• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : (الذِكرُ). هل الذكر مقصود به التوراة والانجيل؟ .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

(الذِكرُ). هل الذكر مقصود به التوراة والانجيل؟

🔺️ أرسل لي أحد الإخوة سؤال يقول فيه بان المسيحيين يُشكلون على هذه الآية (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). ويقولون أن المقصود بالذكر هوالتوراة و الانجيل وأن الله تكفل بحفظهما وليس كما يقول المسلمون بأنهما محرفان.

🔺️ الجواب : أقول : بالرجوع إلى التوراة والانجيل بمختلف الطبعات والبحث فيهما لا تجد لكلمة (الذِّكْرُ) أي أثر فقد اختفت هذه الكلمة ، فلو كان الذِّكْرُ هو التوراة او الانجيل لماذا تجاهل الكتابان ذلك ولم يذكرا هذه الكلمة لوصف تلك الكتب؟.يضاف إلى ذلك حقيقة مهمة وهي أننا لم نسمع من كبار رجال الدين المسيحين أنهم يتداولون هذه الكلمة (الذكرُ). على أنها الكتاب المقدس! فلو كانت فعلا من مختصات تلك الكتب لصدعوا رؤوسنا بتكرارها .
وكذلك عند البحث عن كلمة (الذِّكْرُ) بالتحريك في الباحث الألكتروني لموقع الانبا تيكلاهوم وكذلك في الكتاب المقدس كله، كانت النتيجة ما يلي .
(بحث متقدم: الذِّكْرُ: (البحث في كل الكتاب المقدس). عدد نتائج البحث 0 -
إذن ما هو المقصود بالذكر؟).

🔺️ صحيح أن كل الكتب السماوية هي (ذِّكْرٌ) يُنزله الله على أنبيائه لهداية العباد وذكرى لهم ، ولكن من أجل أن تبقى الذِكر اشترط الله تعالى ان تبقى هذه الكتب كما أنزلت ولم يطرأ عليها تغيير او تبديل أو تحريف (فلا يصح إلا الصحيح). ولذلك لم تنزل هذه الآية في أي من الكتب السابقة كما بيّن الباحث أعلاه ، أو أن كلمة (الذكر) اختفت مع الكتب الأصلية. ولهذا السبب تكفل الله بحفظ الذكر الأخير (القرآن) وهذا بدليل القرآن نفسه الذي ذكر كلمة (الذكر) على أنها من مختصات القرآن وليس كتاب آخر فقال تعالى (إنا نحنُ نزلنا الذكر وإنا لهُ لحافظون). (1)

🔺️ ولزيادة التوضيح بيّن الله تعالى بأن الذكر المقصود في هذه الآية هو القرآن فقال تعالى ردا على قول أهل الكتاب للنبي بأنه مجنون : (وقالوا يا أيها الذي نُزّل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ــ إلى قوله تعالى ــ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لهُ لحافظون). (2) ومن سياق الآية كاملة يتبين ان الذكر المحفوظ هو القرآن وقد وردت مرتين في النص.

🔺️ وكذلك قوله تعالى (وقالوا) راجع إلى أهل الكتاب من أحبار وقساوسة، كانوا موجودين حول مكة وفي المدينة.

🔺️ ولتوضيح معنى كلمة (الذكر) وانها فعلا من مختصات القرآن نرجع إلى قوله تعالى : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ).(3) فقد قرن الله تعالى في هذه الآية ثلاث أشياء وهي : قوله : (ص) يعني محمد (ص).(4) و (القرآن) و (الذكر). فعرّفَ القرآن على أنه الذكر. ولهذا السبب نرى الشيعة يُجيزون كتابة (ص) بعد ذكر إسم النبي محمد صلوات الله عليه . فهي اختصار لجملة كاملة (الصلوت على النبي) ولهم في القرآن أسوة.

