• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كلكم من تراب.. .
                          • الكاتب : رسول مهدي الحلو .

كلكم من تراب..

عوامل التفْرقة والاختلاف والتمزّق تزداد في مجتمعنا ولا تنقص بما إننا مبتعدين عن الألتزام بالأصول والموزازين الدينية والعقلانية والعرفية الصحيحة ،
وبما إننا نغلّب نفسيًا وسلوكيًا بواعث التفرقة ونهفو إليها سراعًا دون الالتفات والاهتمام بالروابط التي تجمعنا وتوحدنا ومنها روابط بعناوين مقدسة،
لهذا ننجر إلى الشقاق والتنافر في وقت توجب علينا الظروف إن نكون جنب إلى جنب وإن نكون صوتًا واحدًا ويدًا واحدة.
لاشك إن مشاكل العراق السياسية لها السهم الأوفر في تشرذّم الشعب وتفرقه وفقدان الثقة ببعضه البعض وقد ساعدت وسائل
( التواصل الافتراضي)،
بشكل كبير على مضاعفة الحطب لتأجيج نار التباعد الروحي والاجتماعي فيما بين أبناء الشعب الواحد والدين الواحد والوطن الواحد والقومية الواحدة.
وعلى مر التأريخ وتعاقب التجارب نجد إن الكوارث والمصائب والابتلاءات على مستوى الفرد والجماعة تدفع بهم إلى التقارب والتراحم ونحن اليوم تحت طائلة الجائحة ومازلنا نزداد تباعدًا وتفرقًا بدوافع سياسية وحزبية ومناطقية وعنصرية ما أنزل الله بها من سلطان،
إن من أقبح الصفات وأضرها على الإنسانية هي صفتي التعالي والعنصرية التي تمارسها بعض الشعوب والأعراق وأصحاب بعض الديانات،
وأقبح منها إن تلتزمها النخب ومن يفترض أنهم الصفوة كرجال الدين والأساتذة والمثقفين والوجهاء وشيوخ العشائر وغيرهم.

لقد بغض الله اليهود لأنهم أدعو أنهم أبناء الله وبغضتهم الإنسانية لأنهم أدعو أنهم شعب الله المختار،
ويقينًا لايزكي الأنفس إلا الله فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى التي تعني مكارم الأخلاق فالدين معاملة كما هو معلوم.

إن ماحصل مؤخرا في أمريكا لهو المصداق الواضح على الرفض القاطع والتام للتميز العنصري وقس على ماسواه ما تعصّب وتميز بعناوين أخرى.

إن الرسالات السماوية والديانات الأرضية كلها تصر على التوحّد والترابط والإخوة،
فهذا القرآن الكريم خاتم الكتب المنزّلة والمقدسة يوصي بالإخوة ويقول:
( إنما المؤمنون إخوة ).
وهذا النبي الخاتم (ص) يقول:
( لاَ تَباغَضُوا، وَلاَ تحاسدُوا، ولاَ تَدابَرُوا، وَلاَ تَقَاطعُوا، وَكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوَانًا،...).
وهذا أمير المؤمنين علي (ع ) يوصي أولاده وجميع من بلغه كتابه : ( ... وَعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَاذُلِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّدَابُرَ وَالتَّقَاطُعَ...).
ويقول: فيما يجمع الإنسانية ( الناس صنفان فأما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)

فلا مستوجب إن نفضّل أنفسنا على الآخرين كوننا أول من سكن المدينة أو كوننا أول من قام بالعمل الفلاني أو الواجب العلاني. وكلها لا تدخل في مضمار التفاضل وميادينه.

بل إن من شيم الكرام التواضع والتسامح حتى وإن كان هناك من دواع للزهو والفخر،

وكم هو جميل قول الشاعر:
تواضع إذا نلت في القوم رفعة..
فإن رفيع القوم من يتواضع.

ويبقى أجمل مافي الإنسان هو إنسانيته التي تستوعب الجميع بدواع فطرية غير ملوثة ونوازع طبيعية بلا مؤثرات خارجية أو مورثات تأريخية تورث الحقد والبغض والتعالي والتكبر على أنتمائها البشري وسنخيتها الخلقية،
فكلكم لآدم وآدم من تراب.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=145364
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28