• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عالم w c السري .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

عالم w c السري

كنت أتبول واقفا ,هكذا هي الطفولة السائبة ,كان الناس يتطهرون بالحجارة والتراب حتى وقت متأخر برغم أن بعض المسلمين إستخدموا الماء في تنظيف أدبارهم بعد قضاء الحاجة ,ونزلت حينها الآية الشريقة (ويحب المتطهرين) أي إن الله يحب المتطهرين .
كان الناس لا يأكلون كثيرا فغالب طعامهم الخبز الأسود واللبن والتمر وبطونهم شحيحة بما يحبط من معنويات قبائل الصراصر .
وفي مرة وكنت أتبول واقفا ,وأترك الباب مشرعا ,مر المعلم ليتبول هو الآخر وشاهدني أفعلها واقفا ولم يسأل عن طهارتي أو ما اذا كنت سأستخدم الماء لغسل العضو الذكري  بعد التبول ,وربما كان يدرك أن لا قيمة لنصيحتي لأن الماء كان شحيحا ,كان ذلك قبل ثلاثين سنة من الآن وفي المدرسة الإبتدائية .
وبعد ثلاثين سنة حيث أولمت بسمكة لصديقي الوجيه سيد أحمد في داري المتواضع ,وكانت إبنتي الصغيرة تقف لتحييه ,وسألها عن حمامات المدرسة وأماكن قضاء الحاجة فيها ؟وردت ببساطة وثقة ,الحمامات متسخة تماما ولا يتوفر فيها الماء ,كانت إبنتي تتحدث عن مدرستها الابتدائية التي قضت فيها سنوات الطفولة الاولى, ضحكت في سري وقلت .. لم يستطع أكثر الأنظمة شمولية ودكتاتورية من بناء حمامات ومرافق صحية في المدارس ,وكذلك فعل النظام الأكثر ديمقراطية الذي تلاه .. 
بقيت المرافق الصحية في المدارس الابتدائية على حالها وكأنها الحمامات التي كان الجنود العراقيون يستخدمونها في تسعينيات القرن الماضي حين كان الداخل اليها كمن يدخل الجحيم حيث يتكوم براز الجنود في كل مكان ويصعب المرور من خلال أكوام  القاذورات .
قالت إبنتي الصغيرة للسيد الوجيه, ان عاملات الخدمة ينظفن الحمامات فقط حين يأتي المشرف التربوي في زيارة الى المدرسة و تسود حالة من الإستنفار في الإدارة وتشتغل المديرة والمعلمات وعاملات الخدمة بتزويق وترقيق المدرسة وأجنحتها إحتراما للمشرف التربوي تحت شعار .. لكل قادم كرامة .. ولرفع العتب والملامة .
 مرت (الحمامات والمرافق الصحية) بمراحل تطور باهرة إذ كانت في عهود مضت أماكن للتدخين ولتبادل الآراء ولإقامة العلاقات والصداقات ,ولتبادل المحرمات وعقد الصفقات والمؤامرات ولممارسة الغش في الامتحانات بالنسبة للأولاد وللطلاب الكبار, ولم يكن الأمر مختلفا بالنسبة لمجتمع البنات اللاتي يدخن السجائر أو يغيرن من هيأتهن أو يضعن المكياج أو يتبادلن المنافع ويمارسن الغيبة وأشياء أخرى ليس لي حق التصريح فيها .
عندما يبتلى أحدنا بالإسهال أو يجد إنه بحاجة عاجلة الى التبول لا يكون من مكان في العالم يضاهي المرافق الصحية التي تختصر تحت عنوان (w.c) ,ولهذا تنفق الحكومات مليارات من الدولارات سنويا من ميزانياتها لتنظيف وتهيئة أماكن قضاء الحاجة في المدن المكتظة وسواها ولذلك أيضا سمي المكان (بيت الراحة)..
mediaafree@yahoo.com 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14835
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28