• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دور المرجعية الدينية في رسالة المنبر الحسيني الإصلاحية -قراءة تحليلية لتوصيات المرجعية الدينية إلى الخطباء- (٩) .
                          • الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي .

دور المرجعية الدينية في رسالة المنبر الحسيني الإصلاحية -قراءة تحليلية لتوصيات المرجعية الدينية إلى الخطباء- (٩)

 - المحور التاسع: الجانب الفني.
إنَّ هذا الجانب المتعلق بأسلوب عرض الموضوع من قبل الخطيب من مقومات الخطيب والخطابة، فإنَّ الخطيب بصورة عامة هو صاحب الفكرة التي يريد عرضها على الآخرين، من خلال مناسبة معينة؛ لتحقيق غاية معينة يرى أهميتها بالنسبة له وللمتلقي، وخطيب المنبر الحسيني يقوم بهذا الدور من خلال هه القناة الفكرية العقائدية الإعلامية، وله حضور مختلفون في الثقافة والمعرفة، وهناك مناسبات محددة توجب عليه أنْ يكون ما يتم الحديث عنه ضمن ذلك، فيجب عليه أنْ يكون له منهج واضح في عرضه لما يبتغيه، ولا يخفى أهمية ذلك عند الحاضرين للمنبر، وهذا الأمر لا يمكن للخطيب أنْ يبتعد عنه، أو يتجاوزه، بل عليه أنْ يراعي ذلك؛ ليتم تحقيق الهدف من مجلسه تحقيقًا علميًّا مؤثِّرًا في النفوس، وهذا ما أشار إليه بيان المرجعية في توجيه خطباء المنبر الحسيني إذ ورد في ذلك: ((جَوْدَةُ الْإِعْدَادِ، بِأَنْ يُعْنَى الْخَطِيْبُ عِنَايَةً تَامَّةً بِمَا يَطْرَحُهُ مِنْ مَوْضُوْعَاتٍ مِنْ حَيْثُ تَرْتِيْبِ الْمَوْضُوْعِ، وَتَبْوِيبِهِ، وَعَرْضِهِ بِبَيَانٍ سَلِسٍ وَاضِحٍ، وَٱخْتِيَارِ الْعِبَارَاتِ وَالْأَسَالِيْبِ الْجَذَّابَةِ لِنُفُوْسِ الْمُسْتَمِعِيْنَ وَالمُتَابِعِيْنَ, فَإِنَّ بَذْلَ الْجُهْدِ الْكَبِيْرِ مِنَ الْخَطِيْبِ فِيْ إِعْدَادِ الْمَوْضُوْعَاتِ وَتَرْتِيْبِهَا وَعَرْضِهَا بِالبَيَانِ الْجَذَّابِ سَيُسْهِمُ فِيْ تَفَاعُلِ الْمُسْتَمِعِيْنَ مَعَ الْمِنْبَرِ الْحُسَيْنِيِّ)).
وفي قراءة لهذا المقطع وما يتعلق بالجانب الفني يمكن بيان ما يأتي:
1- يجب على الخطيب أنْ بقوم بإعداد ما يريد عرضه على المتلقين للمنبر الحسيني إعدادًا منهجيًا، من حيث وضوح العنوان الذي يريد البحث فيه، والمقدمة التي تمهِّد له في الموضوع، وأهمية الاعتناء باختيار الموضوعات التي يحاول بيانها.    
2- أهمية محاولة الخطيب إيصال الفكرة والموضوع إلى الحضور بطريقة سهلة يسيرة، ليتمكن الحضور من فهم المراد خلال هذه الدقائق المعدودات، فلا يخفى أنَّ بعض الموضوعات العقائدية أو الفلسفية والفكرية قد تتضمن مصطلحات لا يمكن فهما بالنسبة لعامة الناس، مثل وحدة الوجود وواجب الوجود وﭐمتناع الوجود وغيرها، فعلى الخطيب أنْ يقوم بتسهيل معنى هذه المصطلحات ليفهمها عامة الناس، وهذا يتوقف على إبداع الخطيب في أسلوبه مع الآخرين.
