• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : النشر والموهبة .
                          • الكاتب : ابراهيم سبتي .

النشر والموهبة

شكلت سهولة النشر عن طريق الشبكة المعلوماتية ، استفهامات كثيرة وهي تطغي على معظم المنشور المتنوع من الثقافة وغيرها . وما يحزن فعلا هو الكمية الضخمة من المنشور غير الخاضع للاطر الفنية والابداعية ومجهول الانتساب والهوية والتجنيس، الامر الذي جعل الكثرة الظاهرة من الاسماء والعناوين ، تغزو الشبكة الالكترونية من شرقها الى غربها . ولا يعني اننا ضد المواهب والطاقات المبدعة او التي تستطيع بعد مران ادبي واسلوبي ، ان تتبوأ مكانها في المشهد الادبي عموما . ولكن الامر يتعدى ذلك كثيرا حين نرى الهجوم والتزاحم على النشر وبغزارة غير معهودة ، واعتقد بان سهولة النشر حالة سلبية اكثر منها ايجابية . لان النشر دون محددات سيجعل المنشور كله امام حالة من الاستياء العام لدى المثقف الملتزم بقراءة الابداع والباحث عن متعة الادب وحلاوته  وستختلط الأوراق عند بعض مستخدمي الشبكة بين ضعاف المواهب وبين الموهوبين المبدعين ، الا ان النص الجيد يعرف مباشرة من خلال الفرادة والتميز ولكن هذا لا يمنع من ضياع الكثير من النصوص الممتازة في مهاوي الكثرة المعروضة ، فيبتعد النص المتميز عن الواجهة عنوة بفعل الزحف غير المسبوق للنصوص غير الفنية . وهو ما يحدث الان لما يدعيه البعض بـ ( قصص ) وهو ما يطلق على خرابيش الكلام الخالي من اللغة والفكرة والاسلوب  كنموذج ياخذ مساحة عريضة من النشر الالكتروني في المواقع الادبية وغير الادبية . فكثير من المنشور يصنفه أصحاب المواقع على انه قصة قصيرة ! ولكنه لا يتعدى خواطر عاطفية او انشاء جميل اكثر منه التزام ادبي بفن القصة . متناسين ان القصة القصيرة ، هي عالم من التأملات والتساؤلات والنوايا المخلصة لدى الكاتب منذ ظهورها . 
فالقصة واحدة منذ نشأتها في الغرب على يد ادغار الن بو الذي جعل منها قصة مقروءة بجنس ادبي قائم بعد ان كانت تنتشر على شكل حكايات . ومن ثم جعل جوجول قيمة فنية لها حتى قال الكاتب الروسي مكسيم غوركي كلنا خرجنا من معطف جوجول . وفي فرنسا كتبها دي موباسان ، فصار لها تاريخا منذ اولئك . وكانت القصة تحوي على شخصيات وزمان ومكان وحدث وهو نفس عناصر القصة الجديدة . الا ان تطور الزمن جعل من القصة القصيرة نوعا من الفنون التي يجب ان تتطور وترتقي مع التطور العام في جميع المجالات . فكتبت القصة القصيرة باستخدام تقنية تشتمل على بناء معاصر بلغة محكمة وبتيار وعي وهو تداعي وتشابك الرؤى داخل الشخصية القلقة اضافة الى استخدام الرمز وهو البعد المقابل للغة المستخدمة وفقا للمرموزات التي لا يصرح بها الكاتب .. الشخصية القصصية الحديثة صارت تمتلك وعيا مغايرا لانها تعكس بالضرورة وعي الكاتب الذي صار عليه ان يتلبس الحدث المقرون بالرمز واستخدام مسارات محددة للشخصية التي يتحكم بها . وعلى الناشر المعتقد انه يقوم بنشر قصة او قصيدة شعرية بمواصفاتها الادبية ، اقول عليه بالقراءة المكثفة قبل دخول عالم الكتابة أي ان القراءة اولا ومن ثم الكتابة ، القراءة لها اهمية كبيرة في مجال التثقيف العام والتواصل مع الآخر .. والكتابة لها أوقات خاصة لايمكن ان تكون مرتبة او موضوعة ضمن جدول زمني . اعتقد ان الكتابة لها وقت غير وارد احيانا في سجل المشاغل والالتزامات . اما الكتابة اليومية فهذا لا يمكن أبدا لأنه سيضر بامكانية القراءة والاستحواذ على وقتها . اما أفضل الأوقات لبدء عملية النشر عند الراغب الموهوب عندما تكون الفكرة ناضجة والادوات الاخرى مكتملة ، وهذا ما يجعل الموهبة تستند الى الفرصة المناسبة وليس الى الصدفة . فالتفكير الف مرة قبل الشروع بالنشر افضل من نشر مادة والاسف عليها بعد فترة .
 
 
Bsabti @yahoo.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14350
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19