• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : زيارةُ النصفِ من شعبانَ بين صِدْقِ الولاءِ ، وانعدامِ الحياءِ: .
                          • الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود .

زيارةُ النصفِ من شعبانَ بين صِدْقِ الولاءِ ، وانعدامِ الحياءِ:

 ربَّـما يترددُ بعضُ القارئين في قبولِ نصيحةٍ صريحٍ نَقْـدُها ، بل يُحاربُها ويُنكِّلُ بالناصحِ الذي أَصدرها ؛ فكيف به إِذًا وهو يُؤدِّي واقعَها الذي صدر عنه هذا النقْدُ التوجيهيُّ.
     هذا (المُعارضُ) هو الذي لا يُميِّزُ ما ينفعُه مما يَضُرُّه. إِنَّـهُ الزائرُ الذي يَظهَرُ في ليلةِ النصفِ من شعبانَ المعظَّمِ في وقتِنا العصيبِ هذا (جائحةِ كورونا) وهو يَحسَبُ أَنَّـه يُحسِنُ صُنعًا ، لا يُدرِكُ أَنَّ صُنعَه - القائمَ على تَحدِّيَيْنِ كبيرَينِ (لا حياءَ معهما) هما:
١- تسخيرُ نفسِه عاملًا مساعدًا كبيرًا لانتشارِ الڤيروسِ المرعِبِ القاتلِ (كورونا) نتيجةَ إِكسابِه غيرَه ، أَوِ اكتسابِه من غيرِه. (انعدامُ الحياءِ الصحي).
٢- تفعيلُ اللهْوِ والطرَبِ والرقْصِ ، والظهورِ بمظاهرَ غيرِ لائقةٍ بالمناسبةِ ، ولا بكراماتِ ليلتِها ونهارِها ، ولا بقداسةِ مُشرِّفِها ؛ فهي غيرُ لائقةٍ في ساحةِ الخالقِ الذي لا تخفَى عليه من فانٍ لاهٍ خافيةٍ. (ولاءٌ كاذب).
-سيكونُ حربًا للٰهِ تعالى ، وحربًا لنبيِّهِ الأَكرمِ محمدٍ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، وحربًا للإِمامِ الموعودِ (عليهِ السلامُ).
     ارجعْ أَيُّها المُوالي إِلى قولِه تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَطيعُوا اللٰهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنازَعتُم في شَيءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللٰهِ وَالرَّسولِ إِن كُنتُم تُؤمِنونَ باللٰهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأويلًا﴾ [النساء/٥٩] ، وقولِه تعالى: ﴿وما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا وَاتَّقُوا اللٰهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [الحشر/٧] ، وقولِه تعالى: ﴿وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللٰهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ وَسَتُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾ [التوبة/١٠٥] ، وسَلِ العارفين عن مضامينِ هذه الآياتِ المُحكماتِ المرشِداتِ الآمراتِ الناهياتِ ؛ لتفهَمَ أَنَّ مصاديقَها الرئيسةَ هي:
١- طاعةُ أَمرِ وليِّ الأَمرِ المستحكِمِ على العصمةِ والتقوى والإِيمانِ والقيادةِ الفكريةِ والميدانيةِ الناجعةِ هي السبيلُ الذي يجبُ سلوكُه لتحقيقِ طاعةِ الرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) التي لا تتحققُ طاعةُ اللٰهِ تعالى إِلَّا بتحققِها. وعند الاختلافِ يكونُ الحسمُ بتوجيهِ النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) لأَنَّه يعيشُ معكم ؛ فإِن غاب فمَن ينوبُ عنه من الأَوصياءِ (عليهِمُ السلامُ) ؛ فإِن غابوا بالتتابعِ فمَن ينوبُ عنهم من المراجعِ الأَولياءِ. ومَن خالف هذا المنهجَ فلا إِيمانَ له بحسبِ النصِّ القرآنيِّ.
٢- ما يصدُرُ عنِ الرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) من أمرٍ ؛ فيجبُ العملُ بالمأمورِ به. وما يصدُرُ عنه من نهْيٍ ؛ فيجبُ ترْكُ المنهِيِّ عنه. وقد قال (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) في الوباءِ: ((إِذا سمعتُم به بأَرضٍ فلا تَقْدُموا عليه ، وإِذا وقع بأَرضٍ وأَنتم بها فلا تَخرُجوا فِرارًا منه)).
٣- ما تعملونه فِعلًا ، وقولًا يكونُ معروضًا على اللٰهِ تعالى يراه فهو الذي لا تَخفى عليه خافيةٌ ، ويكونُ معروضًا على الرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، والمؤمنون الذين يجب أَن يكونوا على عصمةٍ وإِيمانٍ وتقوى وزُهدٍ وإِيثارٍ تجعلُهم تحت مرتبةِ الرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه). وهذا الوصفُ لا حقيقةَ له إِلَّا عند الأَئمةِ (عليهِمُ السلامُ) ؛ فليس من المقبولِ أَن يكونَ أَيُّ مؤمنٍ شاهدًا شاملًا على عملِ الناسِ كلِّهم مُحاسبًا لهم يلي الرسولَ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) مرتبةً.
     إِذًا كلُّنا تحت رقابةٍ ، وعلينا أَمرٌ ، وإِلينا نَهْيٌ خلاصتُه أَنَّـنا لسنا أَولياءَ أُمورِنا شرعيًّا وتوجيهيًّا وقياديًّا ، إِنًّما نحن مزوَّدون بإِرادةٍ ، وتوجيهٍ ؛ فإِِنْ سخَّرنا (هذه الإِرادةَ ، وهذا التوجيهَ) لإِصلاحِ نفوسِنا ، ومجتمعِنا كنَّا من المؤمنين الذين نفذوا مضامينَ هذه الآياتِ الثلاثِ. وإِِنْ لم نُسخِّرْ (هذه الإِرادةَ ، وهذا التوجيهَ) لإِصلاحِ نفوسِنا ، ومجتمعِنا كنَّا من الجاحدين والكافرين الذين عَصَوا مضامينَ هذه الآياتِ الثلاثِ. 
     ليلةُ النصفِ من شعبانَ ليلةُ استغفارٍ ، وتلاوةِ قرآنٍ ، وتقديرِ رزقِ الإِنسانِ (معنويًّا ، وماديًّا) لسنةٍ كاملةٍ ، وهي ليلةُ صلاةٍ معيًّنةٍ ، وتهجُّدٍ ، ودُعاءٍ. وبهذه السامياتِ من الأَعمالِ يتحققُ الشكرُ للٰهِ تعالى عن نعمةِ زيادةِ شرفِها بولادةِ الإِمامِ المهديِّ (عليهِ السلامُ) فيها ، ثم يتحققُ تطبيقُ الولاءِ الراسخِ الخالص ، وإِعلانُ شرفِ الانتظارِ القويِّ بالعملِ ، لا الشَّكلِيِّ بالخمولِ والكسَلِ.
     وفي الختامِ إِنَّ ما يتعلَّقُ بها من أَعمالٍ - قلَّت أَو كثُرت - فإِنـه مُستحَبٌّ لا وجوبَ فيه ؛ فلماذا تُوجبُ على نفسِكَ ما لا يُريدُه منكَ وليُّ الأَمرِ ، ولا الشرعُ ، ولا القانونُ ؟!

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143327
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28