من أحبها من النار.
عيون اخبار الرضا ج1 ص51

تاسعا – الجنة دار الغنى ومحبة الزهراء (سلام الله عليها) تورث الغنى ، قال تعالى ((يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ أَكْوابٍ وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَ أَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ))الزخرف 71 
وكذلك ورد في ايات أخرى وصف الجنة الذي يتضح منه ان الانسان في الجنة يكون غنيا وله مايشاء من ذلك النعيم الذي لا انقطاع له ، وكذلك محبة السيدة الزهراء ( عليها السلام ) تورث الغنى في الدنيا والأخرة فمن احبها وتولاها واقتدى بسيرتها واقوالها وافعالها وتمسك بها كان غنيا في الدنيا والاخرة حيث انه يكون على المنهج الحق والهداية وأمن من الضلال الذي يثمر رضا الله تعالى وحسن المآب  كما أشار اليه النبي (صلى الله عليه واله) قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
الوسائل ج27 ص34
عاشرا – الجنة مساكن طيبة والسيدة الزهراء (سلام الله عليها ) طيبة طاهرة مطهرة.
قال تعالى : ((وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ))التوبة 72
والزهراء (سلام الله عليها) طيبة طاهرة مطهرة ففي وصف الامام الصادق (عليه السلام) لزيارة النبي (صلى الله عليه واله) ان تقول : السلام عليك يا مبلغا عن الله، السلام عليك أيها السراج المنير، السلام عليك يا مبشر، السلام عليك يا منذر السلام عليك يا نور الله الذي يستضاء به، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين الهادين المهديين.
اقبال الاعمال ج3 ص 123
والزهراء (عليها السلام) هي اول عترة النبي واهل بيته وام الائمة الهادين المهديين ، الطيبة الطاهرة المطهرة بنص الكتاب العزيز واحاديث النبي وعترته الطاهرة (عليهم الصلاة والسلام).

واختم البحث في تأكيدي على ان فاطمة ( عليها السلام ) جنة الله في سمائه و ارضه بهذه الرواية 
عن محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله في كتابه مصباح الأنوار بإسناده عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن و الحسين قبل أن يخلق آدم عليه السلام حين لا سماء مبنية، ولا أرض مدحية، ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار، فقال العباس: فكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟
فقال: يا عم لما أراد الله أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا "، ثم تكلم بكلمة أخرى فخلق منها روحا "، ثم مزج النور بالروح، فخلقني وخلق عليا " وفاطمة والحسن والحسين، فكنا نسبحه حين لا تسبيح، ونقدسه حين لا تقديس، فلما أراد الله تعالى أن ينشئ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري، ونوري من نور الله، ونوري أفضل من العرش، ثم فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة، فالملائكة من نور علي، ونور علي من نور الله، وعلي أفضل من الملائكة، ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة، ونور ابنتي فاطمة من نور الله، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض، ثم فتق نور ولدي الحسن فخلق منه الشمس والقمر، فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن، ونور الحسن من نور الله، والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة والحور العين، فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين، ونور ولدي الحسين من نور الله، وولدي الحسين أفضل من الجنة والحور العين. الخبر
بحار الانوار ج15 ص10
فهذه الرواية كاشفه ‏عن أن اصل الجنة وحقيقة الجنة هي من نور الحسين (عليه السلام) وفاطمة (عليه السلام) أصله وأمه فكل الكمالات التي للحسين (عليه السلام) أصلها من امه فاطمة (عليها السلام) فإذا كانت الجنة من نور الحسين والحسين من فاطمة كانت الجنة في حقيقتها فاطمية. بل اكثر من ذلك ففاطمة (عليها السلام افضل من الجنة، حيث ورد في الرواية ان الحسين ( عليه السلام ) افضل من الجنة ومما لا شك فيه ان فاطمة افضل من الحسين فتكون فاطمة بالاولوية افضل من الجنة.


والحمد لله رب العالمين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=151653
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 01 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29