• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : أورهان باموق والرواية الاسطورية . .
                          • الكاتب : جاسم الطليحي .

أورهان باموق والرواية الاسطورية .

من يصدق الاساطير ؟ من يعتقد بها ؟ وهل لا تزال تحمل نفس الصدى لو طرحت او سمح بان تطرح ؟ هذا يجعل محل التساؤل لكل من قرأ رواية ذات الشعر الاحمر للكاتب التركي أورهان باموق ؛والحاصل على جائزة نوبل 2006 وهو روائي واكاديمي من مواليد 1952 يعد من ابرز الكتاب الاتراك حيث بيعت اعماله اكثر من احد عشر مليون نسخة وترجمت الى ثلاث وستون لغة ؛ البعض او الكل يعرف ان الاسطورة هي حكاية أو قصة قديمة أو مجموعة من القصص تعود إلى الزمن القديم ، ولكنها لا تكون دائماً قصص حقيقية بالواقع ، فهي تكون متعلقة بأحداث محددة ، أو بأشخاص معيّنين، وتشبه الأساطير الحكايات الشعبية من ناحية المحتوى ، ففيها أشخاص خارقين ، وتفسيرات لظواهر طبيعية مختلفة عن الواقع . يتناقلها الناس من جيل لآخر، ويختلف سرد الأساطير فمنها ما يتم سردها من خلال الشعر المسرحي مثل مسرحية كلكامش البابلية أو الروايات المروية شفهياً أو المدوّنة منها، وتهدف معظم الأساطير إلى تقديم درس معيّن لكن في الاغلب هي لتسلية المستمعين أو القرّاء ، ومن الأمثلة على الأساطير؛ أوديسة هومر(Homer's Odyssey) أو قصص الملك آرثر لكريتيان دي تروا : Chrétien de Troyes' tales of King Arthur . اما اشهرها الف ليلة وليلة وهي من ليالي بغداد. وحكايات السندباد ؛ وهناك تعريفا اخر للأسطورة وهو انها رواية شيء من الخيال او قصة قديمة مكتوبة او مسموعة وهي قديمة قدم الانسان حيث ترتبط فيه ارتباطا وثيقا فهي ليس خاصة يقوم دون اخرين فهي في الشرق كما في الغرب فهي توجد حيثما يعتقدها الناس ؛ فالهنود مثلا لديهم الاساطير كذلك اليونانيين لكن اطولها واشهرها في العالم العربي هي الف ليلة وليلة .
كيف وصلت الينا الاسطورة ؟ وما الهدف من تناقلها عبر الاجيال ؟ وهل هي صناعة خيالات كتاب الملوك ليخلقوا انتصارا دون الواقع صراحة الاسئلة كثيرة ومتعددة ؟ يبدو ان الاسطورة التي نعرفها كانت على لسان الامهات وهي تقص للأطفال في الليالي الطوال او عبر الحكواتي او حتى عبر المسرح ولكن هل الخوف من هكذا قصص او الخوف منها او تداولها تجعلها تحصل على ارض الواقع الجواب نعم انها رواية ذات الشعر الاحمر للكاتب اورهان باموق : للوهلة الاولى عندما نقرا رواية ذات الشعر الأحمر انها رواية ذات سرد قصصي الا انه يبدأ استدراج القارئ دون ان يشعر القارئ الى الاساطير ودون ان يشطح القارئ في خياله بل يبقى مشدود لمعرفة الحدث الحقيقي في الرواية وهنا قمة الابداع وضربة الكاتب فرغم ذكره لأسطورتين احداهما قريبة الى حضارة الكاتب لكي لا يشرد ذهن القاري الى ابعد من بيئته مستفيد من حضارة مهمة الا وهي الحضارة الفارسية والتي اوجد فيها وجه من الترابط عمل عليه لكي لا يقع في حيز الانحياز او يتهم في زمن اتهام الدولة الي فرادها سهل جدا فالحياة والموت مترادفات كترادف الابن والاب فختار الكاتب لعمق الحياة وظلمتها البرء ؛ وشقائها في رفع الاثقال من داخل البئر حيث رفع السطل او الدلو وهو يحمل مرة رمل مرة حصى مرة قواقع متفحمة مرة تراب رطب واحيانا تعترضه صخرة قد يكمن تحتها الماء وهنا سر الحياة . رواية حقيقة الاحداث قريبة الزمن اماكن لا زالت قائمة وان تغيرت بعض الاسماء هنا تثبت مقالة التاريخ يعيد نفسه فبنى الكاتب روايته على رواية اخرى ليقول ان الأسطورة ؛فالسرد القصصي في كثير من الروايات قد يحتاج اسطورة وبما ان الاسطورة من الخيال فهي تثير شغف وحماسة المستمع او القارئ لان احداثها سريعة ومخيفة احيانا مستفيدا من كل نقاط الشد والانجذاب الى المخفي غير المتوقع كما في مسلسل باب الحارة على سبيل المثال عندما نرى المستمعين جالسين محدقين النظر في ابو محمود الحكواتي فيصحوا يا باطل ....لان ابو محمود سيكمل القصة في الليلة التالية وهكذا يستمر العرض كل يوم لكن السؤال هي حقيقة ام من نسج الخيال طبعا بين يبن كما فعلت ذات الشعر الاحمر على المسرح في اكثر في رواية اورهان باموق ؛ هنا عرض لنا الكاتب حقيقة ما الا وهي صراع السلطة دون الشعور الى ذلك والاقتتال بدافع الانتقام فحين عاد اوديب للانتقام لأبيه لم يعلم بحجم الكارثة او الخطيئة عندما يقتل ابها ليفقأ عينه بعد ذلك انتقاما من نفسه .
فقتال ملك من قبل فرد لا يمكن لفرد في الحقيقة ولا يستطيع الكاتب اني يأتي بفكرته الا من خلال الاسطورة فكنا بحاجة الى ذلك رغم اننا في زمن بعيد كل البعد عن الاساطير ؛ فأوديب ابن لا يوس ملك ثيبه الاغريقية و سهراب ابن روستم هنا برز دور المسرح الذي كان له الدور البارز في مطلع السبعينيات من القرن الماضي وتضمينه الافكار من خلال الاساطير خوفا من الحكومات فاليساريين والعلمانيين في تركيا والتي تتهم العلمانية في تمكين نفوذها من خلالها وتقليد الغرب في حين العرب حاربوا الشيوعية والدعوة للقومية العربية التي لم يجنوا منا الا الويلات فهل كانوا مغفلين ؟؟ في رواية الكاتب باموق عرض الكثير من تطور الاعمار والقضاء على مساحات واسعة وانتشار الصناعة بشكل واسع وكبير جدا ومتسارع هذا التسارع هو تسارع حياة وبدأ فقدان الاشياء قد يكون بسهولة حتى المبادئ فالملاحقة من قبل الدولة والاعتقالات والتعذيب هو نفس الصراع في الاسطورة حينما جعل الدولة اب والشعب هم الابناء فلا يمكن العيش احداهما بعيدا عن الاخر فكلاهما بحاجة ليقوم الاخر

هنا يقن القارئ اننا نعيش في اسطورة قد تكون خيال واحيانا نحن بحاجة الى صناعتها لنقنع انفسنا اننا نعيش حياة حقيقة . الرواية تستحق القراءة لنخرج من الخيال




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144797
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19