• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : دائرة المعارف مشروع رائد في خدمة النهضة الحسينية .

دائرة المعارف مشروع رائد في خدمة النهضة الحسينية

حاوره: رائد البصري
تمثل دائرة المعارف الحسينية في لندن لمؤلفها وراعيها الفقيه الدكتور محمد صادق الكرباسي مشروعاً رائداً في خدمة النهضة الحسينية، وللتعرف عليها عن قرب كان لنا هذا الحوار مع الناشط في الموسوعة الحسينية الباحث والإعلامي العراقي الدكتور نضير الخزرجي.
حبذا لو تعطونا نبذة تاريخية حول البذرة الأولى لمشروع دائرة المعارف الحسينية.
الخزرجي: بدأت النواة الأولى لفكرة مشروع دائرة المعارف الحسينية منذ ليلة الحادي عشر من شهر محرم الحرام عام 1408 هـ (5/9/1987 م)، حيث واصل المؤلف الليل بالنهار ولازال إلى يومنا هذا في تجميع مادة الموسوعة المتوزعة على ستين بابا في أكثر من ستمائة مجلد والتحقيق فيها، وبعد ست سنوات من العمل المضني صدر عام 1993م تعريف عام لدائرة المعارف الحسينية من إعدادنا بعنوان: (دائرة المعارف الحسينية في خمسمائة مجلد للكرباسي: تعريف عام)، وحينها كانت أعداد الموسوعة المخطوطة والمطبوعة قد بلغت 300 مائة مجلد وكان في منظور المؤلف أن تصل الى خمسمائة مجلد، وكان "ديوان القرن الأول" الذي صدر عام 1414 هـ (1994 م) هو باكورة الموسوعة الحسينية، وبعد سبع سنوات بلغت الموسوعة بالمخطوط منها والمطبوع نحو خمسمائة مجلد فصدر عام 1421هـ (2000م) تعريف جديد من إعداد الزميل الإعلامي العراقي الأستاذ علاء جبار الزيدي بعنوان: (معالم دائرة المعارف الحسينية للكرباسي)، وبعد عشر سنوات تعدت الموسوعة الستمائة مجلد.
والمفيد ذكره أن أجزاء دائرة المعارف الحسينية تصدر تباعا عن المركز الحسيني للدراسات بلندن الذي تأسس رسميا سنة 1414هـ (1993م)، وله مقر عام في لندن افتتح بشكل رسمي سنة 1424هـ (2003م) يضم مكتبة عامة مؤلفة من نحو 22 ألف كتاب في أبواب متفرقة ولغات مختلفة، إلى جانب المخطوطات، والأقراص المدمجة فضلا عن الصحف والمجلات وصفحة خاصة في الشبكة (الكهربية) البينية الدولية.
ما هي السيرة العلمية والفكرية والشخصية لمؤسسي الدائرة؟
   الخزرجي: من مميزات الموسوعة الحسينية أنّ مؤلفها وراعيها هو واحد، وهي من إبداع الفقيه المحقق الأديب الدكتور آية الله الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي المولود في مدينة كربلاء المقدسة بجوار مرقد سيد الأحرار أبي عبد الله الحسين (ع) في اليوم الخامس من الشهر الثاني عشر لسنة ألف وثلاثمائة وست وستين للهجرة الموافق للعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) لعام ألف وتسعمائة وسبع وأربعين للميلاد، في أسرة عريقة الحسب والنسب، وبيت عزّ ومجد وشرف وفضل، حيث ينتسب إلى الصحابي الجليل مالك الأشتر رضوان الله عليه.
   نشأ في أسرة شريفة عُرفت بالعراقة في العلوم والمعرفة، واتّسمتْ بالفضل والتُقى، وكان أول تعليمه على يد والده الحجة آية الله محمد بن أبي تراب الكرباسي الذي وجد فيه صورة العالم الرّباني والمعلّم المثالي الذي اقتبس من ينابعه مبادئ الشريعة، ونهل عيون الحقيقة، وكان متعلقا به أشد التعلّق، ومتأثراً به تأثراً كبيراً، ذلك لما تركته معاملة المعلّم الروحي لتلميذه الصغير الذي زرع فيه صفات العبقرية والنباهة، حيث كان شغوفاً بالبحث والتساؤل والتنقيب عن الحقيقة العلمية، ولعل هذا ما جعل الشيخ الكرباسي الوالد يتوسّم في ابنه المقام العالي والمستقبل الماجد الذي سيجعل من هذا الولد الصغير وليد مرقد الحسين (ع) عبقري عصره، ونسيج وحده، مُحمِّلا إياه أمانة التغيير والتجديد.