3- إنَّ ﭐختيار الموضوع مهم جدًّا في رسالة المنبر الحسيني، وهذا الاختيار يتوقف على ثقافة الخطيب وعلميته، فضلاً عن شخصيته وتأثيرها في نفوس الآخرين، فلا بد عليه أنْ يكون مُتقنًا في ﭐختيار ذلك، وطريقة عرضه، وأسلوب الحديث فيه، والوصول إلى الغاية التي يمكن أنْ يفهمها أغلب الحضور، وهذا يتطلب في كثير من الأحايين مهارات متعددة، لذلك فإنَّ ما ورد من القول: ((وَٱخْتِيَارِ الْعِبَارَاتِ وَالْأَسَالِيْبِ الْجَذَّابَةِ لِنُفُوْسِ الْمُسْتَمِعِيْنَ وَالمُتَابِعِيْنَ)) هو حقيقة له أثر كبير في تحقيق الرسالة المنبرية للخطابة الحسينية.
4- إنَّ كثيرًا من الخطباء للمنبر الحسيني له خزين معرفي من خلال ممارسته الخطابة في مناسبات كثيرة، ومنها مكررة في كُلِّ عام، فيعتمد في ذلك على ما يختزنه من معلومات علمية وثقافية، فهذا له أثر في عرض المحاضرة بالنسبة للخطيب، ولكن هذا لا يغنيه عن الإعداد التام لكُلِّ موضوع يريد أنْ يتحدث عنه، وبذل جهده العلمي لتهيئة ما يراه مناسبًا لبيانه، وهذا الجهد يجب أنْ يليق بالرسالة والهدف الذي يؤدي رسالته من خلاله، فينبغي أنْ يكون الخطيب مؤهَّلاً في ذلك لموضوعات ثلاثة عند ﭐختيار أي موضوع من قبله هي:
أ- بذل الجهد الكبير في الإعداد لها، فهذا الجهد يساعد الخطيب على تهيئة ما يريد بيانه من جانب، ومساعدة المتلقي في فهمه من جانب آخر.
ب- ترتيب موضوعات المحاضرة ترتيبًا منهجيًا، مراعيًا تسلسل عرض الأفكار إلى أنْ يصل إلى النتيجة، والآثار المترتبة على ذلك.
ت- أهمية مراعاة أسلوب العرض على المخاطبين، ببيان جَذَّاب يراه مناسبًا للحاضرين، وهو يختلف من بيئة إلى أخرى، وهذا الأسلوب الجذَّاب يكون قائمًا على الأمثال التي تسهل عليهم فهم المراد، أو الاستعانة بالقصص القرآني، أو الموروث من تراث الأئمة ، أو بيان مواقف العلماء أو غيرهم.
5- على الخطيب الحسيني أنْ يعلم أنَّ مراعاة ما تقدم من الموضوعات الثلاثة (الإعداد، والترتيب، والأسلوب) له أثر كبير في تحقيق غاية المحاضرة أو الموضوع الذي يريد إيصاله إلى الحضور من جهة، ويساعد الحاضرين على الإفادة من المجلس من جهة أخرى، وبذلك يؤدي المنبر رسالته بوضوح من غير تعقييد، وضياع للوقت والموارد المتعددة.
 
من خلال بيان ما يتقدم يظهر جليًّا أهمية مراعاة الجانب الفني للخطيب في عرض ما يريد بيانه، وليس الاعتماد على الارتجالية والعفوية في العرض والبيان؛ فإنَّ في ذلك آثارًا قد لا يراها الخطيب نفسه، ولكنه لا يؤدي رسالته المنبرية على ما ينبغي أنْ تكون عليه؛ لذا ينبغي على الخطباء الأعزاء مراعاة هذا الجانب من فقرات توصيات المرجعية الدينية لهم، لتحقيق تلك الغايات العظيمة للمنبر الحسيني.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=148759
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19