• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الى قادة الرأي مع التحية ... .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

الى قادة الرأي مع التحية ...

بدأت تطالعنا هذه الأيام تنبؤات مستقبلية لمنظمات دولية ومحللين سياسيين بأن أزمة كورونا ستخلف اضطراباتٍ اقتصادية واجتماعية شديدة في عدد من البلدان ومن بينها العراق ، وعلى فرض صحة هذه التنبؤات فنحن في العراق أقل دول المنطقة في عدد الإصابات ، وأقلها تأثراً من الناحية الاقتصادية لأسباب أولها إننا دولة ريعية تعتمد في ٩٥٪‏ من موازنتها على تصدير النفط ولديها خمسة ملايين موظف مدني وعسكري ومثلهم من المتقاعدين ظلوا يتقاضون رواتبهم دون انقطاع ، كما إن العراق يعد الدولة الأولى في العالم للتكافل والتضامن الاجتماعي في هذه الأزمة ، وكورونا لن تدوم طويلاً وهي أزمة عابرة ، فلماذا يقرن اسم العراق ضمن الدول التي ستتعرض الى القلاقل والهزات الاجتماعية بعد كورونا ؟ 

الجواب هو أن هذه المنظمات والدوائر تنظر بمنظارٍ آخر للواقع السياسي والاقتصادي في العراق ، فمما لا ينكر أننا بأزمة حقيقية سببها انخفاض اسعار النفط الذي تسبب به عاملان الأول ازمة كورونا والثاني صراع المنتجين وعلى رأسهم السعودية وروسيا ، واذا كان الأخير قد تم تجاوزه فتعافي الأسعار أمر محتمل ، ولكننا لسنا البلد الوحيد الذي يعاني من انخفاض اسعار النفط فكل الدول المنتجة بما فيها امريكا وروسيا وكل دول الخليج ، فلماذا لا تتوقع هذه المنظمات واولئك المحللون حصول اضطرابات فيها ؟ 

والجواب هنا أن هناك مشروع تآمري  محلي وخارجي ، كان وسيظل يُمارَس تطبيقه على العراق وهو جره إلى الفوضى والاقتتال الداخلي تحت أي حجة وبأي ذريعة ؛ مشروع ترعاه دول وتنفق لاجله مليارات الدولارات . هدف المشروع : عدم السماح للعراق بأن يكون دولة قوية في المنطقة لها نظام سياسي ديمقراطي مستقل . 

أدوات تنفيذ المشروع ثلاثة : ١- الأداء السياسي المتلكئ لقادة النظام .٢- الجهد المخابراتي الدولي والاقليمي ٣- الماكنة الإعلامية المهيمنة على قطاع واسع من الشباب. 

فتحت الأول يندرج اختلاف الكتل السياسية وقادتها وتناحرهم وانعدام الثقة ببعضهم البعض ، وسوء الخدمات ، وتفشي الفساد المالي وغيرها . 

وتحت الثاني يندرج انشاء تيارات دينية ظاهرها الدين وباطنها التخريب ومنظمات تكفيرية وارهابية وقناصين مدربين  ومطلقي الشائعات المحترفين ، وعشرات المواقع الالكترونية والمدونيين ، وتجنيد بعض السياسيين ، والوصول إلى أدق اسرار الدولة واجتماعات القيادات . 

وتحت الثالث يندرج بث اليأس والإحباط في صفوف الشباب ، والتركيز على مثالب النظام ، وتسفيه مكاسبه ، ورسم مستقبل حالم  وهو واهم ، وشيطنة كل المسؤولين ، والتشجيع على القبول بأي بديل ولو كان الفوضى ، وزرع روح التمرد والعنف بأوساط الشباب وإضعاف هيبة الدولة . 

توقيت المشروع : المشروع قائم منذ ٢٠٠٣ حتى الان لكنه يفشل في كل مرة ليختلق ظرفاً مناسباً آخر يحاول الظهور فيه من جديد ، في المستقبل القريب ستكون الأزمة الاقتصادية نتيجة انخفاض اسعار النفط وصراع الأحزاب السياسية في حكومة الكاظمي الانتقالية وعوامل التنافس لمرحلة الانتخابات ظرفاً ملائماً ، فالأحزاب السياسية سترفع شعار رواتب الموظفين خط أحمر ، وسعر صرف الدينار خط أحمر ، وزيادة الضرائب خط أحمر ، وفرض التعريفة الكمركية على البضائع المستوردة خط أحمر ، فكيف تتجاوز الحكومة الأزمة اذا ما استمرت اسعاره تحت سقف الثلاثين دولار ؟ ألقاهُ في اليمِّ مكتوفاً وقالَ لهُ ... إياكَ إياكَ أن تبتلَّ بالماءِ . وستحاول بعض الجهات أن تستعين بالشارع  ( للدفاع عن مكتسبات الشعب) ، والظهور بمظهر الوطنية ، والشارع ليس أميناً دوماً في حفظ التوازنات وسلمية الصراعات  ، (فليس كل مرة تسلم الجرة) كما يقول المثل . 

ما سبق ليس تشاؤماً وانما تحذيراً لكي لا نقع في المحذور فالفوضى لن تنقذ بلداً ، ولن تبني اقتصاداً ولا تصلح فاسداً ولا تِعين مظلوماً ولا ترد حقاً ، بل إنها تُمعِن في خراب ما بقي صالحاً وتفتت الدول ، وتهدم الاقتصاد ويزداد المظلوم ظلماً ، وتوجد امراءً للحرب وتجاراً للدماء ، وكل هذا يستدعي منا التأمل والتفكير ملياً في العمل لواقع أفضل ودمتم قادةً للرأي وسبيلاً للنجاة . 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143593
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28