   كما درس في حواضر العلم بدءاً بكربلاء المقدسة، ثم النجف الأشرف، وطهران، وقم المشرّفة، على أبرز مراجعها الآيات وعلمائها الربّانيين كالكرباسي والشيرازي والشاهرودي المحمدون، والاصفهاني محمد رضا والبيارجمندي يوسف في كربلاء، وعلى الإمام الخميني روح الله، والإمام الخوئي أبي القاسم في النجف، وعلى الخونساري أحمد، والرفيعي أبي الحسن، والآشتياني محمد باقر في طهران، وعلى الگلبايگاني محمد رضا، والشريعتمداري محمد كاظم، والشيرازي كاظم، والكرباسي محمد حسين، والآملي هاشم، والحائري مرتضى في قم المشرّفة.
   نال شهادة الاجتهاد والرواية بجدارة، فأتقن علوم الشريعة الحقة معاً، وزاد عليها الفلسفة وفنون اللغات والآداب، وهو يجيد أكثر من لغة قراءة وكتابة، كما نال أربعة شهادات دكتوراه فخرية من سوريا وفرنسا ولبنان والولايات المتحدة.
   فهو فقيه أصولي وعالم مخضرم، عروضي مُتبحِّر، وشاعر مقتدر، جمع العلوم الحوزوية والأكاديمية وأشفعهما بالعلوم الغريبة، جمع بين الفقاهة والرؤى السياسية والعمل الدؤوب بعصاميته المعروفة واستقلاليته المعهودة، إمتاز بذكائه الخارق وتبحّره في العلوم بمختلف مشاربها وألوانها وتجاربها العلمية وممارساتها الاجتماعية، لم يترك لنفسه فسحة للراحة، فقد استغل العطل والطريق والسفر ليأخذ من مناهل العلم أو يثري عالم المعرفة بشيء جديد، فهو الطّارقُ لأبواب المعرفة والعاكف في محراب العلم.
   مارس التعليم والتدريس والإمامة في حوزة كربلاء والتدريس في طهران وقم المشرفة ودمشق، أنشأ عدداً من المؤسسات الثقافية والاجتماعية والدينية في بيروت ودمشق، كما أسس وشارك في إنشاء أكثر من أربعين مؤسسة اجتماعية وثقافية وعلمية في مختلف الأقطار، وتوّجها بالحوزة العلمية الزينبية بدمشق، ومؤسسة الوفاء ببيروت، وبالمركز الحسيني للدراسات بلندن، وزيادة على هذا لم يبخل بنشاطاته العلمية والسياسية ومساهماته الفكرية والثقافية المختلفة في عدد من عواصم العالم، مع إصداره لعدد من المجلات مع ثلة من زملائه في محطات إقامته من كربلاء إلى لندن.
ما هي الاسس الفكرية والدوافع التي انطلقت منها دائرة المعارف الحسينية؟
الخزرجي: إنطلق المؤلف في تأليف الموسوعة الحسينية من أرضية بيان عظمة الإمام الحسين(ع) الذي جسّد بنهضته المباركة أهداف جميع المعصومين في إعمار البلاد وإصلاح العباد، وهي رسالة السماء التي ورثها من الأنبياء، ولذلك فلا غرو أن يتأثر بنهضته المباركة كل حر بغض النظر عن الدين أو المذهب، لأنّ رسالة الحسين(ع) هي رسالة الأنبياء(ع) ورسالة النبي محمد(ص) التي هي رحمة للعالمين بلا استثناء.
ما هو النتاج العلمي الذي اسفر عن هذا المشروع المبارك؟
  الخزرجي: بشكل عام بلغت مؤلفات البحاثة الكرباسي أكثر من ألفي كتاب في مختلف المجالات العلمية والأدبية، والاجتماعية،  وشتى العلوم الاسلامية وغيرها، وتوّجها بمؤلَّفِه الخالد الموسوم بـ " دائرة المعارف الحسينية " التي تجاوز عدد أجزائها الستمائة مجلد، طُبع منها حتى اليوم  76 مجلداً، وسلسلة الشرائع حوالي ألف كتاب، طُبع منها ستة عشر كتاباً، وسلسلة "الإسلام في.." وتقع في 250 كتاباً، طبع منها ستة، وتفسيره للقرآن بصورة مميّزة في ثلاثين جزءاً، طبع منه الجزء الثلاثون، ودواوينه الخمسة عشر، وقد طبع منها إثنان، وكتبَ في العَروض ثلاثة كُتب، أبرزها الذي استحدث فيه بحورا جديدة حيث بلغت (210) بحراً، ومن هنا جاء وصفه بالخليل الثاني، إلى عشرات المؤلفات الأخرى في مختلف الفنون والعلوم، وقد قيل في موسوعته الخالدة وشخصه الكريم مئات القصائد، طُبعت خمسة دواوين منها، كما تُرجم في العديد من المعاجم العربية وغيرها.
