• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإِنسانُ بين الذنبِ والبلاءِ ، والاستقامةِ والنقاءِ .
                          • الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود .

الإِنسانُ بين الذنبِ والبلاءِ ، والاستقامةِ والنقاءِ

ثمةَ دليلٌ يمتلكُه الناسُ - المجعولون على الأَرضِ جميعًا خلقًا ذا عقلٍ ، وعملٍ مُذ أُنشِئَ الإِنسانُ الأَولُ - ويستدِلُّ به المتأمِّلون العاقلون على أَنَّ ثمةَ قوةً خفيةً يَجدون أَنَّها تُحيطُ بهم وتحكُمُهم ؛ فيخافونها - خِلافَ سواهم ممَّن يَرَوْنَ أَلَّا سلطةَ لقوةٍ عليهم ؛ فيُنكِرونها - وعلى أَنَّ لهم خالقًا ، ومُوجِدًا ، ومراقبًا محاسبًا أَو معاقبًا ، حافظًا مانعًا ، أَو تاركًا قامعًا ، وأَنَّ هذا الخالقَ لا شريكَ له ، ولا يتوهَّمُه المتوهِّمون إِذ ﴿...ليسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ﴾ [الشورى/١١] ، وهو (الموتُ) ؛ فالإِنسانُ بطبيعتِه يُحِبُّ الحياةَ ، ويتمنَّى أَن يمتلِكَ فيها السلطةَ ، والأَموالَ ، والجمالَ كلَّه ، ولا يُحِبُّ أَن يسمعَ هَيْنَمَةً تُنبِّهُه إِلى أَنَّه سيُفارِقُ هذا النعيمَ يومًا. واللٰهُ تعالى حتَّم الموتَ على الإِنسانِ ﴿نَحنُ قَدَّرنا بَينَكُمُ المَوتَ﴾ [الواقعة/٦٠] ؛ فالذي يُريدُ اللٰهَ طائعًا ما عليه إِلَّا أَن يرضَى بما يُقدِّرُه اللٰهُ له أَو عليه.

والذي يُريدُ الحياةَ الدنيا ، ويرفضُ الموتَ الذي يُنهي علاقتَه بها ما عليه إِلَّا أَن يبحثَ عن قوةٍ أُخرى تحميه من قوةِ اللٰهِ سبحانه ، وتدفعُ عنه الموتَ خالدًا في هذه الحياةِ الدنيا. وهل وجد ذلك السابقون وتمكنوا منه كي يُتابعَ تحصيلَه الحاضرون ، أَوِ اللاحقون ؟!

إِذًا لا يحِقُّ لأَحدٍ في العالمِ أَن يَمنعَ ما يقعُ للناسِ أَو عليهم كلِّهم عن رقابةِ اللٰهِ تعالى ﴿...واتَّقُوا اللٰهَ واعلَموا أَنَّ اللٰهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾ [البقرة/٢٣١].

إِذًا لا يكونُ من (يُسرٍ ، أَو عُسرٍ) يأمرُ به اللٰهُ تعالى إِلَّا وهو نتيجةٌ جزائيةٌ عمَّا يفعلُه الناسُ أَنفسُهم ؛ فلليِسرِ قانونُ ﴿مَنْ عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وهوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حياةً طيِّبَةً ولَنجزِينَّهم أَجرَهُم بأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾ [النحل/٩٧] ، وللعُسرِ قانونُ ﴿وما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فبِما كَسَبَت أَيديكُم ويَعفُو عن كَثيرٍ﴾ [الشورى/٣٠]. وللٰهِ ما يشاءُ بلا علَّةٍ ، وله خرقُ العادات.

وهذا ما نبَّه إِليه الإِمامُ عليٌّ بنُ موسى الرضا (عليه السلامُ) بقولِه: ((كلَّما أَحدَثَ العبادُ من الذنوبِ ما لم يَكونُوا يَعملونَ أَحدثَ اللٰهُ لهم من البلاءِ ما لم يَكونُوا يَعرفُونَ)).

وهذا ما نحن عليه اليومَ من تسليطِ ڤيروس كورونا ، وسواه من البلاءاتِ المجهولةِ نتيجةَ ما يُحدِثُه البشرُ كلُّهم من ذنوبٍ صغيرةٍ أَوًكبيرةٍ يتجاهلون أَو يجهلون خطورةً ارتكابِها ، وآثارَ تبِعاتِها.

غفر اللٰهُ لنا فنحن عبادُه اللاجئون إِليه وحدَه برحمتِه ﴿واختارَ موسى قَومَهُ سَبعينَ رجُلًا لِميقاتِنا فلمَّا أَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ قال رَبِّ لو شِئتَ أَهلَكتَهُم مِن قَبلُ وإِيَّايَ أَتُهلِكُنا بما فَعَلَ السُّفَهاءُ منَّا إِن هي إِلَّا فِتنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وتَهدي مَنْ تَشاءُ أَنتَ وَلِيُّنا فاغفِر لنا وارحَمنا وأَنتَ خيرُ الغافِرينَ﴾ [الأعراف/١٥٥].

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=145973
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 07 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16