• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المعلم والحقوق المغيبة .
                          • الكاتب : صادق غانم الاسدي .

المعلم والحقوق المغيبة

لا يوجد في هذه الدنيا أسمى واشرف وأنبل من المعلم وأفضل أجراً وثواباً من مهنة التعليم فبها يرتقي الإنسان ويصل إلى معرفة الحقائق وبناء المجتمعات وتحقيق العدالة والقضاء على العنف والتميَز الطبقي وتسود المحبة والأمان بين شعوب الأرض , فهو يزودنا بالغذاء الفكري الضروري لننطلق في ساحة التنافس ونعمر الأرض ونكشف غوامض العلوم , وأول معلم علم البشرية وأرشدهم للمعرفة هو الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله حينما جعل التعلم أساس الدين الإسلامي وقال طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمه , فالمعلم يتحمل مسؤولية شرعية وأخلاقية أسمى من أن توصف بأنها مسؤولية وطنية فقط ويحدثنا التاريخ أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله كافىء أسرى معركة بدر بإطلاق صراح كل من يجيد القراءة والكتابة بشرط أن يعلم المسلمين , فالمعلم هو الإنسان الشريف الذي يفني  سنين عمره ليعلمنا فهو كالشمعة حين تحترق وتذوب من اجل أن تنير دربنا وتنور اذهاننا فعلينا أن نسعده بالقول والفعل , ما أكثر ما تقاطرت كلمات بحقه فمنهم من جعله بمرتبة الإله والأخر سجد له وحين تسمع ألجواهري وهو يقول بحق المعلم ( لو جاز للحر السجود تعبداً  لوجدت عبداً للمعلم ساجداً) تضن أن البشرية والقوانين تذوب كلها في عشق المعلم ,وانطلاقاً من معطيات الواقع المرير الذي يمر به المعلم في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ العراق لم أجد أي بادرة خير تنقل المعلم وتجعله على الأقل كبقية الموظفين في الدولة من حيث توفير الحماية وتشرع له قوانين تحميه أسوة ببعض المفاصل الحيوية التي تعمل ضمن أطار الدولة, ولكننا نفتقد اليوم الى مثل هذا التشريع أو مجرد اقتراح ينقل المعلم من حال إلى حال أفضل , مع العلم أن استقرار الحالة السياسية وازدهار الحياة الاقتصادية والاجتماعية يتوقف على ما يبذله المعلم من تفاني وإخلاص لوضع قاعدة أساسية تبنى عليها ازدهار وتقدم الدولة من خلال رفد المجتمع بطاقات علمية صحيحة تساهم في عملية البناء والتقدم , عندما تعثٌر التقدم في المجال العسكري والاقتصادي للدول الأوربية عمدت على تغيير أسس تعليمها واعتمدت على المعلم وأعطته مساحة واسعة مع تغيَر مناهج وأساليب التدريس كي يثمروا بنتائج مستقبلية تجعلهم جنباً إلى جنب مع تقدم الحضارة , ما نلاحظه اليوم في العراق أن وزارة التربية شددت على المعلم وجعلت منه أشبه بالإله التي تعمل ضمن نظام  يدار بأساليب بعيدة عن الممارسات الحضارية بل حكمته بتعليمات وقيدت مفهوم التعليم لديه على انه واجب يقدمه مقابل راتب شهري يحصل عليه, فأصبح المعلم اضعف موظف في مفاصل الدولة وهنالك شواهد يعيشها المعلمون والمدرسون يوميا أثرت على نفسيتهم وإبداعهم في ما يقدمونه بمجال اختصاصاتهم , قبل فترة حدث اعتداء على احد المدرسين في محافظة البصرة بالضرب والشتم وربما هذه الحالة واحدة من المئات تحصل باستمرار ولكن لم نرَ أي رادع لها بل وبخ المدرس وترك الفاعل ولا يختلف الأمر لأحد المدرسين إثناء مراجعته لحل إشكال داخل مركز للشرطة في العاصمة بغداد مما تسبب بالاعتداء عليه من قبل المفوض والنقيب الذين انهالوا عليه بالضرب وتم إيقافه لساعات دون أمر قضائي وخلال الدوام الرسمي للمدرس , ولم يراعي السيد الوزير حين أصدر عقوبات وأعفى بها مدير مدرسة في محافظة واسط على خلفية تمازح حصل بين مدير المدرسة وابن شقيقته بشهادة المدرسين واعتراف الطالب وبأن الحادثة نقلت له عن طريق كاميرا جهاز النقال ولا اعتقد أي اثر سلبي في هذه المسألة التي لم تخرج عن الأدب العامة , والأكثر  من ذلك حزنا أن مديريات التربية تستقبل شكاوى كثيرة ومعظمها مبالغ فيه والغرض منها هو إذلال المعلم ونتمنى أن تكون الشكاوى تحمل الصدق والموضوعية والشفافية كي نعالج الخطأ ونحفظ حقوق المشتكى ونرد عليه الاعتبار في حالة الاعتداء واخذ حقه ولكن بالمقابل علينا أن نقدم اعتذارنا للمعلم والمدرس أن كانت الشكوى كيديه ولم أرَ مثل تلك الأمور تحصل بل لم تضع التربية على الأقل قوانين تحد من كثرة الشكاوى الكيدية على أدارة المدارس والمدرسين , قال لي احد مدراء المدارس في قاطع فلسطين التابع إلى مديرية تربية بغداد الرصافة الأولى  طلب منه نقل مدرس عربي فائض الى مدرسة أخرى حسب مقتضيات المصلحة العامة  فعملت بسياقات التعليمات والنظم المدرسية فتم  نقل آخر مدرس التحق بالمدرسة  ولكن فوجئت بعد يومين من نقله بتقديم شكوى ضدي يدعي انه نقل لعدم مساعدته لبعض الطلاب فاغضب بذلك مدير المدرسة , وهنالك حالات كثيرة ترد ألينا عن شكاوى كيديه من بعض أولياء أمور الطلبة ولاتحمل معها الصدق ,فهنالك ممن يشجع على هذه الحالة بل لم يوبخ المشتكي لإدلائه بمعلومات مضلله وهو بذلك عطل أداء المعلم أو المدرس عن دوره الحقيقي , نتمنى من السيد الوزير أن يحفظ حقوق المعلمين والمدرسين الذين ضحوا با نفسهم وتحدوا الإرهاب  ولم ينقطعوا عن الدوام في ضل الأجواء المتوترة التي غابت فيها أكثر مؤسسات الدولة أثناء فقدان الأمن وانتشار العمليات الإرهابية , مع أن الكثير من المعلمين والمدرسين استشهدوا في حرم المدرسة وبعضهم قتلوا أمام طلابهم ,كما نتمنى أن تصدر تعليمات من الوزارة تنهي فيها الاستفزازات التي تقوم بها جهات كثيرة ضد المربي الأول ولا يوجد أيضا قانون يحميه ويقف الى جانبه من أي اعتداء على عكس ما نشاهده اليوم أن جميع المؤسسات والدوائر والمنظمات قد حصلت على دعم وقوانين تحميها وترعاها وتقيها من شرور الأعداء .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15122
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18