ما هي المراكز الفكرية العالمية التي تفاعلت مع هذا المشروع، وما هو شكل هذا التفاعل؟
الخزرجي: ليس بالإمكان حصر الأسماء فهي كثيرة متنوعة، ولكن بشكل عام يمكن القول أن المؤسسات متوزعة على حوزات علمية ومراكز فكرية وثقافية وجامعات وكليات في أنحاء مختلفة من العالم في الأميركيتين وآسيا وأفريقيا وأوروبا، ويختلف نوع التعاون من مركز لآخر حسب التوجهات العامة.
ما هو رأي الشخصيات العلمية والسياسية البارزة حول الدائرة؟
الخزرجي: لا يمكن حصر الآراء في مثل هذه الموسوعة التي تعتبر الأولى في مجال بيان النهضة الحسينية من كل جوانبها، فهي بالمئات كمنثور ومنظوم، فيكفي من المنظوم أن صدر الجزء الأول من التقاريظ في 165 قصيدة لشخصيات مختلفة من جنسات ومذاهب وأديان مختلفة ضمَّها كتاب "الزنبقة في التقاريظ المنمّقة" من إعداد الشيخ الدكتور حسين شحادة في 832 صفحة من القطع الوزيري، ومن المنثور صدر لنا الجزء الأول من كتاب "نزهة القلم" في 560 صفحة من القطع الوزيري عام 2010م، تضمَّن عشرين رأياً وتقريظاً لشخصيات أكثرها من بلدان غربية وأديان ومذاهب مختلفة، وكذلك كتاب "أشرعة البيان" في نحو 735 صفحة من القطع الوزيري صدر حديثا عام 2012م، تخلَّله هو الآخر عشرون رأياً وتقريظاً لشخصيات مسلمة وغير مسلمة وقفت إجلالاً لشخصية الإمام الحسين(ع) وتعظيماً لمؤلف دائرة المعارف الحسينية.
والعناوين التالية التي صدّر بها أصحاب التقاريظ تنبيكم عن عظمة الموسوعة الحسينية المتصلة بعظمة الإمام الحسين(ع) وشخصيته الكبيرة: المجهود الحاذق، يتيمة الدوائر المعرفية، الكتاب الكنز، العمل الموسوعي المدهش، العمل الصرحي، عمل لا نظير له، الموسوعة جامعة كبرى، المشروع الفكري الضخم، أنبل وأسمى الإنجازات الإسلامية، لم يسبق لها نظير، مشروع علمي توثيقي جليل، أشمل موسوعة ظهرت إلى الوجود، البادرة النادرة الفريدة، جنّة المؤلفات وأوسعها، دكتوراه في الإبداع، حضارة كاملة.
وللوقوف على جوانب من هذه الموسوعة وما قيل فيها وحولها راجع كتابنا "العمل الموسوعي في دائرة المعارف الحسينية".
هل لدائرة المعارف حضور في المهرجانات والمؤتمرات؟
الخزرجي: لا شك أن الإسم الذي تتبرك به دائرة المعارف تهفو إليه قلوب الأحرار من كل حدب وصوب، ولذلك لا يمكن حصر المهرجانات والمؤتمرات التي دعي إليها المركز الحسيني للدراسات الذي تصدر عنه أجزاء دائرة المعارف الحسينية في داخل المملكة المتحدة وخارجها، ولكن يمكن الإشارة إلى الحضور المتميز في مهرجان ربيع الشهادة العالمي في كربلاء المقدسة الذي تقيمه العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية، ومهرجان يوم كربلاء الذي تقيمه الحكومة المحلية في كربلاء، ومعارض الكتاب والندوات التي تقام فيها كما في معارض الكتاب في أربيل، بغداد، النجف الأشرف، وكربلاء المقدسة، وغيرها، ومهرجان عاشوراء الدولي الذي تقيمه مؤسسة المزدهر العالمية في السنغال حيث كانت لنا فيه مشاركة ومساهمة عبر كلمات وأبحاث كما كانت لنا مشاركة ومساهمة فكرية في مهرجان ربيع الشهادة الخامس ومهرجان يوم كربلاء، فضلا عن ندوات ومحاضرات للمركز الحسيني للدراسات في عدد من البلدان كالمملكة المتحدة وسوريا وإيران والعراق والهند وباكستان، وغيرها.