🔺️ المصادر:
1- سورة الحجر آية : 9. وهناك آيات أخرى تُشير إلى أن كلمة (الذكر) هو القرآن مثل قوله تعالى في سورة ص آية : 8 (أاُنزل عليه الذكر من بيننا). وهو قولٌ لمشركي قريش متعجبين من نزول القرآن على يتيم فقير. وكذلك قوله تعالى في سورة القلم آية : 51 (وإن يكاد الذين كفروا ليُزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر). فلا يبقى مجال للشك بأن المقصود بقوله (الذكر) هو القرآن مثل قوله تعالى في سورة النحل آية 43 : (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا اهل الذكر أن كنتم لا تعلمون، وأنزلنا إليك الذكر لتُبين للناس ما أنزل إليهم). وأهل الذكر هنا هم أهل البيت عليهم السلام عدول القرآن ومن نزل في بيوتهم. يقول ابن جرير الطبري في تفسيره بسَنَده عن جابر الجعفي ، قال : لما نزلت : ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ ، قال الامام علي عليه السلام : (نحن أهل الذكر). انظر كتاب : فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ج1 . ص 329 ، لآية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي. وفي الكافي ج1 ، ص : 211. قال : أشار الإمام علي (عليه السَّلام) بيده إلى صدره وقال : نحن أهل الذكر ، ونحن المسئولون.
وعندما قالوا بأن المقصود بأهل الذكر هم (اليهود والنصارى) قَالَ الإمام محمد الباقر (عليه السَّلام) : (إِذاً يَدْعُونَكُمْ إِلَى دِينِهِمْ).

2- سورة الحجر آية : 6 ــ 9 .
3- سورة ص آية : 1.
4- قال في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز القاضي الأندلسي، ص 491 : قوله تعالى في بداية السورة (ص) معناها : صدق محمد. ومثله في فتح البيان للعلامة القنوجي البخاري ص 4 .وكذلك في الشوكاني والبحر المحيط وغيره من تفاسير.


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : مصطفى الهادي ، في 2020/04/03 .

اجابة على سؤال حول موضوع الذكر
يقول الاخ محمد كريم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا العزيز استيضاح من جنابك الكريم بخصوص الذكر في هذه الاية الكريمة (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) من سورة الأنبياء- آية (105) كيف ان الزبور من بعد الذكر والذكر هو القرآن الكريم ام ان هناك امر لغوي بحرف (من). اردت ان استفسر عنها فقط.

الجواب : السلام عليكم . اختلف المفسرون وأهل التأويل في معنى الزَّبور والذكر في هذه الآية ، فقال بعضهم: عُني بالزَّبور: كتب الأنبياء كلها التي أنـزلها الله عليهم ، وعُني بالذكر: أمّ الكتاب التي عنده في السماء.واتفقت كلمة المفسرون أيضا على أن الذكر: هو الكتاب الذي في السماء، والذي تنزل منه الكتب.والذي هو أم الكتاب الذي عند الله.

وقال الطبري وابن كثير وغيره من مفسري اهل السنة : الزبور: الكتب التي أُنـزلت على الأنبياء ، والذكر: أمّ الكتاب الذي تكتب فيه الأشياء قبل ذلك. وعن سعيد بن جبير قال : كتبنا في القرآن بعد التوراة.

ولكن في الروايات والتفاسير الإسرائيلية قالوا : أن الذكر هو التوراة والانجيل. وهذا لا يصح ان يُشار للجمع بالمفرد. واما في تفاسير الشيعة في قوله تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) قال الطباطبائي في الميزان : الظاهر أن المراد بالزبور كتاب داود عليه السلام وقد سمي بهذا الاسم في قوله: (وآتينا داود زبورا ) النساء: 163 وقيل: المراد به القرآن.وذهب صاحب تفسير الوسيط في تفسير القرآن المجيد (ط. العلمية). المؤلف: علي بن أحمد الواحدي النيسابوري . إلى ان المقصود هو : جميع الكتب المنزلة من السماء.
ومحصلة ذلك أن الذكر هو القرآن . وأن القول بأن الذكر هو التوراة والانجيل محاولة للتشكيك بمصداقية القرآن والرفع من شأن تلك الكتب التي دارت حولها الشبهات حتى من علماء الأديان المنصفين.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143146
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19