• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : علي ومحراب السياسة .
                          • الكاتب : سجاد العسكري .

علي ومحراب السياسة

    لم يقتصر اهتمام الاسلام على جانب دون جانب اخر ,فلم يصب كل اهتمامه على الشؤون العبادية فقط لا بل كانت نظرته تكاملية لكل الجوانب التي ترتبط بشؤون الأنسان وعلاقتها ببعض على مستوي الفكر والممارسة , وكل ماهو مطروق في القران الكريم والسنة النبوية المأخوذة من المعصوم فقد جسده تلميذ الرسالة المحمدية علي عليه السلام في سلوكه الذي حير عقول اعدائه ومحبيه ايضا .
  فعلي عليه السلام حينما بعث بعهده الى مالك الاشتر وولاه مصر تضمنت مفاهيم اقتصادية وسياسية وشؤون ادارة الحكم على اساس المنطلقات الانسانية والاسلامية التي التي تحفظ كرامة الانسان وتنظم جميع الجوانب التي لها علاقة بشؤون الفرد على اساس العدل والحرية والمساواة التي تكفل للجميع الاستقرار والتقدم .
   لذا امير المؤمنين ع ينظر الى السياسة كما هي نظرته لصلاته وباقي عباداته , فكما للصلاة محراب فأن للسياسة محراب وقدسية ,فمن غير المنطقي او العقلي ان يقارن الجبل الاشم بسواه من منتهكي الحرمة الانسانية ,فمعاوية وعمر بن العاص ومن سبقهم كانت الدنيا اكثر همهم فلا يبالون لأوامر ونواهي الدين, لا بل حتى القواعد الانسانية  تم خرقها بحجة ان ساحة السياسة هي الدهاء والمكر لأنه امر دنيوي ,فمعاوية وامثاله يبرر الوسائل من اجل الوصول الى الغاية , فنجد الامام علي عليه السلام ينتقد منهجه بشدة فيقول(ليس معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر).
   اذن مفهوم السياسة عند الامام علي ع لها قدسية ,وكل سياسة تتعارض مع مفهوم من مفاهيم الدين فلا اعتبار لها عنده ,لايمكن اجتماع المتناقضات لديه, فالفساد والرذيلة والخبث والخداع والدهاء المكر والوصولية على حساب الدين والانسانية في قاموس علي مرفوضة بل ولايمكن المساومة عليها , وهذا ماميز سياسة امير المؤمنين ع  وان تحقيق كل غاية لابد ان يأتي بوسيلة شرعية شريفة معتمدة على القيم والاخلاق والمبادئ العليا التي اعتمدها الدين الحنيف ,بعيدا عن المنطق البراغماتي .
    فطالما كان الامام يغلب المبدأ على المصلحة ,منذ القدم الى يومنا هذا تغلب المصالح على المباديء الا عند علي ؛ فعندما اعلن التسوية بالعطاء بين المسلمين كما كان على عهد رسول الله "ص" بعدما كان هنالك تمايز في العطاء على اساس الطبقات الاوائل والمهاجرين والانصار ومن ثم اقل وهكذا ,من هنا نشاء الخلاف خلاف مصالح مادية ,اعترضوا عليه , فعترضوا طلحة والزبير وعاتباه ...,لكن الاولوية كانت للمباديء.
    وكذلك فيما يخص توليه زمام الامور عمل على توزيع الحقائب الوزارية وتغير التشكيلة الوزارية فاعتمد على عزل العناصر الفاسدة واستبدالها بعناصر مؤمنة واصحاب سمعة طيبة اجتماعيا وسياسيا معروفة بالورع والايمان , وركز في عملهم على العمل الميداني والجلوس وسماع مشاكل الناس , مع تأمين الاجتماعي للعاطلين والعاجزين عن العمل من بيت المال ,اضافة الى تشجيع التنمية الاقتصادية والزراعية عبر احياء الاراضي والغاء المحسوبية والطرق الملتوية والرشوة والحواجز العنصرية, ولم يسمع انه قرب قريب او لأجل مصلحة ما .
     كل هذا وهنالك الكثير نفهم من ان حكومة الامام علي ع , الحكومة الدينية المتكاملة وتعتمد على الرؤية الالهية الشمولية, ونحن في عصر لعبت السياسة بعقول الناس وذهبت بهم مذاهب شتى ,فما احوجنا الى فكر امير المؤمنين المستقبلي الذي لم يقيد ويقترن بزمان , وما احوجنى الى محراب علي السياسي , ونميز ونبتعد عن سياسة المكر والخداع والوصولية .        
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144491
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29