هل في نيتكم توسيع عمل الدائرة ليشمل غير الشعر والادب؟
الخزرجي: كانت بواكير إصدارات دائرة المعارف الحسينية أجزاءاً من الأدب الحسيني، مما أعطى الإنطباع الأولي أن الموسوعة خاصة بالأدب الحسيني المنظوم، في حين أن الموسوعة تتوزع على ستين باباً من أبواب المعرفة، وواحدها الأدب، والإصدارات التالية تنبيكم عن معالم من أبواب الموسوعة الحسينية، وهذه إشارة إليها وإلى عدد الأجزاء الصادرة منها وليس كلها، فبعض الأبواب تضم العشرات من الأجزاء: الحسين والتشريع الإسلامي (4 أجزاء)، العامل السياسي لنهضة الحسين (جزء واحد)، تاريخ المراقد (7 أجزاء)، الحسين الكريم في القرآن العظيم (جزء واحد)، الحسين في السنَّة (جزء واحد)، ديوان الأبوذية (10 أجزاء)، المدخل إلى الشعر الحسيني (جزءان)، المدخل إلى الشعر الفارسي (جزءان)، ديوان الشعر الفارسي (جزء واحد)، ديوان القرون من الأول حتى الثالث عشر (20 جزءاً)، السيرة الحسينية (جزءان)، الصحيفة الحسينية (جزءان)، معجم المصنفات الحسينية (3 أجزاء)، ديوان الإمام الحسين (جزء واحد)، ديوان السريع (جزء واحد)، ديوان الموال (الزهيري-1)، الرؤيا مشاهدات وتأويل (جزء واحد)، المدخل إلى الشعر الأردوي (جزء واحد)، (معجم خطباء المنبر الحسيني (جزء واحد)، معجم الشعراء (3 أجزاء)، معجم أنصار الحسين (ع) .. النساء (3 أجزاء)، معجم أنصار الحسين (ع) .. الهاشميون (3 أجزاء)، معجم المشاريع الحسينية (جزء واحد)، معجم  المقالات الحسينية (جزءان)، أضواء على مدينة الحسين (جزء واحد).
هل في نيتكم مد جسور التواصل والتعاون مع الحوزات العلمية لتوسع آفاق البحث العلمي؟
الخزرجي: كما تعلمون أن مؤلف دائرة المعارف الحسينية وراعيها هو إبن الحوزة العلمية وأحد فقهائها، وله اليد الطولى في تأسيس الحوزة العلمية الزينبية في دمشق، فمن الطبيعي أن تكون هناك صلات معرفية بين الموسوعة الحسينية والحوزات العلمية.
هل لدائرة المعارف تواصل مع شخصيات علمية وفكرية من قبيل حوارات ولقاءات؟
الخزرجي: كما أشرت قبل قليل فإن ما ظهر من التقاريظ عن الموسوعة الحسينية ولا زال هو في واقعه حاك عن حجم اللقاءات والحوارات مع شخصيات علمية وفكرية من بلدان وجنسيات وأديان مختلفة، فديدن المؤلف هو تعريف النهضة الحسينية إلى الأمم الأخرى ولذلك فهو لا ينفكُّ يُصرُّ على إشراك أعلام البشرية للكتابة عن الإمام الحسين(ع) كمقدمة للتعرف عليه أكثر فأكثر، لإيمان المؤلف الكامل بأنّ البشرية إذا تعرفت على الإمام الحسين(ع) ونهجه الإصلاحي لعرفت محاسن الدين الإسلامي الذي جاء رحمة للعالمين فهو يريد أن يأخذ بأيدي البشرية من مسلم أو غيره إلى شاطئ الأمن المجتمعي والسلم العالمي. جريدة صوت الطلبة (المجمع العام للحوزة العراقية في قم المقدسة) العدد 12 كانون الثاني- يناير 2012م.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14261
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29